المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8926 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



موجبات الافطار  
  
292   11:40 صباحاً   التاريخ: 2025-02-17
المؤلف : ابن ادريس الحلي
الكتاب أو المصدر : السرائر
الجزء والصفحة : ج 1 ص 390
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / المسائل الفقهية / الصوم / المفطرات /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-12-2016 1073
التاريخ: 2024-10-19 794
التاريخ: 2-2-2020 1483
التاريخ: 2024-07-21 807

شروط السفر الذي يوجب الإفطار ، ولا يجوز معه صوم شهر رمضان ، في المسافة والصفة ، وغير ذلك ، هي الشروط التي ذكرناها في كتاب الصلاة ، الموجبة لقصرها ، فإن تكلّف المسافر الصوم ، مع العلم بسقوطه عنه ، حرج وأثم ، ووجب عليه القضاء ، على كل حال ، وإن لم يكن عالما به ، كان صومه ماضيا.

ويكره للإنسان السفر في شهر رمضان ، إلا عند الضرورة الداعية له إلى ذلك ، من حج ، أو عمرة ، أو الخوف من تلف مال ، أو هلاك أخ ، أو ما يجزى مجراه ، أو زيارة بعض المشاهد المقدسة ، فإذا مضى ثلاثة وعشرون يوما من الشهر ، جاز له الخروج الى حيث شاء ، ولم يكن سفره مكروها.

ومتى كان سفره أربعة فراسخ ، ولم يرد الرجوع فيه من يومه ، لم يجز له الإفطار ، ويجب عليه الصيام ، وكذا يجب عليه إتمام الصلاة ، وقد وردت رواية شاذة ، بأنّه يكون مخيرا بين إتمام الصلاة ، وبين قصرها (1) وهو الذي أورده شيخنا أبو جعفر الطوسي ، في نهايته (2)، وذهب شيخنا المفيد ، إلى التخيير في الصلاة والصيام ، والأول هو المعتمد ، وقد أشبعنا القول في هذا في كتاب الصلاة.

وإذا خرج الإنسان إلى السفر ، بعد طلوع الفجر ، أي وقت كان من النهار ، وكان قد بيّت نيته من الليل للسفر ، وجب عليه الإفطار ، بغير خلاف بين أصحابنا ، وإن لم يكن قد بيّت نيّته من الليل للسفر ، ثم خرج بعد طلوع الفجر ، فقد اختلف قول أصحابنا في ذلك ، فذهب شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه‌ الله إلى أنّه يجب عليه إتمام ذلك اليوم ، وليس عليه قضاؤه ، فإن أفطر فيه ، وجب عليه القضاء والكفارة ، ويستدل بقوله تعالى: (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) (3)

والذي يقال في ذلك ، أنّ هذا خطاب لمن يجب عليه الصيام ، ومكلّف به في جميع يومه ، ويخرج المسافر من تلك الآية ، قوله تعالى: (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ) (4) وأيضا فالحائض في وسط النهار ، يجب عليها أن تعتقد أنّها مفطرة ، بغير خلاف ، وخرجت من الآية ، وما وجب عليها الإتمام ، وكذلك من بيّت نيته للسفر من الليل ، هو قبل خروجه من منزله وقبل أن يغيب عنه أذان مصره ، مخاطب بالصيام ، مكلّف به ، لا يجوز له الإفطار ، فإذا توارى عنه الأذان ، يجب عليه الإفطار ، وما وجب عليه التمام للصيام الذي كان واجبا عليه الإمساك والصيام قبل خروجه ، وبالإجماع يجب عليه الإفطار ، ولم يجب عليه الإتمام فقد خرج من عموم الآية المستدل بها ، وخصّص ، فإذا ساغ له التخصيص ساغ لخصمه ذلك وبطل استدلاله بالعموم ، لأنّه المستدلّ به وما سلم له ، وكلّ من استدل بعموم ، ولم يسلم له ، وخصّصه ، ساغ لخصمه تخصيصه ، لأنّه ما هو أولى بالتخصيص من خصمه ويبطل استدلاله بالعموم.

