المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2777 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الشكر قناة موصلة للنعم الإلهية
2025-01-12
أسباب ودوافع الكفران وطرق علاجه
2025-01-12
عواقب كفران النعمة
2025-01-12
معنى كفران النعمة
2025-01-12
دور الإدارة الحكوميـة فـي التنـميـة التكـنولوجـيـة 2
2025-01-12
دور الإدارة الحكوميـة فـي التنـميـة التكـنولوجـيـة 1
2025-01-12

التقوى هي المخرج من الشدائد والأزمات والمحن
3-2-2022
المطهرات المتطايرة Volatile Disinfectants
16-9-2020
الشركة القابضة والشركة المتعدية القوميات
26-6-2016
آداب السلوك
21-8-2016
التطور التكيفي Adaptive Evolution
11-4-2017
السَّـند والإسناد
31-8-2016


منھج الدلالة (النظرة الدينامیكیة)  
  
2821   07:47 مساءً   التاريخ: 11-2-2019
المؤلف : تمام حسان
الكتاب أو المصدر : مناهج البحث في اللغة
الجزء والصفحة : ص240- 251
القسم : علوم اللغة العربية / علم اللغة / مناهج البحث في اللغة / منهج الدلالة /

النظرة الديناميكية:
علم الدلالة، أو علم المعنى، أو علم السيمانتيك، فرع من فروع الدراسات التي تناولها بالبحث أنواع من العلماء تختلف موضوعاتهم، كالفلاسفة، واللغويين، وعلماء النفس، والأنثربولوجيا، والأدباء، والفنانين، والاقتصاديين، وعلماء الدراسات الطبيعية(1)، ولهذا كان اسم هذا العلم محل خلاف في اللغات المختلفة، حتى إن من الأسماء التي لا تزال تجري على أقلام بعض الكتاب في هذا العلم: semantics , semasiology, simology, sematology ويجري نفس الخلاف في الاصطلاحات، التي تطلق على بعض الأفكار الداخلة في نطاق هذا العلم، فقد سبق أن ذكرنا أن فندريس يميز بين ما يسميه المورفيم "morpheme"، وبين ما يطلق عليه السيمانتيم "semanteme"، وليست هذه هي التسمية الوحيدة للسيمانتيم؛ لأن بعضهم يطلق عليه "sememe"، وآخرون "seme"(2)، وبرغم هذا الخلط في استخدام الإصلاح، استطاع علم الدلالة أن يشق طريقة في التطور من أفكاره الأولى، التي حددها بريال "Breal"، على أساس تاريخي لا وصفي، والواقع أن علم الدلالة التاريخي يدرس تغير المعنى من عصر إلى عصر، وأن علم الدلالة الوصفي يدرس المعنى في مرحلة معينة من مراحل تاريخ اللغة، فالأول ديا كروني -على حد تعبير دي سوسور- والثاني سينكروني، أي أن الأول يدور حول التغيرات المعنوية، والثاني حول العلاقات المعنوية، أو بعبارة أخرى يدور الأول حول المعنى المتغير، والثاني حول المعنى الثابت.

