الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
عبد الصمد بن بابك
المؤلف: عمر فرّوخ
المصدر: تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة: ج3، ص64-67
30-12-2015
2768
هو أبو القاسم عبد الصمد بن منصور بن الحسين بن بابك من أهل غمى! (1) في اصفهان، و لعلّ مولده كان في حدود 240 ه. و ليس في ما بين أيدينا من المصادر إشارة الى أحداث حياته سوى أنه كان متّصلا بالصاحب بن عبّاد (ت 385 ه) يألفه و يمدحه، فيشتي مع الصاحب في ريف جرجان و يصيف في موطنه من أرض أصفهان. و في سنة 394 ه (1003 م) كان في الرّي؛ و لعلّه جاء إليها قبل ذلك أيضا لمّا مدح أبا عليّ الحسن بن أحمد الضبيّ الذي تقلّد الوزارة لفخر الدولة سنة 385 ه (2). أما وفاته فكانت ببغداد في حدود سنة 410 ه (1019 م) .
عبد الصمد بن بابك شاعر مفلق مجيد (القاموس 3:293) مكثر. يجمع الجزالة و المتانة اللتين في الشعر القديم إلى السلاسة و الحلاوة اللتين في شعر المحدثين المولّدين. و هو حسن السبك جميل الرصف بارع الوصف حلو الألفاظ سهل التراكيب. و فنونه الوصف و هو أحسنها ثم الخمر و الأدب و المدح. و قد عمل مجموعا مختارا من شعره كان قد طلبه منه أبو نصر سهل بن المرزبان من بغداد. و يبدو أن ديوان شعره قد وصل إلينا (بروكلمان، الملحق 1:445) .
و لمّا قدم عبد الصمد بن بابك على الصاحب بن عبّاد (2:561) قال له الصاحب: «أنت ابن بابك؟» فقال له: أنا ابن بابك!» فاستحسن الصاحب منه هذا الردّ.
مختارات من شعره:
- قال عبد الصمد بن بابك في وصف الطبيعة و في النسيب و الخمر:
ربّ ليل مرقت من فحمتيه... أنا و العيس و القنا و البروق (3)
و رقاد كخفقة النّبض يغشى... مقلة راعها الخيال الطروق (4)
و استهلّت لمصرع اللّيل ورق... ثاكلات حدادها التطويق (5)
فتضاحكت شامتا و كأنّ الصّبـ...ـح جيب على الدّجى مشقوق (6)
سبك الشرق منه تبرا مذابا... لفرند الشّعاع منه بريق (7)
و تمشّت على الرياض النّعامى... و ثنى قدّه القضيب الرطيب (8)
إنّما العيش رنّة من حمام... و سلاف يشجّه معشوق (9)
و مهبّ من الشّمال عليل... و وشاح من الرياض أنيق (10)
و ملاء من الشباب جديد... و رداء من النسيم رقيق (11)
لا ترد مشرع الصبابة، فاليأ... س رفيق اذا استقلّ الفريق (12)
شافه الهمّ، إن طغى، بحريق... سلّه من زناده الراووق (13)
صفّقته يد كأنّ عليها... صدفا فيه لؤلؤ و عقيق (14)
______________________
1) ؟
2) راجع يتيمة الدهر 3:349 ثم قارن ذلك بما في زامباور 326.
3) مرق: مر خلال الشيء و لم يتأثر به (يمرق السهم من الرمية-الحيوان-من غير أن يعلق به دم) . من فحمتيه (التثنية هنا للمبالغة في شدة سواد لليل) و كنت (وحدي) راكبا العيس (النياق) و القنا (الرماح، استعدادا لقتال الاعداء و اللصوص) و البروق (كثرة البرق و الأمطار، كناية عن هول الليل و مشقة السفر فيه) .
4) رقاد (اغفاء، نوم) كخفقة النبض (خفيف جدا لا يكاد الانسان يشعر به، كما لا نشعر بضرب النبض الا اذا أمسكنا بموضع أحد العروق الرئيسة في الجسم) ، يغشى (يأتي مرة بعد مرة و قليلا قليلا) مقلة (عينا) راعها (أخافها) الخيال الطروق (الوهم، التخيل بأن عدوا أو لصا سيطرقها-سيأتي فجأة في ذلك الليل، و لذلك تظل تلك المقلة يقظى إلا ما يغشاها من غفلة النعاس مرة بعد مرة) .
