المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2777 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
ظهور التلسكوبات
2025-01-12
آثار فسخ عقد الزواج بعد الدخول بالنسبة للنفقة في قانون الاحوال الشخصية الكويتي
2025-01-12
نضج وحصاد وتخزين البسلة
2025-01-12
مقبرة (شيشنق الثالث)
2025-01-12
الفرعون شيشنق الرابع وآثاره
2025-01-12
مندوبات الصلاة
2025-01-12

stratification (n.)
2023-11-21
التأريض خلال ممانعة
28-11-2021
مصادر المشروعية
15-6-2016
بطلان الاتفاق على تملك المرهون عند عدم الوفاء
12-3-2017
مـيـثـاق الـتدقـيـق الـداخـلـي Audit Charter
2023-03-01
الامام الكاظم الى الرفيق الأعلى
10-8-2016


السهيلي  
  
3472   12:57 صباحاً   التاريخ: 29-03-2015
المؤلف : د. محمد المختار ولد أباه
الكتاب أو المصدر : تاريخ النحو العربي في المشرق والمغرب
الجزء والصفحة : ص244- 256
القسم : علوم اللغة العربية / المدارس النحوية / المدرسة الاندلسية / أهم نحاة المدرسة الاندلسية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-03-2015 1658
التاريخ: 4-03-2015 6104
التاريخ: 29-03-2015 2035
التاريخ: 29-03-2015 8103

يرتبط ذكر الإمام السهيلي عند العامة بما كتب في السيرة النبوية و بما اشتهر به من شعره في التضرع و الدعاء كقوله:

يا من يرى ما في الضمير و يسمع           أنت المعد لكل ما يتوقع 
يا من يرجى للشدائد كلها                      يا من إليه المشتكى و المفزع 
يا من خزائن رزقه في قول كن              امنن فإن الخير عندك أجمع(1)
و لقد كان كتابه الروض الأنف، موسوعة علمية في أخبار الرسول المصطفى عليه الصلاة و السّلام، كما تضمن حشدا من المعارف تناولت الحديث، و الأخبار، و اللغة و النحو.

غير أن الباحث يكتشف في هذا الإمام لغويا مبدعا، و مفكرا نحويا بارعا، فكتابه في نتائج الفكر، و أماليه. يوضحان ما له من رسوخ قدم في العلوم اللغوية و ها هي بعض أرائه.

السماع عند السهيلي:

القرآن:

كان بالطبع النص القرآني المثل الأعلى في براعة النظم، و السهيلي بوصفه قارئا لغويا يعتمده أصلا أساسيا في القياس، و لم يساير بعض النحاة في اعتراضاتهم على الفراء، فاستشهد بالقراءات الثابتة سواء كانت من المتواتر أو من الشاذ، فاستدل بقراءة (نعبد إلهك و إله أبيك إبراهيم و إسماعيل) (البقرة- الآية 133) ، على تخريج ما ورد في صحيح مسلم، في قوله: (حدثنا شعبة عن العلاء و سهيل عن أبيهما)(2). و احتج لقراءة ورش في تسهيل الهمز بقول حماس بن قيس:

 

إذ فر صفوان و فر عكرمة                   و بو يزيد قائم كالموتمه(3)
غير أنه لم يعتبر القرآن الكريم مصدرا للأحكام النحوية فحسب، و لكنه مجمع أسرار البلاغة اللغوية فنظر من خلاله إلى اللغة نظرة عميقة، تجاوزت إحساسه البصري لأنه أضر في مستهل حياته، و لكنه ببصيرته المتوقدة خلص إلى نتائج فكرية قويمة. فقرر أولا بافتراضات أملاها عليه إيمانه بالحكمة القرآنية أنه لا يوجد تعبير لغوي أو نحوي في

ص244

التنزيل إلا و هو ذو دلالة خاصة، فاستنتج من ذلك حتمية وجود الفروق بين المترادفات، و وجود حكم و أسرار في الفروق بين أدوات النفي و العطف و بين التعريف و التنكير، و بين الإضمار و الإظهار.

ففي كلامه عن الألفاظ يقول إن «السّنة» تختلف عن «العام» فهي تدل على المدة المعروفة في التقويم الشمسي، قال تعالى في سورة الكهف، (ثَلاٰثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَ اِزْدَادُوا تِسْعاً ) (الكهف-الآية 25) و التسع هي الفرق بين الشمسية و القمرية. و قال إنه مما تدل عليه السنة، الجدب، كسني يوسف، بخلاف العام، و في السورة قال: ( ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذٰلِكَ عٰامٌ فِيهِ يُغٰاثُ اَلنّٰاسُ وَ فِيهِ يَعْصِرُونَ ) (يوسف- الآية 49)(4).

