المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 18130 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الشكر قناة موصلة للنعم الإلهية
2025-01-12
أسباب ودوافع الكفران وطرق علاجه
2025-01-12
عواقب كفران النعمة
2025-01-12
معنى كفران النعمة
2025-01-12
دور الإدارة الحكوميـة فـي التنـميـة التكـنولوجـيـة 2
2025-01-12
دور الإدارة الحكوميـة فـي التنـميـة التكـنولوجـيـة 1
2025-01-12



تفسير الآية (36-43) من سورة الشورى  
  
8644   03:23 مساءً   التاريخ: 27-8-2020
المؤلف : إعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .....
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الشين / سورة الشورى /

قال تعالى : {فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37) وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (38) وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39) وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42) وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ } [الشورى : 36 - 43] .

 

تفسير مجمع البيان

- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

خاطب سبحانه من تقدم وصفهم فقال {فما أوتيتم من شيء} أي الذي أعطيتموه من شيء من الأموال {فمتاع الحيوة الدنيا} أي فهو متاع الحياة الدنيا تتمتعون به أياما ثم تموتون فيبقى عنكم أو يهلك المال قبل موتكم {وما عند الله} من الثواب والنعيم وما أعده للجزاء على الطاعة {خير وأبقى} من هذه المنافع القليلة {للذين آمنوا} أي صدقوا بتوحيد الله وبما يجب التصديق به {وعلى ربهم يتوكلون} والتوكل على الله تفويض الأمور إليه باعتقاد أنها جارية من قبله على أحسن التدبير مع الفزع إليه بالدعاء من كل ما ينوب .

{والذين يجتنبون كبائر الإثم} يجوز أن يكون موضع الذين جرا عطفا على قوله {للذين آمنوا} فيكون المعنى وما عند الله خير وأبقى للمؤمنين المتوكلين على ربهم المجتنبين كبائر الإثم {والفواحش} ويجوز أن يكون في موضع رفع بالابتداء ويكون الخبر محذوفا فيكون المعنى والذين يجتنبون الكبائر والفواحش {وإذا ما غضبوا} مما يفعل بهم من الظلم {هم يغفرون} ويتجاوزون عنه لهم مثل ذلك والفواحش جمع فاحشة وهي أقبح القبيح والمغفرة في الآية المراد بها ما يتعلق بالإساءة إلى نفوسهم فمتى عفوا عنها كانوا ممدوحين فأما ما يتعلق بحقوق الله وواجبات حدوده فليس للإمام تركها ولا العفو عنها ولا يجوز له العفو عن المرتد وعمن جرى مجراه .

ثم زاد سبحانه في صفاتهم فقال {والذين استجابوا لربهم} أي أجابوه فيما دعاهم إليه من أمور الدين {وأقاموا الصلاة} أي أداموها في أوقاتها بشرائطها {وأمرهم شورى بينهم} يقال صار هذا الشيء شورى بين القوم إذا تشاوروا فيه وهو فعلي من المشاورة وهي المفاوضة في الكلام ليظهر الحق أي لا يتفردون بأمر حتى يشاوروا غيرهم فيه وقيل إن المعنى بالآية الأنصار كانوا إذا أرادوا أمرا قبل الإسلام وقبل قدوم النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) اجتمعوا وتشاوروا ثم عملوا عليه فأثنى الله عليهم بذلك وقيل هو تشاورهم حين سمعوا بظهور النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وورود النقباء عليه حتى اجتمعوا في دار أبي أيوب على الإيمان به والنصرة له عن الضحاك وفي هذا دلالة على فضل المشاورة في الأمور وقد روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنه قال : (( ما من رجل يشاور أحدا إلا هدي إلى الرشد)) .

 {ومما رزقناهم ينفقون} في طاعة الله تعالى وسبيل الخير {والذين إذا أصابهم البغي} من غيرهم {هم ينتصرون} ممن بغى عليهم من غير أن يعتدوا عن السدي وقيل ينتصرون أي يتناصرون ينصر بعضهم بعضا نحو يختصمون ويتخاصمون عن أبي مسلم وقيل يعني به المؤمنين الذين أخرجهم الكفار من مكة وبغوا عليهم ثم مكنهم الله في الأرض حتى انتصروا ممن ظلمهم عن عطاء وقيل جعل الله المؤمنين صنفين صنف يعفون عمن ظلمهم وهم الذين ذكروا قبل هذه الآية وهو قوله {وإذا ما غضبوا هم يغفرون} وصنف ينتصرون ممن ظلمهم وهم الذين ذكروا في هذه الآية فمن انتصر وأخذ بحقه ولم يجاوز في ذلك ما حد الله فهو مطيع لله ومن أطاع الله فهو محمود عن ابن زيد ثم ذكر سبحانه حد الانتصار فقال {وجزاء سيئة سيئة مثلها} قيل هو جواب القبيح إذا قال أخزاك الله تقول أخزاك الله من غير أن تعتدي عن ابن نجيح والسدي ومجاهد وقيل يعني القصاص في الجراحات والدماء عن مقاتل وسمي الثانية سيئة لأنها في مقابلة الأولى كما قال فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم .

ثم ذكر سبحانه العفو فقال {فمن عفا وأصلح فأجره على الله} أي فمن عفا عما له المؤاخذة به وأصلح أمره فيما بينه وبين ربه فثوابه على الله {إنه لا يحب الظالمين} ثم بين سبحانه أنه لم يرغب المظلوم في العفو عن الظالم لميله إلى الظالم أو لحبه إياه ولكن ليعرضه (2) بذلك لجزيل الثواب ولحبه الإحسان والفضل وقيل إنه لا يحب الظالم في قصاص وغيره بتعديه عما هوله إلى ما ليس له وقيل إن الآية الأولى عامة في وجوب التناصر بين المسلمين وهذه الآية في خاصة الرجل يجازي من ظلمه بمثل ما فعله أو يعفو وقد روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنه قال ((إذا كان يوم القيامة نادى مناد من كان أجره على الله فليدخل الجنة فيقال من ذا الذي أجره على الله فيقال العافون عن الناس فيدخلون الجنة بغير حساب)) .

