علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
الأحاديث القدسيّة
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
شروط إفادة المتواتر العلم
المؤلف: الشيخ عبد الله المامقاني
المصدر: مقياس الهداية في علم الدراية.
الجزء والصفحة: ص 94 -101.
5-2-2017
2462
إنهم ذكروا لإفادة المتواتر العلم شرائط :
منها : ما يتعلق بالسامع (1) .
ومنها : ما يتعلّق بالمخبرين .
أما الأول : فأمران :
الأول : أن لا يكون السامع عالماً بمدلول الخبر اضطراراً ، كمن اخبر عما شاهده ؛ وعللوا هذا الشرط بأنه لو أفاده ذلك الخبر علماً لكان إما عين العلم الحاصل له بالمشاهدة (2) أو غيره .
والأول : تحصيل للحاصل ، وهو محال .
والثاني : من اجتماع المثلين الذي هو أيضاً محال .
ولا يجوز كونه مفيداً تقوية الحكم الحاصل أولاً ؛ لأنا فرضناه ضرورياً ، والضروري يستحيل أن يتقوى بغيره .
لا يقال : إنا نمنع من لزوم اجتماع المثلين – على تقدير أن يحصل بالخبر علم مغاير للأول – لجواز مخالفته إياه بالنوع وإن ساواه في التعلق بالمعلوم .
وأما استحالة تقوية الضروري بغيره فممنوعة أيضاً .
لأنا نقول : إن ما ذكر خروج عن الفرض ؛ لأن الذي ننكره حصول علم آخر على طبق ما علم قبل الإخبار ، وأما العلمان المتخالفان نوعاً فلا ينكره احد ، وليس من محل البحث .
وأما منع استحالة تقوية الضروري بغيره فلا وجه له أيضاً ، إذ (ما وراء عبادان قرية) .
الثاني : أن لا يسبق الخبر المتواتر حصول شبهة أو تقليد للسامع يوجب اعتقاده نفي موجب الخبر ومدلوله .
وأول من اعتبر هذا الشرط علم الهدى (رحمه الله) وتبعه على ذلك المحققون ، وهو شرط متين ، وبه يندفع احتجاج المشركين من اليهود والنصارى وغيرهم على انتفاء معجزات الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، كانشقاق القمر ، وحنين الجذع ، وتسبيح الحصى ...
واحتجاج مخالفينا في المذهب على انتفاء النص على أمير المؤمنين (عليه السلام) بالإمامة .
وبيان ذلك : أن المنكرين لمعجزات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وللنص بالإمامة .. احتجوا بأنها لو كانت متواترة لشاركناكم في العلم بمدلولاتها – كما في الأخبار المتواترة بوجود البلدان النائية والقرون الماضية – والتالي باطل ، فكذا المقدم ، والملازمة ظاهرة .
وجوابه : أن شرط إفادة التواتر العلم – وهو عدم السبق بالشبهة ، أو التقليد المذكورين – حاصل في الأخبار عن البلاد النائية والقرون الخالية للكل ، فكان العلم شاملاً للجميع ، بخلاف معجزات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والنص على أمير المؤمنين (عليه السلام) بالخلافة ؛ فإن الشرط المذكور موجود عند المسلمين والإمامية ، مفقود عند خصومهم ؛ لأن أسلافهم نصبوا لهم شبهات تقررت في أذهانهم تقتضي اعتقاد خلاف (3) الإخبارالمذكور ، فلهذا حصل الافتراق بحصول العلم للأولين دون الآخرين .
أما لخواصهم ؛ فللشبهة ، وأما لعوامهم ؛ فللتقليد ، وكذلك كل من أشرب قلبه حب خلاف ما اقتضاه المتواتر لا يمكن حصول العلم له الا مع تخليته عما شغله عن ذلك الا نادراً .
وأما الثاني : فأمور :
الأول : أن يبلغوا في الكثرة الى حد يمتنع تواطؤهم على الكذب ..
وهذا الشرط قد عرفت وجهه ، كما عرفت عدم صدق المتواتر على خبر الثلاثة المفيد للعلم بسبب الانضمام الى قرائن خارجية ، ولو بلغوا في الثقة والصلاح الغاية ؛ ضرورة ان العادة لا تستحيل (4) الكذب على الثقة الصالح الصادق ، ولا ينافي الكذب عدالته ولا صلاحه أيضاً إذا دعاه اليه ما يبيحه من المصالح والضرورات .
