الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
عَدِيّ بن الرّقاع العاملي
المؤلف:
عمر فرّوخ
المصدر:
تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة:
ج1، ص567-569
30-12-2015
6255
هو أبو دؤاد عديّ بن زيد بن مالك بن عديّ بن الرقاع من بني معاوية بن الحارث من بني الحارث بن مرّة بن أدد. و قومه ينسبون إلى عاملة بنت وديعة القضاعية أمّ معاوية بن الحارث. و كان عدي أبرص.
كان عديّ بن الرقاع العامليّ من أهل دمشق منقطعا إلى بني أميّة ثم إلى الوليد بن عبد الملك خاصّة. و في مجلس الوليد تعرّض عديّ لهجاء جرير فأفحمه جرير (غ 9:307-308) ، مع أن عديّا كان مشهورا بالهجاء (راجع الكامل 149) . غير أنّ الوليد هدّد جريرا إن هو عاد إلى هجاء عديّ، فعرّض جرير بعديّ في عدد من قصائده، و لكن لم يهجه صراحة. و عاش عديّ بن الرقاع العامليّ حتّى أدرك خلافة سليمان بن عبد الملك (96 ه-715 م) .
كان عديّ بن الرقاع العامليّ «شاعرا مقدّما عند بني أميّة مدّاحا لهم. . . . و هو من حاضرة الشعراء لا من باديتهم» (غ 9:307) ، و كان يعنى بتنقيح شعره؛ ثم هو حسن التشبيه جيّد القول في الوصف (1)و في الغزل مع شيء من المجون (2). و كان يحسن المديح و الهجاء، و له طرد جيّد منه وصف بارع للحمامة (الكامل 504) . و كذلك له شيء من الفخر و الخمر و الحكمة. على أن كثيّر بن عبد الرحمن العذريّ كان يقول في شعر عديّ ابن الرقاع (غ 9:316 س) : «هذا شعر حجازيّ مقرور إذا أصابه قرّ (3)الشام جمد و هلك» .
المختار من شعره:
-قال عديّ بن الرقاع قصيدة يمدح بها الوليد بن عبد الملك و يتغزّل فيها و يفتخر. و في هذه القصيدة إشارة إلى أنه كان ينقّح شعره:
إني إذا ما لم تصلني خلّتي... و تباعدت عني اغتفرت بعادها (4)
و إذا القرينة لم تزل في نجدة... من ضغنها سئم القرين قيادها (5)
إمّا تري شيبي تفشّغ لمّتي... حتى علا وضح يلوح سوادها (6)
فلقد ثنيت يد الفتاة و سادة... لي جاعلا يسرى يديّ و سادها
و أصاحب الجيش العرمرم فارسا... في الخيل أشهد كرّها و طرادها
و قصيدة قد بتّ أجمع بينها... حتّى أقوّم ميلها و سنادها (7)
نظر المثقّف في كعوب قناته... حتى يقيم ثقافه منآدها (8)
فسترت عيب معيشتي بتكرّم... و أتيت في سعة النعيم سدادها (9)
و علمت، حتى ما أسائل واحدا... عن علم واحدة لكي أزدادها
صلّى الإله على امرئ ودّعته... و أتمّ نعمته عليه فزادها.
و إذا الربيع تتابعت أنواؤه... فسقى خناصرة الأحصّ فجادها (10)
نزل الوليد بها فكان لأهلها... غيثا أغاث أنيسها و بلادها (11)
و لقد أراد اللّه إذ ولاّكها... من أمّة، إصلاحها و رشادها
و عمرت أرض المسلمين فأقبلت... و نفيت عنها من يريد فسادها
- و قال عديّ بن الرقاع في الخمر (العقد الفريد 4:104) :
كميت إذا شجّت، و في الكأس وردة... لها في عظام الشاربين دبيب (12)
تريك القذى من دونها، و هي دونه... لوجه أخيها في الإناء قطوب (13)
- و قال عديّ بن الرقاع، و ذكر حمامة (الكامل 504) :
و ممّا شجاني أنني كنت نائما ...أعلّل من برد الكرى بالتنسّم(14)
إلى أن بكت ورقاء في غصن أيكة... تردّد مبكاها بحسن الترنّم (15)
فلو قبل مبكاها بكيت صبابة... بسعدى شفيت النفس قبل التندّم (16)
و لكن بكت قبلي فهاج لي البكا... بكاها، فقلت: الفضل للمتقدّم (17)
______________________
1) راجع الكامل 514؛ الموشح 87.
2) راجع كتاب الصناعتين 327-337.
3) القر: البرد.
4) الخلة: الصاحبة، الخليلة.
5) إذا كانت زوجة المرء في نجدة (ضيق صدر و شدة) من ضغنها (من الحقد) كره زوجها قيادها (قيدها: ارتباطه بها) .
6) فشغ: كثر. اللمة: الشعر في مقدم الرأس. وضح: بياض (الشيب) . لاح يلوح: لوح يلوح: غير، بدل.
7) الميل: الاعوجاج و الاضطراب. و السناد من عيوب الشعر، و هو أن يأتي في القافية كلمات مثل ريف (بكسر الراء) و صيف (بفتح الصاد) .
8) ثقف القناة: جعل القصبة (التي ستكون رمحا) فوق النار حتى يقومها إذا كانت منآدة (معوجة) .
9) السداد (بكسر السين) : الكفاية من الرزق. -اكتفيت من النعيم بما يسد الخلة (بكسر الخاء) : الفقر، فظهرت للناس كأني منعم.
10) خناصرة الاحص: موضع قرب حلب. جادها: كثر فيها (المطر) .
11) الانيس: المكان المسكون (المدن) . البلاد: الريف أو البادية.
12) كميت: مائلة إلى الاحمرار. شجت: مزجت بالماء. دبيب (كناية عن الخدر: فقدان الحس الذي يشعر به شارب الخمر تدريجا) .
13) تريك القذى الخ. . . : انها لشدة صفائها ينعكس فيها القذى فتراه كأنه دونها (قبلها: بينك و بينها) ، مع أنها هي دونه (بعدها: هي بينك و بينه) (؟) . لوجه أخيها في الاناء قطوب: إنها شديدة حتى أن أخاها (المدمن لها) يظهر على وجهه القطوب (تقلص عضلات الوجه لطعمها المز الحريف-فما بالك بالذي لم يتعود شرب الخمر) .
14) شجاني: حزنني (بفتح الحاء و الزاي: جعلني أحزن) . أعلل الخ. . . : يبدو أن الزمن كان في منتصف الصيف، فكان يعلل نفسه (يمنيها، يعدها) بأن يبرد الجو و شيكا لينام، و لكنه لم يكن يفوز من ذلك إلا بالنسمة الخفيفة بعد النسمة الخفيفة.
15) الورقاء: الحمامة. الايكة: نوع من الشجر. بحسن الترنم-الترنم: ترجيع (ترديد، تكرار) الصوت الواحد (و هذا التردد يكون عادة مملا) و لكن صوت هذه الحمامة كان شجيا (حزينا) يؤثر في النفس فلا يضره التكرار.
16) (لم أكن أعرف من قبل ان البكاء يفرج الحزن عن المحب الذي هجره حبيبه) ، فلو أنني كنت أبكي كلما كنت أشعر بشوق إلى سعدى لكنت أشفي نفسي بالبكاء. أما الآن (بعد أن عرفت ذلك من هذه الحمامة) فإنني نادم على أنني لم أعرف ذلك من قبل.
17) هاج: هيج، أثار، حرك. البكاء (مفعول به مقدما) . بكاها (فاعل «هاج») .