ثم ذكر سبحانه المنتصر فقال {ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل} معناه من انتصر لنفسه وانتصف من ظالمة بعد ظلمه أضاف الظلم إلى المظلوم أي بعد أن ظلم وتعدى عليه فأخذ لنفسه بحقه فالمنتصرون ما عليهم من إثم وعقوبة وذم ومثله في إضافة المصدر إلى المفعول قوله من دعاء الخير {إنما السبيل} أي الإثم والعقاب {على الذين يظلمون الناس} ابتداء {ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم} أي موجع {ولمن صبر} أي تحمل المشقة في رضاء الله {وغفر} فلم ينتصر ف {إن ذلك} الصبر والتجاوز {لمن عزم الأمور} أي من ثابت الأمور التي أمر الله تعالى بها فلم تنسخ وقيل عزم الأمور هو الأخذ بأعلاها في باب نيل الثواب والأجر .

_______________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج9 ، ص56-59 .

2- من باب عرض المتاع للبيع . والهاء يعود الى المظلوم اي : ليجعل نفسه معرضا لجزيل الثواب .

 

تفسير الكاشف

- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه الآيات (1) :

 

{فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا} . متاع الحياة كل ما تتمتع به في هذه الحياة من صحة وجاه ومال ونساء وأولاد وبناء وأثاث وغيره ، وملذات الدنيا وان كثرت فهي إلى زوال ونفاد ، أما نعيم الآخرة فهو باق ببقاء اللَّه : {ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وما عِنْدَ اللَّهِ باقٍ} [النحل - 96] . وقال تعالى : {وما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وأَبْقى} . وكل عمل يسد حاجة من حاجات الحياة فهو ذخيرة عند اللَّه بالشروط التالية :

1 - {لِلَّذِينَ آمَنُوا} باللَّه ، أما الذين كفروا به فلا شيء لهم عند اللَّه إلا العذاب لأنهم لا يعترفون بوجوده . وفي الحديث : من عمل لغير اللَّه أوكله سبحانه لمن عمل ، ويقال له غدا : خذ أجرك ممن عملت له .

2 - {وعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} في جميع أمورهم ، ولا يعتزون إلا بتقوى اللَّه ومرضاته .

3 - {والَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الإِثْمِ والْفَواحِشَ} . ومنها الظلم والكذب والزنا والفساد . أنظر تفسير : {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ} [النساء - 31 ] ج 2 ص 306 وتفسير : ولا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وما بَطَنَ - 151 الأنعام ج 3 ص 283 .

4 - {وإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} . يكظمون الغيظ ، ولا يغضبون إلا للَّه .

5 - {والَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ} ولم يعصوه في أمر ولا نهي .

6 - {وأَقامُوا الصَّلاةَ} . وخصها سبحانه بالذكر لأنها عمود الدين ، وكان النبي (صلى الله عليه واله) يعبر عنها بقرّة العين ، وسماها بعض العارفين حقيقة المسلم .

7 - {وأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ} . وكلمة أمرهم تومئ إلى الصالح العام ، وانهم يتعاونون يدا واحدة على العمل من أجله . . ولا صلة لهذا التشاور في حلال اللَّه وحرامه لأنهما للَّه وحده . انظر تفسير {وشاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران - 159 ] ج 2 ص 189 . وفي نهج البلاغة : الاستشارة عين الهداية ، وقد خاطر من استغنى برأيه .

8 - {ومِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ} في الخيرات والمبرات .

9 - {والَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ} . وتسأل : ما هو وجه الجمع بين هذه الآية وقوله تعالى : {وإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} ؟

الجواب : ان العفو عن السيئة يحسن حيث يكون سببا لاصلاح المسئ وإنابته أو تفاديا لوقوع شقاق أو فتنة ، ولا يحسن حيث يكون سببا لتمادي الطغاة والسفهاء .

قال الإمام علي (عليه السلام) : الوفاء لأهل الغدر غدر عند اللَّه ، والغدر بأهل الغدر وفاء عند اللَّه . وتكلمنا عن ذلك مفصلا عند تفسير قوله تعالى : {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت - 34] .

{وجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها} . ونحوه : {فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ} [البقرة - 194] ج 1 ص 301 {فَمَنْ عَفا وأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} . ومثله : {وأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى} [البقرة - 237] . وأيضا : {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُو كَفَّارَةٌ لَهُ} [المائدة - 45] . {إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} . والمراد بالظالمين هنا الذين يتجاوزون الحد في القصاص والانتقام .

{ولَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} إطلاقا ، لا عتاب ولا عقاب لأن البادي هو الظالم ، وللمظلوم كل الحق أن ينتصف لنفسه ممن ظلمه ، بل إذا سكت عنه مع قدرته عليه فهو شريكه في الظلم ، لأن سكوت المظلوم عن الظالم تشجيع له ، ولو علم الظالم ان المظلوم يستميت من أجل كرامته لتحاماه .

{إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ ويَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ} . قلنا فيما تقدم : ان الظالم بحكم الكافر عند اللَّه ، وان نطق بالشهادتين . . أجل ، انه يعامل في الحياة الدنيا معاملة المسلمين ، أما في الآخرة فهو مع القوم الكافرين بشهادة العديد من آيات اللَّه التي عبرت عن الكافر بالظالم ، وعن الظالم بالكافر . أنظر ج 1 ص 390 وج 5 ص 478 {ولَمَنْ صَبَرَ وغَفَرَ} حيث يحسن الصبر والمغفرة {إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} أي مما يحسن العزم والتصميم على فعله ، وأفضل أنواع الصبر تحمّل الأذى في سبيل إحقاق الحق وإعلانه ، وأفضل أنواع العفو ما كان سببا للقضاء على الفتن والفساد .

________________

1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج6 ، ص528-530 .

 

تفسير الميزان

- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

قوله تعالى : {فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا} إلخ ، تفصيل لما تقدم ذكره من الرزق وتقسيم له إلى ما عند الناس من رزق الدنيا الشامل للمؤمن والكافر وما عند الله من رزق الآخرة المختص بالمؤمنين ، وفيه تخلص إلى ذكر صفات المؤمنين وذكر بعض ما يلقاه الظالمون يوم القيامة .

فقوله : {فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا} الخطاب للناس على ما يفيده السياق دون المشركين خاصة ، والمراد بما أوتيتم من شيء جميع ما أعطيه للناس ورزقوه من النعيم ، وإضافة المتاع إلى الحياة للإشارة إلى انقطاعه وعدم ثباته ودوامه ، والمعنى : فكل شيء أعطيتموه مما عندكم متاع تتمتعون به في أيام قلائل .

وقوله : {وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون} المراد بما عند الله ما ادخره الله ثوابا ليثيب به المؤمنين ، واللام في {للذين آمنوا} للملك والظرف لغو ، وقيل اللام متعلق بقوله : {أبقى} والأول أظهر ، وكون ما عند الله خيرا لكونه خالصا من الألم والكدر وكونه أبقى لكونه أدوم غير منقطع الآخر .

قوله تعالى : {والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون} عطف على قوله : {الذين آمنوا} والآية وآيتان بعدها تعد صفات المؤمنين الحسنة وقول بعضهم إنه كلام مستأنف لا يساعد عليه السياق .

وكبائر الإثم المعاصي الكبيرة التي لها آثار سوء عظيمة وقد عد تعالى منها شرب الخمر والميسر ، قال تعالى : { قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ} [البقرة : 219] ، والفواحش جمع فاحشة وهي المعصية الشنيعة النكراء وقد عد تعالى منها الزنا واللواط قال : { وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً} [الإسراء : 32] ، وقال حاكيا عن لوط : {أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ } [الأنبياء : 3] .

وقوله : {يجتنبون كبائر الإثم والفواحش} وهو في سورة مكية إشارة إلى إجمال ما سيفصل من تشريع تحريم كبائر المعاصي والفواحش .

وفي قوله : {وإذا ما غضبوا هم يغفرون} إشارة إلى العفو عند الغضب وهومن أخص صفات المؤمنين ولذا عبر عنه بما عبر ولم يقل : ويغفرون إذا غضبوا ففي الكلام جهات من التأكيد وليس قصرا للمغفرة عند الغضب فيهم .

قوله تعالى : {والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة} إلخ ، الاستجابة هي الإجابة واستجابتهم لربهم إجابتهم لما يكلفهم به من الأعمال الصالحة - على ما يفيده السياق - وذكر إقامة الصلاة بعدها من قبيل ذكر الخاص بعد العام لشرفه .

على أن الظاهر أن الآيات مكية ولم يشرع يومئذ أمثال الزكاة والخمس والصوم والجهاد ، وفي قوله : {والذين استجابوا لربهم} من الإشارة إلى الإجمال الأعمال الصالحة المشرعة نظير ما تقدم في قوله : {والذين يجتنبون} إلخ ، ونظير الكلام جار في الآيات التالية .

وقوله : {وأمرهم شورى بينهم} قال الراغب : والتشاور والمشاورة والمشورة استخراج الرأي بمراجعة البعض إلى البعض من قولهم : شرت العسل إذا أخذته من موضعه واستخرجته منه ، قال تعالى : {وشاورهم في الأمر} والشورى الأمر الذي يتشاور فيه ، قال تعالى : {وأمرهم شورى بينهم} انتهى .

فالمعنى : الأمر الذي يعزمون عليه شورى بينهم يتشاورون فيه ، ويظهر من بعضهم أنه مصدر ، والمعنى : وشأنهم المشاورة بينهم .

وكيف كان ففيه إشارة إلى أنهم أهل الرشد وإصابة الواقع يمعنون في استخراج صواب الرأي بمراجعة العقول فالآية قريبة المعنى من قول الله تعالى : { الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } [الزمر : 18] .

وقوله : {ومما رزقناهم ينفقون} إشارة إلى بذل المال لمرضاة الله .

قوله تعالى : {والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون} قال الراغب : الانتصار والاستنصار طلب النصرة . انتهى .

فالمعنى : الذين إذا أصاب الظلم بعضهم طلب النصرة من الآخرين وإذا كانوا متفقين على الحق كنفس واحدة فكان الظلم أصاب جميعهم فطلبوا المقاومة قباله وأعدوا عليه النصرة .

وعن بعضهم أن الانتصار بمعنى التناصر نظير اختصم وتخاصم واستبق وتسابق والمعنى عليه ظاهر .

وكيف كان فالمراد مقاومتهم لرفع الظلم فلا ينافي المغفرة عند الغضب المذكورة في جملة صفاتهم فإن المقاومة دون الظلم وسد بابه عن المجتمع لمن استطاعه والانتصار والتناصر لأجله من الواجبات الفطرية ، قال تعالى : {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} [الأنفال : 72] ، وقال : { فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات : 9] .

