أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-3-2016
10040
التاريخ: 10-10-2014
5003
التاريخ: 27-09-2015
2911
التاريخ: 10-10-2014
2082
|
يقول تعالى : {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} [سبأ : 12] (1).
أنّ الله تبارك وتعالى حينما سخّر للأب جسماً خشناً وصلباً جدّاً وهو الحديد ، نرى أنّه قد سخّر للإبن موجوداً لطيفاً للغاية ، ولكنّ العملين كانا نافعين وإعجازيين ، جسم صلب يلين لداود ، وأمواج الهواء اللطيفة تجعل محكمة وفعّالة لسليمان !!
ولطافة الريح لا تمنع من أدائه أعمال هامّة ، فمن الرياح ما يحرّك السفن الكبيرة على ظهر المحيطات ، ومنها ما يدير أحجار الطاحونات الهوائية الثقيلة ، ومنها ما يرفع البالونات إلى عنان السماء ويحرّكها كالطائرات.
نعم ، هذا الجسم اللطيف بهذه القدرة الإيجابية سُخّر لسليمان.
أمّا كيف تحمل الريح مقعد سليمان ، (سواء أكانت كرسياً أم بساطاً) ؟ فليس بواضح لنا. والقدر المتيقّن هو أن لا شيء يمثّل مشكلة أو عقبة أمام قدرة الله ، لقد إستطاع الإنسان بقدرته ـ الحقيرة أمام قدرة الله ـ أن يحرّك البالونات والطائرات التي تحمل مئات بل آلاف المسافرين والأحمال الاُخرى في عنان السماء ، فهل أنّ تحريك بساط سليمان بواسطة الريح يشكّل أدنى مشكلة للباري جلّت قدرته ! ؟
ما هي العوامل التي تحفظ سليمان ووسيلة نقله من السقوط أو من ضغط الهواء والمشكلات الاُخرى الناشئة من الحركة في السماء؟ هذه أيضاً من المسائل التي خفيت عنّا تفصيلاتها. ولكن ما نعلمه أنّ تأريخ الأنبياء حافل بخوارق العادة والتي ـ مع الأسف ـ إمتزجت نتيجة جهود بعض الجهلة أو أعداء المعرفة بالخرافات حتّى أضحت الصورة الحقيقية لهذه الاُمور مشوشة وقبيحة ، ونحن نقتنع بهذا الخصوص بالمقدار الذي أشار إليه القرآن الكريم (2).
«غدو» : بمعنى وقت الصبح من النهار ، يقابله «الرواح» بمعنى وقت الغروب من النهار ، ويطلق على الحيوانات عند عودتها إلى مساكنها في آخر النهار للإستراحة ، ويبدو من القرائن في الآية مورد البحث أنّ «الغدو» هنا بمعنى النصف الأوّل من النهار ، و «الرواح» النصف الثّاني منه ، لذا يحتمل في معنى الآية أنّ سليمان (عليه السلام)يقطع في وقت مقداره من الصبح إلى الظهر ـ بمركبه ـ ما يعادل المسافة التي يقطعها المسافرون في ذلك الزمان بشهر كامل ، وكذا نصف النهار الثاني.
بعدئذ تنتقل الآية إلى الموهبة الثّانية التي خصّ الله بها سليمان (عليه السلام) فتقول الآية الكريمة : {وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ} [سبأ : 12].
«أسلنا» من مادّة «سيلان» بمعنى الجريان ، و «القطر» بمعنى النحاس ، والمقصود أنّنا أذبنا له هذا الفلز وجعلناه كعين الماء ، وذهب البعض إلى أنّ «القطر» يعني أنواع الفلزات أو «الرصاص» ، وعلى هذا يكون قد اُلين الحديد للأب ، واُذيبت الفلزات بأجمعها للابن ، ولكن المشهور هو المعنى الأوّل.
كيف يكون النحاس أو الفلزات الاُخرى كعين الماء بين يدي سليمان (عليه السلام)؟ هل أنّ الله علّم هذا النّبي كيفية إذابة هذه الفلزات بكميات كبيرة بطريقة الإعجاز؟ أو جعل عيناً من هذا الفلز المائع تحت تصرفه ، تشبه عيون البراكين وقت فعاليتها ، حيث تنحدر منها على أطراف الجبل بصورة إعجازية ، أو بأي شكل آخر؟ ليس واضحاً لدينا وما نعلمه هو أنّ ذلك أيضاً كان من الألطاف الإلهية على هذا النّبي العظيم.
أخيراً تنتقل الآية إلى بيان الموهبة الإلهية الثالثة لسليمان (عليه السلام) وهي تسخير مجموعة كبيرة من الجنّ لخدمته فتقول الآية : {وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ} [سبأ : 12].
«الجنّ» : وكما هو معلوم من إسمه ، ذلك المخلوق المستور عن الحسّ البشري ، له عقل وقدرة ومكلّف بتكاليف إلهية ـ كما يستفاد من آيات القرآن ـ .
لقد صيغت حول «الجنّ» أساطير وحكايات وقصص خرافية كثيرة ، لو حذفناها لكان أصل وجودهم والصفات الخاصّة بهم التي وردت في القرآن موضوعاً لا يخالف العلم والعقل مطلقاً.
_____________________
1 ـ «لسليمان» جار ومجرور متعلّق بفعل مقدّر تقديره «سخّرنا» كما يفهم بقرينة الآيات السابقة ، وقد صُرّح بذلك في الآية (36) من سورة ص. التي قال فيها سبحانه وتعالى : {فسخّرنا له الريح} . وبعض المفسّرين يعتقد بأنّ (اللام) في {لسليمان} للتخصيص ، إشارةً إلى أنّ المعجزة إختصّ بها سليمان ولم يشاركه فيها أحد من الأنبياء.
2- لقد بحثنا في هذا المورد ، ذيل الآية 81 من سورة الانبياء .
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|