أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-01
1615
التاريخ: 2023-04-01
1280
التاريخ: 20-10-2014
4299
التاريخ: 2023-07-22
1563
|
المعقول القصدي
الحرف المقصـود هو الذي ترتضيه الجماعة حرفاً لها، وان الدماغ يعوض ضعف الحواس، وليس المهم جرس الحرف فقط، بل انتاجه أيضاً بالإرادة وتوظيفه للدلالة، ويرى شومسكي أن النظرية اللغوية هي نظرية عقلانية تعنى باكتشاف الحقيقة العقلية الكامنة تحت السلوك الفعلي وهنـاك بيت لكـل رمز حرفي، وقيمة معينة لهذا الرمز، وكل بيت تتوقف معرفته على عدد من القيم التي يمكن لرمزه أن يأخذها، ولكل حرف شخصية اعتبارية مستقلة بذاتها افراداً وتركيباً معنى ونطقاً، صوتاً وكتابة وان الحرف اللغوي الواحد يتكون من مجموعة سيات تمايزية مختلفة يؤدي اتحادها فيما بينها إلى المفارقة بين هذا الحرف وجميع الحروف الأخرى في اللغة الواحدة .
64
والمخ لدى الإنسان مزود بما يسمى مناطق الترابط، وهي المناطق التي تربط بين مراكز الإحساس البصري والسمعي واللمسي معاً، وتتركز الروابط المسؤولة عن وظائف الكلام في أحد شقي المخ فقط «الشق الأيسر عادة» إذ توجـد التركيبات الترابطية التخصصية التي تقوم بالتحويل الضروري للإشارات البصرية السمعية إلى تكـويـنـات لفظية مسموعة
ومنطوقة ومقروءة .
وعندما يحدث تفاعل كيميائي بين العناصر المكونة للخلية ينتج تياراً كـهـربـائياً تحمله الخيوط العصبية إلى العضلات فتسبب حركـة أعضـاء الكلام، ويخطط المخ للعملية الكلامية باعتبارها كلا لا يتجزأ، وهذه العملية معقدة تتطلب توجيه ومراقبة عدد كبير من العضلات وتصحيح سلوكها أيضاً.
كما يعمل المخ على توظيف التعبير ليتيح للإنسان الاتصال والابلاغ خارجياً، والإفصاح عن عقله ومدى اكتناهه وإدراكه للأمور داخلياً، خلال الأعصاب المتوزعة في جميع أنحاء الجسم التي ترتبط بالحواس الخمس وهي العين والأذن والأنف واللسان والجلد .
وهكذا يكون الحرف المقصود على علاقة بالشيء الذي أردنا تسميته خلال عمل المخ يمكن أن نفهم كيف أن الإنسان العربي استطاع أن يضبط مخرج التاء كلمة تف الشيء المستكره المذاق مثلا وكيف استطاع أن يجرده من الصـوت الطبيعي، وبالتالي تحديد الجهة التي تستخدم بها الصورة العقلية .
فالصورة عندما تكون لغوية يكون القصد فيها واضحاً بيناً، يتمثل في هذا الحرف الذي ضبطه، وأخذ الصورة التي تناسب النطق، ولفظ بها على صورة حرف يرمز إلى صفة من صفات هذا الشيء المعقول دون صفاته
65
الأخرى التي لا يحتاجها فيها يقصد إليه .
ولكن ما هو مهم هو ما تتعارف عليه جماعة معينة كرمز لمفهوم مجرد عن المادية المحسوسة مثل اصطفاق أجنحة الطيور التي نسمعها كتتابع طاءات ط ط ط التي أصبحت الجذر اللغوي للطاء التي نعثر عليها الآن بكل يسر وسهولة في لفظ وطواط .