وذهب شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان رحمه‌ الله إلى أنّه متى خرج إلى السفر قبل الزوال ، فإنّه يجب عليه الإفطار ، فإن صامه ، لا يجزيه صيامه ، ووجب عليه القضاء ، وإلى هذا القول أذهب ، وبه افتي ، لأنّه موافق لظاهر التنزيل ، والمتواتر من الأخبار.

وقال ابن بابويه في رسالته : يجب عليه الإفطار ، وإن خرج بعد العصر والزوال ، وهذا القول عندي أوضح من جميع ما قدّمته من الأقوال ، لأنّ أصحابنا مختلفون في ذلك ، وليس على المسألة ولا قول بها إجماع منعقد ، ولا أخبار مفصّلة متواترة بالتفصيل والتخصيص ، وإذا كان كذلك ، فالتمسّك بالقرآن أولى ، لأنّ هذا مسافر ، بلا خلاف ، ومخاطب بخطاب المسافرين ، من تقصير صلاة وغير ذلك.

وإذا خرج الرجل والمكلّف بالصيام إلى السفر ، فلا يتناول شيئا من الطعام أو الشراب ، أو غير ذلك من المفطرات إلى أن يغيب عنه أذان مصره ، وقد روي ، أو يتوارى عنه جدران بلده (5) والاعتماد على الأذان المتوسط.

ويكره له أن يتملّى من الطعام ، ويروي من الشراب ، ويزيد الكراهة ، وتتأكد في قرب الجماع ، إلا عند الحاجة الشديدة إلى ذلك.

وقال شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه‌ الله: ولا يجوز له أن يقرب الجماع ، وهذا اللفظ الذي هو لا يجوز يحتمل تغليظ الكراهة ، ويحتمل الحظر ، ولا دليل على الحظر ، لأنّه غير مكلّف بالصيام ، وهو داخل في قوله تعالى : ( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّى شِئْتُمْ ) (6) وغير ذلك من الآيات المقتضية للإباحة ، والشي‌ء إذا كان عندهم شديد الكراهة ، قالوا لا يجوز ، وهذا شي‌ء يعرف بالقرائن والضمائم.

ويكره صيام النوافل في السفر على كل حال ، وهو مذهب شيخنا أبي جعفر الطوسي رحمه‌ الله في نهايته (7) واستبصاره (8) ، ومذهب شيخنا المفيد رحمه‌ الله فإنّه ذكر في مقنعته فقال : ولا يجوز لأحد أن يصوم في السفر تطوعا ، ثم قال : وقد روي حديث في جواز التطوع في السفر بالصيام (9) ، وجاءت أخبار بكراهية ذلك ، وأنّه ليس من البر الصيام في السفر (10) وهي أكثر، وعليها العمل ، عند فقهاء العصابة ، فمن عمل على أكثر الروايات ، واعتمد على المشهور منها ، في اجتناب الصيام في السفر ، على كلّ وجه ، كان أولى بالحق ، والله الموفق للصواب (11) هذا آخر كلام المفيد.

وهذا القول هو الحقّ والصواب ، لأنّ الأصل براءة الذمة ، من الواجب والمندوب ، فمن ادّعى تكليفا مندوبا أو واجبا ، فإنّه يحتاج في إثباته إلى دليل شرعي ، وإلا فالأصل عدم التكليف ، وهو أيضا مذهب جلّة المشيخة الفقهاء من أصحابنا المحصّلين ، فإذا كان دليل الإجماع على المسألة مفقودا ، لأنّهم مختلفون فيها ، بقي أنّ الأصل براءة الذمة من التكليف ، فمن شغلها بواجب أو ندب يحتاج إلى دليل.

وصيام الثلاثة الأيام في الحج واجب في السفر ، كما قال الله تعالى (فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ) (12) وقد وردت الرغبة في صيام ثلاثة أيام ، بالمدينة لصلاة الحاجة (13).

