الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
الشريف المرتضى
المؤلف: عمر فرّوخ
المصدر: تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة: ج3، ص112-116
29-12-2015
3047
هو أبو القاسم عليّ بن الحسين بن موسى، السيد و الشريف المرتضى، ولد في الكرخ، في الجانب الغربيّ من بغداد، في رجب 355(966 م) .
تلقّى الشريف المرتضى علوم الشعر و الأدب على المرزباني (ت 384 ه) و الشاعر ابن نباتة السعدي (405 ه) ؛ و تلقّى الفقه و الأصول على الشيخ المفيد (ت 413 ه) ؛ و كان من شيوخه أبو عبد اللّه الحسين بن عليّ المعروف بابن بابويه.
كان الشريف المرتضى متعصّبا على المتنبّي، فلما جاء أبو العلاء المعرّيّ إلى بغداد (398-400 ه) و جرت بينهما مفاوضة في هذا الشأن لم يسرّ المرتضى بجواب المعرّي فأساء إليه.
و لمّا توفّي الشريف الرضيّ خلفه المرتضى في نقابة الطالبيّين، غير أنه كان كأخيه الشريف الرضيّ، يرى نفسه أهلا للخلافة.
و كانت وفاة الشريف المرتضى، في 25 ربيع الأوّل 436(22/9/1044 م) في بغداد.
كان الشريف المرتضى فقيها إماميا و من المعتزلة؛ و كان شاعرا مكثرا جزل الشعر فخم الألفاظ غنيّ اللّغة متين التركيب بحسن القول في الشّيب و الشباب، «و إذا وصف الطيف أجاد في وصفه، و قد استعمله في كثير من المواضع» من شعره (وفيات 2:14) . و هو يصرّف كثيرا من وجوه المعرفة الأدبية و الفلسفية في شعره.
مؤلّفات الشريف المرتضى كثيرة، و معظمها في الفقه الإمامي (الشيعي) ؛ فمن كتبه الأدبية: تفسير الخطبة الشقشقيّة (للإمام عليّ)[عليه السلام] - تفسير قصيدة السيد الحميري (هلاّ وقفت على المكان المعشب!) -الشهاب في الشيب و الشياب- طيف الخيال-غرر الفوائد و درر القلائد (؟) ، .
مختارات من آثاره:
- قال الشريف المرتضى في النسيب:
يا خليليّ من ذؤابة قيس... في التصابي رياضة الأخلاق (1)
علّلاني بذكرهم تطرباني... و اسقياني دمعي بكأس دهاق (2)
و خذا النوم من جفوني فانّي... قد خلعت الكرى على العشّاق
- و قال في الطيف:
ما ضرّ من زار، و جنح الدجى... يكحل منه الأفق بالإثمد (3)
لو زارني و الصبح في شمسه... بلونها الفاقع في مجسد (4)
كيف اهتدى لي في قميص الدجى... من كان في الإصباح لا يهتدي
أخلفني وعدك في زورة... فكيف وافيت بلا موعد
ضنّ عنّي بالنزر إذ أنا يقظا... ن و أعطى كثيره في المنام
و التقينا كما اشتهينا، و لا عيـ...ـب سوى أن ذاك في الأحلام
و إذا كانت الملاقاة ليلا... فالليالي خير من الأيّام
- من مقدّمة «طيف الخيال» :
. . . . و من بعد، فإنّني وقفت على ما ذكرته (5) -أمدّك اللّه بتوفيقه و تسديده- من شغفك بما اطّلعت عليه من كتابي في الشيب (6)و إعجابه لك! و إطرابه إيّاك، و أنّك استغزرت فائدته (7) و استغربت طريقته، و دعاك ما وقفت عليه منه إلى التماس كتاب في أوصاف طيف الخيال (8) نسلك فيه هذا المنهج و نخرجه هذا المخرج؛ فإنّه أيضا باب قائم بنفسه قد أطال فيه الشعراء و أقصروا و أصابوا و أخطئوا و تصرّفوا و تفنّنوا.
