أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-12-2018
15210
التاريخ: 6-12-2018
2014
التاريخ: 6-12-2018
1138
التاريخ: 3-12-2018
1383
|
المذهب الثالث:
مذهب المحاكاة. وخلاصته أن الإنسان سمى الأشياء، بأسماء مقتبسة من أصواتها، أو بعبارة أخرى أن تكون أصوات الكلمة، نتيجة تقليد مباشر لأصوات طبيعية صادرة عن الإنسان أو الحيوان أو الأشياء، وتسمى مثل هذه الكلمات عند علماء الغرب: Onomatopoeia.
وقد عرض لهذا الرأي من علماء المسلمين ابن جني، فقال: "وذهب بعضهم إلى أن أصل اللغات كلها، إنما هو من الأصوات المسموعات، كدوي الريح، وحنين الرعد، وخرير الماء، وشحيج الحمار، ونغيق الغراب، وصهيل الفرس ... ونحو ذلك. ثم ولدت اللغات عن ذلك فيما بعد"(1). وقد ارتضى ابن جني هذا الرأي فقال معقبا عليه: "وهذا عندي وجه صالح ومذهب متقبل".
وأول من دافع عن هذا المذهب، من علماء الغرب بالتفصيل العالم الألماني "هردر" Harder في كتابه "بحوث في نشأة اللغة" Abhandlungen uber den Ursprung der Sprache الذي نشره سنة 1772م.
ومما قد يؤيد هذه النظرية، ما نجده في بعض الأحيان، من اشتراك في بعض الأصوات، في الكلمات التي تحاكي الطبيعة في عدة لغات، فإن الكلمة التي تدل على الهمس، هي في العربية كما نعرف: "همس"، وفي
(1/112)
غير أن اشتراك اللغات في الكلمات المحاكية للطبيعة، على هذا النحو، أمر نادر. ولو كانت هذه النظرية صحيحة، للاحظنا اشتراكا بين اللغات في الكلمات التي تحاكي الطبيعة؛ مثل: الشق، والدق، والقطع، والصهيل، والعواء، والمواء، وما إلى ذلك.
ولقد سمعت الديك العربي في بلاد العرب، والديك الألماني في بلاد الألمان، يصيحان بطريقة واحدة دون أدنى فرق، غير أننا نحاكي صوت الديك فنقول: كوكوكو! ويقول الألمان "كيكيركي" kikeriki!
ويرى بعض العلماء بناء على هذه النظرية، أن مناسبة اللفظ للمعنى مناسبة حتمية، بمعنى أن اللفظ يدل على معناه دلالة وجوب، لا انفكاك فيها. وممن نادي بهذا الرأي: "عباد بن سليمان الصيمري" من المعتزلة؛ فقد ذهب إلى أن بين اللفظ ومدلولة مناسبة طبيعية، حاملة للواضع على أن يضع هذه اللفظة أو تلك، بإزاء هذا المعنى أو ذاك، ويروون عن بعض من تابعه على رأيه هذا، أنه كان يقول: إنه يعرف مناسبة الألفاظ لمعانيها، فسئل عن معنى كلمة: "إذغاغ" وهي بالفارسية: الحجر -كما يقولون- فقال: أجد فيه يبسا شديدا، وأراه الحجر! (2)
(1/113)
وإننا نشك كثيرا في صحة هذه الرواية، وصدق نظرية الصيمري، فإنه لو صح ما قاله، لاهتدى كل إنسان إلى كل لغة على وجه الأرض.
ويمتاز مذهب المحاكاة، بأنه يشرح لنا مبلغ تأثر الإنسان، في النطق بالألفاظ، بالبيئة التي تحيط به، غير أن أهم ما يؤخذ عليه، أنه يحصر أساس نشأة اللغة، في الملاحظة المبنية على الإحساس بما يحدث في البيئة، ويتجاهل الحاجة الطبيعية الماسة غلى التخاطب والتفاهم، والتعبير عما في النفس، تلك الحاجة التي هي من أهم الدوافع إلى نشأة اللغة الإنسانية، فإن الرغبة الذاتية في التعبير، والحاجة الماسة إلى التفاهم، كلاهما من أهم الدوافع، التي يجب أن يعتد بها في نشأة اللغة واضطرار الإنسان الأول للنطق بالألفاظ.
هذا إلى أن هذا المذهب، لا يبين لنا كيف نشأت الكلمات الكثيرة، التي نجدها في اللغات المختلفة، ولا نرى فيها محاكاة لأصوات المسميات، ويتضح ذلك بوجه خاص في أسماء المعاني، كالعدل، والمروءة، والكرم، والشجاعة، وغير ذلك.
وقد دعا هذا النقص، العلامة "هردر" المدافع الأول عن هذه النظرية، إلى العدول عنها في أخريات حياته، كما سخر منها "مكس موللر" Max Muller اللغوي الألماني المشهور. ومع ذلك فإن لأصحاب هذه النظرية، الفضل في أنها فتحت للباحثين، باب البحث الفلسفي في نشأة اللغة، كما أنها لا تبعد كثيرا في إرجاعها نشأة اللغة، في بعض الأحيان، إلى ملاحظة خاصة.
(1/114)
__________
(1) الخصائص 1/ 46، 47.
(2) انظر: المزهر للسيوطي 1/ 47.
|
|
بـ3 خطوات بسيطة.. كيف تحقق الجسم المثالي؟
|
|
|
|
|
دماغك يكشف أسرارك..علماء يتنبأون بمفاجآتك قبل أن تشعر بها!
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تواصل إقامة مجالس العزاء بذكرى شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
|
|
|