مواقع البحار وعلاقتها ببساطة الحدود السياسية البحرية وتعقدها- بحار الاتصال - البحر المتوسط الأمريكي |
1425
08:44 مساءً
التاريخ: 6-1-2022
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-11-2021
1512
التاريخ: 19-12-2021
2658
التاريخ: 25-1-2022
1736
التاريخ: 28-1-2016
2982
|
البحر المتوسط الأمريكي:
هو ذلك البحر الممتد من جنوب الولايات المتحدة إلى سواحل فنزويلا وجمهوريات أمريكا الوسطى، ويشتمل على مسطحين بحريين كبيرين هما خليج المكسيك في الشمال والبحر الكاريبي في الجنوب، وهو يشابه البحر المتوسط الأورو أفريقي في أنه مغلق في الغرب بامتداد اليابس بين الأمريكتين مما دعا إلى فتحه بواسطة قناة بنما - كما حدث بالنسبة لقناة السويس - لكنه يختلف في أنه يتصل بالمحيط الأطلنطي بعشرات الفتحات الواسعة والضيقة بين جزره العديدة، فهو إذن من هذه الناحية يمثل مرحلة وسطى بين البحر المتوسط الأورو أفريقي والآسيوي، وبالمثل فإن مجموعاته الجزرية أقل ضخامة وسكانا من جزر البحر المتوسط الآسيوي، لكنها تشكل ميزان الثقل في الاقتصاديات الأولية في هذا البحر، بالإضافة إلى مصادر البترول في فنزويلا والمكسيك وتكساس.
وفي بداية الكشوف الجغرافية والعقود الكثيرة الغني تليها كان هذا البحر سواحله كلها مسرحا للنفوذ الإسباني، ثم تتابعت القوى الأخرى: فرنسا وهولندا وبريطانيا وأخيرا أمريكا، وباستثناء الوجود الأمريكي الفعال فإن الوجود الإنجليزي والفرنسي والهولندي قد تحول إلى وجود رمزي في جزر صغيرة من مجموعة الأنتيل الصغرى، وإلى جانب القوميات اللاتينية المختلفة، فإن تحول دولة كوبا إلى النظام الاشتراكي قد أدخل عنصرا جديدا من عناصر الصراع السياسي لم يكن له وجود في هذا البحر الأمريكي قلبا وقالبا.
وإلى جانب هذه البحار الغني تيسر الاتصال وتكون طرقا لحركة مستمرة، هناك بحار أخرى أصغر حركة في مرحلة من مراحل التاريخ مثل بحر الشمال والبلطيق والبحر الأحمر، وذلك مرتبط بظروف طبيعية مختلفة مثل اضطراب بحر الشمال المستمر ومعاداته للملاحة القديمة في أحيان كثيرة، وتجمد البلطيق في مواسم معينة، ووعورة وجدب شواطئ البحر الأحمر عامة.
أما البحار الفاصلة فهي تلك الغني تشكلها المحيطات الواسعة مع استثناء جزء كبير من المحيط الهندي بين مدغشقر وشاطئ أفريقيا الشرقي والبحر العربي وخليج بنجال وجزر الهند الشرقية لكن الفصل والاتصال مسألة نسبية تظل مرتبطة بوجود علاقات تجارية وحركة مستمرة، فالأطلنطي الجنوبي بين شواطئ أفريقيا وأمريكا الجنوبية كان سطحا فاصلا، لكنه تحول إلى سرح حركة ملاحية كبيرة بعد الكشوف الجغرافية، وأصبحت موانئ خليج غانا وجنوب أفريقيا مزدهرة بالحركة التجارية المارة من الهند إلى أوروبا، وبعد شق قناة السويس قلت الحركة في هذا الجزء من المحيط، ولم تعد تعبره سوى السفن المتجهة إلى أستراليا وأفريقيا الغربية والجنوبية، ومع هذا التغير هبطت الصراعات الدولية- البرتغالية والإنجليزية والفرنسية والألمانية - في هذه البحار الجنوبية، كذلك كان الأطلنطي الشمالي" بحر الظلمات" قبل الكشوف الجغرافية، لكنه يستأثر الآن بأضخم حركة ملاحية في العالم كله وبعلاقات سياسية متشابكة ومعقدة.
وخلاصة القول أن بحار الاتصال تنتابها تيارات سياسية متشابكة: أوال سياسات الدول القومية المطلة على تلك البحار، وثانيا الدور المؤثر لسياسات القوى الكبرى على مصير واستراتيجية القوى في تلك البحار، وتحليل التيارات السياسية في البحار المتوسطة الثلاثة خير دليل على ذلك، فعلى سبيل المثال نجد البحر المتوسط الأورو أفريقي تنتابه التيارات السياسية التالية منذ مطلع القرن العسرين: فرنسا كانت تعتبر الحوض الغربي للبحر المتوسط بحرا فرنسيا تحف به الأراضي الفرنسية من الشمال (فرنسا) والجنوب (فرنسا عبر البحار في شمال أفريقيا)، وإيطاليا تعد الحوض الأوسط كله بما في ذلك الأدرياتيك بحرا إيطاليا، «وفي عهد موسوليني اعتبرت كل البحر بحيرة إيطالية لكن محك التجربة أثبت غير ذلك«. وبريطانيا كانت تمارس نفوذها الفعال في شرق البحر المتوسط - مصر وفلسطين وقناة السويس - كما كانت تتحكم مفاتيح البحر الهامة في حبل طارق ومالطة.
ثم جاءت نهاية الحرب العالمية الثانية وتكوين حلف الأطلنطي الذي دخلت فيه فرنسا وإيطاليا واليونان وتركيا، وبذلك أصبح البحر المتوسط بحيرة غربية يسيطر عليها الأسطول الأمريكي السادس بالاشتراك مع الأساطيل القومية الأخرى: إيطاليا واليونان وتركيا، أما فرنسا فقد انسحبت من ذلك الحلف، ثم جاءت انتفاضات الدول العربية وحركات الاستقلال على طول الشواطئ الشرقية والجنوبية من البحر المتوسط، وحرم الغرب من قواعد استراتيجية هامة على طول الجبهة العربية: وهران، بيروت، طرابلس، السويس، وذلك في نفس الوقت الذي حلت فيه قوى غربية جديدة في الركن الجنوبي الشرقي: إسرائيل، وتدريجيا تصاعدت حدة التوتر في البحر المتوسط إلى أن أصبحت مياهه ساخنة في مواجهة غربية أمريكية وسوفيتية، وأغلقت قناة السويس، وبذلك ركدت الحركة السياسية ركودا مؤقتا في البحر المتوسط، ولا نعرف ماذا يمكن أن ينتهي الأمر إليه في ظل التيارات السياسية العالمية الراهنة المتجهة إلى " تبريد" المناطق الساخنة في العالم.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
ناقلا تهنئة الامين العام ...وفد الأمانة العامة للعتبة العسكرية المقدسة يزور مقرات القوات الأمنية في سامراء
|
|
|