قوله تعالى : {وجزاء سيئة سيئة مثلها} إلى آخر الآية بيان لما جعل للمنتصر في انتصاره وهو أن يقابل الباغي بما يماثل فعله وليس بظلم وبغي .

قيل : وسمي الثانية وهي ما يأتي بها المنتصر سيئة لأنها في مقابلة الأولى كما قال تعالى : { فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة : 194] ، وقال الزمخشري : كلتا الفعلتين : الأولى وجزاؤها سيئة لأنها تسوء من تنزل به ففيه رعاية لحقيقة معنى اللفظ وإشارة إلى أن مجازاة السيئة بمثلها إنما تحمد بشرط المماثلة من غير زيادة .

وقوله : {فمن عفا وأصلح فأجره على الله} وعد جميل على العفو والإصلاح ، والظاهر أن المراد بالإصلاح إصلاحه أمره فيما بينه وبين ربه ، وقيل : المراد إصلاحه ما بينه وبين ظالمه بالعفو والإغضاء .

وقوله : {إنه لا يحب الظالمين} قيل : فيه بيان أنه تعالى لم يرغب المظلوم في العفو عن الظالم لميله إلى الظالم أو لحبه إياه ولكن ليعرض المظلوم بذلك لجزيل الثواب ، ولحبه تعالى الإحسان والفضل .

وقيل : المراد أنه لا يحب الظالم في قصاص وغيره بتعديه عما هوله إلى ما ليس هوله .

والوجهان وإن كانا حسنين في نفسهما لكن سياق الآية لا يساعد عليهما وخاصة مع حيلولة قوله : {فمن عفا وأصلح فأجره على الله} بين التعليل والمعلل .

ويمكن أيضا أن يكون قوله : {إنه لا يحب الظالمين} تعليلا لأصل كون جزاء السيئة سيئة من غير نظر إلى المماثلة والمساواة .

قوله تعالى : {ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل - إلى قوله - من عزم الأمور} ضمير {ظلمه} راجع إلى المظلوم .

والإضافة من إضافة المصدر إلى مفعوله .

الآيات الثلاث تبيين ورفع لبس من قوله في الآية السابقة : {فمن عفا وأصلح فأجره على الله} فمن الجائز أن يتوهم المظلوم أن في ذلك إلغاء لحق انتصاره فبين سبحانه بقوله أولا : {ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل} أن لا سبيل على المظلومين ولا مجوز لإبطال حقهم في الشرع الإلهي ، وإرجاع ضمير الإفراد إلى الموصول أولا باعتبار لفظه ، وضمير الجمع ثانيا باعتبار معناه .

وبين بقوله ثانيا : {إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق} إن السبيل كله على الظالمين في الانتقام منهم للمظلومين ، وأكد ذلك ذيلا بقوله : {أولئك لهم عذاب أليم} .

وبين بقوله ثالثا : {ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور} إن الدعوة إلى الصبر والعفو ليست إبطالا لحق الانتصار وإنما هي إرشاد إلى فضيلة هي من أعظم الفضائل فإن في المغفرة الصبر الذي هومن عزم الأمور ، وقد أكد الكلام بلام القسم أولا وباللام في خبر إن ثانيا لإفادة العناية بمضمونه .

_________________

1- الميزان ، الطباطبائي ، ج18 ، ص51-54 .

 

تفسير الامثل

- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

والكلام في الآية الاولى موجّه إلى الجميع حيث تقول : {فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا} .

فلا تتصوروا أنّه سيبقى لكم ، لأنّه كالوميض الذي يبرق ثمّ يخبو ، وكالشمعة في مهبّ الريح والفقاعة على سطح الماء ، ولكن {وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون} .

فلو استطعتم أن تستبدلوا هذا المتاع الدنيوي الزائل المحدود التافه بمتاع أبدي خالد ، فتلك هي التجارة المربحة العديمة النظير .

فالمواهب في هذه الدنيا لا تخلو من المشاكل ، حيث توجد الأشواك دائماً إلى جانب الورود ، والمحبطات إلى جانب الآمال ، في حين أن الأجر الإلهي لا يحتوي على أي إزعاجات ، بل هو خير خالص ومتكامل .

ومن جانب آخر فإن هذه المواهب مهما كانت فستزول حتماً ، إلاّ أن الجزاء الأُخروي أبدي خالد ، عندها هل يقبل العقل أن يستغني الإنسان عن هذه التجارة المربحة ، أو يصاب بالغرور والغفلة وتبهره زخارف الدنيا ؟

لذا فإننا نقرأ في الآية 38 من سورة التوبة : {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ } [التوبة : 38] .

واساساً ، فإنّ «الحياة الدنيا» (بالمعنى المتقدم) تشير إلى الحياة الدنية والحقيرة ، وطبيعي أن أي متاع أو وسائل للإستفادة من مثل هذه الحياة ستكون ـ أيضاًـ مثلها في القيمة .

لذا فقد ورد في حديث عن الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال : «والله ما الدنيا في الآخرة إلاّ مثل أن يجعل أحدكم إصبعه هذه في اليم ، فلينظر بم ترجع ؟!» (2) .

والملفت للنظر أنّه ورد في هذه الآية التأكيد على الإيمان والتوكل ، وهذا بسبب أن نيل الأجر الإلهي هو للذين يفوضون أُمورهم في جميع الأعمال ويستسلمون له تعالى إضافة إلى الإيمان ، لأن التوكل يعني تفويض الأمور . وتقابل هذه المجموعة أشخاص يجادلون في آيات الله بسبب حب الدنيا والإرتباط بالمتاع الزائل ، ويقلبون الحقائق ، وبهذا الترتيب فإن آخر آية هي بمثابة تعليل للآية التي قبلها ، والتي كانت تتحدث عن الذين يجادلون في آيات الله .