ص240

فإذا نظرنا إلى المعنى باعتباره علاقة بين الصيغة والفكرة، حق لنا أن نقول: إن تغير الدلالة من عصر إلى عصر، ليس إلا ربط الفكرة بصيغة جديدة، أو ربط الصيغة بفكرة جديدة، لقد كان كلمة "فرج"، فيما قبل الإسلام تدل على انفتاح، يقول لبيد:
فغدت كلا الفرجين تحسب أنه ... مولى المخالفة خلفُها وأمامُها
ثم جاء الإسلام، فخصص عموم هذا المعنى بالمدلول الفقهي للكلمة، الذي يوضحه أن الصيام هو الإمساك عن شهوتي البطن والفرج، والذي نجى كلمة "مخرج" من التخصيص الفقهي بمعنى "فتحة الإفراز"، والتخيص الأصواتي بمعنى "مكان النطق"، إنما هو استعمالها في القرآن بالمعنى العام، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} . والعلق الشيء النفيس، والخول الخدم، هكذا كانت دلالتهما الفصحية، ولكن معنى الكلمتين تغير -على مر العصور- تغير مخجلا إلى مفهومهما العامي، وكان الأمي في مبدأ الإسلام هو الذي ينسب إلى العرب، في مقابل النسبة إلى أهل الكتاب من اليهود والنصارى، ثم تطور المعنى حتى أصبح من العرب أميين وغير أميين، ثم انظر إلى المدلول العربي الضيق لكلمة شعب، والمدلول الواسع الذي نعطيه لها الآن، كل أولئك تغير في الدلالة من عصر إلى عصر، يدرس في الأيتيمولوجيا، وفي الدلالة التاريخية، ولقد كان العلماء يعتبرون هذا التغير في المعنى إما نموا، أو انحلالا.
ولم يحاول واحد من العلماء أن يضع قاعدة شاملة لكل العوامل الداعية إلى التغير في المعنى، ولكنهم حاولوا أن يوضحوا عوامل تغير الأمثلة، حين تخطر في دراساتهم. غير أن "هرمان بول" يدعي أن التغير في المعنى يلحق اللغة عن طريق الكلام(3)، ويقول "شترن": إن معظم تغيرات المعنى تنتج عن رغبة المتكلم في أن يوفق بين الكلام، وبين وظيفته التي يستخدم من أجلها(4).
ص241

أما مسييه(5)، فيجعل الأساب النهائية لتغير المعنى من أنواع ثلاثة:1 لغوية، 2 تاريخية3 طبقية عن طريق الاقتراض، ويقول: إن الكلمات يتسع معناها، ويضيق بحسب اتساع أفقها، وضيقه بعد الاقتراض من طبقة إلى أخرى، وأما سبربر فإنه يصر على فكرة المعنى المركزي "Cintral Meniang"، والمعنى السياقي "Contextual Meaning"، ونغمة الإحساس "Felling tone"، كما فعل إردمان، والمعنى السياقي، ونغمة الإحساس عنده أهم شيء، ولذلك يحرص على أن يذكر في دراسة الكلمة أوضح المواضع التي تستعمل فيها، وما يأتي معها؛ لأن المعاني الجديدة تتبلور عن هذا الطريق في مراحل أربع 1- ورود معنى جديد في موضع خاص، 2- مرحلة انتقالية من تكرر الورود، والارتباط بين الصيغة والمعنى، 3- ظهور معنى جديد مستقل في مواضع مختلفة، 4- إمكان قطع الصلة بين المعنيين القديم والجديد، وهذا لا يحدث بالطبع إلا بقرار من ملايين المتكلمين، وبالانتفاع بعوامل مثبتة للمعنى الجديد، هي القوى العاطفية، فطالب الكلية الحربية، الذي فصل منها بسبب ما قد يطعم كلامه العام بقاموس العسكريين، فيستعمل كلمات مثل التعيين، والبيادة، وساعة الصفر، والتكتيك، والتواجد، والضبط، والربط، وهلم جرا، في غير معناها العسكري، بدافع من عاطفته، ويرى سبربر أن أثر القوى العاطفية هنا، إنما يكون بالتوسع، عن طريق نقل الكلمات من مجال إلى مجال آخر، أو بالجذب، بأن يتطلب المجال عنونا من مجال آخر(6)، وأما أوجدن وريتشارد(7)، فإنهما لا يتكلمان عن المعنى إلا بتشقيقه إلى عناصر أربعة هي: 1- القصد،2- والقيمة، 3- والمدلول عليه 4- والعاطفة. وعندهما أن معنى الكلمات، لا يرى إلا حيث يتوسع في الرموز بوضعها في سياقات مختلفة "Constextualization". فما يمكن أن يسمى حاصل جمع معنى الكلمة، أي
ص242

