الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
الحارث بن خالد المخزومي
المؤلف: عمر فرّوخ
المصدر: تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة: ج1، ص582-586
29-12-2015
5676
هو الحارث بن خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة بن عبد اللّه ابن عمرو بن مخزوم؛ و أمّه فاطمة بنت أبي سعيد بن الحارث بن هشام. و العاص بن هشام جدّ الحارث بن هشام قتل مع المشركين في معركة بدر (سنة 2 ه-624 م) ، قتله عليّ بن أبي طالب[عليه السلام].
نشأ الحارث بن خالد المخزوميّ في مكّة ثم أصبح فيها رجلا ذا قدر و خطر و منظر في قريش (1)، و كان له اهتمام باللغة و بالغريب في اللغة، على أنه كان أيضا شاعرا مغامرا يتتبّع الجمال و يشبّب بالنساء. و قد كان جميع بني مخزوم من أنصار عبد اللّه بن الزّبير الا الحارث بن خالد فقد كان من أنصار بني أميّة.
كان يزيد بن معاوية (60-64 ه) قد ولّى الحارث بن خالد المخزوميّ على مكّة، و لكنّ عبد اللّه بن الزبير لم يمكّنه من ذلك. ثم ان عبد الملك ابن مروان ولّى الحارث بن خالد المخزومي على مكّة، في سنة 75 ه (694 م) في رواية الاغاني (3:317، السطر 6) ، و لعلّ ذلك كان سنة 80 ه(699 م) (2).
و كان الحارث بن خالد المخزوميّ يتعشّق عائشة بنت طلحة و يشبّب بها. ففي ذلك العام حجّت عائشة بنت طلحة، و اتّفق أن تأخّرت في إتمام طوافها حتّى حانت صلاة العصر فأرسلت إلى الحارث بن خالد تسأله أن يؤخّر الأذان ريثما تفرغ من طوافها. فأمر الحارث المؤذّنين فأخّروا الأذان حتّى فرغت من طوافها (3). و بلغ ذلك إلى عبد الملك بن مروان فعزل الحارث بن خالد عن مكّة سنة 81 ه و ولّى مكانه خالد بن عبد اللّه القسريّ.
و عاش الحارث بن خالد المخزوميّ مدّة بعد ذلك، فقد توفّي عمر بن أبي ربيعة، سنة 93 ه(711 م) ، و الحارث بن خالد حيّ و في عنفوان شبابه، فيما يبدو (4). و لا يستبعد أن تكون وفاة الحارث بن خالد بعد سنة 100 ه(718 م) .
«الحارث بن خالد (المخزوميّ) أحد شعراء قريش المعدودين الغزلين (5)، و كان يذهب مذهب عمر بن أبي ربيعة لا يتجاوز الغزل إلى المديح و لا الهجاء» (غ 3:312) . و مع أن شعر الحارث بن خالد يشبه شعر عمر (غ 3:342) ، فلا سبيل إلى الزعم بأن الحارث أشعر من عمر (6).
و الغزل هو الفنّ الذي توفّر عليه الحارث بن خالد المخزومي، على أنّ له أشياء يسيرة من الفخر و الحماسة مثلا (غ 3:328) و من العتاب (الكامل 517، غ 3:339) و الهجاء (الكامل 660-661) .
المختار من شعره:
قال الحارث بن خالد المخزوميّ في عائشة بنت طلحة بن عبيد اللّه قصيدة مطلعها:
أثل، جودي على المتيّم، أثلا... لا تزيدي فؤاده بك خبلا (7)
منها:
أنعم اللّه لي بذا الوجه عينا (8)... و به مرحبا و أهلا و سهلا
حين قالت لا تفشينّ حديثي... يا ابن عمّي، أقسمت قلت أجل، لا
اتّقي اللّه و اقبلي العذر منّي... و تجافي عن بعض ما كان زلاّ (9)
لا تصدّي فتقتليني ظلما... ليس قتل المحبّ للحبّ حلاّ (10)
ما أكن سؤتكم به فلك العتـ...ـبى، و حقّ ذاك و قلاّ (11)
لم أرحّب بأن سخطت، و لكن... مرحبا إن رضيت عنّا و أهلا
انّ وجها رأيته ليلة البد...ر عليه انثنى الجمال و حلاّ (12)
وجهها الوجه لو يسال به المز...ن من الحسن و الجمال استهلاّ (13)
جعل اللّه كلّ أنثى فداءً... لك، بل خدّها لرجلك نعلا
إنّ عند الطواف حين أتته... لجمالا فعما و خلقا رفلاّ (14)
و كسين الجمال إن غبن عنها... فاذا ما بدت لهنّ اضمحلاّ (15)
- و قال الحارث بن خالد في ليلى بنت أبي مرّة بن عوف بن مسعود، و أمّها ميمونة بنت أبي سفيان بن حرب:
لقد ارسلت في السرّ ليلى تلومني... و تزعمني ذا ملّة طرفا جلدا (16)
و قد اخلفتنا كلّ ما وعدت به... و و اللّه، ما أخلفتها عامدا وعدا
فقلت مجيبا للرسول الذي أتى... تراه لك الويلات من قولها جدّا
إذا جئتها فاقر السّلام، و قل لها... دعي الجور، ليلى، و اسلكي منهجا قصدا(17)
أ في مكثنا عنكم ليال مرضتها... تزيد بنتي، ليلى، على مرضي جهدا (18)
تعدّين ذنبا واحدا ما جنيته... عليّ، و ما أحصي ذنوبكم عدّا (19)
فإن شئت حرّمت النساء سواكم... و ان شئت لم أطعم نقاخا و لا بردا (20)
و ان شئت غرنا بعدكم، ثم لم نزل بمكّة حتّى تجلسي قابلا نجدا (21)
____________________
1) غ 3:312. و قد كان له مقام كبير منذ مأساة كربلاء، سنة 61 ه(الطبري-ليدن، راجع 2: 273) .