 

وقوله تعالى : {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37) وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (38) وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39) وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [الشورى : 37 - 40] .

 

المؤمنون لا يستسلمون للظلم :

هذه الآيات استمرار للبحث الوارد في الآيات السابقة بخصوص الأجر الإلهي للمؤمنين المتوكلين .

فبعد ذكر الإيمان والتوكل اللذين لهما طبيعة قلبية ، تشير هذه الآيات إلى سبعة أنواع من البرامج العملية للصفتين السابقتين سواء كانت إيجابية أو سلبية ، فردية أو إجتماعية ، مادية أو معنوية ، وهذه البرامج توضح أسس المجتمع الصالح والحكومة الصالحة القوية .

والملفت للنظر أنّ هذه الآيات نزلت في مكّة ـ كما يظهر ـ وفي ذلك اليوم لم يكن قد تأسس المجتمع الإسلامي بعد ، ولم يكن هناك وجود للحكومة الإسلامية ، إلاّ أن هذه الآيات أعطت التفكير الإسلامي الصحيح في هذا الخصوص منذ ذلك اليوم ، حيث كان الرّسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) يعلّمهم ويربّيهم لغرض الإستعداد لبناء المجتمع الإسلامي في المستقبل .

فأوّل صفة تبدأ من التطهير حيث تقول الآية أن الثواب الإلهي العظيم سوف يكون من نصيب المؤمنين المتوكلين : {والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش} (3) .

«كبائر» جمع «كبيرة» وتعني الذنوب الكبيرة ، أمّا ما هو المعيار في الكبائر؟ البعض فسّرها بالذنوب التي توعد القرآن في آياته بعذاب النّار لها ، وأحياناً الذنوب التي تستوجب الحدّ الشرعي .

وقد احتمل البعض أنّها إشارة للبدع وإيجاد الشبهات الإعتقادية في أذهان الناس .

ولكننا لو رجعنا إلى المعنى اللغوي كلمة «كبيرة» فإنّها تعني الذنب الذي يكون كبيراً ومهماً من وجهة نظر الإسلام ، وأحد علائم أهميته أنّه ورد في القرآن المجيد وتوعد بالعذاب عليه ، وقد ورد تفسير للكبائر في روايات أهل البيت(عليهم السلام)بأنّها : «التي أوجب الله عزّوجلّ عليها النّار» (4) .

وعلى هذا الأساس فلو توضحت أهمية وعظمة الذنب بطرق اُخرى ، عندها سيشمله عنوان (الكبائر) .

«فواحش» جمع «فاحشة» وتعني الأعمال القبيحة للغاية والممقوتة ، وذكر هذه العبارة بعد كلمة (الكبائر) من قبيل ذكر الخاص بعد العام ، وفي الحقيقة فإنّ التأكيد على الذنوب القبيحة للغاية بعد ذكر اجتناب المؤمنين الحقيقيين عن جميع الذنوب الكبائر ، للتأكيد على أهمية ذلك .

وعلى هذا الأساس فإنّ أوّل علائم الإيمان والتوكل هو الإجتناب عن (الكبائر) ، فكيف يمكن للإنسان أن يدعي الإيمان والتوكل على الخالق ، في حين أنّه مصاب بأنواع الذنوب وقلبه وكر من أوكار الشيطان ؟!

أمّا ثاني صفة ، والتي لها طبيعة تطهيرية أيضاً ، فهي السيطرة على النفس عند الغضب الذي يعتبر من أشدّ حالات الإنسان حيث تقول الآية : {وإذا ما غضبوا هم يغفرون} .

فهؤلاء لا يفقدون السيطرة على أنفسهم عند الغضب ولا يرتكبون الجرائم عنده ، والأكثر من ذلك غسل قلوبهم وقلوب الآخرين من الحقد بواسطة مياه العفو والغفران .

وهذه الصفة لا تتوفر إلاّ في ظل الإيمان الحقيقي والتوكل على الحق .

والطريف في الأمر أن الآية لا تقول : إنّهم لا يغضبون ، لأنّ الغضب من طبيعة الإنسان ، وهناك ضرورة له في بعض الأحيان خاصةً عندما يكون لله وفي طريق إحقاق الحق ، بل تقول : إنّهم لا يلوثون أنفسهم بالذنب عند الغضب ، وبكل بساطة يعفون ويغفرون ، ويجب أن يكونوا هكذا ، فكيف يمكن للإنسان أن ينتظر العفو الإلهي في حين أن أعماقه مليئة بالحقد وحب الإنتقام ، ولا يعترف بأي قانون عند الغضب ؟ وإذا شاهدنا التأكيد على الغضب هنا ، فذلك لأنّ هذه الحالة كالنار الحارقة التي تلتهب في داخل أعماق الإنسان ، وهناك الكثيرون الذين لا يستطيعون ضبط أنفسهم في تلك الحالة ، إلاّ أن المؤمنين الحقيقيين لا يستسلمون أبداً للغضب .

وورد في حديث عن الإمام الباقر(عليه السلام) : «من ملك نفسه إذا رغب ، وإذا رهب ، وإذا غضب ، حرم الله جسده على النّار» (5) .

الآية الأُخرى تشير إلى الصفة الثّالثة والرّابعة والخامسة والسادسة ، حيث تقول : {والذين استجابوا لربهم} .

{وأقاموا الصلاة} .

{أمرهم شورى بينهم} (6) .

{وممّا رزقناهم ينفقون} .