و الفروق بين الصيغ النحوية تظهر في مثل ما بين المصدر المجرد و المصدر الميمي، فالأخير، يدل على زمان أو مكان، و لذلك قال تعالى: (مَنٰامُكُمْ بِاللَّيْلِ ) (الروم-الآية 23) و قال سبحانه ( لاٰ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لاٰ نَوْمٌ ) (البقرة-الآية 255) . فورود «النوم» هنا دليل على أن لا زمان و لا مكان (5). و تعرض السهيلي للفرق بين التعريف و التنكير، في قوله تعالى: وَ اَلسَّلاٰمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ ) (مريم- الآية 33) ، و في آية أخرى (سَلاٰمٌ عَلىٰ نُوحٍ فِي اَلْعٰالَمِينَ ) (الصافات- الآية 79) . فذكر أن التعريف يستشعر اسم اللّه تعالى، و طلب العون منه، و عموم التحية في الآية الأولى، و جاء نكرة في الآية الثانية، لأن اللّه هو المتكلم، و إنه قد قال تعالى: (اِجْعَلْ هَذَا اَلْبَلَدَ آمِناً )(إبراهيم-الآية 37) و البلد مكة، و الآية مكية، و في سورة البقرة (اِجْعَلْ هٰذٰا بَلَداً آمِناً ((البقرة-الآية 125) . و هو دعاء لها و لم تدخل «أل» الحضورية، لأن الآية مدنية (6).

و ذكر أن العطف لا يعني الترتيب الزمني، و إنما يوحي بأهمية الأسبق في سياقه (7)، و إن «غير» يختلف معناها عن «لا» فإذا قلت هذا غلام زيد لا عمرو فقد أكدت نفي الإضافة عن عمر، بخلاف قوله «هذا غلام الفقيه غير الفاسق و لا الخبيث، فإنك جمعت بين إضافة الغلام إلى الفقيه و بين الصفة المذمومة.

و بذلك خرّج قوله تعالى:  (غَيْرِ اَلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لاَ اَلضّٰالِّينَ) (الفاتحة- الآية 7) و في الفرق بين «لا» و «لن» يقول السهيلي، إن «لا» يمتد بها الصوت فيأذن امتداد لفظها بامتداد معناها كقوله تعالى: (وَ لاٰ يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً ) (الجمعة-الآية 7) فعم جميع الأزمنة، و في سورة البقرة قال سبحانه:  (وَ لَنْ يَتَمَنَّوْهُ ) (البقرة- الآية 95) ، فقصّر في سعة النفي و قرب، لأن قبله في النظم:

ص245

(قُلْ إِنْ كٰانَتْ لَكُمُ اَلدّٰارُ اَلْآخِرَةُ ) (البقرة-الآية 94) ، فكان يقول عز و جل إن كانت قد وجبت لكم الدار الآخرة، و ثبتت لكم في علم اللّه، فتمنوا الموت الآن. ثم قال في الجواب «وَ لَنْ يَتَمَنَّوْهُ» ، فانتظم الجواب بمعنى الخطاب في الآيتين جميعا. و ذكر أن الإظهار يأتي للتعظيم مثل قوله:  (وَ يُحَذِّرُكُمُ اَللّٰهُ نَفْسَهُ ) (آل عمران-الآية 30)، ( يُرِيدُ اَللّٰهُ بِكُمُ اَلْيُسْرَ ) (البقرة-الآية 185) ، بدلا من قوله: (نحذركم، و نريد بكم) (8).

و هذه الأمثلة تشير إلى التصور الفكري للنظام القرآني عن أبي القاسم السهيلي و هي تختلف عما ألفناه لدى مؤلفي معاني القرآن مثل أبي عبيدة و من سار في ركبه. صحيح أن هؤلاء اعتمدوا القرآن مثالا أعلى للفصاحة العربية، و لكنهم لم يتجاوزوا حجيته اللغوية بينما نرى السهيلي يتدبر علاقة ألفاظه بالمعاني، و تصريف آياته في تنوع التعبير، فتتضح عنده الصلات بين الصيغ اللغوية و وجوه الإعجاز، فاعتبر القرآن الكريم سماعا من نوع خاص.

الحديث:

و كان من نتائج فكره أن أدرج الحديث في منهجه اللغوي، و قام بتوجيهات دقيقة في استعمالاته النحوية، مما أفاد جمال الدين ابن مالك في كتابه في شواهد التوضيح و التصحيح لمشكلات الجامع الصحيح.

ذلك أنه اعتمد الحديث مصدرا من المصادر السماعية، مثل ما هو المتعارف عليه عند الأندلسيين، حتى قبل ابن مالك، حيث أن أبا بكر الزبيدي استشهد بالحديث في كتابه لحن العامة في أكثر من ثلاثين موضعا فكان السهيلي في صف شيخه ابن الطراوة، عند ما حمل عليه ابن الضائع تحت شعار الانتصار لسيبويه في معرض قوله صلّى اللّه عليه و سلّم: (كن أبا خيثمة فكانه) (9).

و هكذا نرى السهيلي يستشهد بالحديث النبوي في اللغة و في النحو، فاستدل بأحاديث في موطأ الإمام مالك «إنّي لأنسّى لأسنّ» على أن اللام تأتي للعاقبة، و احتج للغة «أكلوني البراغيث» ، بحديث (يتعاقبون فيكم ملائكة) (10)، و لأن «كل» إذا كانت مضافة إلى ما بعدها لم نجد خبرها إلا مفردا، في قوله صلّى اللّه عليه و سلم «أحسنوا الملا كلكم سيروى» ، و على نفس الحكم بحديث البخاري (كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته) (11).

