الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
عبد الرحمن بن أرطأة
المؤلف:
عمر فرّوخ
المصدر:
تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة:
ج1، ص412-414
30-12-2015
2992
هو عبد الرحمن بن (سيحان بن) أرطأة بن سيحان بن عمرو، يرقى نسبه إلى قيس عيلان بن مضر. و كان آل سيحان في الجاهلية حلفاء حرب ابن أميّة (والد أبي سفيان و جدّ معاوية) . و لقد كان عبد الرحمن بن أرطأة هذا وفيّا للحلف القديم مناصرا و صديقا لآل أبي سفيان في الاسلام منقطعا إلى معاوية، و إلى آل عثمان خاصّة؛ و كان وثيق الصلة جدّا بالوليد بن عثمان ابن عفّان.
كان عبد الرحمن بن أرطأة (أو ابن سيحان) من أهل المدينة، و كان مدمنا للخمر يشربها مع الوليد بن عثمان بن عفّان و الوليد بن عتبة بن أبي سفيان. فلمّا ولي مروان بن الحكم المدينة من قبل معاوية بن أبي سفيان-للمرّة الثانية-سنة 56 هـ (676 م) و لقي ابن سيحان سكران ضربه الحدّ ثمانين سوطا. و بلغ ذلك إلى معاوية فغضب معاوية، فيما قيل، و كتب إلى مروان ابن الحكم ألا يحدّ ابن سيحان في شراب أهل المدينة، في حديث طويل جدا.
و كان عبد الرحمن بن أرطأة معاصرا لمعاوية و لابنه يزيد (1)، و يزيد جاء إلى الخلافة سنة 60 ه (680 م) و بقي في الخلافة نحو أربع سنوات.
«كان عبد الرحمن بن سيحان المحاربي شاعرا، و كان حلو الحديث عنده أحاديث حسنة غريبة من أخبار العرب و أيّامها و أشعارها» (الاغاني 2:147) . و كان «شاعرا مقلاّ إسلاميا ليس من الفحول المشهورين، و لكنّه كان يقول في الشراب و الغزل و الفخر و في مدح أحلافه من بني أمية» (الاغاني 2:243) . و هو يجيد الرثاء (راجع الاغاني 2:253) ، و تجد في شعره لفتات من الأدب (الحكمة) . على أن أكثر شعره و أحسنه في الخمر، و كان في شعره في الخمر استهتار يذكّرنا بما سنراه في العصر العباسي، و عند أبي نواس خاصة.
المختار من شعره:
دخل عبد الرحمن بن سيحان على ابن عمّ له يقال له الحارث بن سريع فوجده يشرب نبيذ زبيب، فجعل يزيّن له شرب الخمر، ثم قال له: «يا ابن سريع، ان كنت تشرب نبيذ الزبيب على أنه حلال، فأنك أحمق؛ و ان كنت تشربه على أنه حرام تستغفر اللّه منه و تنوي التوبة فاشرب أجوده فان الوزر واحد. ثم انّه أنشد:
دع، ابن سريع، شرب ما مات مرّة...وخذها سلافا حيّة مزّة الطعم (2)
تدعك على ملك ابن ساسان قادرا... إذا حرّمت قرّاؤنا حلب الكرم (3)
فشتّان بين الحيّ و الميت، فاعتزم... على مزّة صفراء راووقها يهمي (4)
فإنّ سريعا كان أوصى بحبّها بنيه...وعمّي، جاوز اللّه عن عمّي (5)
و يا ربّ يوم قد شهدت بني أبي... عليها إلى أن غاب تالية النجم (6)
حسوها صلاة العصر-و الشمس حيّة-... تدار عليهم بالصغير و بالضّخم
فماتوا و عاشوا و المدامة بينهم ...مشعشعة كالنجم توصف بالوهم (7)
و له في الخمر، و في قوله هذا استهتار مقصود:
اصبح نديمك من صهباء صافية... حتّى يروح كريما ناعم البال (8)
و اشرب، هديت أبا وهب، مجاهرة، و اختل فانّك من قوم أولي خال (9)
-لمّا قتل سعيد بن عثمان بن عفّان قالت أمّه: أشتهي أن يرثيه شاعر كما في نفسي حتّى أعطيه ما يحتكم، فقال ابن سيحان:
إن كنت باكية فتى... فابكي-هبلت-على سعيد (10)
فارقت أهلك بغتة... و جلبت حتفك من بعيد
أذري دموعك و الدما... ء على الشهيد بن الشهيد (11)
فقالت هكذا كنت أشتهي أن يقال فيه، و وصلت ابن سيحان. و كانت تندب ابنها بهذا الشعر (غ 2:253) .
____________________
1) راجع عمر بن أبي ربيعة، تأليف جبرائيل سليمان جبور، بيروت (المطبعة الكاثوليكية)1935، ص 72، السطر 22.
2) ما مات مرة: مزج بالماء، أو نقع في الماء (إشارة إلى نبيذ الزبيب؟) . السلاف: الخمر. حية: غير ممزوجة (؟) .
3) -تجعلك تتخيل أنك ملك على ملك ابن ساسان (كسرى) ، على ملك بلاد فارس. و لو كان قراؤنا (قراء القرآن، الذين يعتمدون آيات القرآن الكريم في تحريم الخمر. يقصد: الفقهاء) . حلب الكرم عصير العنب (الخمر) .
4) ... و كان عمي أيضا قد أوصى بنيه بشربها. جاوز اللّه عن عمي: غفر اللّه له ذنوبه؛
5) الراووق: إناء صغير للخمر. يهمي: ينصب، يسقط (لعله يقصد: يتصبب الماء من خارجه) كناية عن شدة برده حتى يعرق الراووق من خارج و يسيل عرقه بكثرة؛ و كانت الخمر الباردة ممدوحة عندهم.
6) تالية النجم: أواخر النجوم. ظلوا يشربون حتى غابت النجوم (و طلع الصبح) .
7) مشعشعة: قليلة الكثافة، شديدة الصفاء شفافة (و ليس المقصود هنا أنها ممزوجة بالماء) ، يتفرق نورها في البيت كما ينتشر ضوء النجم في الجو.
8) اصبح نديمك: اسقه الخمر في الصباح.
9) اختل: أظهر العجب و التكبر و الاختيال على الناس. الخال: العجب بالنفس.
10) هبلت: ثكلت (فقدت ابنك-فقدت فتى يعظم الحزن عليه) .
11) أذرى: سكب (بكى بشدة) . الشهيد الثانية إشارة إلى عثمان بن عفان (جد المرثي) ، و كان عثمان قد قتله الثوار و هو يقرأ القرآن.