أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-3-2021
2610
التاريخ: 3-5-2021
2577
التاريخ: 12-1-2021
2100
التاريخ: 27-3-2021
2297
|
تجديد بناء الكعبة أعزها الله تعالى :
ويقولون : إن الكعبة قد جاءها سيل جارف تجاوز الردم الذي كان قد وضع ليمنع من مثل ذلك ؛ فدخلها ، وصدع جدرانها.
ويقال أيضا : إنها كانت قد احترقت حينما أرادت إحدى النساء تبخيرها فطارت شرارة إلى ثياب الكعبة فاحترقت جدرانها (١) ، ثم جاء السيل بعد ذلك فزاد في تصدعها حتى خاف الناس عليها.
ويرى البعض : أن هذا الحريق كان في زمان ابن الزبير.
ورفع الحلبي التنافي باحتمال حصول الحريق مرتين (2).
ونحن نقول : إنه يبدو أن دعوى احتراقها على هذا النحو الاتفاقي ، إنما صيغت للتخفيف من الامتعاض الناشئ من جرأة الأمويين على بيت الله الحرام ، حيث إنها قد تصدعت حينما ضربت بالمنجنيق وبالنار من قبلهم ، وتركها ابن الزبير ليراها الناس محترقة ، يحرضهم على أهل الشام (3).
ومهما يكن من أمر : فقد اتفقت قريش قبل بعثة النبي «صلى الله عليه وآله» على هدمها ، وإعادة بنائها ، وأن يرفع بابها ، حتى لا يدخلها إلا من شاؤوا ، وأعدوا لذلك نفقة طيبة ، ليس فيها مهر بغي ، ولا بيع ربا ، ولا مظلمة مما أخذوه غصبا ، أو قطعوا فيه رحما ، أو انتهكوا فيه حرمة ، أو ذمة (4).
وبدأت كل قبيلة تجمع الحجارة على حدة ، ويقولون : إنه «صلى الله عليه وآله» قد شارك في جمع الحجارة ، وكان أول من جرأهم على هدمها هو الوليد بن المغيرة.
وتجزأت قريش الهدم والبناء ، لكل قبيلة شق ، وجهة معينة ، وقد اختلف المؤرخون في اختصاصات هذه القبائل بتلك الجهات والأجزاء (5) ، ولا مجال لتأكيد أو نفي أي من الأقوال في ذلك ، ولا سيما في موارد كهذه ، يجهد فيها كل فريق أن ينيل من يميل إليهم بعض الشرف ، ومواقف الكرامة.
وأما عن تاريخ بناء البيت فقد اختلفت كلمات المؤرخين فيه ، فهذا يقول :
إن بناءه كان حين بلوغه «صلى الله عليه وآله» الحلم ، أي بعد الفيل ب ١٥ سنة (6).
وآخر يقول : إنه بني بعد الفيل بخمس وعشرين سنة (7).
وثالث يقول : إنه كان بعد الفيل بخمس وثلاثين سنة ، أي قبل البعثة بخمس سنين (8).
ولعل هذا الأخير هو الأشهر.
وضع الحجر الأسود :
ولما بلغ البنيان موضع الحجر الأسود اختصموا : كل قبيلة تريد هي أن تنال شرف رفعه إلى موضعه ، وكاد أن يؤدي الأمر بهم إلى السيف ، حتى جاء بنو عبد الدار ، وبنو عدي بإناء فيه دم ؛ فوضعوا أيديهم فيه ، ومعهم بنو سهم ، وبنو مخزوم (9) ، وتحالفوا على الموت ـ فسموا : «لعقة الدم» (10) ، حتى أشار أبو أمية بن المغيرة ـ والد أم سلمة ، أم المؤمنين ، وأحد أجواد قريش ، ويقول البلاذري : «أبو مهشم بن المغيرة» ـ بأن يحكموا أول داخل عليهم من باب السلام ، وهو باب بني شيبة ، أو من باب الصفا على الاختلاف.
فكان الرسول «صلى الله عليه وآله» أول داخل ، فلما رأوه قالوا : هذا الأمين ، رضينا ، هذا محمد.
ويقول البعض : إنهم كانوا يتحاكمون إلى النبي «صلى الله عليه وآله» في الجاهلية ؛ لأنه كان لا يداري ، ولا يماري (11).
فلما أخبروه بالأمر طلب ثوبا ، أو بسط إزاره ـ على الاختلاف ـ ثم أخذ الحجر ؛ فوضعه فيه بيده ، ثم قال : لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعوه جميعا ، ففعلوا ، فلما حاذوا موضعه أخذه رسول الله «صلى الله عليه وآله» بيده الشريفة ، فوضعه مكانه.
ملاحظات هامة :
١ ـ إن بني عبد الدار ، ومعهم بنو سهم ، ومخزوم وعدي قد جاؤوا بالدم ، فوضعوا أيديهم فيه ، وتحالفوا على الموت ، ونجد في مقابل ذلك : أن بني عبد مناف قد جاؤوا بالغالية ـ وهي نوع من الطيب ـ فوضعوا أيديهم فيها ، حينما تحالفوا زمن قصي في مقابل بني عبد الدار ؛ فسموا حلف المطيبين.
ولبني عبد مناف حلف آخر هو أكرم وأشرف حلف سمع به في العرب (12) ، وهو حلف الفضول الذي أمضاه الإسلام ، حسبما تقدم ، وكان في مقابلهم حلف الأحلاف ، من قبل بني عبد الدار ، وسهم ، وجمح ، ومخزوم ، وعدي ، ولا يقصد في حلفهم إلا الشرف الدنيوي ، ولو أريقت الدماء ، وأزهقت النفوس.