فالآية السابقة كانت تتحدث عن تطهير النفس من الذنوب والتغلب على الغضب ، إلاّ أن الآية التي نبحثها تتحدث عن بناء النفس في المجالات المختلفة ، ومن أهمها إجابة دعوة الخالق ، والتسليم حيال أوامره ، حيث أن الخير كلّ الخير تجسد في هذا الأمر . فهم مستسلمون بكل وجودهم لأوامره ، وليست لهم إرادة إزاء إرادته ، ويجب أن يكونوا هكذا ، لأنّ الإستسلام والإستجابة أمران حتميان بعد تطهير القلب والروح من آثار الذنب الذي يعيق السير نحو الحق .

ونظراً لوجود بعض القضايا المهمّة في التعليمات الإلهية يجب الإشارة إليها بالخصوص ، لذا نرى أن الآية أشارت إلى بعض المواضيع المهمّة وخاصة (الصلاة) التي هي عمود الدين وحلقة الوصول بين المخلوق والخالق ومربية النفوس ، وتعتبر معراج المؤمن وتنهى عن الفحشاء والمنكر .

بعد ذلك تشير الآية إلى أهم قضية اجتماعية وهي «الشورى» فبدونها تعتبر جميع الأعمال ناقصة ، فالإنسان الواحد مهما كان قوياً في فكره وبعيداً في نظره ، إلاّ أنّه ينظر للقضايا المختلفة من زاوية واحدة أو عدّة زوايا ، وعندها ستختفي عنه الزوايا والأبعاد الأُخرى ، إلاّ أنّه وعند التشاور حول القضايا المختلفة تقوم العقول والتجارب المختلفة بمساعدة بعضها البعض ، عند ذلك ستتوضح الأُمور وتقل العيوب النواقص ويقل الإنحراف .

لذا فقد ورد في حديث عن الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال : «ما من رجل يشاور أحداً إلاّ هدي إلى الرشد» .

والملفت للنظر أن العبارة وردت هنا على شكل برنامج مستمر للمؤمنين ، ليس في عمل واحد ومؤقت ، بل يجب أن يكون التشاور في جميع الأعمال . والطريف في الأمر أن الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كان أيضاً يتشاور مع أتباعه وأنصاره في القضايا الإجتماعية المهمّة والتنفيذية والصلح والحرب والأمور المهمّة الأُخرى بالرغم من تكامل عقله وارتباطه بمصدر الوحي ، وكان يشاور أصحابه أحياناً بالرغم من المشكل التي تحصل من جراء ذلك ، لكي يكون أسوة وقدوة للناس ، لأن بركات الإستشارة أكثر بكثير من احتمالات ضررها .

وهناك تفصيلات في نهاية الآية (159) من سورة آل عمران بخصوص (الإستشارة) و(شروط الشورى) و(أوصاف الذين يجب استشارتهم) و(مسؤولية المستشار) حيث لا نرى ضرورة إلى إعادة ذلك ، إلاّ أنّه يجب أن نضيف بعض الملاحظات الأُخرى :

أ ـ الشورى تختص بالأعمال التنفيذية ومعرفة الموضوع وليست لمعرفة الأحكام ، لأنّها يجب أن تؤخذ من مصدر الوحي ومن الكتاب والسنة ، وعبارة (أمرهم) تشير إلى هذا المعنى أيضاً ، لأن الأحكام ليست من شأن الناس ، بل هي من أمر الخالق .

ولذا فلا أساس لما يقوله بعض المفسّرين كالآلوسي من أن الشورى تشمل الأحكام أيضاً ، حيث لا يوجد نص خاص بذلك ، خاصة وأنّنا نعتقد بعدم وجود أي أمر في الإسلام ليس له نص عام أو خاص صادر بشأنّه ، وإلاّ فما فائدة {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة : 3] .

[يجب قراءة تفصيلات عن هذا المعنى في كتب أصول الفقه بخصوص بطلان الإجتهاد بمعنى التقنين في الإسلام] .

ب ـ قال بعض المفسّرين إن شأن نزول عبارة : (أمرهم شورى بينهم) خاص بالأنصار بخصوص الأنصار ، إما لأن أعمالهم قبل الإسلام كانت وفقاً للشورى ، أوهي إشارة إلى تلك المجموعة من الأنصار الذين آمنوا قبل هجرة النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبايعوه في (العقبة) ، ودعوه إلى المدينة (لأن هذه السورة مكية ، والآيات أعلاه نزلت في مكّة كما يظهر أيضاً) .

وعلى أية حال ، فإن الآية لا تختص بسبب نزولها ، بل توضح برنامجاً عاماً وجماعياً .

وننهي هذا الكلام بحديث عن أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) حيث يقول : «لا ظهير كالمشاورة ، والإستشارة عين الهداية» (7) .

ومن الضروري الإشارة إلى أن آخر صفة وردت في هذه الآية لا تشير إلى الإنفاق المالي فحسب ، وإنّما إنفاق كلّ ما أعطاه الخالق من الرزق كالمال والعقل والذكاء والتجربة ، والتأثير الإجتماعي ، والخلاصة : الإنفاق من كلّ شيء .

وتقول الآية بخصوص سابع صفة للمؤمنين الحقيقيين : (والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون) أيّ أنّهم إذا تعرضوا للظلم لا يستسلمون له ، بل يطلبون النصر من الآخرين .

وواضح أنّ الآخرين مكلفون بالإنتصار ضد الظلم ، لأن طلب النصر دون النصرة يعتبر لغو ولا فائدة فيه ، وفي الحقيقة فإن المظلوم مكلف بمقاومة الظالم وطلب النصرة ، وأيضاً فإن المؤمنين مكلفون بإجابته ، كما ورد في الآية (72) من سورة الأنفال حيث نقرأ : {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ } [الأنفال : 72] .

هذا البرنامج الإيجابي البناء يحذر الظالمين من مغبة ظلم المؤمنين ، حيث أنّهم لا يسكتون على ذلك ويقفون بوجوههم . وهو أيضاً يؤمّل المظلومين بأن الآخرين سوف ينصرونكم عند استغاثتكم .