ص246

و في أحاديث البخاري، استدل على الاستغناء بالنعت عن المنعوت بقوله عليه السّلام: (الكافر يأكل في سبعة أمعاء) (12). و استدل على أن الفعل إذا وقع على ظرف له اسم علم، تناول جميعه و كان الظرف مفعولا على سعة الكلام، بحديث «من صام رمضان إيمانا و احتسابا» (الحديث) (13)، و على أن الحال قد تكون جامدة، وفقا لقوله صلّى اللّه عليه و سلّم: (و أحيانا يتمثل لي الملك رجلا) (14) و احتج لجواز نحو: حسن وجهه، بما ورد في حديث أم زرع (صفر ردائها، و ملء كسائها) (15).

مع أنه في استشهاده بالحديث يتحرى الرواية الصحيحة، و في بعض الأحيان يعتريه الشك في صحتها مثل قوله: ورد في الحديث «يجمع الأولين و الآخرين» فقال: إنه بعيد و لا أحسب الرواية صحيحة (16)، و قوله في رواية على حمار أتان بدون تنوين أتان: فهو في مذهبنا لا يجوز و الرواية عندي منكرة (17)، كما قال:

و روى الأصيلي حديثا فيه «قيحا يريه» ينصب يريه، و لا يجوز النصب، و لا ينكر في رواية الأصيلي مثل هذا فقد تأملتها فوجدتها أكثر الروايات لحنا و تصحيفا (18).

و هكذا يظهر أن الحديث من أصوله السماعية بشرط صحة الرواية، و وفاقها لوجه لغوي.

شواهد الشعر:

و استشهد السهيلي بالشعر الجاهلي عموما، و أبدى نوعا من التحفظ على الاستدلال بما سمي بالمولدين، و قد استشهد بشعر أبي تمام قائلا: إنما نحتج بقول الطائي، و هو حبيب بن أوس، لعلمه و لأنه عربي يحتج بلغته. من ذلك:

(من مبلغ الفتيان عني مألكا                   أني متى يتلئموا أتهدم)(19)
هذا هو مجمل تصوره للسماع، و لنر الآن موقفه من نظرية العامل.

ص247

ب-  نظرية العامل

يقسم السهيلي أنواع الكلم من حيث العمل إلى قسمين:

قسم الأصل فيه العمل، مثل الفعل و الحرف، فالفعل يجب أن يعمل في الاسم الذي يؤثر في معناه، و أما الحرف فهو لا يدل إلا على معنى في غيره، فوجب أن يعمل في اللفظ الدال على المعنى الذي أثره فيه. و قسم الأصل فيه أن لا يعمل لأنه يدل على معنى في نفسه، و لكنه يعمل حينما يدل على الفعل.

فالفعل يعمل مباشرة في المفعول المطلق، و لا يكون المصدر في نظره مفعولا مطلقا إلا إذا كان منعوتا أو في حكم المنعوت، أما المصدر المؤكد، فإن الفعل غير عامل فيه لأن التوكيد لا يعمل فيه المؤكّد. فالشيء لا يعمل في نفسه، و هو هنا يتبع شيخه ابن الطراوة، فالعامل في المصدر المؤكد هو تبعيته للمصدر المتضمّن في الفعل، و أما المفعول المطلق فهو ما كان محدودا نحو ضربه ضربة، أو ضربا شديدا(20). و يعمل الفعل أيضا في الحال لأنه وصف لصاحبها وقت حدوث الفعل، و يعمل الفعل بواسطة الحرف المستثنى، و الظرف، و ربما اتصل عمل الفعل بظرف الزمان، نحو جلست اليوم، كما يعمل مضمرا بعد حروف العطف (21).

و الحرف يعمل في كل ما هو مؤثر فيه معنى، إلا إذا دخل على جملة عمل بعضها في بعض و سبق إليها معنى الابتداء أو نحوه، و كان الحرف داخلا في المعنى في الجملة لا لمعنى في اسم مفرد فاكتفى بالعامل السابق قبل هذا الحرف، و هو الابتداء و نحوه. و استثنى من هذه القاعدة «إن» و أخواتها، التي تدخل لمعنى في الجملة و تعمل مع ذلك. و علل عملها بأنها كلمات يصح الوقوف عليهن. مثل ما ورد في قول الشاعر:

        و يقلن شيب قد علاك                         و قد كبرت فقلت إنه(22)
فلو رفع ما بعدها على الابتداء لم يظهر تشبثها بالحديث الذي دخلت لمعنى فيه، فكان إعمالها في الاسم المبتدأ إظهارا لتشبثها بالجملة و كي لا يتوهم انقطاعها عنه. و بيّن أن حروف الاستثناء و العطف المؤثرة و التي لا تعمل، موصلة للفعل، و الفعل عامل، فصارت كأنها هي العاملة(23).