و قد رأيت الإجابة إلى سؤالك على ضيق زماني و قلبي و كلال (9) فكري و كثرة هموم صدري، و ان أعتمد على إخراج ما في ديوان الطائيّين (10) ثمّ ما في ديوان شعري و شعر أخي (11) -نضر اللّه وجهه و أحسن منقلبه (12) -فأنقله الى جهته من غير إخلال بشيء منه و أتكلّم على معانيه و مقاصده منظّرا بين نظائره (13) كاشفا عن دفائنه و سرائره، حسب ما فعلته في كتاب الشيب.
و لأبي تمّام في هذا المعنى التافه اليسير (14)، فإنّه ما عني به و (لا) رزق منه ما رزق البحتريّ فإنّه كان مغرما متيّما (15) بالطيف فأكثر فيه و أغزر مع تجويد و إحسان و افتنان (16)، و تصرّف فيه تصرّف المالكين و تمكّن منه تمكّن القادرين. و سأنبّه على مواقع إحسانه و مواضع إغرابه (17) بإذن اللّه.
و ممّا يفيد تقديمه (18) أن الطيف يوصف بالمدح تارة و بالذمّ أخرى. و لمدحه وجوه متشعّبة. فممّا يمدح به أنّه يعلّل المشتاق المغرم و يمسك رمق المعنّى المسقم (19)، و يكون الاستمتاع به و الانتفاع به، و هو زور و باطل، كالانتفاع لو كان حقّا و يقينا. و هل فرق بين لذّة الخيال في حال تمثّلها و تخيّلها و بين لذّة اللقاء الصحيح و الوصال الصريح؟ و بعد زوال الأمرين و مفارقة الحالين ما أحدهما-في فقد متعته و زوال منفعته-الاّ كصاحبه! . . . .
_____________________
1) الذوابة: الضفيرة، طرف الشعر. قيس: عرب الشمال. من ذوابة قيس: من أعلى العرب نسبا و شرفا. في التصابي رياضة الأخلاق: الحب يهذب أخلاق المحب.
2) دهاق: مملوءة.
3) الاثمد: الكحل (و لونه أسود) . زارني و الأفق لا يزال أسود (في نصف الليل) .
4) الفاقع: اللون الفاتح (و تقال في الأصفر عادة) الثوب المجسد (بضم الميم) : المصبوغ بالزعفران (اللون الأحمر) . و المجسد (بكسر الميم و فتح السين) : ثوب يلبس مما يلي البدن.
5) يخاطب الصديق الذي وضع هذا الكتاب من أجله.
6) كتاب الشهاب في الشيب و الشباب.
7) وجدت فائدته غزيرة (كثيرة) .
8) طيف الخيال: شبح الحبيب الذي يتراءى للمحب في المنام.
9) الكلال: التعب.
10) الطائيان: أبو تمام و البحتري.
11) الشريف الرضي (ت 406 ه) . راجع، فوق، ص 59.
12) جعل اللّه وجهه في الدنيا ناضرا (أبيض منيرا) و أحسن منقلبه (موته) .
13) إخلال: ترك شيء مع الحاجة اليه. منظرا بين نظائره: مقارنا بين النظير (الشبيه) و النظير منه.
14) التافه: القليل القيمة. اليسير: القليل المقدار.
15) مغرما متيما: كثير الحب الى حد المرض.
16) الافتنان: التفنن، المجيء بأنواع مختلفة.
17) الإغراب: الإتيان بالغريب غير المألوف.
18) و من الأمور التي يحسن أن تكون مقدمة لهذا البحث.
19) يعلل المشتاق المغرم: يؤمله بعطف المحبوب عليه. الرمق: بقية الروح في الجسد. المعنى: المعذب (في الحب) . يمسك الرمق: يطيل الحياة قليلا.