الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
ابن عبد البر
المؤلف: عمر فرّوخ
المصدر: تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة: ج4، ص584-588
8-2-2018
3768
هو أبو عمر يوسف بن عبد البرّ بن محمّد بن عبد البرّ بن عاصم النمريّ القرطبي، ولد في قرطبة، في 24 ربيع الآخر من سنة 368(٢٩/١١/٩٧٨) .
و في قرطبة روى ابن عبد البرّ الحديث عن نفر من مشاهير العلماء منهم أبو عمر الباجيّ و أبو عمر الطلمنكيّ و أبو الوليد بن الفرضيّ (ت 4٠٣ ه) و قد لزم ابن الفرضي و أخذ عنه كثيرا من علم الحديث و علم الأدب.
و سكن ابن عبد البرّ اشبيلية و تفقّه فيها على الفقيه أبي عمر أحمد بن عبد الملك بن هاشم الاشبيلي. و لم تعرف اشبيلية قدر ابن عبد البرّ، كما لم تعرفه قرطية من قبل، فانتقل إلى غربي الأندلس فولاّه المظفّر بن الافطس صاحب بطليوس (4٣٧-46٠ ه) القضاء في الأشبونة ثمّ في شنترين. ثمّ إنّه تحوّل إلى شرقي الأندلس و سكن دانية و تنقّل بينها و بين بلنسية و شاطبة. و كان مرّة في زيارة لشاطبة فأدركته فيها الوفاة، في آخر ربيع الآخر من سنة 46٣(٣/٢/١٠٧١ م) .
كان أبو عمر يوسف بن عبد البرّ أحفظ أهل الأندلس للحديث، كما كان فقيها على المذهب الظاهري ثمّ انتقل عنه إلى مذهب مالك. و كذلك كان عالما بالسير و الأنساب. و كان أيضا شاعرا كثير الأنفة في شعره، و لكن شعره ينوء برصانة العلماء.
و ابن عبد البرّ مؤلّف خصب له من الكتب: الاستيعاب في معرفة الصحاب (جمع فيه أسماء أصحاب رسول اللّه) -التمهيد لما في الموطأ من المعاني و الأسانيد (رتّبه على أسماء شيوخ الإمام مالك و على حروف المعجم) -الاستذكار في شرح مذاهب علماء الامصار (في ما تضمّن الموطأ من معاني الرأي و الآثار، شرح فيه ابن عبد البرّ الموطأ على وجهه و نسق أبوابه) -الدّرر في اختصار المغازي و السير-الإنباه في ذكر أصول القبائل و الرواة عن رسول اللّه-القصد الأمم في التعريف بأصول العرب و العجم-التقصّي في الحديث النبويّ-جامع بيان العلم و فضله و ما ينبغي في روايته و حمله-الكافي في الفقه-الإنصاف في ما بين العلماء من الخلاف-العقل و العقلاء و ما جاء في أوصافهم-بهجة المجالس و أنس المجالس مما يجري في المذاكرات من غرر الابيات و نوادر الحكايات (من الأمثال و الأشعار و الحكايات المتعلقة بمكارم الأخلاق و الحلم و الصداقة و العداوة و الوعظ الخ) .
مختارات من آثاره:
- توجّه ابن عبد البرّ من دانية قاصدا المعتضد بن عبّاد في أشبيلية و قال له:
قصدت إليك من شرق لغرب... لتبصر مقلتي ما حلّ سمعي (1)
و تعطفك المكارم نحو أصل... دعاكم راغبا في خير فرع
فإن جدتّم به من بعد عفو... فليس الفضل عندكم ببدع (2)
- و قال يفتخر بعلومه:
إذا فاخرت فافخر بالعلوم... ودع ما كان من عظم رميم (3)
فكم أمسيت مطّرحا بجهل... و علمي حل بي بين النجوم
و كم أقبلت متّئدا مهابا... فقام إليّ من ملك عظيم (4)
و ركب سار في شرق و غرب... بذكري مثل عرف في نسيم (5)
- و قال في الشكوى من الناس:
تنكّر من كنّا نسرّ بقربه... و صار زعافا بعد ما كان سلسلا (6)
و حقّ لجار لم يوافقه جاره... و لا لاءمته الدار أن يتحوّلا
بليت بحمص، و المقام ببلدة... طويلا لعمري مخلق يورث البلا (7)
إذا هان حرّ عند قوم أتاهم... و لم ين عنهم كان أعمى و أجهلا (8)
و لم تضرب الأمثال إلا بعالم... و ما عوتب الإنسان إلاّ ليعقلا
- و من مقدمة كتاب «الاستذكار» :
اما بعد، فإنّك سألتني-رحمك اللّه-عن معنى العلم و فضل طلبه و حمد السعي فيه و العناية به، و عن تثبيت الحجاج (9) بالعلم و تبيين فساد القول في دين اللّه بغير فهم و تحريم الحكم بغير حجّة، و ما الذي أجيز من الاحتجاج و الجدل و ما الذي كره منه، و ما الذي ذمّ من الرأي (10) و ما حمد منه، و ما يجوز من التقليد (11) و ما حرّم منه.