المعنى الكلي لها، إنما هو وظيفة مركبة من القصد ونغمة الإحساس والفكرة، ولا يغيب على البال أنه، "حتى في علم الدلالة التاريخي التقليدي الذي نتكلم فيه الآن، يوجد حقل واسع للعمل في أساس منهج اجتماعي على حسب الماجريات، وإن دراسة كلمات مثل "الشغل"، "العمل"، و"التجارة أو المنهة"، "الوظيفة"، "الاحتلال"، "اللعب"، "الإجازة"، "الوقت"، "الساعات"، "الوسائل"، "احترام النفس"، بمشتقاتها ومركباتها جميعا في ظل الظروف ذات المغزى الاجتماعي، التي مرت في السنين العشرين الأخيرة، سيلقى ضوءًا قويا على هذه الناحية، وكذلك دراسة الكلمات التي تتعلق بالملابس، والمهن، والمطامح الخاصة بالنساء، أو لغة الإعلان، وخصوصا الإعلان بالخطابة عن الدواء العجيب، وإعلانات اللهو، والطعام والشراب، والحركات السياسية والدعاية(8).
والمعنى الاجتماعي هو الغرض الأسمى، الذي يسعى إليه علم الدلالة الوصفي.
وهذا المعنى هو الذي أطلقنا عليه في هذا البحث اسم المعنى الدلالي، وذلك لا يكون إلا في طور معين من أطوار اللغة، إن تحليل المعنى يتطلب أن ندخل في اعتبارنا عناصر أربعة.
تلك هي 1- المتكلم، 2- السامع 3- الرمز، 4- المقصود. ولقد ذكرنا في كلامنا عن رأي السلوكيين من اللغويين في التفريق بين الكلام، واللغة أن بلومفيلد يتناول المتكلم والسامع بالتحليل، ويجعل الكلام بديلا من استجابة عضوية لمثير معين، وإذا كان بلومفيلد قد قصر -بحكم سلوكيته الميكانيكية- عن أن يتكلم في أمور عقلية نفسية خالصة، كالعلاقة بين الرمز والمقصود، فقد تكفل دي سوسور بالكلام عن هذه العلاقة وأفاض فيه، والواقع أن ما قاله بلومفيلد، وما قاله دي سوسور، ليس بينهما تعارض، بل هما نظريتان متكاملتان، يمكن أن تقفا جنبا إلى جنب، والذي يعتبر أكثر اتصالا بعلم الدلالة، هو نظرية دي سوسور عن الرمز "signifiant"، والمقصود "signifie ".
ص243

وملخص رأي دي سوسور(9) في هذا أنه يرى كافيا في دراسة القيمة اللغوية، أن ندرس عنصرين هما: الصوت, والفكرة، وقد اتفق الفلاسفة، واللغويون على أن الإنسان لا يستطيع أن يفرق بين فكرتين تفريقا حقيقا، بلا علامات لغوية، أي كلمات، فالتفكير بلا كلمات عائم، وليس في الفكر ما يفرض شكلا معينا للرموز الصوتية، فهذه الرموز موضوعة وضعا اعتباطيا، وليست وظيفة اللغة في هذا أن تخلق وسطا صوتيا للتعبير عن الأفكار، ولكن أن تقوم بدور الوسيط بين الفكرة والصوت، في حالة تدعو كلا منهما إلى الآخر، والمعنى بهذا الاعتبار علاقة مبادلة بين الاسم والفكرة، تجعلهما يتداعيان، ويحول هذا التعريف المعنى من فكرة استكاتيكية إلى فكرة وظيفية ديناميكية.
حينما نتكلم عن قيمة الكلمة، نفكر قبل كل شيء في ما يجعلها تدل على فكرة، وهذه جهة من جهات القيمة على أي حال، ولكن ما الفرق بين هذه القيمة وبين القصد، وهل يصح أن تكون هاتان الكلمتان مترادفتين؟ إن دي سوسور لا يعتقد ذلك؛ فالقيمة من ناحيتها الفكرية عنصر من عناصر القصد بلا شك، ومع هذا، من الضروري أن توضح هذه المسألة، مع تحمل نتيجة جعل اللغة مجموعة أسماء لمسميات، دعنا نختبر قصدا كالذي يبدو في المثال الآتي"
فكلمة arbor اللاتينية، تدل على arbre = شجرة، وواضح أن هذه العلاقة التي تباركها اللغة، تبدو لنا مؤيدة بعنصر الواقع، فنطرح أي شيء آخر نستطيع تخيله، فالعلاقات اللغوية حقيقة نفسية ذات وجهين، يمكن أن نمثلهما كما يأتي.
ص244