«ينتصرون» من كلمة «انتصار» وتعني طلب النصر ، إلاّ أن البعض فسرها بمعنى «التناصر» والنتيجة واحدة للتوضيح الذي ذكرناه .

على أية حال ، فأي مظلوم إذا لم يستطع أن يقف بوجه الظلم بمفرده ، فعليه ألا يسكت ، بل يستفيد من طاقات الآخرين والنهوض بوجه الظلم ، ومسؤولية جميع المسلمين الإستجابة لإستغاثته وندائه .

ولكن بم أنّ التناصر يجب أن لا يخرج عن حد العدل وينتهي إلى الإنتقام والحقد والتجاوز عن الحد ، لذا فإن الآية التي بعدها اشترطت ذلك بالقول : {وجزاء سيئة سيئة مثلها} .

يجب أن لا تتجاوزوا عن الحد بسبب أن أصدقاءكم هم الذين ظلموا فتنقلبوا إلى أشخاص ظالمين ، وخاصة الافراط في الرد على الظلم في مجتمعات كالمجتمع العربي في بداية الإسلام ، لذا يجب التمييز بين نصرة المظلوم والإنتقام .

وعمل الظالم يجب أن يسمى بـ (سيئة) إلاّ أن جزاءه وعقابه ليس (سيئة) وإذا وجدنا أنّ الآية عبّرت عن ذلك بالسيئة فبسبب التقابل بالألفاظ واستخدام القرائن ، أو أنّ الظالم يعتبرها (سيئة) لأنّه يعاقب ، أو يحتمل أن يكون استخدام لفظة (السيئة) لأنّ العقاب أليم ومؤذ ، والألم والأذى بحدّ ذاته (سيء) بالرغم من أن قصاص الظالم ومعاقبته يعتبر عملا حسناً بحد ذاته .

وهذا يشبه العبارة الواردة في الآية (194) من سورة البقرة : { فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ} [البقرة : 194] .

على أية حاله ، فإنّ هذه العبارة يمكن أن تكون مقدمة للعفو الوارد في الجملة التي بعدها ، وكأنّما تريد الآية القول : إنّ العقاب مهما كان فهو نوع من الأذى ، وإذا ندم الشخص عندها يستحق العفو .

لذا ففي مثل هذه الموارد ينبغي عليكم العفو ، لأن {فمن عفا وأصلح فأجره على الله} .

صحيح أنّه فقد حقه ولم يحصل على شيء في الظاهر ، إلاّ أنّه بسبب عفوه ، العفو الذي يعتبر أساس انسجام المجتمع والتطهّر من الأحقاد وزيادة أواصر الحب وزوال ظاهرة الإنتقام والإستقرار الإجتماعي ، فقد تعهد الخالق بأن يعطيه من فضله الواسع ، ويا لها من عبارة لطيفة (على الله) حيث أن الخالق يعتبر نفسه مديناً لمثل هؤلاء الأشخاص ويقول بأن أجرهم علىّ .

وتقول الآية في نهايتها : {إنه لا يحب الظالمين} .

وقد تكون هذه الجملة إشارة إلى بعض الملاحظات :

فأوّلا : قد يكون العفو بسبب أن الإنسان لا يستطيع أحياناً السيطرة على نفسه بدقة عند العقاب والقصاص ، وقد يتجاوز الحد ويكون في عداد الظالمين .

وثانياً : إن هذا العفو ليس بمعنى الدفاع عن الظالمين ، لأن الله لا يحب الظالمين أبداً ، بل إن الهدف هو هداية الضالين وتثبيت الأواصر الإجتماعية .

وثالثاً : إنّ الذين يستحقون العفو هم الذين يكفون عن الظلم ويندمون على ما ارتكبوه في الماضي ، ويقومون بإصلاح أنفسهم ، وليس للظالمين الذين يزدادون جرأة بواسطة هذا العفو .

وبعباة أوضح ، فإنّ كلاّ من العفو والعقاب له موقعه الخاص ، فالعفو يكون عندما يستطيع الإنسان الإنتقام ، وهذا يسمى العفو البناء ، لأنّه يمنح المظلوم المنتصر قابلية السيطرة على النفس وصفاء الروح ، وأيضاً يفرض على الظالم المغلوب إصلاح نفسه .

والعقاب والإنتقام والردّ بالمثل يكون عندما يبقى الظالم مستمراً في غيه وضلاله ، والمظلوم لم يثبّت أركان سيطرته بعد ، فالعفو هنا يكون من موقع الضعف فيجب الردّ بالمثل .

وقد ورد في حديث عن الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال : «إذا كان يوم القيامة نادى مناد : من كان أجره على الله فليدخل الجنّة ، فيقال : من ذا الذى أجره على الله ؟ فيقال : العافون عن الناس ، فيدخلون الجنّة بغير حساب» (8) .

وهذا الحديث ـ في الحقيقة ـ هو النتيجة المستوحاة من آخر آية في هذا البحث ، والإسلام الأصيل هو هذا .

 

وقوله تعالى : { وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42) وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [الشورى : 41 - 43] .

 

الظلم والإنتصار :

تعتبر هذه الآيات ـ في الحقيقة ـ تأكيداً وتوضيحاً وتكميلا للآيات السابقة بشأن الإنتصار ومعاقبة الظالم والعفو في المكان المناسب ، والهدف من ذلك أن معاقبة الظالم والإنتقام منه من حق المظلوم ، ولا يحق لأحد منعه عن حقه ، وفي نفس الوقت فإذا صادف أن سيطر المظلوم على الظالم وانتصر عليه ، وعند ذلك صبر ولم ينتقم فإن ذلك يعتبر فضيلة كبرى .

