الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
الوأواء الدمشقي
المؤلف: عمر فرّوخ
المصدر: تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة: ج2، ص522-524
29-12-2015
6072
الوأواء الدمشقي(1)هو أبو الفرج محمّد بن أحمد الغسّاني الدمشقي، ولد في دمشق و نشأ فيها فقيرا يبيع الخضر و الفاكهة و يقضي يومه رائحا و غاديا بها يتغنّى عليها مناديا بصوت يشبه الوأوأة (صياح ابن آوى أو صياح الكلب) ، و من هنا جاء لقبه. و لعلّ ولادته كانت بين سنة 310 و سنة 315 ه (922-927 م) .
مال الوأواء إلى المطالعة و الأدب فحفظ دواوين نفر من فحول الشعراء كعمر بن أبي ربيعة و أبي نواس و أبي تمّام و البحتري و ابن المعتزّ و المتنبّي حتّى قال الشعر و أجاده فبدأ حياته الأدبية العملية بمدح الشريف العقيقي (توفي سنة 378 ه) ، و هو رجل علويّ من أعيان دمشق كان شجاعا كريما ممدّحا كما كان عالما و من ذوي المراتب العالية. ثم اتفق أن ورد سيف الدولة إلى دمشق (334 ه-945-946 م) فتعرّض له الوأواء بمدحة فضمّه سيف الدولة إلى بلاطه في حلب. و لكنّ مقام الوأواء لم يطل في حلب، فإنه عاد إلى دمشق و قد حسنت حاله فعاش على شيء من الترف و اللهو إلى أن أدركته الوفاة، سنة 370 ه(980-981 م) في الأغلب.
خصائصه الفنّيّة:
الوأواء الدمشقي شاعر غير مكثر، في ديوانه نحو ألف و خمسمائة بيت هو فيها من فحول الشعراء في متانة الأسلوب و إصابة التشبيه و الاستعارة، و إن كان شعره يضعف أحيانا حتّى يركّ. و الوأواء مقلّ في المديح (قصر مدحه على الشريف العقيقي و سيف الدولة) و في الهجاء (ففي ديوانه قصيدة واحدة منه) . و هو مكثر في الوصف: في الوصف الحسّي لمظاهر الطبيعة؛ و في الخمر يغترف في وصفها من أبي نواس ثم يضيف إلى ذلك شيئا من صناعة زمانه. و غزله أيضا كثير و فيه مذكّر و مؤنّث و مجون. و أكثر شعره مقطّعات.
و يبدو أن الوأواء كان كثير الأخذ من الشعراء، إلاّ أنه كان يحسّن كثيرا مما كان يأخذه. قال أبو نواس لمّا رأى جنان جارية آل عبد الوهاب الثقفي تبكي في مأتم سيدها:
يبكي فيذري الدرّ من نرجسٍ... و يلطم الخدّ بعنّاب (2)
فلمح الوأواء هذا المعنى فأخذه و أبدع فيه لمّا قال:
و أسبلت لؤلؤا من نرجس و سقت... وردا و عضّت على العنّاب بالبرد
المختار من شعره:
- قال الوأواء في الخمر:
هي الحياة، فلو تأتي إلى حجر... لولّدت فيه منها نشوة الطرب
كأنّها-و لسان الماء يقرعها- ... دمعٌ ترقرق في أجفان منتحب
إذا علاها حباب خلته شبكا... من اللجين على أرض من الذهب
تصورت من أديم الكأس سورتها... فأنبتت بردا منها على لهب
تخال منها بجيد الكأس إن مزجت... عقدا من الدرّ أو طوقا من الحبب
- و قال في الغزل:
قالت، و قد فتكت فينا لواحظها... كم ذا؟ أما لقتيل الحبّ من قود
و أمطرت لؤلؤا من نرجس و سقت... وردا و عضّت على العنّاب بالبرد
إنسيّة لو رأتها الشمس ما طلعت... من بعد رؤيتها يوما على أحد
كأنّما بين غابات الجفون لها... أسد الحِمام مقيمات على الرّصد
- و قال يصف شمعة (مضيئة تقصر قليلا قليلا) :
ممشوقة في قدّها تحكي لنا قدّ الأسل... كأنها عمر الفتى و النار فيها كالأجل
- و قال يمدح الشريف العقيقيّ (و هي أول قصيدة له في المدح) :
تظلّم الورد من خدّيه إذ ظلما... و علّم السقم من أجفانه السقما
منها:
إلى الذي افتخرت أرض العقيق به... و من به أصبحت بطحاؤها حرما
إلى فتى تضحك الدنيا بغرّته... فما ترى باكيا فيها إذا ابتسما
لو أن للبخل أغصانا و قابلها... بوجهه أنبتت من وقتها كرما
أزرى على الغيث غيث من أنامله... في روضة الشكر لمّا بخّل الديما
_________________
1) تمييزا له من أبي الفرج الوأواء الحلبي عبد القاهر بن عبد اللّه بن الحسين النحوي الشاعر (ت 551 ه) الذي شرح ديوان المتنبي.
2) يذري: يساقط. الدر: اللؤلؤ (الدمع) . العناب: الثمر الأحمر المعروف (أطراف الأصابع المصبوغة بالحمرة لتجميلها) .