ويمثل السهمان تشابك العلاقات، والتداعي بين العنصرين، فالعلاقة إنما تكون بين الفكرة والصورة الأصواتية، في حدود الكلمة، التي تعتبر مجالا مقفلا موجودا بنفسه، ولكن هنا ناحية تناقضية وهمية في المسألة، فإن الفكرة من ناحية تبدو مقابلة للصورة الأصواتية السمعية في العلامة، وهذه العلامة نفسها، من ناحية أخرى، مقابلة لبقية العلامات في اللغة، وإذا كانت اللغة منظمة مترابطة العناصر، التي تتوقف قيمة الواحد منها، على وجود العناصر الأخرى في نفس الوقت، كما يبدو في الشكل الآتي:
فكيف تكون العلامة، وهي بهذا التعريف، ممتزجة بالقصد، أو بعبارة أخرى بما يقابل الصورة السمعية؟
للإجابة على هذا السؤال، يقرر دي سوسور أولًا، أن كل القيم خارج اللغة، خاضعة لهذه القاعدة التناقضية الوهمية، فهي مركبة دائما مما يأتي:-
1- من شيء قابل للتغير مخالف لشيء آخر ثابت القيمة.
2- من أشياء متشابهة، يستطيع الإنسان أني يقارنها بأشياء أخرى مشتملة على قيمة.
وهذان العاملان ضروريان لوجود القيمة، وهكذا إذا أردنا أن نصرف قطعة من ذات الخمسة فرنكات، فيجب أن نعرف أولا أن الإنسان يستطع أن يغيرها بكمية محددة من شيء مختلف، كالخبز مثلا، وثانيا أن يقارنها بقيمة مماثلة من نفس

ص245

نظام العملة، كقطعة ذات فرنك وأحد مثلا، أو قطعة من عملة أخرى، كالدولار، ويجري نفس الشيء مع الكلمة، حيث يمكن تغييرها بفكرة، أو بكلمة أخرى.
فقيمة الكلمة غير ثابتة، ويضرب دي سوسور لذلك مثلا بالكلمة الفرنسية "mouton"، في مقابل الكلمة الإنجليزية "sheep"؛ فيمكن أن تؤدي الكلمة الفرنسية نفس القصد، الذي تؤديه الكلمة الإنجليزية، ولكنها سوف لا تتفق معها في القمية، وهذا لأسباب متعددة، أخصها أن الإنجليزي، حين يتكلم عن قطعة من اللحم الضأن تقدم على مائدته، يسميها "mutton"، ولا يسمها "sheep"، فالفرق في القيمة بين الكلمتين يتمثل في أن الكلمة الإنجليزية، تستخد إلى جانبها كلمة ثانوية لا تستخدمها الفرنسية، ويجب أن نصر على أن هذا فرق في القيمة لا في القصد، وإن ما يقال عن الكلمات يقال أيضا عن العناصر الجراماطيقية، كالمحلقات والأدوات، ثم إن دي سوسور يقول: "إن العلامة اللغوية لا تخلق وحدة بين اسم وشيء، ولكن بين فكرة، وصورة سمعية"(10).
ويعتبر "جومبوكز" أكثر إصرارًا على هذه النقطة من دي سوسور، فهو يقول: إن الإسم لا يدل على الشيء، بل على فكرته التي في الذهن، ويوضح ذلك بإعادة ترتيب الشكل الإيضاحي، الذي جاء به دي سوسور، كما يأتي:
وهذا يطابق مطابقة تامة، خلق علاقة بين الرمز وبين ما يدل عليه، وتعتبر هذه العلاقة حجر الزاوية في كتاب The Meanning of Meaning لا وجدن وريتشارد، وتوضح من جهة أخرى حاجتنا إلى الاعتراف بأن المعنى ينقصه
ص246