ومن كان عليه صيام فريضة أو قضاء شهر رمضان ، أو كفارة ظهار ، أو كفارة قتل الخطأ ، أو غير ذلك ، من وجوه الصيام المفروضة ، لم يجز له أن يصومه في السفر ، فإن فعل في السفر شيئا يلزمه به الصيام ، انتظر قدومه إلى بلده ، ولا يصوم في السفر ، فإن نوى مقام عشرة أيام فصاعدا ، في بلد غير بلده ، جاز له حينئذ الصيام.

وأمّا صيام النذر ، فإن كان الناذر قد نذر أن يصوم أياما بأعيانها ، أو يوما بعينه ، ووافق ذلك اليوم أو الأيام أن يكون مسافرا ، وجب عليه الإفطار ، وكان عليه القضاء ، وكذلك إن اتفق أن يكون ذلك اليوم ، يوم عيد ، وجب عليه الإفطار ، ولا قضاء عليه ، على الصحيح الأقوال.

وذهب شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه‌ الله إلى وجوب القضاء في نهايته (14) ، ورجع عنه في مبسوطة (15) ، لأنّ القضاء عما انعقد عليه النذر ، ويوم العيد ، لا يجوز نذره ، ولا ينعقد ، وهو مستثنى من الأيام ، وإلى ما اخترناه ذهب ابن البراج ، وغيره من أصحابنا ، وما أورده شيخنا في نهايته ، خبر واحد ، لا يوجب علما ولا عملا ، وقد بيّنا انّ أخبار الآحاد ، لا يجوز العمل بها في الشريعة ، عند أهل البيت عليهم ‌السلام ، وانّما أورده إيرادا لا اعتقادا ، على ما ذكرناه من الاعتذار.

وإن كان الناذر نذر أن يصوم ذلك اليوم ، أو الأيام على كل حال ، مسافرا كان أو حاضرا ، فإنّه يجب عليه الصيام في حال السفر.

ويجوز صيام الاعتكاف في حال السفر ، وكذلك صيام الثمانية عشر يوما ، لمن أفاض من عرفات قبل غروب الشمس عامدا ، ولم يجد الجزور.

والمريض الذي لا يقدر على الصيام ، أو يضرّ به ، يجب عليه الإفطار ، ولا يجزي عنه إن صامه ، بعد تقدّم علمه بوجوب الإفطار ، فإن لم يتقدم له العلم بذلك ، ولا عرف الحكم فيه ، وصام ، فانّ صيامه صحيح ، ولا يجب عليه القضاء.

فإن أفطر في أول النهار ، ثم صحّ فيما بقي منه ، أمسك تأديبا ، وكان عليه القضاء.

فإن لم يصح المريض ، ومات من مرضه الذي أفطر فيه ، يستحب لولده الأكبر من الذكور ، أن يقضي عنه ، ما فاته من الصيام ، وليس ذلك بواجب عليه.

فإن برئ من مرضه ذلك ، ولم يقض ما فاته ، ثم مات ، وجب على وليه أن يقضي عنه ، وكذلك إن كان قد فاته شي‌ء من الصيام في السفر ، ثم مات قبل أن يقضي ، وكان متمكنا من القضاء ، وجب على وليه أن يصوم عنه.

فإن فات المريض صوم شهر رمضان ، واستمر به المرض إلى رمضان آخر ، ولم يصح فيما بينهما ، صام الحاضر وقضى الأوّل.

وذهب شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه‌ الله إلى أنّه يتصدّق عن الأوّل عن كل يوم ، بمدين من طعام ، فإن لم يمكنه فبمد منه ، فإن لم يتمكن ، لم يكن عليه شي‌ء ، وليس عليه قضاء.

والأوّل يعضده ظاهر التنزيل ، وهو قوله تعالى : ( فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ ) (16) فأوجب على المريض القضاء ، فمن أسقطه يحتاج إلى دليل ، ولا إجماع معنا في المسألة ، والقائل بما ذهب إليه شيخنا قليل ، فبقي ظاهر التنزيل ، فلا يجوز العدول عنه بغير دليل ، وانما قد ورد به أخبار آحاد ، لا توجب علما ولا عملا.

