الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
عِمران بن حطّان
المؤلف: عمر فرّوخ
المصدر: تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة: ج1، ص490-493
30-12-2015
6740
هو أبو شهاب (1) عمران بن حطّان بن ظبيان من بني سدوس بن شيبان من بكر بن وائل، و أصله من البصرة. و كان عمران رجلا ضربا (خفيف اللحم) طويل القامة أزرق العينين.
كان عمران بن حطان في أول أمره من أهل السّنة و الجماعة، و لمّا تقدّمت به السّنّ انتقل إلى مذهب الخوارج: قيل إنه تزوج امرأة من الخوارج و رجا أن يردّها إلى مذهب أهل السنّة فنقلته هي إلى مذهب الخوارج. في ذلك الحين كان عمران قد عجز عن خوض الحروب فقعد عن الحرب و أخذ ينصر الخوارج بلسانه. و في سنة 75 ه(695 م) تولّى الحجّاج بن يوسف البصرة فطلب عمران، فهرب منه عمران إلى الشام متخفّيا و نزل ضيفا على روح بن زنباع أحد قوّاد الجيش الأمويّ. فلمّا انكشف أمره هرب إلى قرقيسيا و نزل على زفر بن الحارث الكلابيّ. ثمّ انكشف أمره لزفر أيضا فهرب إلى عمان. و عرف بعد ذلك في عمان فجاء إلى روذميسان قرب الكوفة، حيث توفّي سنة 84 ه(703 م) .
عمران بن حطّان من التابعين و قد روى الحديث عن نفر من الصحابة. و كان أيضا من علماء الخوارج و خطبائهم و مفتيهم و شعرائهم (2). و خطب عمران خطبته الأولى في أيام زياد بن أبيه (و قيل في أيام عبيد اللّه بن زياد) فكانت خطبة بارعة من كل جانب حتى قال بعض من سمعه (3): «هذا الفتى أخطب العرب لو كان في خطبته شيء من القرآن» . أما شعره فكان وجدانيا يجري على الاسلوب القديم متفاوتا في الجودة. و الفنّ الأساسيّ عنده هو الأدب (الحكمة) ثم المدح و الهجاء اللذان يجريان مجرى الحكمة، و شيء من الرثاء (4).
و كان عمران بن حطّان لا يحبّ الشعراء المدّاحين (للتكسّب) و قد لام الفرزدق على ذلك (5). على أن مديح عمران بن حطّان ليس من هذا الباب، قيل إن امرأته قالت له: «أ ما زعمت أنك لم تكذب في شعر قطّ؟» قال: «أو فعلت؟» قالت: «أنت القائل (6):
فهناك مجزأة بن ثور كان أشجع من أسامه،
أ فيكون رجل أشجع من الاسد (7)؟» فقال (عمران) : «أنا رأيت مجزأة (8)فتح مدينة، و الاسد لا يفتح مدينة!»
المختار من آثاره:
- قال عمران بن حطّان يذكر عبد الرحمن بن ملجم [لعنه الله] قاتل الامام عليّ ابن أبي طالب[عليه السلام]:
يا ضربة من كريم ما أراد بها... إلاّ ليبلغ من ذي العرش رضوانا
إني لأفكر فيه ثم أحسبه... أوفى البريّة عند اللّه ميزانا
للّه درّ المراديّ الذي سفكت... كفّاه مهجة شرّ الخلق إنسانا (9)
أمسى عشيّة غشّاه بضربته... مما جناه، من الآثام، عريانا
- لمّا انكشف أمر عمران بن حطّان عند روح بن زنباع و رغب عبد الملك ابن مروان إلى روح أن يستدرج عمران لزيارة عبد الملك، فطن عمران للحيلة و هرب بعد أن ترك رقعة فيها:
يا روح، كم من أخي مثوى نزلت به... قد ظنّ ظنّك من لخم وغسّان
حتى إذا خفته فارقت منزله... من بعد ما قيل: عمران بن حطّان
قد كنت ضيفك حولا لا تروّعني... فيه الطوارق من إنس و من جان (10)
حتّى أردت بي العظمى فأوحشني... ما أوحش الناس من خوف ابن مروان (11)
فاعذر أخاك، ابن زنباع، فإنّ له... في الحادثات هنات ذات ألوان (12)
يوما يمان اذا لاقيت ذا يمن... و ان لقيت معديّا فعدناني (13)
لو كنت مستغفرا يوما لطاغية... كنت المقدّم في سري و إعلاني
لكن أبت لي آيات مطهّرة... عند التلاوة في طه و عمران (14)
- مرّ عمران بن حطّان على الفرزدق و هو ينشد الناس، فوقف عليه ثم قال:
أيّها المادح العباد ليعطى... إنّ للّه ما بأيدي العباد
فاسأل اللّه ما طلبت إليهم... و ارج فضل المقسّم العوّاد
لا تقل في البخيل ما ليس فيه... و تسمّي البخيل باسم الجواد
- لما ظفر الحجّاج بعمران قال: اضربوا عنق ابن الفاجرة. فقال عمران:
لبئس ما أدّبك أهلك، يا حجّاج! كيف أمنت أن أجيبك بما لقيتني به؟ أبعد الموت منزلة أصانعك عليها؟
فأطرق الحجّاج استحياء و قال: خلّوا عنه. فخرج (عمران) إلى أصحابه، فقالوا: و اللّه، ما أطلقك إلاّ اللّه، فارجع إلى حربه معنا. فقال:
هيهات، غلّ يدا مطلقها، و أسر رقبة معتقها.
_______________________
1) البيان و التبيين 3:265.
2) راجع الكامل 530،595؛ البيان و التبيين 1:47،346،3:265.
3) البيان و التبيين 1:118،2:6.
4) راجع الكامل 530،591-592.
5) الكامل 354؛ راجع المختار من شعر عمران بن حطان.
6) الكامل 354-506.
7) أسامة: من أسماء الاسد.
8) كان مجزأة بن ثور من ابطال المسلمين جعله عمر بن الخطاب رئيسا على بني بكر ثم أقره عثمان بن عفان على ذلك. و قتل في شستر (بضم الشين و فتح التاء) في فارس.
9) المهجة: دم القلب. المرادي: عبد الرحمن بن ملجم (هو من بني مراد) .
10) حولا: عاما. لا تروعني الطوارق: لا تخيفني الحوادث المفاجئة (لم ينكشف أمري) .
11) ابن مروان: عبد الملك بن مروان. العظمى: النازلة العظمى: الموت أو القتل.
12) ابن زنباع هنا منادى: يا ابن زنباع! هنات (بفتح الهاء جمع هنة) : خصال (بكسر الخاء) شر. ذات ألوان: أ تلون فيها (أتقلب من حال إلى حال) .
13) يوما يمان: أدعي يوما أنني من اليمن (من عرب الجنوب) . معدي: رجل من معد (عرب الشمال) ، -إذا لقيت رجلا من عرب الشمال قلت له: أنا عدناني (عدنان هو الجد الاعلى لعرب الشمال) .
14) طه و آل عمران سورتان من سور القرآن الكريم، رقم 20 و 3 في المصحف.