ولعل هذا يعكس بوضوح الفرق بين الاتجاهين ، ونوعية التفكير ، ومستوى الوعي ، والنظرة للحياة لدى كل من الفريقين.
ولا نبالغ إذا قلنا : إن من الممكن أن نفهم من مراجعة كتب التاريخ والأنساب : أن بني عبد مناف ، ولا سيما آل أبي طالب كانوا هم رجالات الإسلام ، والهداة إلى الحق ، والمجاهدين في سبيل الدين.
بينما نجد بني عبد الدار ، والمتحالفين معهم أقل تحمسا للدين ، وتضحية في سبيله ، بل ويكثر فيهم المناوئون له ، والحاقدون عليه.
٢ ـ إن اشتراط قريش : أن تكون نفقة الكعبة طيبة ، لا ربا فيها ، ولا مظلمة لأحد إلخ .. إن دل على شيء فإنما يدل ولا شك على شعور حقيقي بقبح هذه الأمور ، وعدم رضا الله والوجدان بها.
وقد يفسر ذلك أيضا باقتضاء الفطرة لذلك ، وحكم العقل بقبحه.
ونحن ، وإن كنا نعترف بأن ذلك كذلك ، بل إن كل أحكام الدين موافقة للفطرة ، ولأحكام العقل ، إلا أننا لا بد أن نضيف هنا :
أنه يدل أيضا على بقاء شيء من تعاليم الحنيفية فيهم ، خصوصا عند قريش ، وبني عبد مناف ، ولذلك يلاحظ كثرة الإشارات إلى دين إبراهيم ، وما يدل على إيمانهم بالله في كلمات عبد المطلب ، وأبي طالب «عليهما السلام» كثير ، وما الخطبة التي ألقاها أبو طالب حينما طلب يد خديجة للنبي «صلى الله عليه وآله» عنا ببعيدة.
٣ ـ إن ما تقدم يدل على أن أهل مكة كانوا يتعاملون بالمنطق القبلي حتى في تعاونهم على بناء البيت ، وحمل الحجارة له ، وهو أقدس مقدساتهم ، ورمز عزهم ومجدهم وكرامتهم ، بل وعليه تقوم حياتهم ، وإن تحالف لعقة الدم حين الاختصام فيمن يرفع الحجر إلى موضعه ، ليعتبر الذروة في هذا الأمر ، الذي يمجه الذوق ، وتنبو عنه الفطرة ، ويرفضه العقل السليم.
٤ ـ وبعد هذا ، فإن ما يلفت نظرنا : هو فرح قريش حينما رأوا النبي «صلى الله عليه وآله» أول داخل عليهم ، ثم وصفهم له بأنه «الأمين» ، مما يعني أنه «صلى الله عليه وآله» كان يحتل مكانة خاصة في نفوس الناس في مكة ، حيث تسكن قريش سيدة القبائل العربية كلها ، حتى إنهم كانوا يحكّمونه في كثير مما كان يشجر بينهم ، ويضعون كل ثقتهم فيه ، حتى لقبوه ب «الأمين».
بل إننا نجد : في كلمات أبي طالب المتقدمة ، خير شاهد على مكانته «صلى الله عليه وآله» ، وعلو منزلته ، وشرفه ، وسؤدده.
وفي موقف أمية بن خلف في غزوة بدر دلالة على ذلك أيضا (13) فراجع.
__________________
(١) مصنف عبد الرزاق ج ٥ ص ٣١٩ ، والبداية والنهاية ج ٢ ص ٣٠٠ كلاهما عن الزهري.
(2) السيرة الحلبية ج ١ ص ١٤١.
(3) صحيح مسلم هامش القسطلاني ج ٦ ص ١٨ ، والكامل لابن الأثير ج ٤ ص ١٢٤ ط صادر وذكر في الكامل عن البخاري قولا آخر ، وهو أنها احترقت في زمن ابن الزبير ، بسبب نار أوقدها أصحابه حولها ، وأقول : الظاهر أن الأمويين أرادوا رد التهمة في جنايتهم على ابن الزبير وأصحابه.
(4) سيرة ابن هشام ج ١ ص ٢٠٦ والبداية والنهاية ج ٢ ص ٣٠١ ، والسيرة الحلبية ج ١ ص ١٤١.
(5) راجع : سيرة ابن هشام ج ١ ص ٢٠٧ ، والبداية والنهاية ج ٢ ص ٣٠٢ ، والسيرة الحلبية ج ١ ص ١٤٤.
(6) مصنف عبد الرزاق ج ٥ ص ٣١٨ ، والبداية والنهاية ج ٢ ص ٣٠٠ عن الزهري.
(7) البداية والنهاية ج ٢ ص ٣٠٠ عن موسى بن عقبة ، عن مجاهد ، وعروة ومحمد بن جبير بن مطعم ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٢٧٩ عن تاريخ يعقوب.
(8) السيرة النبوية لابن هشام ج ١ ص ٢٠٤ ، والبداية والنهاية ج ٢ ص ٣٠٠.
(9) شرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ١٢٩.
(10) السيرة النبوية لابن هشام ج ١ ص ٢٠٩ ، والبداية والنهاية ج ٢ ص ٣٠٣.
(11) السيرة الحلبية ج ١ ص ١٤٥.
(12) البداية والنهاية ج ٢ ص ٢٩١.
(13) سيأتي ذلك في أوائل غزوة بدر إن شاء الله.
|
|
بـ3 خطوات بسيطة.. كيف تحقق الجسم المثالي؟
|
|
|
|
|
دماغك يكشف أسرارك..علماء يتنبأون بمفاجآتك قبل أن تشعر بها!
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تواصل إقامة مجالس العزاء بذكرى شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
|
|
|