الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
الحسن البصري
المؤلف: عمر فرّوخ
المصدر: تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة: ج1، ص645-648
29-12-2015
2636
كان يسار، والد الحسن البصريّ، قد سبي في أيام الفتوح في ميسان (جنوبيّ العراق) ثم جيء به إلى المدينة فأسلم و أصبح مولى لزيد ابن ثابت الانصاريّ.
أما أبو سعيد الحسن بن يسار البصريّ فقد ولد في المدينة، سنة 21 ه (642 م) ، فنشأ في وادي القرى (شماليّ الحجاز) ثمّ انتقل إلى البصرة. و في البصرة ولي الحسن البصريّ القضاء (الكامل 152) .
و لقد كان الحسن البصريّ يرى أنّ عثمان بن عفان قتل مظلوما. و كذلك كان يرى أنّ التحكيم بين عليّ بن أبي طالب[عليه السلام] و بين معاوية بن أبي سفيان بعد معركة صفّين لم يكن صوابا لأن صاحب الحقّ يجب ألاّ يقبل تحكيما (راجع الكامل 562) .
و إلى الحسن البصريّ ترجع نشأة الاعتزال:
كانت نشأة الاعتزال تقوم على قضيّتين: أولاهما: الإنسان مسير أم مخيّر؟
الانسان في الاسلام مسيّر، و اللّه سبحانه و تعالى هو الذي كتب عليه جميع أعماله منذ الازل. ثم نشأ في أيام الحسن البصري من يقول بأنّ الانسان مخيّر يفعل جميع أعماله باختياره و إرادته، و أنه من أجل ذلك يستحق الثواب على ما أحسن و العقاب على ما أساء. و قد قال بذلك واصل بن عطاء و عمرو بن عبيد بن باب تلميذا الحسن البصري و خالفهما الحسن.
و أما القضية الثانية فهي منزلة صاحب الكبيرة.
الذنوب في الاسلام كبائر و صغائر. فالكبائر هي الإشراك باللّه و تكذيب الرسل و إنكار البعث (و هذه كفر يخرج من الملّة) ثم شرب الخمر و الزنا و معصية الوالدين (و هذه هي التي نشب الخلاف فيها بين المعتزلة و بين خصومهم) :
(أ) يرى الخوارج أنّ الايمان «كلّ» ، و أن كلّ ذنب مهما كان صغيرا يبطل الايمان و يخرج بصاحبه إلى الكفر، فيستحقّ صاحبه القتل في الدنيا و الخلود في جهنّم في الآخرة، كالسّرقة و الكذب.
(ب) و يرى أهل السّنة و الجماعة (المسلمون الاولون) أن الذنوب قابلة للعفو من لدن اللّه، و أن ما يستوجب القتل في الدنيا و الخلود في النار في الآخرة «ذنوب» نصّ عليها في الدين كالارتداد عن الاسلام و زنا المحصن (المتزوّج) و القاتل المتعمّد للقتل بغير حقّ.
(ج) و سئل الحسن البصريّ مرّة عن صاحب الكبيرة فتوقّف في الجواب قليلا (كأنه كان يريد أن يفصل في أمره) و لكنّ تلميذه واصل بن عطاء استبق الجواب الفاصل و أعلن أن صاحب الكبيرة هو في منزلة بين منزلتين (انه ليس مؤمنا مطلقا لأنه ترك أمرا من أمور الايمان، ثمّ هو ليس كافرا مطلقا لأنه لا يزال يعمل أعمالا كثارا من الايمان) و لكنه فاسق (فهو إذن في منزلة الفسق التي هي بين منزلة الإيمان و منزلة الكفر) . فصاحب الكبيرة عند واصل إذن لا يقتل في الدنيا و لا يخلد في الآخرة في النار (كما كان يرى الخوارج) .
من أجل ذلك فارق واصل أستاذه الحسن البصريّ، و أخذ يقرّر على الذين أرادوا أن يأخذوا برأيه أنّ الانسان حرّ في أفعاله يفعل ما يشاء بإرادته وحده، و من ذلك الحين سمّي الذين يذهبون هذا المذهب المعتزلة.