الثاني : أن يكونوا عالمين بما أخبروا به لا ظانين ..
اشترطه جمع ، وأنكره بعضهم واكتفى بحصول العلم من اجتماعهم ، وان كان بعضهم ظانين مع كون الباقين عالمين ؛ نظراً الى أصالة عدم اشتراطه بعد عدم الدليل عليه .
الثالث : ان يستندوا في علمهم بذلك الى الاحساس ، فلو اتفقوا على الإخبار بمعقول ، كحدوث العالم ووحدة الصانع .. لم يفد العلم ، ولم يكن من الخبر المتواتر في شيء .
لرابع : استواء الطرفين والواسطة في ذلك ؛ بأن يكون كل واحد من الطبقات عالمة بما أخذت به لا ظانة ، لكن الطبقة الأولى عالمة بذلك بالمشاهدة ، والثانية والثالثة بالتواتر .
والمراد بالطرفين : الطبقة الاولى المشاهدون لمدلول الخبر ، والطبقة الأخيرة الناقلون عن الواسطة الى المخبر أخيراً ، والواسطة ؛ الطبقة التي بينهما .
ثم الواسطة ؛ قد تتحد وقد تتعدد ، واستواء الواسطة والطرفين إنما يعتبر فيما إذا كان بين المخبرين والمشاهدين طبقتان أخريان ، حينئذ فلا يكون شرط استواء الطرفين عاماً في كل متواتر ، ولا في مطلق الخبر المتواتر ، فإن ما ينقله المشاهدون الى غيرهم بغير واسطة متواتر ، وليس له طرفان وواسطة ، كما هو ظاهر .
وقد اشترط بعض الناس هنا شروطاً آخر لا دليل عليها ، وفسادها أوضح من ان يحتاج الى الذكر .
فمنهم : من شرط الإسلام والعدالة .
ومنهم : من اشترط ان لا يحويهم بلد ، ولا يحصرهم عدد ؛ ليمتنع تواطؤهم على الكذب .
وهو باطل ، فإن أهل بلد لو أخبرونا بقتل ملكهم وما جرى مجراه لم يمتنع إفادته العلم ، وكذا العدد المصحور ؛ ولأنه منقوص بما علم من أحوال الرسول (صلى الله عليه وآله) بتواتر الصحابة مع انحصار عددهم واتحاد بلدهم .
ومنهم : من اشترط اختلافهم في النسب ..
وهو كسابقه في الفساد .
ومنهم : من اشترط عدم اتفاقهم في الدين ..
وضعفه ؛ ضرورة انه لو كان شرطاً لما حصل العلم من اخبار أهل ملة واحدة ، ومن المعلوم خلاف ذلك .
ومنهم : من اشترط وجود المعصوم (عليه السلام) في المخبرين ، حكي عن ابن الراوندي .. وهو باطل . لتحقق العلم من دونه .
ولقد أجاد من قال : إن نسبة اشتراطه الى القوم افتراء او اشتباه بالإجماع .
تذييل :
الأكثر على أنه لا يشترط في إفادة الخبر المتواتر العلم عدد مخصوص في المخبرين ، وأن المعيار هو ما حصل العلم بسبب كثرتهم ، واستندوا في ذلك الى أصالة عدم الاشتراط بعد اختلاف الموارد في حصول العلم ، فربّ عدد يوجب العلم في مورد ولا يوجبه في مورد آخر .
وقال جمع من العامة باشتراط العدد فيهم ..
ثم إنهم اختلفوا على أقوال :
أحدها : ما عن القاضي ابي بكر من أنه يشترط ان يكونوا زائدين على أربعة ، لعدم إفادة خبر الأربعة العدول الصادقين العلم ، وإلا لأفاد خبر كل أربعة عدول صادقين العلم ، والتالي باطل ، فكذا المقدم .
