جواري وقهرمانات الخليفة أبو احمد المستعصم بالله (640-656هـ/ 1242-1258م) (1) .

هــو الخليفة السابع والثلاثون في قائمة السيوطي وآخر الخلفاء من البيت العباسي البغدادي وأمـه ام ولـد اسمها هاجـر وخلف ثلاثة أولاد لا نعـرف أمهاتهم كل مـن أبـي العباس احمد (الأكبر) المسمى خطأً أبـو بكر وأبو الفضائل عبد الرحمن وهـو (الأوسط) وأبو المناقب وهو (الأصغر) (2)

كان سـوق الجـواري فـي زمانـه سـوقاً رائجـة لان الخليفة كان من محبي سماع الأغانـي الساخـرة، يقضي معظم اوقاته لسماعها على الرغم من خطر المغول المحدق بدار الخلافة الذي يلـوح فـي الأفق (3) .

صفى هولاكو جواري دار الخلافـة التي كـان يملكها المستعصم مستصحباً الغنائم منهن معه الى مركز حكمه في تبريز، لكنه سمح للمستعصم قبل ان يقرر نهايته على اختيار ما يريده من جواريه مصاحبه له الى مركز اعتقاله في المعسكر (4)، ويقال انه انتقى من جواريه ما يريد ما يربو على عشرين جارية ويذكر ابن العبري ان في منزل الخليفة المستعصم كانت الجواري بحوالي سبعمائة امرأة ومعهن ثلثمائة خادم خفي عندما أخرجهن هولاكو من دار الخلافة (5) (6).

ونذكر أهـم الجواري اللاتي ذكرن في المصادر العباسية:

1 .الجارية بشير :

جارية رومية تم شراؤها لحساب الخليفة بمبلغ عشرين الف دينار من تاجر للجواري في سوق بغداد وأصبحت حظية لدى المستعصم (7) وعندما ولدت محمد وهو الأوسط اعتقها المستعصم وتزوجها وأصبحت تسمى باب بشير إكراماً لها وتعظيماً لمكانتها (8) ومن أعمالها أنها تركت آثاراً جميلة ومآثر حسنة من خلال أعمالها ، ولاسيما بنائها مدرسة وهي  ( مدرسة البشيرية ) بالقرب من دار الخلافة في بغداد  (9) التي تضم دور عدة لقراءة وحفظ القران والأخرى لدراسة المذاهب الأربعة على قاعدة المدرسة المستنصرية تقع المدرسة شرق معروف الكرخي (10) توفيت باب بشير سنة 652هـ / 1254م(11) 

اما والدة الخليفة السيدة هاجر يقال بأنها تصدقت بأموال كثيرة على الفقراء والأيتام والأرامل أثناء عودتها من الحج وخلع المستعصم على كل من خدم والدته في مسيرتها من والى الحجاز ماتت السيدة هاجر سنة 653هـ ودفنت بباب قبتها على يمين الداخل (12) .

ومن حسن حظها أنها توفيت قبل سقوط بغداد، وان الموت هو خير نزال على الحرم وخير لها من مشاهدة العاقبة والفاجعة والمصيبة العظمى وما حل بابنها واستئصالهم بأبشع طرائق القتل.

______________

(1) المستعصم: هو عبد الله بن المستنصر ،ولد سنة 609 هـ/ 1212م  بويع للخلافة بعد وفاة أبيه ومن صفاته كان متدينا ومتمسكاً بالسنة كأبيه وجده ، ولكن كان خالي من الرأي والتدبير وقطع اكثر الجند وعمل على مصانعة التتار وإكرامهم الى ان قتل سنة 656هـ/ 1258م ينظر السيوطي : تاريخ الخلفاء ، ص ص464-466.

(2) ابن الكارزوني : مختصر التاريخ ، ص470؛ ابن العماد : شذرات الذهب ، ج4 ص114.

(3) ابن دحية : النبراس ، ص355 ؛ المقريزي : السلوك ، ج2، ق3، ص245.

(4) الذهبي : سير أعلام النبلاء ،ج20، ص175؛ ابن تغري بردي : النجوم الزاهرة ، ج8 ص62.

(5) تاريخ مختصر الدول، ص272؛ ابن الاثير : الكامل في التاريخ ، ج12، ص378.

(6) ابن الاثير : الكامل في التاريخ ، ج12، ص278؛ تاريخ مختصر الدول، ص271.

(7) العمري : مهذب الروضة ، ص290؛ ابن الساعي : نساء الخلفاء ، ص66.

(8) العصامي : سمط النجوم ، ج2، ص290 ؛ اليافعي : مرآة الجنان ، ج2، ص99.

(9) ابن كثير : البداية والنهاية ، ج13، ص190 ؛ ابن الساعي : نساء الخلفاء ، ص66.

(10) ياقوت الحموي : معجم البلدان ، ج6، ص235.

(11) ابن خلكان : وفيات الأعيان ، ج4، ص227؛ ابن شاكر الكتبي : فوات الوفيات ، ج4 ص190.

(12) سبط ابن الجوزي : مرآة الزمان ،ج5، ص61؛ ناجي معروف : في  بغداد في العصر العباسي ، ( بغداد : مط الجمهورية ، 1967 ) ، ص25.