وذهب ابن بابويه في رسالته ، إلى أنّ الرجل إذا مرض ، وفاته صوم شهررمضان كلّه ، ولم يصمه إلى أن يدخل عليه شهر رمضان قابل ، فعليه أن يصوم الذي دخل ، ويتصدق عن الأول كل يوم بمد من طعام ، وليس عليه القضاء ، إلا أن يكون صح فيما بين شهري رمضان ، فإن كان كذلك ، ولم يصح ، فعليه أن يتصدق عن الأول لكل يوم ، بمد من طعام ، ويصوم الثاني ، فإذا صام الثاني ، قضى الأول بعده ، فإن فاته شهرا رمضان ، حتى دخل الشهر الثالث. من مرض ، فعليه أن يصوم الذي دخل ، ويتصدّق عن الأول ، لكل يوم بمد من طعام ، ويقضي الثاني ، هذا آخر كلامه ، ألا تراه ، قد أوجب قضاء الثاني مع استمرار المرض.

وبالجملة ، انّ المسألة فيها خلاف ، وليس على ترك القضاء إجماع منعقد ، فإن صح فيما بين الرمضانين ، ولم يقض ما عليه ، وكان في عزمه القضاء ، قبل رمضان الثاني ، ثم مرض ، صام الثاني ، وقضى الأول ، وليس عليه كفارة ، وإن أخّر قضاءه بعد الصحة توانيا ، وجب عليه أن يصوم الثاني ، ويتصدق عن الأول ، ويقضيه أيضا بعد ذلك ، وحكم ما زاد على رمضانين حكم رمضانين على السواء ، وكذلك لا يختلف الحكم ، في أن الذي فاته الشهر كله ، أو بعضه ، بل الحكم فيه سواء ، هذا مذهب شيخنا أبي جعفر الطوسي رحمه‌ الله في نهايته (17) ، وجمله وعقوده (18) ، إلا أنّه لم يذكر في مسألة من كان في عزمه القضاء ، قبل رمضان الثاني ثم مرض فرقا.

قال محمّد بن إدريس : وجه الفتوى في التواني ، والعزم على ما أورده رحمه‌ الله أنّه إذا كان عازما على أدائه وقضائه ، قبل تضيّق أيامه وأوقاته ، ثم لمّا تضيّق ، مرض في الزمان المضيّق ، حتى أسهل رمضان الثاني ، فلا تجب عليه الكفارة ، فأمّا إذا لم يمرض في زمان التضييق ، فإنّه يجب عليه الكفارة ، لأنّه متوان ، ولا ينفعه عزمه ، لأنّه فرض مضيّق ، فلا يكون العزم ، بدلا منه ، فافترق الأمر بين المسألتين ، وشي‌ء آخر ، وهو انّ العزم بدل من فعل الواجب الموسع ، فإذا تركه فقد أخلّ بالواجب الذي هو العزم ، فيجب عليه الكفارة ، لأجل تركه الواجب الذي هو العزم.

فأمّا إذا عزم ، وضاق الوقت ، وترك الصوم فقد توانى ، فيجب عليه الكفارة ، لأنّه صار واجبا مضيّقا ، فما بقي يفيد العزم.

فأمّا إذا عزم ، وضاق الوقت ، ومرض ، فلا يجب الكفارة ، لأنّه ما أخل بالواجب الذي هو العزم ، فأمّا إذا لم يعزم ، ومرض في الزمان الذي قد تضيّق عليه ، فيجب أيضا عليه الكفارة ، لإخلاله بالواجب الذي هو العزم ، فهذا يمكن أن يكون وجه الفتيا ، على ما أورده شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه‌ الله.