و كانت وفاة الحسن البصري في البصرة في أول رجب من سنة 110 ه، (10-10-728 م) .
كان الحسن البصري من رواة الحديث (1) و قصّاصا واعظا (2) و خطيبا قيل فيه: أخطب الناس صاحب العمامة السوداء، أي الحسن البصري. كما كان فصيحا بليغا بارعا في اللغة و الفقه، تقيا زاهدا، واسع الحلم حسن الاخلاق.
المختار من كلامه:
- من أقوال الحسن البصري:
-التقدير نصف الكسب، و التودّد نصف العقل، و حسن طلب الحاجة نصف العلم.
- بع دنياك بآخرتك تربحهما جميعا، و لا تبع آخرتك بدنياك فتخسرهما جميعا.
- تهاديتم الاطباق و لم تتهادوا النّصائح.
- ما أطال عبد الامل إلاّ أساء العمل.
- إذا سرّك أن تنظر إلى الدنيا بعدك فانظر اليها بعد غيرك.
- كان مروان بن المهلّب بالبصرة يحثّ الناس على حرب أهل الشام، (3) فكان الحسن البصريّ يثبّطهم عن ذلك و يقول:
أيّها الناس، الزموا رحالكم (4)، و كفّوا أيديكم، و اتّقوا اللّه مولاكم. و لا يقتل بعضكم بعضا على دنيا زائلة و طمع فيها يسير ليس لأهلها بباق، و ليس اللّه عنهم في ما اكتسبوا براض. انه لم يكن فتنة إلا كان أكثر أهلها الخطباء و الشعراء و السّفهاء و أهل التيه و الخيلاء، و ليس يسلم منها إلا المجهول الخفيّ و المعروف التقيّ. . . .
- لما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة (99 ه-717 م) كتب إلى الحسن البصريّ يسأله أن يصف له الإمام (الخليفة) العادل، فكتب اليه الحسن البصريّ:
اعلم، يا أمير المؤمنين، أن اللّه جعل الإمام العادل قوام كلّ مائل و قصد كل جائر و صلاح كل فاسد و قوة كلّ ضعيف و نصفة كل مظلوم و مفزع كل ملهوف (5).
و الإمام العادل، يا أمير المؤمنين، كالراعي الشفيق على إبله يرتاد له أطيب المرعى و يذودها عن مراتع الهلكة. . . . و الامام العادل، يا أمير المؤمنين، كالأب الحاني على ولده: يسعى لهم صغارا، و يعلّمهم كبارا، و يكتسب لهم في حياته و يدّخر لهم بعد مماته. . . . (6).
فالآن، يا أمير المؤمنين، و أنت في مهل قبل حلول الأجل و انقطاع الأمل، لا تحكم في عباد اللّه بحكم الجاهلين و لا تسلك بهم سبيل الظالمين، و لا تسلّط المستكبرين على المستضعفين فانهم لا يرقبون في مؤمن إلاّ و لا ذمّة فتبوأ بأوزارك و أوزار مع أوزارك، و تحمل أثقالك و أثقالا مع أثقالك. و لا يغرّنّك الذين يتنعّمون بما فيه بؤسك، و يأكلون الطيبات في دنياهم بإذهاب طيّباتك في آخرتك. . . .
____________________
1) راجع البيان و التبيين 2:23،33،37،113،278،3:125،178 الخ.
2) مثله 1:119،295،367،369.
3) مثله 1:261،354،398،2:268.
4) الرحال جمع رحل (بفتح الراء) : مركب البعير، و المسكن. الزموا رحالكم: ابقوا في بيوتكم (لا تشتركوا في الفتنة و القتال و في ما يختلف فيه الناس) .
5) قوام (بفتح القاف) : عدل، إقامة، الوسيلة إلى تصحيح الخطأ. القصد: الاعتدال (و الرجوع إلى قصد الطريق: إلى الحق) . الجائر: الظالم، المائل عن الحق. المفزع: الملجأ. المظلوم المضطر الذي يستغيث بالناس لينقذوه مما هو فيه.
6) يرتاد: يطلب، يبحث عن. يذودها: يدفعها (يدفع عنها) ، يحميها.