الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
عروة بن حزام
المؤلف:
عمر فرّوخ
المصدر:
تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة:
ج1، ص298-301
30-12-2015
8201
هو عروة بن حزام بن مهاصر أحد بني ضبّة بن عبد من بني عذرة، يتم من أبيه باكرا فعاش في كفالة عمه مالك (1) بن مهاصر. وكان لعمه ابنة اسمها عفراء نشأ عروة معها فألف كل واحد منهما صاحبه.
وأراد عروة أن يتزوّج عفراء ولكن أمّها كانت كارهة له لفقره. ورحل عروة إلى عمّ له في الريّ (2) بفارس يطلب منه شيئا من المال، فاتفق أن ورد على آل عفراء رجل غنيّ من أنساب بني أمية ومن أهل البلقاء (الشام، شرق الاردنّ اليوم) فتزوّج عفراء. وأراد مالك بن مهاصر أن يخفف الصدمة عن عروة إذا عاد ولم يجد عفراء فعمد إلى قبر عتيق فجدّده ليوهم عروة أن عفراء ماتت. ورجع عروة وشيكا ولكن عرف جليّة الأمر فرحل في نفر من أهله إلى البلقاء. فيقال ان زوج عفراء عرف بقدوم عروة ودعاه إلى أن ينزل ضيفا عليه وأن يرى عفراء (3). فأبى ذلك كرما منه وحفاظا وعاد إلى بلده فمات قبل أن يصل إلى المدينة، نحو سنة 30 ه (650 م).
ويزعمون أن عفراء مرت يوما بقبر عروة فنزلت عليه تبكي وتنتحب حتى ماتت عنده.
عروة بن حزام شاعر مقلّ جدا، ولكنه شهر بقصيدته التي قالها في عفراء، وهي قصيدة فصيحة الألفاظ سهلة التراكيب مع متانة في السبك وعذوبة في التعبير وعاطفة جيّاشة.
ولكنّ الذي يبدو لي أن هذه القصيدة لم تكن في أول الأمر بمثل هذا الطول، ولكن زيد عليها بعد ذلك زيادات: يدلّنا على ذلك طولها (238 بيتا) وتكرار بعض معانيها مع شيء من التعليل ثم التفاوت في السهولة والعذوبة في الابيات المتقاربة وكثرة الاختلاف في الروايات. ولعله اختلط بها عدد من أبيات نفر من المحبّين وافقتها في البحر والقافية.
-المختار من شعره:
لعروة بن حزام قصيدة مشهورة مطلعها:
خليليّ من عليا هلال بن عامر... بصنعاء عوجا اليوم فانتظراني (4)
بعد أن يبسط عروة في هذه القصيدة ما قد ألمّ به من الضرّ ويذكر عجز الاطبّاء عن مداواته يهجو عمّه الذي كان يشتطّ في طلب المهر منه ويعاتب عفراء عتابا رقيقا. وفي هذه القصيدة تعبير بارع واضح عن وجدان المحبّ الذي عزّ عليه الاتّصال بحبيبته:
أ في كلّ يوم أنت رام بلادها... بعينين انساناهما غرقان (5)
ألا فاحملاني، بارك اللّه فيكما... إلى حاضر الروحاء ثمّ دعاني
ألمّا على عفراء إنكما غدا... بشحط النّوى والبين معترفان(6)
أغرّكما منّي قميص لبسته...جديد وبردا يمنة زهيان (7)
متى ترفعا عنّي القميص تبيّنا... بي الضّرّ من عفراء، يا فتيان (8)
وتعترفا لحما قليلا وأعظما...رقاقا وقلبا دائم الخفقان
على كبدي من حب عفراء قرحة... وعيناي من وجد بها تكفان (9)
يقول لي الاصحاب، إذ يعذلونني...أشوق عراقيّ وأنت يماني
وليس يمان للعراق بصاحب...عسى في صروف الدهر يلتقيان (10)
تحمّلت من عفراء ما ليس لي به... ولا للجبال الراسيات، يدان
كأنّ قطاة علّقت بجناحها...على كبدي من شدّة الخفقان
جعلت لعرّاف اليمامة حكمه...وعرّاف نجد إن هما شفياني (11)
فقالا نعم، نشفي من الداء كلّه... وقاما مع العوّاد يبتدران (12)
فما تركا من رقية يعلمانها ولا شربة إلاّ وقد سقياني (13)