والذي اعتقده ، وافتي به ، سقوط الكفارة عمن أوجبها عليه ، لأنّ الأصل براءة الذمة من العبادات ، والتكاليف ، وإخراج الأموال ، إلا بالدليل الشرعي القاطع للأعذار ، والقرآن خال من هذه الكفارة ، والسنة المتواترة خالية أيضا ، والإجماع غير منعقد على وجوب هذه الكفارة ، لأنّ أكثر أصحابنا لا يذهبون إليها ، ولا يوردونها في كتبهم ، مثل الفقيه سلار ، والسيد المرتضى ، وغيرهما ، ولا يذهب إلى الكفارة في هذه المسألة ، إلا شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان في الجزء الثاني من مقنعة ولم يذكرها في كتاب الصيام منها ، ولا في غيرها من كتبه ، وشيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه ‌الله ، ومن تابعهما ، وقلّد كتبهما ، أو يتعلّق بأخبار الآحاد التي ليست عند أهل البيت عليهم‌ السلام حجة ، على ما شرحناه ، فلم يبق في المسألة ، إلا لزوم دليل الأصل ، وهو براءة الذمة ، فمن شغلها بشي‌ء ، يحتاج إلى دليل شرعي ، ولا دليل له على ذلك.

والمريض إذا كان قد وجب عليه صيام شهرين متتابعين ، ثم مات ، تصدق عنه ، عن شهر ، ويقضي عنه وليه ، شهرا آخر ، هذا مذهب شيخنا أبي جعفر في نهايته (19) أورده ، وقال في جمله وعقوده : وكل صوم كان واجبا على المريض ، بأحد الأسباب الموجبة له ، ثمّ مات ، تصدق عنه ، أو يصوم عنه وليه (20) وهذا أولى ممّا ذكره في نهايته.

وقال السيد المرتضى ، في انتصاره : يتصدق عنه لكل يوم بمد ، من طعام ، فإن لم يكن له مال ، صام عنه وليه ، فإن كان له وليان ، فأكبرهما (21).

وقال شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان في كتاب الأركان : يجب على وليه أن يقضي عنه كل صيام فرّط فيه ، من نذر ، أو كفارة ، أو قضاء رمضان.

قال مصنّف هذا الكتاب : والذي أقوله في ذلك ، أنّ هذين الشهرين ، إن كانا نذرا ، وقدر على الإتيان بهما ، فلم يفعل ، فالواجب على وليه ، وهو أكبر أولاده الذكور ، الصيام للشهرين ، ويكون تكليفه ذلك ، لا يجزيه غيره ، وإن كان عليه كفارة مخيّرة فيها ، فإنّه أيضا مخير ، في أن يصوم شهرين ، أو يكفر من ماله ، قبل قسمة تركته ، أعني الولي ، ولا يتعيّن عليه الصيام ، ولا يجزيه ، إلا أن يفعل من الكفارة جنسا واحدا ، أمّا صياما ، أو إطعاما ، هذا إذا كانت الكفارة مخيرا فيها ، فليتأمل ما قلنا من فقه المسألة.

قال شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه‌ الله : والمرأة أيضا ، حكمها ما ذكرناه ، في أن ما يفوتها من الصيام ، بمرض أو طمث ، لا يجب على أحد القضاء عنها ، إلا أن تكون قد تمكنت من القضاء ، فلم تقضه ، فإنّه يجب القضاء عنها ، ما يفوتها بالسفر ، حسب ما قدّمناه في حكم الرجال ، هكذا أورده شيخنا أبو جعفر متوان ، ولا ينفعه عزمه ، لأنّه فرض مضيّق ، فلا يكون العزم ، بدلا منه ، فافترق الأمر بين المسألتين ، وشي‌ء آخر ، وهو انّ العزم بدل من فعل الواجب الموسع ، فإذا تركه فقد أخلّ بالواجب الذي هو العزم ، فيجب عليه الكفارة ، لأجل تركه الواجب الذي هو العزم.

فأمّا إذا عزم ، وضاق الوقت ، وترك الصوم فقد توانى ، فيجب عليه الكفارة ، لأنّه صار واجبا مضيّقا ، فما بقي يفيد العزم.

فأمّا إذا عزم ، وضاق الوقت ، ومرض ، فلا يجب الكفارة ، لأنّه ما أخل بالواجب الذي هو العزم ، فأمّا إذا لم يعزم ، ومرض في الزمان الذي قد تضيّق عليه ، فيجب أيضا عليه الكفارة ، لإخلاله بالواجب الذي هو العزم ، فهذا يمكن أن يكون وجه الفتيا ، على ما أورده شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه‌ الله.

