أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-04-2015
3717
التاريخ: 28-3-2016
3327
التاريخ: 29-3-2016
3626
التاريخ: 29-3-2016
3717
|
نهض عمر بن سعد إلى الحسين ( عليه السّلام ) عشية يوم الخميس لتسع مضين من المحرّم ، وجاء شمر حتى وقف على أصحاب الحسين ( عليه السّلام ) فقال : أين بنو أختنا ؟ يعني العباس وجعفر وعبد اللّه وعثمان أبناء عليّ ( عليه السّلام ) . فقال الحسين ( عليه السّلام ) : أجيبوه وإن كان فاسقا فإنّه بعض أخوالكم ؛ وذلك أنّ امّهم امّ البنين كانت من بني كلاب وشمر بن ذي الجوشن من بني كلاب أيضا .
فقالوا له : ما تريد ؟ فقال لهم : أنتم يا بني أختي آمنون فلا تقتلوا أنفسكم مع أخيكم الحسين والزموا طاعة يزيد . فقالوا له : لعنك اللّه ولعن أمانك ! أتؤمننا وابن رسول اللّه لا أمان له ؟
وناداه العباس بن أمير المؤمنين تبّت يداك ولعن ما جئتنا به من أمانك يا عدوّ اللّه ! أتأمرنا أن نترك أخانا وسيّدنا الحسين بن فاطمة وندخل في طاعة اللعناء وأولاد اللعناء ؟ !
ثم نادى عمر بن سعد يا خيل اللّه ! اركبي وبالجنة أبشري . فركب الناس ثم زحف ابن سعد نحوهم بعد العصر والحسين ( عليه السّلام ) جالس أمام بيته محتب بسيفه ، إذ خفق برأسه على ركبتيه ، فسمعت أخته زينب الصيحة ، فدنت من أخيها وقالت : يا أخي ! أما تسمع هذه الأصوات قد اقتربت ؟ فرفع الحسين ( عليه السّلام ) رأسه فقال : إني رأيت رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) الساعة في المنام فقال إنّك تروح إلينا ، فلطمت أخته وجهها ، ونادت بالويل ، فقال لها الحسين ( عليه السّلام ) : ليس لك الويل ، يا اخيّة اسكتي ، رحمك اللّه .
وقال له العباس : يا أخي أتاك القوم فنهض ثم قال : يا عباس اركب - بنفسي يا أخي - أنت حتى تلقاهم وتقول لهم : ما بالكم وما بدا لكم ؟ وتسألهم عمّا جاء بهم ؟ فأتاهم في نحو من عشرين فارسا منهم زهير بن القين وحبيب بن مظاهر فسألهم فقالوا : قد جاء أمر الأمير أن نعرض عليكم أن تنزلوا على حكمه أو نناجزكم ، قال : فلا تعجلوا حتى أرجع إلى أبي عبد اللّه فأعرض عليه ما ذكرتم ، فوقفوا ورجع العباس إليه بالخبر ووقف أصحابه يخاطبون القوم ويعظونهم ويكفّونهم عن قتال الحسين ( عليه السّلام ) .
فلما أخبره العباس بقولهم قال له : ارجع إليهم فإن استطعت أن تؤخّرهم إلى غدوة وتدفعهم عنّا العشية لعلّنا نصلّي لربّنا الليلة وندعوه ونستغفره فهو يعلم أني كنت أحبّ الصلاة له وتلاوة كتابه وكثرة الدعاء والاستغفار .
فسألهم العباس ذلك ، فتوقف ابن سعد ، فقال له عمرو بن الحجاج الزبيدي : سبحان اللّه ! واللّه لو أنّهم من الترك أو الديلم وسألونا مثل ذلك لأجبناهم ، فكيف وهم آل محمد ؟ ! وقال له قيس بن الأشعث بن قيس :
أجبهم ، لعمري ليصبحنّك بالقتال . فأجابوهم إلى ذلك .
وجمع الحسين ( عليه السّلام ) أصحابه عند قرب المساء . قال الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) : فدنوت منه لأسمع ما يقول لهم وأنا إذ ذاك مريض ، فسمعت أبي يقول لأصحابه : اثني على اللّه أحسن الثناء وأحمده على السرّاء والضرّاء ، اللهم إني أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوة وعلّمتنا القرآن وفقّهتنا في الدين ، وجعلت لنا أسماعا وأبصارا وأفئدة فاجعلنا لك من الشاكرين .