السيمترية، كما يقول أوربان: لأن الشجرة ليست علامة ولا رمزا للكلمة، ولا توجد علامة مباشرة بينهما، وليس للاسم في الواقع إلا علاقة واحدة، هي علاقته بالفكرة، وهذه الصلة التي نسميها "المعنى" متبادلة وسيمترية"(11).
ويرى أوجدان وريتشارد(12)، أن الرمزية دراسة الدور الذي تلعبه اللغة، والرموز في الحياة الإنسانية، وعلى الأخص فيما يتعلق بالفكر، وهي تُفرِد بدارسة خاصة تلك الطرق التي تساعدنا بها الرموز على الفكير في الأشياء، أو تعرقلنا عن ذلك، فالرموز توجه، وتنظم، وتسجل، وتوصل.
وفي النص على ما توجهه وتنظمه، وتسجله وتوصله، يجب أن نفرق بين الأفكار والأشياء، فالفكرة هي التي توجه، وتنظم، وتسجل، وتوصل؛ ولكننا كما تقول: إن البستاني هو الذي يقص الحشيش، الذي يغطي أرض الحديقة، على حين نعرف أن شخصا آخر غيره موكل بهذه المهمة، نعلم أن العلاقة المباشرة للرموز، إنما تكون بالأفكار، ومع ذلك نقول: إن الرموز تسجل الحوداث، وتوصل الحقائق.
ولا تدل الكلمات بنفسها على شيء، ولكن الفكرة يستعملها فيصبح لها معنى، إذ يتخذها أدوات، ولكن بجانب هذه الناحية الفكرية، جانبا عاطفيا للكلمات، لا يمكن التقليل من شأنه.
ويجب أن نبدأ حين نحلل المعنى بالعلاقات بين الأفكار، والكلمات، والأشياء باعتبار الجانب الفكري للمسألة، وسنبدأ بعدم المباشرة في العلاقة بين الكلمات والأشياء، ويمكن إيضاح ذلك بشكل إيضاحي مثلث، توضع هذه العناصر الثلاثة في زواياه، وتمثل أضلاع المثلث العلاقات بين هذه العناصر هكذا.
ص247

وتوجد العلاقات السببية بين الفكرة والرمز، فالرمز الذي نستعمله حين الكلام مسبب من ناحية عن الفكرة، ومن ناحية عن عوامل اجتماعية ونفسية، كالغرض الذي سبب الفكرة، وأثر الرمز في الآخرين، وموقفنا نحن، وحين نسمع ما يقال، تسبب الرموز لنا أن نقوم بعملية تفكير، وأن نتخذ موقفا مشابها لموقف المتلكم، ونشاطه.
وبين الفكرة والشيء علاقة أيضا، ولكنها مباشرة "كحين تفكر في سطح ملون أو تراه"، أو غير مباشرة "كحين تفكر في نابليون أو تشير إليه"، وفي هذه الحالة توجد سلسلة طويلة من المواقف الرمزية، تتخلل العمل الفكري، والشيء مثل: كلمة - مؤرخ - معاصر - سجل - شاهد عيان - الشيء المقصود "نابليون". وليس هناك علاقة تهمنا هنا بين الرمز والشيء، إلا العلاقة غير المباشرة، التي تتكون من استعمال شيء لهذا الرمز، ليدل على الشيء، فالرمز والشيء لا يتصلان اتصالا مباشرًا، "وحين نعترف باتصال كهذا لأسباب نحوية، فسوف ننسبه باعتباره مقابلا لعلاقة حقيقية"، ولكن اتصالا غير مباشر حول جانبي المثلث.
"والعلاقة بين تعريف المعنى على طريقة الوظيفة، وبين هذا المثلث، ومشتقاته لا تحتمل قولين، فهي تقصر نفسها على الضلع الأيسر من هذا المثلث، باعتباره الوحيد، الذي يشتمل مباشرة على عناصر لغوية، فالعلاقة بين الفكرة والمقصود تقع في مجال علم النفس، ولا يعني ذلك أن اللغة لم يبق لها دور هام تلعبه في تكوين