والذي اعتقده ، وافتي به ، سقوط الكفارة عمن أوجبها عليه ، لأنّ الأصل براءة الذمة من العبادات ، والتكاليف ، وإخراج الأموال ، إلا بالدليل الشرعي القاطع للأعذار ، والقرآن خال من هذه الكفارة ، والسنة المتواترة خالية أيضا ، والإجماع غير منعقد على وجوب هذه الكفارة ، لأنّ أكثر أصحابنا لا يذهبون إليها ، ولا يوردونها في كتبهم ، مثل الفقيه سلار ، والسيد المرتضى ، وغيرهما ، ولا يذهب إلى الكفارة في هذه المسألة ، إلا شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان في الجزء الثاني من مقنعة ولم يذكرها في كتاب الصيام منها ، ولا في غيرها من كتبه ، وشيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه‌ الله ، ومن تابعهما ، وقلّد كتبهما ، أو يتعلّق  بأخبار الآحاد التي ليست عند أهل البيت عليهم‌ السلام حجة ، على ما شرحناه ، فلم يبق في المسألة ، إلا لزوم دليل الأصل ، وهو براءة الذمة ، فمن شغلها بشي‌ء ، يحتاج إلى دليل شرعي ، ولا دليل له على ذلك.

والمريض إذا كان قد وجب عليه صيام شهرين متتابعين ، ثم مات ، تصدق عنه ، عن شهر ، ويقضي عنه وليه ، شهرا آخر ، هذا مذهب شيخنا أبي جعفر في نهايته (22) أورده ، وقال في جمله وعقوده : وكل صوم كان واجبا على المريض ، بأحد الأسباب الموجبة له ، ثمّ مات ، تصدق عنه ، أو يصوم عنه وليه وهذا أولى ممّا ذكره في نهايته.

وقال السيد المرتضى ، في انتصاره : يتصدق عنه لكل يوم بمد ، من طعام ، فإن لم يكن له مال ، صام عنه وليه ، فإن كان له وليان ، فأكبرهما (23).

وقال شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان في كتاب الأركان : يجب على وليه أن يقضي عنه كل صيام فرّط فيه ، من نذر ، أو كفارة ، أو قضاء رمضان.

قال مصنّف هذا الكتاب : والذي أقوله في ذلك ، أنّ هذين الشهرين ، إن كانا نذرا ، وقدر على الإتيان بهما ، فلم يفعل ، فالواجب على وليه ، وهو أكبر أولاده الذكور ، الصيام للشهرين ، ويكون تكليفه ذلك ، لا يجزيه غيره ، وإن كان عليه كفارة مخيّرة فيها ، فإنّه أيضا مخير ، في أن يصوم شهرين ، أو يكفر من ماله ، قبل قسمة تركته ، أعني الولي ، ولا يتعيّن عليه الصيام ، ولا يجزيه ، إلا أن يفعل من الكفارة جنسا واحدا ، أمّا صياما ، أو إطعاما ، هذا إذا كانت الكفارة مخيرا فيها ، فليتأمل ما قلنا من فقه المسألة.

