الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
عبد الصمد بن المعذِّل
المؤلف: عمر فرّوخ
المصدر: تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة: ج2، ص276-278
30-12-2015
3599
هو أبو القاسم عبد الصمد بن أبي عمرو المعذّل بن غيلان بن الحكم بن البختري من بني أسد بن ربيعة؛ و أمّه أمّ ولد اسمها الزرقاء. كان مولده و منشأه في البصرة، و كان له فيها بستان نظيف عامر. و كان عبد الصمد بن المعذّل خبيث اللسان و خبيث القلب، فيما يبدو، متكبّرا شديد العداوة: كان له أخ اسمه أحمد أديب شاعر تقيّ وجيه عند الناس و من رؤساء المعتزلة في وقته، و كان بين الأخوين جفوة.
و كانت وفاة عبد الصمد في حدود 240 ه(853 م) .
خصائصه الفنّيّة:
كان عبد الصمد بن المعذّل شاعرا فصيحا ظريفا سريع القول في الشعر شديد العارضة، ينظم رجزا و قصيدا، مشهورا بجودة المقطّعات؛ ثم هو من فحول المحدثين و صدورهم المعدودين، و لكن غمره أبو تمّام (العمدة 1:163،83، راجع 89-90) . و في شعره شيء من المتانة و كثير من المرح حتى في مواقفه الجدّية في المديح. و فنون شعره المديح و الرثاء و الهجاء قليلا ثم الوصف و الغزل بنوعيه. و كذلك له فخر بنفسه و عتاب. و في فخره يمدح نفسه بالقناعة و يعتذر عن مظهره الرّث. و له أوصاف في الحقول و الرياض و الأزهار و الخمر و النخل، و له وصف للحمّى.
المختار من شعره:
- استحسن عبد اللّه ابن المعتزّ لعبد الصمد بن المعذّل قوله:
ناديته، و ظلام الليل معتكرٌ... تحت الرواق دفينا في الرياحين
فقلت: قم، قال: رجلي لا تطاوعني... فقلت: خذ، قال: كفّي لا تواتيني
إني غفلت عن الساقي فصيّرني... كما تراني سليب العقل و الدين
- و قال أبو الهلال العسكري (ديوان المعاني 1:125) : أجود ما قيل في الاختيار قول ابن المعذّل:
رأتنا أمّ عمرو فازدرتنا... و نقض الحرب (1) منظره زريّ
إذا لم تقدحي زنديك يوما... فما يدريك أيّهما الوريّ(2)
سلي بي تخبري أني طروبٌ... إلى الأيسار أبلج بختري (3)
و اني حين تختلف العوالي... إلى الأبطال أكيس قسوري (4)
كليني للندى و البأس، إني... بكلّ بسالة و ندى حريّ
- و له في وصف الرياض و البساتين (ديوان المعاني 2:15) :
معان من العيش الغرير و معمر... و مبدى أنيق بالعذيب و محضر (5)
نما الروض منه في غداة مريعة... لها كوكب يستأنق العين أزهر (6)
ترى لامع الأنوار فيها كأنّه... إذا اعترضته العين، وشي مدنّر (7)
تسابق فيه الأقحوان و حنوة... و ساماهما رند نضير و عبهر (8)
يمجّ ثراها فيه عفراء جعدة... كأن نداها ماء ورد و عنبر (9)
بدا الشيح و القيصوم، عند فروعه... و شتّ و طبّاق و بان و عرعر (10)
و ناضر رمّان يرفّ شكيره... يكاد، إذا ما ذرّت الشمس، يقطر (11)
و يانع تفّاح كأن جنيّه... نجوم على أغصانه الخضر تزهر (12)
إذا زرته يوما تغرّد طائر... و راناك ظبي، بين غصنين، أحور (13)
___________________
1) ازدرى: احتقر. الزري: الرث المنظر. نقض الحرب (بكسر النون) : المهزول من معاناة الحروب؛ المكافح في الحياة.
2) اذا كان عندك زندان (حديدتان لقدح النار من الحجر) فلا تعتر بمظهرهما، بل جربهما، فان أفضلهما ما كان أحسن قدحا لا أحسن هيئة.
3) حين تختلف العوالي (الرماح) : في الحرب. أكيس: أكثر عقلا، كثير العقل و المعرفة (بفن الحرب) . قسوري: شجاع (القسورة: الاسد) .
4) طروب الى الايسار (هنا: الجمال التي تذبح) : كريم، جواد. أبلج: أبيض، وضاح الوجه: من أصل كريم. البختري: الحسن المشي و الجسم. و هو أيضا المنسوب الى البختري (أحد أجداد الشاعر) .
5) الغرير: الذي يغر و يعجب. معمر: مكان مسكون. مبدى: مكان ينزله الناس في البادية. المحضر: مسكن في الحضر. -هذا البستان يجمع خصالا حميدة جمة: هو مأهول و بعيد عن (ضجة) العمران و قريب من (الوصول الى) المدينة. العذيب: واحة مشهورة في
6) الكوكب: ما طال من النبات. يستأنق: يعجب. أزهر: أبيض مشرق. -نما نباته في صباح (ليلة) كان فيها (مطر) كثير.
7) يتخلل النور أغصانها فتخاله العين كأنه زركشة مدنّرة (فيها دوائر صغيرة، كالدنانير) .
8) تسابق (في النمو) في هذا البستان الاقحوان (زهرة لها بتلات بيض أفقية تحيط بقلب أصفر يشبه نصف الكرة) . و الحنوة: آذريون البر (زهر أبيض مقعر في قلبه بقع سمر) . سامى: نافس. الرند: شجر طيب الرائحة، الآس. النضير: الدائم الخضرة. العبهر: النرجس أو الياسمين.
9) ترى سطح أرضها متجعدا أسمر صافيا كأن نداه (مزاجه ليترطب) بماء الورد و العنبر (مادة طيبة الرائحة سمراء اللون) .
10) الشيح و القيصوم: نباتان طيبا الرائحة. الشت ليست في القاموس، و لعلها الشبت (بكسر الباء) : البقلة. الطباق: شجر منابته جبال مكة نافع للسموم و الحكة و الحمى و اليرقان. البان: شجر له أغصان طوال مستقيمة سمر تميل الى الحمرة. عرعر: شجر السرو. -يبدو أن الشاعر لا يريد أن يسمي أشجارا بأعيانها بقدر ما يريد أن يقول أن بستانه يجمع أنواع النبات الجميلة و النادرة.
11) رفّ: لمع، أشرق. الشكير: الغصون الطرية الخارجة من الاغصان الكبيرة حديثا. -تلمع في ضوء الشمس حتى تبدو (لنضارتها و طراوتها) و كأنها سيقطر منها ماء. ذرت: طلعت.
12) اليانع: الناضج القريب الحصاد أو القطاف. الجني (في القاموس) : الثمر الذي قطف لساعته. و هنا الثمر الذي دنا وقت قطفه.
13) رانى: (في القاموس) دارى؛ (و هنا) : يتطلع اليك بحذر. الأحور: شديد سواد سواد العين و شديد بياض بياضها.