وما شفيا الداء الذي بي كلّه...ولا ذخرا نصحا ولا ألواني (14)
فقالا شفاك اللّه، واللّه، ما لنا... بما ضمّنت منك الضلوع يدان
فيا عمّ يا ذا الغدر، لا زلت مبتلى... حليفا لهمّ لازمٍ وهوان
وإني لأهوى الحشر إن قيل إنّني...وعفراء يوم الحشر ملتقيان (15)
ألا يا غرابي دمنة الدار، بيّنا...أبالهجر من عفراء تنتحبان (16)
فان كان حقّا ما تقولان فاذهبا...بلحمي إلى وكريكما فكلاني (17)
أناسية عفراء ذكري بعد ما... تركت لها ذكرا بكلّ مكان
تكنّفني الواشون من كل جانب... ولو كان واشٍ واحد لكفاني(18)
يكلّفني عمّي ثمانين ناقة...ومالي، يا عفراء، غير ثمان (19)
فيا ليت محيانا جميعا، وليتنا... إذا نحن متنا ضمّنا كفنان (20)
ويا ليت أنّا الدهر في غير ريبة...خليّان نرعى البهم مؤتلفان (21)
فو اللّه، ما حدّثت سرّك صاحبا...أخا لي، ولا فاهت به الشفتان (22)
تحمّلت زفرات الضحى فأطقتها، وما لي بزفرات العشيّ يدان (23)
_________________________
1) الشعر والشعراء 394؛ وفي غ (20:152): عقال.
2) غ 20:153، السطر الثالث من أسفل؛ وقيل في الشام (غ 20:155-156).
3) الشعر والشعراء، راجع 397؛ في غ (20:154) أن زوج عفراء أنزل عروة ضيفا في بيته وسمح له بلقاء عفراء، ثم عرض عليه أن يطلق عفراء فيتزوجها إذا شاء فأبى عروة ذلك.
4) عاج يعوج: مال، جاء إلى مكان قريب من طريقه. صنعاء: قاعدة اليمن.
5) . . . . بعينين ممتلئتين بالدموع.
6) ألم: زار زيارة قصيرة. الشحط: البعد. النوى: البعاد، الفراق (البعد عن المحبوب).
7) زهيان مثنى زهي (؟) أو زاه: متعدد الألوان أو حسن المنظر.
8) تبينان: تتبينان (تبصراني وتتحققان من نحولي).
9) وجد: حب. وكف الدمع: سال.
10) عسى هنا بمعنى حتى: ليس العراقي موافقا في الدار لليمنى حتى يلتقيا (انهما لا يلتقيان)؛ أو: ان العراقي واليماني بعيدان في الدار، ولكن ربما التقيا.
11) عراف اليمامة وعراف نجد (راجع الشعر والشعراء 396: عراف حجر).
12) أوهماني أنهما قادران على شفاء ما بي ولكنهما كانا يعلمان أن لا شفاء لي ولذلك نهضا مع العواد (جمع عائد: الذي يزور المريض) وغادرا غرفتي لانهما كانا يوقنان أني سأموت وشيكا (راجع فوق، معلقة طرفة، ص 139).
14) وذلك بعد أن كانا قد عالجاني بكل نوع من أنواع الرقى (الرقية دعاء يقال على رأس المريض لتخفيف مرضه النفساني). الشربة: الدواء يؤخذ بالفم.
14) لم يشفياني شفاء تاما مع أنهما لم يدعا نصيحة ينصحانني بها ولا بخلا علي (بشيء من المداواة).
15) الحشر: القيام من القبور (انتهاء هذه الحياة).
16) غرابا دمنة الدار: الغرابان الملازمان للدار يصيحان بها لا يفتران.
17) إذا كان التفريق بيني وبين عفراء صحيحا فاني أفضل أن أموت وتأخذا لحمي إلى وكريكما وتأكلانه مع فراخكما.
18) تكنفني: أحاط بي.
19) يكلفني عمي ثمانين ناقة (مهرا لعفراء).
20) ضمنا كفنان (يقصد: ضمنا كفن واحد).
21) الخلي: الموجود في أرض خلاء ليس فيها أحد غيره. البهم: صغار الغنم (الضأن والمعزي).
22) ما بحت بحبي لك إلى أحد.
23) تحملت زفرات (تأوهي من ألم الحب) في الضحي (في أول أمري). ولا أستطيع أن أتحمل في العشي (في أواخر أمري: أواخر عمري) ما كنت قد تحملت مثله من قبل.