قال شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه‌ الله : والمرأة أيضا ، حكمها ما ذكرناه ، في أن ما يفوتها من الصيام ، بمرض أو طمث ، لا يجب على أحد القضاء عنها ، إلا أن تكون قد تمكنت من القضاء ، فلم تقضه ، فإنّه يجب القضاء عنها ، ما يفوتها بالسفر ، حسب ما قدّمناه في حكم الرجال ، هكذا أورده شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه ‌الله في نهايته (24) ، والصحيح من المذهب ، والأقوال ، انّ إلحاق المرأة في هذا الحكم بالرجال ، يحتاج إلى دليل ، وانّما إجماعنا منعقد ، على الوالد يتحمل ولده الأكبر ، ما فرط فيه من الصيام ، ويصير ذلك تكليفا للولد ، وكذلك ما يفوته من صلاة مرضته التي توفّي فيها ، يجب على الولد الأكبر الذكر ، قضاء ذلك عنه ، فأمّا ما فاته من الصلوات في زمانه كلّه ، سواء كان صحيحا ، أو مريضا ، لا يجب على الولد القضاء عنه ، إلا ما فاته في مرضته التي مات فيها ، على ما بيّناه ، وليس هذا مذهبا لأحد من أصحابنا ، وانّما أورده شيخنا إيرادا لا اعتقادا ، وأورد في جمله وعقوده فقال : فإن برئ المريض ، وجب عليه القضاء ، فإن لم يقض ، ومات ، وجب على وليه القضاء ، والولي هو أكبر أولاده الذكور ، فإن كانوا جماعة ، في سن واحد ، كان عليهم القضاء بالحصص ، قال : أو يقوم به بعضهم ، فيسقط عن الباقين (25) وهذا غير واضح ، لأنّ هذا تكليف كل واحد بعينه ، وليس هو من فروض الكفايات ، بل من فروض الأعيان ، فإذا صام واحد منهم ما يجب على جميعهم ، لم تبرأ إلا ذمّة من صام ما وجب عليه ، فحسب ، وذمم الباقين مرتهنة ، حتى يصوموا ما تعيّن عليهم ، ووجب في ذمّة كل واحد بانفراده.

والذي تقتضيه الأدلة ، ويجب تحصيله في هذه الفتيا ، أنّه لا يجب على واحد منهم قضاء ذلك ، لأنّ الأصل براءة الذمة ، والإجماع غير منعقد على ذلك ، والقائل بهذا ، شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه ‌الله ، والموافق له من أصحابنا المصنّفين قليل جدا ، والسيد المرتضى ، لم يتعرّض لذلك ، وكذلك شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان ، وغيرهما ، من المشيخة الجلّة ، وانّما أجمعنا على تكليف الولد الأكبر ، وليس هاهنا ولد أكبر ، والتعليل غير قائم هاهنا ، من استحقاقهم السيف ، والمصحف ، وثياب بدنه ، فجميع ما قيل ، وورد في عين مسألة الولد الأكبر ، لم يصح في الجماعة.

وحدّ المرض الذي يجب معه الإفطار ، إذا علم الإنسان من حال نفسه ، أنّه إن صام ، زاد ذلك في مرضه ، أو أضرّ به ، والإنسان على نفسه بصيرة ، وسواء الحكم ، أن يكون المرض في الجسم ، أو يكون رمدا ، أو وجع الأضراس ، فإنّ عند جميع ذلك ، يجب الإفطار مع الخوف من الضرر.

والعاجز عن الصيام ، على ثلاثة أضرب ، الأول : لا يجب عليه قضاء ، ولا كفارة ، وهو الشيخ الهم ، والشيخة كذلك ، اللذان لو تكلفا الصوم بمشقة ، لما أطاقاه.

الثاني: يكفّر ، ولا قضاء عليه ، وهو الشيخ الذي إذا تكلّفه أطاقه ، لكن بمشقة شديدة يخشى المرض منها ، والضرر العظم ، فانّ له أن يفطر ، ويكفّر عن كل يوم بمد من طعام ، وكذلك الشاب ، إذا كان به العطاش ، الذي لا يرجى شفاؤه ، فإن كان العطاش عارضا ، يتوقع زواله ، ويرجى برؤه ، أفطر ، ولا كفارة عليه ، فإذا برئ وجب عليه القضاء.

وقال شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه‌ الله : يجب على هذا الذي يرجى برؤه ، ويتوقع زواله ، القضاء والكفارة ، وهذا القول غير واضح ، لأنّه بخلاف القرآن ، وإجماع الطائفة ، وما اخترناه مذهب السيد المرتضى ، وشيخنا المفيد رضي‌ الله‌ عنهما ، وهو الصحيح ، لأنّ هذا مريض ، والمريض بالإجماع ، يجب عليه الإفطار ، فإذا برئ ، يجب عليه القضاء ، من غير كفارة ، بغير خلاف في ذلك ، فمن أوجب الكفارة هاهنا يحتاج إلى دليل.