5) استهلت: بدأت بالصدح و التغني. لمصرع الليل: لانتهاء الليل و مجيء الصباح. ورق جمع ورقاء: حمامة. ثاكلات: مات أحد أهلها (حزينات على الليل!) . حدادها: ثيابها السود الدالة على الحزن. التطويق الطوق الموجود في عنقها (الطوق للحمامة: ريش حول العنق لماع كثير الألوان من الاخضر و الازرق و البنفسجي خاصة. حتى الحمام الاسود يكون له طوق يختلف من سائر الريش باللمعان.
6) شامتا بذهاب (انهزام الليل أمام الصباح) . الصباح جيب على الدجا مشقوق: ظهور شعاع من النور لا يزال الظلام يحيط به من ثلاث جوانب.
7) سبك (صاغ، صنع) الشرق تبرا مذابا (ذهبا سائلا) . منه (أبرزه من نفسه عند الافق الشرقي) لفرند الشعاع (يشبه الشاعر ألواح الشعاع البارزة من الشرق قبيل طلوع الفجر بفرند أي بنصال سيوف محمرة أطرافها من النور الطالع قبيل الفجر) .
8) النعامي: ريح الجنوب، أو ريح تهب بين الجنوب و الشرق. و ثنى قده القضيب الرطيب: الغصن الاخضر الناعم أخذ يتمايل مع هبوب النعامى.
9) رنة: صوت (غناء) . السلاف و السلافة (بضم السين فيهما) : الخمر. يشجه (يشجها) : يمزجها بالماء. معشوق: ساق جميل (يتعشقه الانسان لجماله) .
10) الشمال: ريح الشمال. عليل: بارد و لطيف. وشاح: قطعة من النسيج مزركشة تضعها المرأة حول كتفيها (كناية عن البستان نبتت فيه أزهار مختلفة تغطي منه بقعة واسعة) . أنيق: حسن (يعجب العين) .
11) الملاء في الأصل جمع ملاءة (بضم الميم) : الريطة (الثوب الواسع من الحرير) . الملاءة الجديدة كناية عن عنفوان الشباب. رداء من النسيم رقيق (خفيف) ؛ هواء يهب برفق فينعش النفس من غير أن يسبب إزعاجا.
12) الورود: الذهاب الى الماء للشرب. المشرع: مكان الشرب من النهر. الصبابة: الحب، الميل الى اللهو و الغزل. لا ترد مشرع الصبابة: لا تطلب الحب. . . فانك اذا أحببت انسانا ثم فارقك استولى عليك اليأس (من الحياة كلها) . استقل: ذهب، سافر، ابتعد. الفريق: جماعة الناس (في هذا الشطر تكلف في الجمع بين «رفيق» «و فريق» -المقصود: اذا خالطت انسانا ثم رحل عنك رافقك اليأس في حياتك كلها بعد ذلك.
13) شافه الهم: اقترب من الهم (اذا نزل بك هم فلاقه) . و طغى: زاد و تعاظم. بحريق (يخمر لها لون الحريق أو النار-حمراء) . الراووق: إناء الخمر الذي تصب الخمر منه في الكؤوس. الزناد (بكسر الزاي) و الزند (بفتح الزاي) : حديدة تقدح بها النار من الحجر-سله من زناده الراووق: أبرزه الراووق سلا (يشبه الخمر بالسيف المسلول في الصفاء و البريق) و كأنه يقدح من حجر فيتطاير منه شرر أحمر (كما تتطاير فقاقيع ثأني أو كسيد الكربون مع الخمر و هي تصب في الكأس فينعكس عنها لون الخمر فتبدو تلك الفقاقيع حمرا كشرر النار) .
14) صفقه: مزجته بالماء. -يد كأن عليها صدفا (بقع لامعة) فيه لؤلؤ (لون أبيض) و عقيق (لون أحمر) . -انعكاس النور عن سطح الخمر الى يد الساقي توهم أن على يد ذلك الساقي صدفا يتموج باللونين الابيض الاحمر.