( أمّا بعد ) فإني لا أعلم أصحابا أوفى ولا خيرا من أصحابي ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتي ، فجزاكم اللّه عني خيرا ألا وإنّي لأظنّ أنه آخر يوم لنا من هؤلاء ألا وإني قد أذنت لكم فانطلقوا جميعا في حلّ ليس عليكم منّي ذمام ، هذا الليل قد غشيكم فاتّخذوه جملا ، وليأخذ كل واحد منكم بيد رجل من أهل بيتي وتفرّقوا في سواد هذا الليل وذروني وهؤلاء القوم ؛ فإنّهم لا يريدون غيري .
فقال له اخوته وأبناؤه وبنو أخيه وأبناء عبد اللّه بن جعفر : ولم نفعل ذلك ؟ لنبقى بعدك ؟ لا أرانا اللّه ذلك أبدا . بدأهم بهذا القول أخوه العباس بن أمير المؤمنين واتبعه الجماعة عليه فتكلموا بمثله ونحوه .
ثم نظر إلى بني عقيل فقال : حسبكم من القتل بصاحبكم مسلم إذهبوا قد أذنت لكم ، قالوا : سبحان اللّه ! فما يقول الناس لنا وما نقول لهم ، إنّا تركنا شيخنا وسيّدنا وبني عمومتنا خير الأعمام ولم نرم معهم بسهم ولم نطعن معهم برمح ولم نضرب معهم بسيف ولا ندري ما صنعوا ، لا واللّه ما نفعل ذلك ولكنّنا نفديك بأنفسنا وأموالنا وأهلينا ونقاتل معك حتى نرد موردك ، فقبّح اللّه العيش بعدك .
وقام إليه مسلم بن عوسجة الأسدي فقال : أنحن نخلّي عنك وقد أحاط بك هذا العدّو ؟ وبم نعتذر إلى اللّه في أداء حقّك ؟ لا واللّه لا يراني اللّه أبدا وأنا أفعل ذلك حتى أكسر في صدورهم رمحي وأضاربهم بسيفي ما ثبت قائمه بيدي ، ولو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به ؛ لقذفتهم بالحجارة ولم أفارقك أو أموت معك .
وقام سعيد بن عبد اللّه الحنفي فقال : لا واللّه يا ابن رسول اللّه لا نخلّيك أبدا حتّى يعلم اللّه أنّا قد حفظنا فيك وصيّة رسوله محمّد ( صلّى اللّه عليه واله ) واللّه لو علمت أني اقتل فيك ثم أحيا ثم احرق ثم اذرى يفعل ذلك بي سبعين مرّة ؛ ما فارقتك حتى ألقى حمامي دونك ، وكيف لا أفعل ذلك وإنّما هي قتلة واحدة ثمّ أنال الكرامة التي لا انقضاء لها أبدا .
وقام زهير بن القين وقال : واللّه يا ابن رسول اللّه لوددت أني قتلت ثم نشرت ألف مرّة وأنّ اللّه تعالى يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن نفس هؤلاء الفتيان من إخوانك وولدك وأهل بيتك .
وتكلّم بقيّة أصحابه بكلام يشبه بعضه بعضا وقالوا : أنفسنا لك الفداء نقيك بأيدينا ووجوهنا ، فإذا نحن قتلنا بين يديك نكون قد وفينا لربّنا وقضينا ما علينا[1].
وأمر الحسين ( عليه السّلام ) أصحابه أن يقرّبوا بين بيوتهم ، ويدخلوا الأطناب بعضها في بعض ، ويكونوا بين يدي البيوت كي يستقبلوا القوم من وجه واحد والبيوت من ورائهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم قد حفّت بهم إلّا الوجه الذي يأتيهم منه عدوّهم .
وقام الحسين ( عليه السّلام ) وأصحابه الّليل كله يصلّون ويستغفرون ويدعون ، وباتوا ولهم دويّ كدويّ النحل ما بين راكع وساجد وقائم وقاعد ، فعبر إليهم في تلك الليلة من عسكر ابن سعد اثنان وثلاثون رجلا .
قال بعض أصحاب الحسين ( عليه السّلام ) : مرّت بنا خيل لابن سعد تحرسنا وكان الحسين ( عليه السّلام ) يقرأ وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ ، ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ فسمعها رجل من تلك الخيل يقال له عبد اللّه بن سمير فقال : نحن وربّ الكعبة الطيّبون ميزنا منكم ، فقال له برير بن خضير :
يا فاسق أنت يجعلك اللّه من الطيبين ؟ ! فقال له : من أنت ويلك ؟ قال : أنا برير بن خضير فتسابّا ، فلمّا كان وقت السحر خفق الحسين ( عليه السّلام ) برأسه خفقة ثم استيقظ فقال : « رأيت كأنّ كلابا قد جهدت تنهشني وفيها كلب أبقع رأيته أشدّها عليّ وأظنّ أنّ الذي يتولّى قتلي رجل أبرص »[2].
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|