فأوّلا تقول الآية : {ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل} (9) فلا يحق لأحد أن يمنع هذا العمل ، ولا يلوم ذلك الشخص أو يوبخه أو يعاقبه ، ولا يتوانى في نصر مثل هذا المظلوم ، لأن الإنتصار وطلب العون من الحقوق الطبيعية لأي مظلوم ، ونصر المظلومين مسؤولية كلّ إنسان حر ومتيقظ الضمير .

{إنّما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق} . وإضافة إلى عقابهم الدنيوي {اُولئك لهم عذاب أليم} ينتظرهم في الآخرة .

يقول بعض المفسّرين حول الإختلاف بين جملة (يظلمون الناس) وجملة {يبغون في الأرض بغير الحق} أن الجملة الأولى إشارة إلى موضوع (الظلم) والثانية إلى (التكبر) (10) .

البعض الآخر اعتبر الأولى إشارة إلى (الظلم) والثانية إشارة إلى (الوقوف بوجه الحكومة الإسلامية) .

«بغى» تعني في الأصل الجد والمثابرة والمحاولة للحصول على شيء ما ، ولكن كثيراً ما تطلق على المحاولات لغصب حقوق الأُخرين ، والتجاوز عن حدود وحقوق الخالق ، لذا فإن للظلم مفهوماً خاصاً وللبغي مفهوماً عاماً يشمل أي تعد أو تجاوز للحقوق الإلهية .

عبارة (بغير الحق) تأكيد لهذا المعنى ، وعلى هذا الأساس فإنّ الجملة الثانية من باب ذكر العام بعد ذكر الخاص .

أمّا آخر آية فتشير مرّة اُخرى إلى الصبر والعفو ، لكي تؤكّد أن الإنتقام والعقاب والقصاص من الظالم لا يمنع المظلوم من العفو ، حيث تقول : {ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور} (11) .

«العزم» في الأصل يعني (التصميم لإنجاز عمل معين) ، ويطلق على الإرادة القوية ، وقد تكون عبارة (عزم الأمور) إشارة إلى أن هذا العمل من الأعمال التي أمر الله بها ولا يمكن أن تنسخ ، أو أنّه من الأعمال التي يجب أن يشد الإنسان العزم لها ، وأياً كان من المعنيين فهو يدل على أهمية هذا العمل .

والملفت للنظر ذكر (الصبر) قبل (الغفران) ، لأنّه مع عدم وجود الصبر لا يمكن أن يحصل العفو والغفران ، حيث يفقد الإنسان السيطرة على نفسه ويحاول الإنتقام مهما كان .

ومرة اُخرى نذكّر بهذه الحقيقة ، وهي أن العفو والغفران مطلوبان في حال القوة والإقتدار ، وأن يستفيد الطرف المقابل من ذلك بأفضل شكل أيضاً ، وقد تكون عبارة «من عزم الأمور» لتأكيد هذا المعنى أيضاً ، لأنّ التصميم بخصوص شيء معين يحدث عندما يكون الإنسان قادر على إنجاز ذلك الشيء ، على أية حال فإن العفو الذي يكون مفروضاً من قبل الظالم ، أو يشجعه في عمله ويجرئه على ذلك ، غير مطلوب .

بعض الرّوايات فسّرت الآيات أعلاه بثورة الإمام المهدي (عج) وانتقامه وانتصاره على الظالمين والمفسدين في الآرض . وكما قلنا عدّة مرات سابقاً فإن مثل هذه التفاسير من قبيل بيان المصداق الواضح ولا تمنع من عمومية مفهوم الآية وشموليته (12) .

________________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج12 ، ص 303-314 .

2 ـ روح البيان ، المجلد الثّالث ، ص 429 (نهاية الآية 38 من سورة التوبة)

3 ـ يعتقد غالب المفسّرين أن (الذين يجتنبون) عطف لـ(الذين آمنوا) في الآية السابقة ، بالرغم من احتمال البعض أنّها مبتدأ خبره محذوف (وفي التقدير والذين يجتنبون . . . لهم مثل ذلك من الثواب) إلاّ أن المعنى الأوّل أفضل ظاهراً .

4 ـ نور الثقلين ، المجلد الأوّل ، ص 473 .

5 ـ تفسير علي بن إبراهيم ـ طبقاً لنقل نور الثقلين ، المجلد الرابع ، ص 583 .

6 ـ يقول بعض المفسّرين أنّه متى ما كانت (شورى) مصدراً وتعني المشاورة يجب أن تضاف لها كلمة (ذو) ويصبح تقدير الجملة (أمرهم ذو شورى بينهم) . . . أو للمبالغة والتأكيد ، لأن ذكر (المصدر) بدلا من (الصفة) يوصل هذا المعنى عادة ، لكن إذا كانت شورى كما يقول الراغب في مفرداته بمعنى (الأمر الذي يتشاور فيه) عندها لا حاجة للتقدير (لاحظ ذلك) .

7 ـ وسائل الشيعة ، المجلد الثامن ، ص 425 (باب 21 من أبواب الأحكام العشرة) .

8 ـ مجمع البيان ـ نهاية الآية التي نبحثها .

9 ـ عبارة (ظلمه) هي من باب إضافة المصدر إلى المفعول .

10 ـ تفسير (الكشاف) ، (روح المعاني) و(روح البيان) نهاية الآيات التي نبحثها .

11 ـ اللام في (لمن صبر) هي لام القسم وفي (لمن عزم الأمور) للتأكيد ، والإثنان يوضحان أهمية هذا الأمر الإلهي أي (العفو) .

12 ـ تفسير نور الثقلين ، المجلد الرابع ، ص585 .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .