الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
الأحوص
المؤلف: عمر فرّوخ
المصدر: تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة: ج1، ص637-640
28-12-2015
6989
هو أبو محمّد عبد اللّه بن محمد بن عبد اللّه بن عاصم بن ثابت بن الأقلح الأنصاري من بني ضبيعة بن زيد من الأوس. و أمّه أثيلة بنت عمير بن مخشيّ.
ولد الاحوص في المدينة نحو عام 35 ه(655 م) و نشأ بها، و كان أحمر أحوص العينين (1). ثم إنّه كان دنيء الطبع، قليل المروءة و الدين، هجّاء للناس مخنّثا (2). و بلغ من استهتاره ...... ما جعل الوليد بن عبد الملك يأمر واليه على المدينة عمر بن عبد العزيز (86-93 ه) بجلده لذلك و لما كان قد شاع عنه من التخنيث و التعدّي على الاعراض.
و يبدو أن الاحوص أصلح بعد ذلك علانيته و اتّصل بالوليد و مدحه. و في سنة 96 ه(714 م) ، في آخر أيام الوليد في الاغلب، أثار الاحوص سخط قاضي المدينة أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم بسوء أعماله و بشيء كان بينهما أيضا فهجاه الاحوص. ثم جاء سليمان بن عبد الملك إلى الخلافة (نصف جمادى الثانية 96 ه-أواخر شباط-فبراير 715 م) و الاحوص على استهتاره و استخفافه بالحرمات، فنفاه سليمان إلى جزيرة دهلك في جنوب البحر الاحمر، فبقي هنالك تتمّة أيام سليمان ثم أيام عمر بن عبد العزيز كلّها (99-101 ه-717- 720 م) ، نحو خمس سنوات (3). فلما تولى يزيد بن عبد الملك الخلافة، و كان خليعا مستهترا، ردّ الاحوص من منفاه و اتّخذه نديما.
و لم يعش الاحوص بعد ذلك طويلا فقد مرض مرض الموت و توفّي سنة 105 ه(723 م) ، مع يزيد بن عبد الملك في عام واحد؛ و قيل بل توفّي في سنة 110 ه(728 م) .
الاحوص شاعر غزل صريح كعمر بن أبي ربيعة، و كان ينسب بنساء ذوات أخطار. و كذلك له مديح و هجاء. و هو سمح الطبع سهل الكلام صحيح المعنى متين التركيب، و لشعره رونق و ديباجة صافية و حلاوة و عذوبة. على أن الاحوص أقل شهرة مما تستحق شاعريته، فقد حطّ من منزلته دناءة طبعه و تعرّضه للحرمات (4)، و إن كان هو يدّعي خلاف ذلك (5). و فنونه الغزل و الفخر و الحكمة و المدح و الهجاء.
المختار من شعره:
- كان الاحوص مشغوفا بامرأة من الانصار هي أمّ جعفر بنت عبد اللّه بن عرفطة من بني مالك بن الأوس أهل المدينة، فأكثر فيها قول الاشعار و استهتر في ذلك حتّى استعدى عليه أخوها أيمن والي المدينة عمر بن عبد العزيز. و من أقوال الأحوص في أم جعفر هذه:
لقد منعت معروفها أمّ جعفر... و إنّي إلى معروفها لفقير
و قد انكرت بعد اعتراف زيارتي... و قد وغرت فيها عليّ صدور (6)
أدور، و لو لا أن أرى أمّ جعفر... بأبياتكم ما درت حيث أدور
أزور البيوت اللاصقات ببيتها... و قلبي إلى البيت الذي لا أزور (7)
- و من أقوال الاحوص في أمّ جعفر أيضا:
و إنّي ليدعوني هوى أمّ جعفر... و جاراتها من ساعة فأجيب (8)
و إنّي لآتي البيت ما إن أحبّه... و أكثر هجر البيت و هو حبيب
و أغضي على أشياء منكم تسوءني... و أدعى إلى ما سرّكم فأجيب
هبيني امرأ إمّا بريئا ظلمته... و إمّا مسيئا مذنبا فيتوب
فلا تتركي نفسي شعاعا فإنّها... من الحزن قد كادت عليك تذوب (9)
-مدح الاحوص يزيد بن عبد الملك فقال فيه:
كريم قريش حين ينسب، و الذي... أقرّت له بالملك كهلا و أمردا
و ليس و ان أعطاك في اليوم مانعا... إذا عدت، من أضعاف أضعافه غدا
أهان تلاد المال في الحمد، إنه... إمام هدى يجري على ما تعوّدا (10)
تشرّف مجدا من أبيه و جدّه... و قد ورثا بنيان مجد تشيّدا
- و للاحوص في تبرير استهتاره و فسقه:
ألا لا تلمه اليوم أن يتبلّدا... فقد غلب المحزون أن يتجلّدا
إذا كنت عزهاة عن اللهو و الصبى... فكن حجرا من يابس الصخر جلمدا (11)
فما العيش إلاّ ما تحبّ و تشتهي... و إن لام فيه ذو الشنان و فنّدا (12)
- و اختار أبو بكر الأصفهاني في كتاب الزهرة للأحوص:
أدعو إلى هجرها قلبي ليتبعني... حتّى إذا قلت: هذا صادق، نزعا
قد زاده كلفا بالحبّ أن منعت... أحبّ شيء إلى الانسان ما منعا
__________________
1) أحمر: شديدة الشقرة. و الحوص (بفتح ففتح) : ضيق في مؤخر العين.
2) غ 4:233،235-236،254.
3) في الاغاني 4:252 أن الاحوص نفي إلى دهلك حينما كان عمر بن عبد العزيز واليا على المدينة (86- 93 ه) .
4) راجع غ 4:232.
5) الأمالي، راجع 1:47-48.
6) و غرت (بفتح العين أو بكسرها) فيها علي صدور: امتلأت صدور كثير من الناس بالعداوة و الحقد علي فيها (بسببها، لأنني أحب أم جعفر) .
7) كذا في الأصل، و استقامة اللفظ تقتضي حرفا متحركا بين «لا» و بين «أزور» ، و ذلك زحاف (بكسر الزاي) من عيوب الشعر الجائزة، إلا أنه هنا بارز جدا.
8) من ساعة: من مسافة ساعة (من مكان بعيد) .
9) (ذهبت) نفسه شعاعا: متقسمة متفرقة (من الخوف) .
10) تلاد المال: المال القديم الموروث.
11) العزهاة: المبتعد عن اللهو و النساء.
12) الشنان لغة في الشنآن: البغض. فنده: نسبه إلى الفند (الجنون) .