أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-04-2015
3160
التاريخ: 12-4-2016
5888
التاريخ: 20-10-2015
11092
التاريخ: 13-4-2016
4752
|
قد عرفت أنّ الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) لم يترك مدينة جدّه الرسول ( صلّى اللّه عليه وآله ) بل بقي مرابطا فيها مشغولا بتربية الامّة تربية فكرية وأخلاقية ، وكان كلّ جمعة يعظهم ويحذّرهم من الدنيا وحبائلها ومكائدها التي جعلت كثيرا من أهل عصره في أسرها ، وممّا قاله في التحذير من الدنيا والتزهيد فيها[1]:
1 - « كفانا اللّه وإيّاكم كيد الظالمين وبغي الحاسدين وبطش الجبّارين ، أيّها المؤمنون لا يفتنّنكم الطواغيت وأتباعهم من أهل الرغبة في الدنيا المائلون إليها ، المفتونون بها ، المقبلون عليها وعلى حطامها[2] الهامد[3] وهشيمها البائد غدا ، واحذروا ما حذّركم اللّه منها ، وازهدوا فيما زهّدكم اللّه فيه منها ، ولا تركنوا إلى ما في هذه الدنيا ركون من أعدّها دارا وقرارا[4] ، وباللّه إنّ لكم ممّا فيها عليها دليلا من زينتها وتصريف أيامها[5] وتغيير انقلابها ومثلاتها وتلاعبها بأهلها ، إنّها لترفع الخميل وتضع الشريف ، وتورد النار أقواما غدا ، ففي هذا معتبر ومختبر وزاجر لمنتبه » .
2 - الوصيّة بالتقوى والإنابة إلى اللّه تعالى والتحذير من معونة الظلمة :
« فاتقوا اللّه واستقبلوا من إصلاح أنفسكم وطاعة اللّه وطاعة من تولّونه فيها ، لعلّ نادما قد ندم على ما قد فرّط بالأمس في جنب اللّه ، وضيّع من حقّ اللّه ، واستغفروا اللّه وتوبوا إليه ، فإنّه يقبل التوبة ، ويعفو عن السيئات ، ويعلم ما تفعلون ، وإيّاكم وصحبة العاصين ومعونة الظالمين ومجاورة الفاسقين ، احذروا فتنتهم ، وتباعدوا من ساحتهم » .
3 - موالاة أولياء اللّه عزّ وجلّ :
« وأعلموا أنّه من خالف أولياء اللّه ودان بغير دين اللّه واستبدّ بأمره دون أمر وليّ اللّه في نار تلتهب ، تأكل أبدانا قد غابت عنها أرواحها ، وغلبت عليها شقوتها ، فهم موتى لا يجدون حرّ النار ، فاعتبروا يا اولي الأبصار ، واحمدوا اللّه على ما هداكم ، واعلموا أنّكم لا تخرجون من قدرة اللّه إلى غير قدرته ، وسيرى اللّه عملكم ثم تحشرون ، فانتفعوا بالعظة ، وتأدّبوا بآداب الصالحين » .
4 - « إنّ علامة الزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة تركهم كلّ خليط[6] وخليل ، ورفضهم كلّ صاحب لا يريد ما يريدون . ألا وإنّ العامل لثواب الآخرة هو الزاهد في عاجل زهرة الدنيا ، الآخذ للموت أهبته ، الحاثّ على العمل قبل فناء الأجل ونزول ما لا بدّ من لقائه ، وتقديم الحذر قبل الحين ، فإنّ اللّه عزّ وجلّ يقول : حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ[7] ، فلينزل أحدكم اليوم نفسه في هذه الدنيا كمنزلة المكرور إلى الدنيا ، النادم على ما فرّط فيها من العمل الصالح ليوم فاقته » .