ص248

محتويات عقلية، وخصوصا من التجريدات، وأما العلاقة بين الرمز والمقصود فهي اعتباطية منسوبة، فليس هناك أي تناقض بين هاتين المدرستين الفكريتين؛ لأن البناء الأساسي واحد فيهما، ولكن اللغوي يجد نفسه في موقف، يقصر فيه نفسه على واحدة من هذه العلاقات الثلاث، على حين يشغل أصحاب علم النفس والمنطق، والإبستيمولوجيا أنفسهم بالعلاقات الثلاث جميعا"(13).
وقد جر هذا التوزيع في العمل بين اللغويين، والفلاسفة إلى خلق المزايا السلبية للتحليلات الوظيفية للمعنى، فهي تتمشى مع طرق التناول المختلفة، وتتوحى موقفا لا تورط نفسها فيه، وهي لا تحتاج مثلا إلى تقرير الطبيعة المضبوطة للصلة بين الاسم والفكرة، وما إذا كانت هذه الصلة ترابطية، أو سببية، أو شيئا آخر، أي أنها لا تضطر إلى أن تختار بين الطبيعية والمثالية، وأما مسألة دور الصور في التفكير، فيمكن أن يتجنب الوظيفيون الكلام فيها، بالتوسع في شرح معنى "الفكرة"، وأما إخراج المقصود من الدائرة الداخلية، فلا يقصد به أكثر أو أقل من أن العلاقة بين الرمز، والشيء غير مباشرة.
ويرى بلومفيلد(14)، أن البدع التي يتغير بها المعنى المعجمي، لا الوظيفة الجراماطيقية للصيغة، تعتبر تغيرات دلالية سيمانتيكية، هذه التغيرات الدلالية يمكن النظر إليها باعتبارها صلة بين أمور عملية، تلقي ضوءا على حياة العصور الماضية، ويمكن في هذه الحالة أن نكشف عن التطابق بين التغيرات الدلالية الخاصة، وبين الآثار الثقافية، وكما أن الملامح اللغوية الشكلية، قد تكون نتيجة عوامل خاصة متعددة، قد يكون المعنى نتيجة مواقف، لا يمكن أن تستعاد، ولا يمكن أن نعرفها إلا عن طريق المعلومات التاريخية، كانشعاب اسمي الملك في ألمانيا، وروسيا من اسم القيصر الروماني، والدراسة السطحية للتغيرات الدلالية تشير غلى أن المعاني الدقيقة التجريدية، كثيرا ما تنتج عن معان محسوسة، كما في معنى understand، الذي كانت دلالته على ما يرى بلومفيلد "يقف بين"، ولكن كل ذلك، إن
ص249