الثالث: الحامل المقرب ، والمرضع القليلة اللبن ، إذا خافتا على ولدهما من الصوم الضرر ، أفطرتا ، وتصدقتا عن كل يوم بمد من طعام ، وتقضيان ذلك اليوم ، وقد ذهب بعض أصحابنا ، إلى أنّه لا قضاء عليهما ، وهو الفقيه سلار ،والأول هو الأظهر ، الذي يقتضيه أصول المذهب ، ويشهد بصحته ظاهر القرآن.

وكل هؤلاء الذين ذكرناهم ، وانّهم يجوز لهم الإفطار ، فليس لهم أن يأكلوا شبعا من الطعام ، ولا أن يشربوا ريّا من الشراب ، ولا يجوز لهم أن يواقعوا النساء ، هكذا أورده شيخنا في نهايته (26)

قال محمد بن إدريس رحمه‌ الله : والصحيح ، أنّ ذلك مكروه ، شديد الكراهة ، دون أن يكون محرّما محظورا ، لأنّا قد بيّنا فيما سلف ، أنّ الشي‌ء إذا كان شديد الكراهة ، قالوا لا يجوز ، فلفظة لا يجوز ، يحتمل الكراهة والحظر.

_______________

(1) مستدرك الوسائل: الباب 3 من أبواب صلاة المسافر ، ح 2 .
(2)
النهاية : كتاب الصلاة ، باب الصلاة في السفر وأشار إليه في كتاب الصوم في باب حكم المسافر في شهر رمضان.
(3) البقرة : 187 .
(4) البقرة : 184 .

(5) الوسائل : كتاب الصلاة ، الباب 6 من أبواب صلاة المسافر ، ح 1 و 9 و 10 .

(6) البقرة : 223 .
(7)
النهاية : كتاب الصوم ، باب حكم المسافر في شهر رمضان وصيام النذور.
(8)
الاستبصار : كتاب الصوم ، باب 53 صوم التطوع في السفر ، ذيل ح 4 .
(9)
الوسائل : الباب 12 من أبواب من يصح منه الصوم ، ح 7 و 8 ،.
(10)
الوسائل : الباب 12 من أبواب من يصح منه الصوم ، ح 7 و 8 ،.
(11)
المقنعة : كتاب الصوم ، باب حكم المسافرين في الصيام ص 350 .
(12)
البقرة : 196 .

(13) الوسائل : الباب 12 من أبواب من يصح منه الصوم ، ح 1 .
(14)
النهاية : كتاب الصوم ، باب حكم المسافر في شهر رمضان وصيام النذور.
(15)
المبسوط : كتاب الصوم : فصل في ذكر أقسام الصوم.

(16) البقرة : 184 .
(17) النهاية : كتاب الصوم ، باب حكم المريض والعاجز عن الصيام.
(18)
الجمل والعقود : كتاب الصيام ، فصل في حكم المريض والعاجز عن الصيام ، رقم 1 من أحوال المريض.

(19) النهاية : كتاب الصوم ، باب حكم المريض والعاجز عن الصيام.

(20) الجمل والعقود : كتاب الصيام ، فصل في حكم المريض والعاجز عن الصيام ، رقم 3 من أحوال المريض.

(21) الانتصار : كتاب الصوم ، مسألة 16 .

(22) النهاية : كتاب الصوم ، باب حكم المريض والعاجز عن الصيام.
(23)
الجمل والعقود : كتاب الصيام ، فصل في حكم المريض والعاجز عن الصيام ، رقم 3 من أحوال المريض.
(24) الانتصار : كتاب الصوم ، مسألة 16 .

(25) النهاية : كتاب الصوم ، باب حكم المريض والعاجز عن الصيام ـ بزيادة (حكم) بين حكمها وما ذكرناه.
(26)
الجمل والعقود : كتاب الصيام ، فصل في حكم المريض والعاجز عن الصيام رقم 1 بدون كلمة (المريض).




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.