2) راجع معجم الانساب و الاسر الحاكمة للمستشرق زامباور 27-28.
3) غ 3:317-318،339-340.
4) لما ورد نعي عمر بن أبي ربيعة على المدينة كثر الحزن على عمر و على موت شاعر غزل (بفتح الغين و كسر الزاي) مثل عمر، فقال أحد فتيان مكة لامرأة شديدة الحزن من أجل ذلك: «خفضي عليك (هوني الأمر عليك و خففي من حزنك) فقد نشأ ابن عم له (ابن عم لعمر بن أبي ربيعة، يقصد الحارث بن خالد المخزومي) يشبه شعره شعره (غ 3:342) .
5) في الاغاني (3:312، السطر الاول) : الغزليين (بياءين) ، و ليس بصواب.
6) الموشح للمرزباني 209-210؛ راجع الأمالي للقالي 2:17.
7) أثل (مرخمة من أثلة) : يا أثلة (استعمل الشاعر أثلة كناية كي لا يذكر اسم عائشة فتعرف صاحبته) . خبلا: جنونا.
8) انعم اللّه لي بذا الوجه عينا: أكرمني اللّه برؤية وجه عائشة (راجع القاموس 4:181، الاسطر 17- ؟ ؟ ؟1) يقصد: زارتني عائشة (المرأة التي يتغزل بها) .
9) تجافي (ابتعدي) عن بعض ما كان زلا (بعض ما كان خطأ مني من قول أو عمل، من غير قصد مني) : اصفحي عن ذلك الشيء اليسير الذي كنت قد أخطأت به اليك.
10) القاموس (1:50) : المحب: الذي يحب غيره: الحب (بكسر الحاء) : المحبوب. حل: حلال، جائز.
11) العتبى: الرضا. لك العتبى: (لك مني الاعتذار حتى ترضي-بفتح الضاد) . . . و هذا حق لك و قليل في بيل رضاك.
12) . . . . انثنى الجمال و حل (عليه) : رجع الجمال عن كل وجه و استقر على وجهها وحده.
13) يسال-يسأل (أهل الحجاز يسهلون الهمزة فلا تظهر في لفظهم) . المزن: المطر. استهل المطر: (سقط) . -يبلغ من جمال وجهها و كرامته أنه لو انقطع عنا المطر ثم سألنا المطر أن ينزل اكراما لوجهها لنزل المطر.
14) اجتمع في الطواف (في الحج في ذلك الموسم الذي حجت فيه عائشة) نساء كثيرات ذوات جمال فعم (تام كامل في جميع الاعضاء) و خلقا (بفتح الخاء: بناء الجسد) رفلا (كبيرا) -الشاعر يحب الجسم العظيم الممتلئ، و ذلك كان الجمال المستحب في العصر الأموي.
15) إذا لم تكن عائشة موجودة بين أولئك النساء فإنهن كلهن يبدون جميلات، فاذا حضرت كسف جمالها جمالهن.
16) . . . ذا ملة (سئوما، يمل من استمرار الشيء الواحد مدة طويلة) طرفا (رغيب العين: لا يرى شيئا جديدا إلا أحب أن يكون له ثم يترك الذي كان له: يحب التبديل!) جلدا (صبورا، يتكلف الصبر عن من يحب ليغيظه أو ليذله أو ليعذبه) .
17) اقر: اقرأ (راجع الحاشية الاولى على هذه الصفحة) . اسلكي منهجا قصدا: سبيلا معتدلا (لا تلوميني فوق ما يستحق ذنبي) .
18) كان انقطاعي عنك (عن لقائك) أياما قليلة بسبب مرضي. فلا تجعلي ذلك عذرا لزيادة جهدي (تعبي من لومك فوق تعبي من المرض) .
19) ما جنيته: ما أذنبته (بل تتوهمينه علي) .
20) النقاخ: الماء البارد، النوم الهنيء. البرد: (هنا) النوم.
21) غرنا بعدكم، نزلنا معكم غور تهامة (سكنا في مكة) ثم بقينا في مكة حتى تجلسي (تستقري) قابلا (في العام المقبل) نجدا (الهضبة المرتفعة شرق الحجاز) -أسكن حيث تشائين.