ص248

و أما حروف المعاني، كحروف التشبيه، و النداء و النفي و الاستفهام، فإنها لا تعمل لأن معانيها مسندة إلى المتكلم لا إلى الأسماء التي تأتي بعدها. و لهذا فقد خالف السهيلي جمهور النحاة في قولهم إن التنبيه عامل في الحال في نحو «هذا زيد قائما» و لا يجوز عنده إضمار الحرف العامل مع بقاء أثره إلا أن يقوم مقامه غيره مثل «حتى» التي أتت عوضا عن «أن» ، أو أن يكون الحرف المحذوف مفهوما لكثرة تردده على الألسنة في القول المحذوف منه، مثل من يقول في جواب كيف أصبحت؟ خير عافاك اللّه(24).

و لقد وافق الإمام السهيلي جمهور البصريين في رفع المبتدأ بعامل معنوي لكنه أطلق عليه نوعا من العموم بحيث جعله: «المخبر عنه» فقال: الرفع للاسم المبتدأ لكونه مخبرا عنه لأن كل مخبر عنه مقدم في الرتبة فاستحق من الحركات أثقلها، و بما أن الفاعل أيضا مخبر عنه بالفعل فقد يشمله هذا العموم، فيكون مرتفعا بالإخبار عنه. كما وافق البصريين كذلك في أن المضارع مرفوع بوقوعه موقع الاسم، لكنه خالفهم في عامل ثلاثة من التوابع. فقال إن العامل في النعت هو ما سماه بالتبعية، لا العامل في المنعوت، لأنه لو كان الفعل هو العامل في النعت لجاز تقديمه على المنعوت، و قد سبق أن أشرنا إلى قوله إن التوكيد معرب بالتبعية (25).

و اعتمد الإمام السهيلي رأي شيخه ابن الطراوة في القول بعامل معنوي لم يعرفه النحويون قبلهما، و هو «القصد إليه» الذي يختص بالنصب، و هو العامل في نصب «سبحان اللّه» لأنه حدث احتيج إلى ذكره خاصة، مطلقا و مضافا إلى ما بعده. و هو أيضا العامل في المنادى، لأنه قد ينصب دون حرف النداء. و من العوامل المعنوية التي انفرد السهيلي بها: الإظهار، نحو جاء زيد رغبة فيك.

أي إظهارا للرغبة كما أنه قدر فعل النظر» في مثل هذا زيد قائما، و هو عنده عامل معنوي لمنع تقديم الحال عليه (26).

و على سبيل العموم فإنه يرى أن العامل هو ما أثر في المعنى، و أن لا يكون مهيأ لدخول عامل عليه. و شذ المضارع لشبهه بالاسم، و أن العامل لا يعمل في نفسه فالمؤكد لا يعمل في التوكيد، و الصفة لا تعمل في الموصوف و أنه لا يجتمع عاملان في اسم واحد، و لا يتقدم المعمول على عامله و لا يلي العامل إلا ما عمل فيه.

و في هذه الأمثلة نلاحظ أن السهيلي الذي يبدو و كأنه على نقيض ابن مضاء في التمسك بالعوامل، فإنه مع ذلك يتقيد بفكرتين كلتاهما ذات أهمية بالغة:

ص249

أولاهما تصريحه بأن العامل لا يتعدى كونه لاستجابة المتكلم و ليس علة مؤثرة في نفسه، و هذا مما يساير فكر ابن مضاء. الفكرة الثانية اعتباره أن العامل نتيجة لغوية لتأثير المعاني المقصودة في نسق الكلام، و سوف يتضح لنا رأيه في تأثير المعاني على أصول القواعد القياسية في النحو (27).

ج- القياس:

الإمام السهيلي لغوي متمكن، و نحوي متميز، و إذا كان متأثرا بآراء شيخه ابن الطراوة، فإنه مع ذلك مجتهد في مذهبه، ينظر في المسائل النحوية نظرة المفكر المبدع، و هذا ما جعله يتخذ لنفسه منهجا مستقلا في القياس النحوي و اللغوي.

فكان من معتمدي التوسع في قياس التمثيل، و اعتبار كل ما سمع عن العرب أصلا للقياس، مما جعله في هذا المجال قريبا من مذهب الكوفيين و لعله قد جاوزهم في بعض الآراء التي انفرد بها في القياس و منها:

قياس البدل على المعطوف: فبما أنه يجوز العطف على المعنى في نحو (أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اَللّٰهِ وَ اَلْمَلاٰئِكَةِ) (آل عمران- الآية 87]، و أجاز أن نقول كرهت جمع زيد للمال أخوك، و إن شئت قلت أخيك) (28).