وسـواء استقى الخليل بن أحمد الفراهيدي المبدأ الذي اعتمده في ترتیب حروف الهجاء في معجمه «العين» من علماء السنسكريتية كما يعتقد بعض العلماء أو أن ذلك الترتيب كان من ابتكاره ، فان هذا المبدأ هو منتوج عقل رياضي فذ اهتدى إلى نظرية المجموعات في صيغتها المعاصرة كما يرى الباحث محمد عنبر في كتابه جدلية الحرف العربي .
وما يهمنا . الانتقال من التعميم إلى التخصيص عند الحديث عن الحرف معتمدين على النظرة إلى الأجزاء من خلال الكل، وإبراز الوحدة من خلال التعدد والإقرار بأهمية الاعتماد في التصنيف على البنية الداخلية وليس المظاهر الخارجية وحدها.
ويكفي أن نلاحظ أن الأسماء المشتقة وهي مقولات النحاة تتمايز فيها
بينهـا بالإصـاتـة ففاعل الألف للفعل كـ «قاتل» ومفعول الواو للانفعال كـ «مجروح» وفعيل الياء للفعل كـ «كريم» وفعال الشد والألف للفعل مع الكثرة كـ «سباق» وأفعل ألف القطع للتفضيل كأحسن وهكذا .
ومن خلال هذه الأمثلة نجد أن الصورة الصوتية هي التي تعطي للكثير من المشتقات دلالتها المنطقية، وكما يقول الدكتور «تمام حسان» في كتابه «اللغة العربية معناها ومبناها» أن للأبنية والقوالب العربية وظيفة فكرية منطقية يتعلم منها أبناء العربية المنطق والتفكير المنطقي بطريقة ضمنية فطرية .
66
كما يجمع علماء البلاغة على أن أساليب البيان في اللسان العربي
ترجع كلها إلى التشبيه ، ويرى الجرجاني أن سر الإعجاز في التشبيه عندما
يستوفي شروطه البيانية والبلاغية، وهو الذي يستهدف الانتقال بالمخاطب
من المعقول إلى المحسوس، ولا يزيد التشبيه عن كونه قياساً .
أما القتيبي فانه يقول ان أصل الحرف السكون أي الاستقرار على
حال معينة، والسكون حركة مستقرة في حالة توازن، كالنظام في الأسرة فهو
سكن لها واستقرار، وهو شكل يضم بالتبعية والضرورة مضموناً سليماً لذلك
كان قياس الحرف بسكونه .
ويقـول حسن عباس ان بعض أصوات الحروف يوحي بأحاسيس
لمسية وبعضها الآخر بأحاسيس ذوقية، وان لكل من حواس الشم والبصر
والسمع أصوات حروف تثير فينا الأحاسيس في هرم طبقي متدرج قاعدته
حاسة اللمس وذروته المشاعر الإنسانية .
وهكذا نجد أن الألفاظ اللغوية ، كما هي عليه الآن، لم تكن موجودة
إلا بعد أن جاء الإنسان بأصوات الطبيعة وقطعها واختزلها وآلف فيها بينها ،
هذا الإنسان الذي أدرك الأشياء قبل أن يعقلها، وعقلها قبل أن ينطقها،
ونطقها قبل أن يعرفها كتابة، وسوف نختار لكل حرف وصفاً يحدده سواء
أكان معقولاً أو منطوقاً أو مكتوباً، فالألف على سبيل المثال أليفة في المعنى ،
هاوية في النطق، سيفية في الكتابة .
أما إذا كنت قد أكثرت من الاستشهاد بأقوال لغويينا القدامى
والمحدثين وجعلها تزاحم بعضها بعضاً دون فصل أو تعقيب أو تعليق ،
فليس ذلك إلا تبياناً وإيضاحاً لفكرة علاقة الحرف بالمعنى من جهة، ومن
جهة ثانية لتوضيح ارتباط المعنى بالقصد، وليس إطلاق ذلك كيفها اتفق ،
کما يتبادر للذهن دون تقييد أو ضبط أو تعيين .
67
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تستعدّ لتكريم عددٍ من الطالبات المرتديات للعباءة الزينبية في جامعات كركوك
|
|
|