أما الملازمة ؛ فلأنه لو أفاد العلم في بعض الصور دون غيرها لكان إما لمرجح ، فلا يكون إخبارهم بمجرده مفيداً للعلم ، بل لابد من انضمام اعتبار ذلك المرجح إليه ، وإن كان لا لمرجح لزم الترجيح من غير مرجح ، وأنه محال .
وأما بطلان التالي (5) ؛ فلا ستلزامه استغناء القاضي عن طلب مزكي شهود الزنا : لأنه إن أفاد خبرهم العلم بالزنا حكم به ، وإن لم يفده علم كذبهم فيحدهم للفرية ، وهو باطل إتفاقاً .
وتوقف القاضي في الخمسة لعدم اطراد الدليل المذكور فيها ، وعدم الظفر بما يدل على إفادته العلم ولا على عدمها ، فوجب الوقف .
ثانيها : ما عن الإصطخري : من أن أقله عشرة ؛ لأنه أول جموع الكثرة (6) ..
وهو استحسان سخيف .
ثالثها : ما عن جمع من أنه اثنا عشر ؛ عدد نقباء بني اسرائيل ! لقوله تعالى : {وبعثنا منهم أثني عشر نقيباً} (7) خصهم بذلك العدد لحصول العلم بخبرهم .
رابعها : أن أقله عشرون ؛ حُكي ذلك عن ابي هذيل العلّاف ؛ لقوله تعالى : {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} (8) خصهم بذلك لحصول العلم بما يخبرون به (9) .
خامسها : أن أقله أربعون ؛ حُكي ذلك عن جمع ، لقوله : {يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين} ، (10) حيث نزلت في الأربعين .
سادسها : ان أقله سبعون ؛ حكي ذلك عن آخرين ، لقوله جلّ شأنه : {واختار موسى قومه سبعين رجلاً لميقاتنا} (112) وإنما كان كذلك ليحصل اليقين بإخبارهم أصحابهم ما يشاهدون من المعجزات !
سابعها : ما عن جمع أيضاً من أن أقله ثلاثمائة وبضعة عشر ، عدد أهل بدر ! وإنما خصهم بذلك ليحصل للمشركين العلم بما يخبرونهم من معجزات الرسول (صلى الله عليه وآله) !
.. وهذه الأقوال كلها باطلة ؛ لأن كل واحد من هذه الأعداد قد يحصل العلم معه وقد يتخلف عنه ، فلا يكون ضابطاً له .
ولقد أجاد شيخنا الشهيد الثاني (رحمه الله) حيث قال في البداية (12) ما لفظه : .. لا يخفى ما في هذه الاختلافات من فنون الخرافات (13) ، وأي ارتباط لهذا العدد بالمراد .. ؟! وما الذي أخرج عن نظائره مما ذكر في القرآن من ضروب الأعداد .. ؟! انتهى .
والحق ما عليه الأكثر من دوران الأمر مدار حصول العلم وعدم اعتبار عدد مخصوص فيه .
____ ____ ____ ____ ____
1. في الأصل : بالصانع ، وهو غلط .
2. في الطبعة الثانية : بالشهادة ، وما ذكر أصح .
3. في الأولى وخطيتها : منافي ، وقد جاءت كلمة (خلاف) نسخة على الطبعتين الحجريتين .
4. كذا ، والظاهر : لا تحيل .
5. في الطبعة الثانية من الكتاب : الثاني .. والتالي اولى .
6. اي أن ما دون العشرة خبر آحاد ، ولا يسمى الجمع جمعاً إلا بها أو بما فوقها .
وقيل : إنه استند الى قوله تعالى : {تلك عشرة كاملة} [سورة البقرة (2) : 196] والعجب من السيوطي في تدريب الراوي 2 / 177 حيث قال : وهو المختار . مع أنه قبل ذلك قال : ولا يعتبر فيه عدد معين على الأصح ، فراجع .
7. سورة المائدة (5) : 12 .
8. سورة الأنفال (8) : 65 .
9. كذا في الخطية ، ولا توجد (به) في طبعتي الكتاب .
10. سورة الأنفال (8) : 64 .
11. سورة الأعراف (7) : 155 .
12. البداية : 13 [تحقيق البقّال 1 / 63] .
13. في نسختنا : الجزافات ، بدل : الخرافات ، والمعنى واحد .