2. يكتفي بالعلميّة لمنع صرف العلم في الشعر، قياسا على المعارف الأخرى لأن التنوين عنده ليس علامة تمكن و إنما هو علامة انفصال المعرف عمّا بعده، و لذلك فإن حكم أسماء الأعلام كحكم المعارف الأخرى في استغنائه عن التنوين، الذي هو علامة لعدم وجود الإضافة (29)

3. يقول إن بعض العرب أعمل «إن» في الاسمين جميعا، و هو قوي في القياس لأنها دخلت لمعان في الجملة، و ليس أحد الاسمين أولى بالعمل في الآخر. و استدل بقول:

إن العجوز خبة جروزا                        تأكل كل ليلة قفيزا 
و هو يعني بالقياس، قياس «إن» على ظن و علم، لما بينهما من شبه لفظي في عدد الحروف و من شبه معنوي من حيث أنها دخلت لمعنى في الجملة التي بعدها (30).

ص250

د- التعليل:

بعد بيان أركان القياس المذكورة، تناول السهيلي قضية العلة النحوية، و اشترط في صحتها أن تكون مطردة منعكسة، يوجد الحكم بوجودها و ينتفي بانتقائها. و أعطى مثالا لها، بالإضافة التي توجب الخفض إيجابا لغويا، مثل علة الإسكار في الخمر التي توجب حرمته إيجابا شرعيا، و عدم مراعاة الاطراد و العكس هو الذي كان سببا في تضاحك أهل العلوم من فساد علة النحوي و ضعفها حتى ضرب بها المثل فقيل (أضعف من حجة نحوي) (31).

قد نعتقد أولا أن نتيجة هذا الرأي سوف تبعثه على تضييق دائرة التعليل، أو أنه يقترب من رأي ابن مضاء في رفض العلل، و بالخصوص ما يعرف منها بالثواني و الثوالث. لكن الإمام السهيلي على العكس مما نتوقعه، أولى اهتماما كبيرا للعلل، و لم يقتصر على الثوالث، بل واصل تساؤلاته التعليلية إلى أن وصلت إلى السوادس. و في جهده الفكري لابتكار علل لهذه التساؤلات. قام بتوسيع مجال مسالك العلة حتى بلغ بها إلى تسعة (32). فبحث عن علة إلحاق النون بالأفعال الخمسة (33)، و عن عدم وصف المعرفة بالجمل (24)، و لماذا قالت العرب «بعد ما» و لم تقل (قبل ما) (25) و لماذا قالوا «زيد قائم و لم يقولوا لا زيد قائم(26)، و لماذا لم تكن «إلى» عاطفة مثل «حتى» ، و ما هي علة الإعمال و الإهمال (27).

و من بين المسالك التي اعتمدها في التعليل:

1. دلالة الكلمة: و بها علل منع إضافة الفعل، لأنه لا يدل على معنى في نفسه بالمطابقة، و من ثم فهو لا يضاف إلى شيء و لا يعرف بأدوات التعريف.

2. الحمل على المعنى: سبق أن قال إن العرب تذهب بالكلمة إلى وزن ما هو في معناها، و لذلك جمعوا حرة على حرائر لأن الحرة في معنى الكريمة.

3 .الحمل على اللفظ: و بهذا المسلك يبرر علة منع جمع «مفعلان» جمع السلامة، لمضارعته لصيغة المثنى.

4. الاستغناء: و جعله علة لمنع صرف الأسماء المستغنية عن التنوين.

ص251

5. مراعاة الأصل: و بها فسر صرف الأعلام المنقولة مثل أسد، و نمر.

6. طلب الخفة: و له عنده ظواهر كثيرة منها قولهم «ظلت» و أحست.

7. طلب الازدواج: في النظم، مثل قوله تعالى: ( وَ لاٰ أَنْتُمْ عٰابِدُونَ مٰا أَعْبُدُ) (الكافرون- الآيتان 3- 5).

8. كثرة الاستعمال: كالحذف في قولهم: (بأبي سمعته) .

9. رفع الوهم: و علل به عدم جمع بر و فظّ جمع سلامة لئلا يلتبس بفعّول (38).

و يعتقد الدكتور محمد إبراهيم البنا، أن السهيلي كان مبدعا في كثير من تعاليله، بالنظر إلى اعتباره لوظيفة الكلمة، و لدلالتها المعجمية، و لصفاتها الصوتية و لما يكون من تأثيرها اللفظي في كثرة الاستعمال، و مراعاة الازدواج، إلا أنه كان فيما يبدو يختار مقدمات معينة و ألفاظا خاصة تمكنه من الوصول إلى النتائج المستهدفة، و من ذلك توجيهه للعلاقة بين لفظ «حتى» و معناها، و قال: أما حتى فموضوعة للدلالة على أن ما بعدها غاية لما قبلها، و غاية كل شيء حده، و لذلك كان لفظها لفظ الحد، حاء قبل تاءين، و الحد حاء قبل دالين، فكان استنتاجه منطبقا على لفظ «الحد» و لو فسر «الغاية» بالنهاية، لاختل تعليله (39).