5 - « واعلموا عباد اللّه أنّه من خاف البيات تجافى عن الوساد ، وامتنع من الرقاد ، وأمسك عن بعض الطعام والشراب من خوف سلطان أهل الدنيا ، فكيف ؟ ويحك يا بن آدم من خوف بيات سلطان ربّ العزّة ، وأخذه الأليم ، وبياته لأهل المعاصي والذنوب مع طوارق المنايا بالليل والنهار ، فذلك البيات الذي ليس منه منجى ، ولا دونه ملتجأ ولا منه مهرب ، فخافوا اللّه أيّها المؤمنون من البيات خوف أهل التقوى ، فإنّ اللّه يقول : ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ[8] ، فاحذروا زهرة الحياة الدنيا وغرورها وشرورها ، وتذكّروا ضرر عاقبة الميل إليها ، فإنّ زينتها فتنة وحبّها خطيئة .
6 - « فاتّقوا اللّه عباد اللّه وتفكّروا ، واعملوا لما خلقتم له فإنّ اللّه لم يخلقكم عبثا ولم يترككم سدى ، قد عرّفكم نفسه ، وبعث إليكم رسوله ، وأنزل عليكم كتابه ، فيه حلاله وحرامه وحججه وأمثاله ، فاتّقوا اللّه فقد احتجّ عليكم ربّكم فقال : أَ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ [9]، فهذه حجّة عليكم ، فاتّقوا اللّه ما استطعتم ، فإنّه لا قوة إلّا باللّه ولا تكلان إلّا عليه ، وصلّى اللّه على محمد نبيّه وآله » .
7 - « إنّ الدنيا قد ارتحلت مدبرة ، وإنّ الآخرة قد ترحّلت مقبلة ، ولكلّ واحد منهما بنون ، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا ، فكونوا من الزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة ، لأنّ الزاهدين في الدنيا اتّخذوا الأرض بساطا ، والتراب فراشا ، والمدر وسادا ، والماء طيبا ، وقرضوا المعاش من الدنيا تقريضا ، اعلموا أنّه من اشتاق إلى الجنّة سارع إلى الحسنات وسلا عن الشهوات ، ومن أشفق من النار ؛ رجع عن المحرمات ، ومن زهد في الدنيا هانت عليه مصائبها ولم يكرهها ، وإنّ للّه عزّ وجلّ لعبادا قلوبهم معلّقة بالآخرة وثوابها وهم كمن رأى أهل الجنّة في الجنّة مخلّدين منعّمين ، وكمن رأى أهل النار في النار معذّبين ، شرورهم مأمونة ، وقلوبهم محزونة ، أنفسهم عفيفة ، وحوائجهم خفيفة ، صبروا أيّاما قليلة فصاروا بعقبى راحة طويلة ، أمّا الليل فصافّون أقدامهم ، تجري دموعهم على خدودهم ، وهم يجأرون إلى ربّهم[10] ، يسعون في فكاك رقابهم ، وأمّا النهار فحلماء علماء بررة أتقياء ، كأنهم القداح[11] قد براهم الخوف من العبادة ، ينظر إليهم الناظر فيقول : مرضى ، وما بالقوم من مرض أم خولطوا فقد خالط القوم أمر عظيم من ذكر النار وما فيها » .
[1] تحف العقول لابن شعبة الحرّاني : 182 - 184 / ط . مؤسسة الأعلمي – بيروت
[2] الحطام : القشر ، والمعنى : أنّ ما فيها من مال كثير أو قليل يغنى ولا يبقى .
[3] الهامد : اليابس .
[4] القرار : ما قرّ فيه أي فعل فيه السكن أو السكون .
[5] تصريف أيامها : تحوّلها من وجه إلى وجه .
[6] خليط : مخالط ، مجالس .
[7] المؤمنون ( 23 ) : 99 و 100 .
[8] إبراهيم ( 14 ) : 14 .
[9] البلد ( 90 ) : 8 - 10 .
[10] يجأرون إلى ربّهم : يتضرّعون اليه تعالى .
[11] القداح : مفردها قدح وهو السهم قبل أن ينصل ويراش .
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|