منحنا شيئا من الإحساس بالاحتمالات الإبتيمولوجية، فلا يدل على الطريقة التي يتغير بها المعنى من عصر إلى عصر، ولهذا يجب أن ندخل في اعتبارنا تباين تردد الكلمة في الاستعمال "fluciuation of frequency"، وتباين التغير القياسي أيضا "flucluations of analogic change"، والفرق بينهما هنا أن التباين ينتج التحول المعنوي المعجمي، لا الجراماطيقي، ولهذا يضلل اللغوي الباحث، أول لغوي رأى أن التغير الدلالي يتكون من توسع، أو بطلان
هو هرمان بول، على ما يظن بلومفيلد، فقد رأى بول أن معنى الصيغة في كلام أي متكلم نتيجة للنطق الذي سمعها فيه، ولهذا فإن المتكلم الذي سمع صيغة مستعملة بمعنى عارض، أو نسق من المعاني العارضة، سوف لا ينطق هذه الصيغة
إلا في ظروف مماثلة، ويسلم بول في إيضاحه للتغيرات الدلالية بورود المعنى الثانوي، أو ما يسمى "marginal Meaning"، وورود بطلان الاستعمال، وينظر إلى هذين نظرته إلى مغامرات شخصية من المتكلم في استعمال الصيغ، دون إشارة إلى الصيغ التي يعتدي على حدود معانيها، وقد يقود التوسع في استخدام الكلمة إلى عزل بعض الصيغ عنها باستعمالات خاصة، بعد أن كانت ذات معاني ثانوية، كما في كلمة Board، التي كان معناها المركزي في الإنجليزية القديمة لوحة خشبية، وكان لها بعض المعاني الخاصة الأخرى، وكان أحد المعاني الخاصة لها "درع"، وقد بطل هذا بطلانا تاما. وكان من هذه المعاني
أيضا "جانب السفينة"، وقد أدى هذا المعنى الأخير إلى بعض الصيغ المنعزلة مثل:
on board a ship
aborad a ship
to board a ship
وقد توسع في هذه الصيغ، حتى استعملت مع المركبات الأخرى، كعربات السكة الحديد، والسيارات العوامل، ومن التي تساعد على هذا العزل التغيرات الأصواتية، والصوغ القياسي في اللغة، أو ما يسمى analogic new formation.
ويرى بلومفيلد أن إيضاح بول للتغيرات الدلالية، لم يعلل وجود المعاني الثانوية

ص250

وبطلان استعمال الصيغ في مجالاتها الدلالية، ويرى أن ذلك يرجع إلى النقص في التردد، وأن التحول إلى معنى جديد في الصيغة، لا يظهر إلا حين يستتبع تحولا في العالم العملي، كتحول معنى قبعة، سفينة، جوارب بتغير صور هذه الموضوعات من عصر إلى عصر، وأوضح التوسعات الدلالية هي التوسعات الجراماطيقية.
وأما مييه، فيضع رأيه في الكلمات الآتية(15): "تعرف الكلمة بأنها ربط معنى ما بمجموعة من الأصوات، صالحة لاستعمال جراماطيقي ما، وليكون للتوافق بين الكلمتين قيمة، يجب أن يظهر في الصوت، والمعنى، والاستعمال الجراماطيقي. وكلما ازداد التوافق من هذه الجهات الثلاث، زاد احتمال الصواب في الربط بينهما إبتيمولوجيا"، وهو بهذا يضغط كل القواد الجوهرية، لتغير المعنى في هاتين الجملتين.
وبعد هذا الكلام عن جهة النظر الدياكرونية التاريخية في تغير المعنى، سنحاول في الصفحات الآتية تلخيص نظرية استاذناج، ر. فيرث في منهج الدلالة، وأن نشرح الظروف التي مر بها أهم اصطلاح من اصطلاحات هذه النظرية، وهو "الماجريات" أو"Context of situation".
ص251


__________
)1)Firth: Tichnique of Semantics, Trans. Phil. Soc. 1935.
S. Ulmann. the Prineiples of Semanics, Parface.
(2) Marouzeau, Lexique.
(3) Ulman , Principles of Semantics. p. 191.
(4) lbid.
(5)Lingustique Historique et Linguistuique Generale, pp. 241- 6 et 252 - 5.
(6) Uman, Prnciples of Semantics,191- 6.
(7) The Meanings.
(8) Firth, Techinique of Semanties.
(9) Cours, P. 155- 69.
(10) Cours, p. 98.
(11) Ulman The Priciples of Semantics. p. 71.
(12) The Meaning of Meaning, pp. 9-23.
(13) Ulman, The Priciples of Semantics, p. 72.
(14) Lang. p. 425.
(15) Linguistique Historique et Linguisfique Generale, p. 38.


 




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.