و من طرائفه قوله في حذف تاء التأنيث للفعل: «زعموا أن الاسم المؤنث إذا كان تأنيثه حقيقيا فلابد من لحوق تاء التأنيث في الفعل و إن كان تأنيثه مجازيا كنت مخيّرا في إتيان التاء و تركها، و زعموا أن التاء في قالت الأعراب لتأنيث الجماعة، و تأنيث الجماعة غير حقيقي، و قد كان على هذا لحوق التاء في قوله: (وَ قٰالَ نِسْوَةٌ)(يوسف- الآية 30) . أولى، إذ كان تأنيث النسوة حقيقة، و اتفقوا على الفعل إذا تأخر عن فاعله المؤنث فلابد من إثبات تاء التأنيث، و إن لم يكن تأنيثه حقيقة، و لم يذكروا فروقا بين تقدم الفعل و تأخره، و في هذا كله و هن لأصولهم، و دليل على قلة تحصيلهم) .

ثم بيّن أن الأصل العام في هذا الباب لحوق التاء عند الاتصال بالفاعل سواء كان المؤنث حقيقة أو مجازا فتقول جاءت المرأة و طالت النخلة، كما تقول المرأة جاءت باتصال الضمير بالفعل و إذا حمل الاسم المؤنث على معنى اسم مرادف، حذفت التاء في ضرورة الشعر. مثل قول الشاعر:

فإما تريني و لي لمة                  فإن الحوادث أودى بها 

ص252

و قوله:
فلا مزنة و دقت و دقها                       و لا أرض أبقل إبقالها 
و فيهما حملت «الحوادث» على لفظ الحدثان، و حملت «الأرض» على الموضع.

فإذا وقع حاجز جاز حذف التاء و قوي كلما ابتعد الفاعل عن الفعل، نحو (وَ أَخَذَ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا اَلصَّيْحَةُ) (هود-الآية 67) ، و هي عنده في هذا الموضع محذوفة أيضا لأن «الصيحة» حملت على الخزي و العذاب، كما أن «نسوة» في قوله تعالى: (وَ قٰالَ نِسْوَةٌ) (يوسف-الآية 30) محمولة على اسم الجمع مثل القوم و الرهط.

ثم أجاب عن تساؤل حول قوله تعالى:  (فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اَللّٰهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ اَلضَّلاٰلَةُ ((النحل-الآية 36) ، و قوله جل و علا: في الأعراف (وَ فَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ اَلضَّلاٰلَةُ) (الأعراف-الآية 30) ، فقال إن الفرق لائح من وجهين، لفظي لزيادة الميم في «عليهم» في الأولى، و معنوي لأن من في سورة النحل واقعة على الأمة، بعد (وَ لَقَدْ بَعَثْنٰا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً ) (النحل-الآية 36) فمنهم أمة ضلت و حقت عليها الضلالة و الثانية تعني: و فريقا ضلوا، بغير تاء في اللفظ فحسن حذفها إذن فيما هو معناه (40).

و هذه هي بعض المقولات التي تعطي صورة مبسطة عن بضع نتائج تأملات السهيلي و فكره المبدع، و قد اقتصرنا فيها على ما ينبه المؤرخ النحوي على ميزات هذا العالم الجليل، الذي عرفه الناس متكلما و إخباريا أكثر مما عرفوه نحويا، و ننهي أقواله بمناظرته مع ابن خروف.

ه‍- مناظرته مع ابن خروف:

-موضع الخلاف: لقد ذكر بعض الكتاب في عقد له محجورين ذكورا و إناثا.

فاحتاج إلى تخصيص أنثى من بينهم فقال «إحدى المحجورين» فمنع السهيلي هذا الاستعمال، و أجازه ابن خروف.

رأي السهيلي: أراد السهيلي أولا أن يذكر أن هذا يخالف ما ورد في الشعر مثل قول العرجي:

إني أتيحت لي يمانية                  إحدى بني الحارث من مذحج 
فقال إنه مثل قول النابغة:

إحدى بليّ و ما هام الفؤاد بها         إلا السفاه و إلا ذكره حلما 

ص253

و ليس فيها شاهد لمن زعم جواز قولنا: إحدى المسلمين. و أنت تعني مسلما و مسلمة، أو إحدى المسلمين و أنت تعني مسلمة و مسلمين، و لو جاز هذا لجاز أن تقول حمار و أتان «هذه إحدى الحمارين» و يقول إن ما تقدم من الأبيات هو على حذف المضاف كما قال اللّه تعالى:  (فَلَهُ عَشْرُ أَمْثٰالِهٰا ) (الأنعام-الآية 161) فأنّث لأنه أراد عشر حسنات. و لو قال «هي أحد قريش أو أحد بلى» لم يمتنع.

و أما الذي لا بد فيه من لفظ أحد فما تقدم من قوله أحد المسلمين و أنت تعني مسلما و مسلمة، و شاهد ذلك قوله عليه السّلام للمتلاعنين «أحدهما كاذب فهل من تائب» و لو كانوا ثلاثة لقيل «أحدهم امرأة» لأن لفظ التذكير قد شملهم فحكم الجزء إذن حكم الكل، و لا سيما إذا كان ذلك الجزء لا يتكلم به إلا مضافا.