و رغبت أن أقدّم لك قبل هذا الباب من آداب التعلم ما يلزم العالم و المتعلّم التخلّق به و المواظبة عليه، و كيف وجه الطلب و ما حمد و مدح فيه من الاجتهاد و النصب (12) إلى سائر انواع آداب التعلم و التعليم و فضل ذلك و تلخيصه بابا بابا ممّا روي عن سلف هذه الأمة-رضي اللّه عنهم أجمعين-لتتّبع هديهم (13) و تسلك سبيلهم و تعرف ما اعتمدوا عليه من ذلك مجتمعين أو مختلفين في المعنى منه. فأجبتك إلى ما رغبت و سارعت فيما طلبت رجاء عظيم الثّواب و طمعا في الزلفى يوم المآب (14) ، و لما أخذه اللّه عزّ و جلّ على المسئول العالم بما سئل عنه (15) من بيان ما طلب منه و ترك الكتمان لما علمه. قال اللّه عزّ و جلّ: «وَ إِذْ أَخَذَ اَللّٰهُ مِيثٰاقَ اَلَّذِينَ أُوتُوا اَلْكِتٰابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنّٰاسِ وَ لاٰ تَكْتُمُونَهُ» . و قال صلّى اللّه عليه و سلم: «من سئل علما علمه فكتمه جاء يوم القيامة ملجما بلجام من نار» . . .
- و من مقدمة كتاب «الانتقاء» :
. . . أما بعد، فإن طائفة ممّن عني بطلب العلم و حمله، و علم-بما علّمه اللّه -عظيم بركته و فضله سألوني، مجتمعين و متفرّقين، أن أذكر لهم من أخبار الأئمّة الثلاثة الذين طار ذكرهم في آفاق الإسلام لما انتشر عنهم من علم الحلال و الحرام، و هم: ابو عبد اللّه مالك بن أنس الأصبحيّ المدنيّ و ابو عبد اللّه محمد بن إدريس
الشافعيّ المكّيّ و ابو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفيّ، عيونا و فقرا (16) يستدلّون بها على موضعهم من الإمامة في الديانة، و (أن) يكون ذلك مختصرا ليسهل حفظه و معرفته و الوقوف عليه و المذاكرة به من ثناء العلماء بعدهم عليهم و تفضيلهم لهم و إقرارهم بإمامتهم. و قد أكثر الناس في ذلك بما يرغب عن كثير منه (17). فاقتصرت ممّا ذكروه على عيونه دون حشوه و على سمينه دون غثّه (18). و سأذكر في كتابي هذا من ذلك-إن شاء اللّه-ما يكفي و يشفي مع الاختصار و طرح التكرار و الاقتصار على ما يجمل به التذكار. . .
____________________
١) مقلتي (فاعل للفعل «تبصر») ، ما (اسم موصول، مفعول به)
2) بدع: مستغرب.
3) العظم الرميم: الذي تفتّت من القدم (يقصد: لا تفتخر بنسبك بل بعلمك) .
4) متّئدا: على مهل. مهابا (يقصد: مهيبا: ذا هيبة-اجلال و احترام مع شيء من الخوف) . من ملك عظيم: كم من ملك عظيم قام نحوي يستقبلني احتراما لي.
5) الركب: الجماعة يركبون الخيل (أو الإبل) و يسيرون أو يسافرون معا. العرف: الرائحة الطيّبة.
6) الزعاف: السم الشديد. السلسل: الماء العذب.
7) بلي بالبناء للمجهول: جرب، امتحن. حمص: اشبيلية. أخلق الثوب: صيّره باليا. البلا (كذا بالأصل) البلاء، و لكن المقصود: البلى (بكسر اللام) : الرثاثة و ذهاب الجدة.
8) و نى يني. تعب. لعلها. لم ينأ: لم يبتعد. أعمى: المقصود أشدّ عمى: إذا اتفق ان جاء رجل حر إلى قوم فهان عندهم ثم لم يرتحل عنهم فإنه اعمى جاهل
9) الحجاج: نصر القول بالحجة (و الجدل) .
10) الرأي: الحكم في قضايا الفقه حكما شخصيا.
11) التقليد: أن يتبع إنسان إنسانا آخر في آرائه.
12) النصب: التعب، بذل جهد كبير.
13) الهدي (بالفتح) هو الهدى (بالضم) .
14) يوم المآب (الرجوع) : يوم القيامة.
15) إن اللّه تعالى إذا أنعم على إنسان بعلم أوجب عليه أن ينفع الناس بذلك العلم
16) العين: الرجل الوجيه في قومه، و الشيء النفيس. الفقرة (بكسر فسكون) : الجملة القصيرة التي تتضمّن نكتة (معنى مبتكرا أو لفتة بارعة) .
17) و قد أكثر الناس. . . كثير منه (كتب المؤلفون أشياء كثيرة عن هؤلاء الأئمة و معظمه لا حاجة اليه) (يرغب عنه) .
18) عيون الشيء: النفيس البارع منه. الحشو (ما يستغنى عنه) . السمين من الكلام: الرصين (ما فيه معنى نافع) الغث: النحيف أو الرديء أو الفاسد.