و الأصل في هذا النفي العام، نقول ما في الدار أحد يقع على الذكر و الأنثى، و إنما قالت العرب «أحد الثلاثة» لأنك أردت معنى النفي، كأن المعنى لا أعين أحدا منهم دون الآخر. و يدل أيضا على ذلك أن تغليب المذكر على المؤنث و تغليب من يعقل على ما لا يعقل باب واحد و تغليب المذكر أقوى في القياس، لأن لفظ المذكر أصل ثم يدخل عليه التأنيث و كذلك لفظ من يعقل، و قد تعدى تغليب من يعقل الجملة إلى جزئها. قال اللّه تعالى: (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلىٰ بَطْنِهِ) (النور-الآية 45) لما كان جزءا من الجملة التي غلب فيها من يعقل في قوله «فمنهم» و إذا جاز هذا فأحرى أن يجوز في أحد لأربعة أوجه:

1. أحدها أن «أحدا» يقع على الذكر و الأنثى لكونه في معنى النفي كما تقدم في قولك (أحد الثلاثة) .

2. تغليب المذكر أقوى من تغليب من يعقل، لأن المذكر و المؤنث جنس واحد، بل نوع واحد تميز واحد منهما بصورة عرضية. ألا ترى أنه لا يسبق إلى الوهم تحليل الخنزيرة الأنثى لأجل ذكر الخنزير في القرآن مذكرا، و ما لا يعقل مخالف لجنس من يعقل.

3. أن المضاف و المضاف إليه كالشيء الواحد.

4. أن «أحد» مع أنه مضاف لا يستعمل منفصلا، لا يقال هذه المرأة إحدى و لا رجل أحد.

رأي ابن خروف: «إحدى المحجورين» صحيح يعضده السماع و القياس، قال اللّه تعالى:  (قٰالَتْ أُخْرٰاهُمْ لِأُولاٰهُمْ ) (الأعراف- الآية 38) فجمع بين تذكير و تأنيث في

ص254

مضاف و مضاف إليه، و هو بعضه، و «إحدى المحجورين أحرى لأن التأنيث في الآية غير حقيقي و يشبهه قوله تعالى: (هِيَ حَسْبُهُمْ ) (التوبة- الآية 68) و قول الشاعر:

يا أيها الراكب المزجي مطيته                 سائل بني أسد ما هذه الصوت 
و قوله:
أرمي عليها و هي فرع أجمع                 و هي ثلاث أذرع و إصبع 
فذكّر بعض الجملة و أنث بعضا، و هما جميعا شيء واحد، و من ذلك قولهم أربعة بنين و ثلاثة رجال، فأنثوا المضاف و المضاف إليه مذكر، و قالوا في أربعة رجال و امرأة خمسة، فإذا أشاروا إلى المرأة قالوا (خامسة خمسة) .

و مما يدل عليه أنا وجدنا العرب راعت المعنى المؤنث، و لم تراع اللفظ المذكر في كثير من كلامها قال امرؤ القيس:

إذا ما جرى شأوين و ابتل عطفه             تقول هزيز الريح مرت بأثؤب 
و يقول جرير:
لما أتى خبر الزبير تواضعت                 سور المدينة و الجبال الخشّع 
و مثله كثير فهذا و نحوه روعي فيه المعنى، فهذا أشد مما نحن بصدده، و «إحدى بليّ» و أمثاله لا يحتاج فيه إلى حذف مضاف كما زعم السهيلي، لكن لما كانت قبائل تجمع الذكور و الإناث جاز ذلك فيها، مثل «هي أحد قريش» و هي أحد بليّ.

و لو قيل «أحد المحجورين» على قوله تعالى: (لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ اَلنِّسٰاءِ) (الأحزاب-الآية 32) لم يجز لأنه في الآية الكريمة بعد النفي، و المراد به نفي العموم ثم بيّن بقوله (من النساء) .

و أما استشهاده بقوله في المتلاعنين «أحدهم كاذب» فغفلة لأن المعتمد هنا أحدهما لا بعينه و لو عنى المؤنث لأنث، فهو كقوله سبحانه: (إِمّٰا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ اَلْكِبَرَ أَحَدُهُمٰا أَوْ كِلاٰهُمٰا) (الإسراء- الآية 23) و منع من إفراد «أحد و إحدى» . و قد قال اللّه سبحانه (قُلْ هُوَ اَللّٰهُ أَحَدٌ) (الإخلاص- الآية 1) . و قالوا (أحد و عشرون، و إحدى و عشرون) .

و قوله لا يسبق لوهم أحد تحليل الخنزيرة الأنثى، قد ذهب إلى ذلك طوائف من أهل الفساد، و لم يدل عندنا على تحريمها إلا فحوى الخطاب و كون الألف للجنس.

رد السهيلي: لا دليل في قوله سبحانه:  (قٰالَتْ أُخْرٰاهُمْ لِأُولاٰهُمْ ) (الأعراف- الآية 38) لأنه لم يجتمع في الآية مؤنث و مذكر، فغلب المذكر، يعني أن آحاد الأمم مؤنثات من حيث الأمم جمع أمة. و ليس في جمع أمة على أمم نقل مؤنث إلى مذكر

ص255

و لكن هذا هو باب جمع هذا المؤنث، فإذا قلت أخراهم فلم ينقل كما فعلته في «إحدى و لكن هذا هو باب جمع هذا المؤنث، فإذا قلت أخراهم فلم ينقل كما فعلته في «إحدى المحجورين» نقلت مؤنثا إلى مذكر، و جعلت محجورة محجورا، كأنه شيء محجور.

فإذا فعلت ذلك فواجب عليك «أحد» من حيث قلت فيه محجور، و قد يتعقب هذا بأن ضمير «هم» ضمير مذكرين رجال و نساء بلا شك فوجه الجمع بين «إحدى المحجورين» و بين «أخراهم» أن لفظ «هم» لم يستعمل حتى صيّر من كان ينبغي أن يقال فيه «هي» يقال فيه «هو» كما نقلت «محجورة» إلى «محجور» فانظره. و أيضا فإن «أولى» و «أخرى» قد يستعملان منفصلين بخلاف (إحدى) .

و قوله سبحانه: (هِيَ حَسْبُهُمْ )(التوبة- الآية 68) و قول الشاعر «هي فرع أجمع» لا دليل فيهما و ليسا في شيء مما نحن بصدده بل يشبهان قولك «هي أحد المسلمين» فإنا نقول «هي» ثم نقول «أحد» . و قوله سبحانه «هي حسبهم» كقولك «امرأة عدل» و قوله «هي فرع» كقولك للمرأة إنسان.

و أما قوله «ما هذه الصوت» فلا حجة فيه، و ليس مما نحن فيه من شيء و إنما اضطر فأنّث لإرادة الصيحة. و استدلاله أيضا بثلاثة بنين و أربعة رجال ليس من الباب في شيء، و بخامسة كذلك لأن «خامسة» من باب اسم الفاعل كقائمة و قاعدة، و اسم الفاعل يجري على أصله، إن كان لمذكر فهو مذكر، و إن كان لمؤنث فهو مؤنث، فقولك خامسة خمسة كقولك (ضاربة رجل) .

و أما استشهاده بنحو «هزيز الريح» و الأبيات التي أنشدها سيبويه فلا حجة في شيء من ذلك مبينا الفرق بين «إحدى بليّ» و «إحدى المحجورين» لأن المحجورين لا يستعمل على جملة نساء كما يستعمل عليها.

و وصف رده في حديث «أحدهما كاذب» بالهذيان لأنه لم يستشهد به إلا من باب تغليب المذكر خاصة، و استشهاده «بقل هو اللّه أحد» في إفراد «أحد» ليس في الموضوع. و قال إن تعقيبه في شأن تحليل الخنزيرة سخيف.

و ذكر السيوطي أن ابن الحاج لم يورد رد ابن خروف، لأنه اعتبره غير مقنع.

لكنه قد أدرج منه قوله: إذا كان اسم الفاعل أن يجري على أصله، فكذلك «أحد» و إحدى. و اللبس الذي كان يدخل في اسم الفاعل لو لم يؤنث هو اللبس الذي يدخل في إحدى (41).

ص256

_______________________

(1) بغية الوعاة، 2/ 81.

(2) السهيلي: الأمالي، ص 61.

(3) الروض الأنف، 1/  194.

(4) الروض الألق، 2/ 110.

(5) نتائج الفكر، ص 415.

(6) المصدر نفسه، ص 266 و ما بعد.

(7) المصدر نفسه، ص 13.

(8) البنا: أبو القاسم السهيلي و منهجه النحو ص 150.

(9) نتائج الفكر، ص 166.

(10) المصدر نفسه، ص 279.

(11) المصدر نفسه، ص 209.

(12) نتائج الفكر، ص 388.

(13) المصدر نفسه، ص 382.

(14) الأمالي، ص 118.

(15) المصدر نفسه، ص 76.

(16) المصدر نفسه، ص 62.

(17) المصدر نفسه، ص 108.

(18) الروض2/ 72.

(19) نتائج الفكر ص 74 و ما بعدها.

(20) الأمالي، ص 51.

(21) النتائج، ص 249.

(22) النتائج، ص 343.

(23) الأمالي، ص 19.

(24) نتائج الفكر، ص 109-110.

(25) المصدر نفسه، ص 177.

(26) المصدر نفسه، ص 230.

(27) نتائج الفكر، ص 188.

(28) المصدر نفسه، ص 255.

(29) المصدر نفسه، ص 252.

(30) المصدر نفسه، ص 74.

(31) محمد ابراهيم البنا السهيلي و مذهبه النحوي، ص 290-296.

(32) المصدر نفسه، ص 298.

(33) نتائج الفكر، ص 167.

(34) راجع المناظرة بطولها في السيوطي الاشباه و النظائر 5/ 215 و ما بعدها.

(35) النتائج ص 188.

(36) المصدر نفسه، ص 76.

(37) المصدر نفسه، ص 254.

(38) محمد إبراهيم البنا: أبو القاسم السهيلي، ص 288 و ما بعدها.

(39) المصدر نفسه، ص 297.

(40) النتائج، ص 172.

(41) الأشباه و النظائر، 5/ 215.




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.