أقرأ أيضاً
التاريخ: 2025-02-25
![]()
التاريخ: 2025-03-03
![]()
التاريخ: 2025-03-04
![]()
التاريخ: 2025-03-06
![]() |
مَعْرِفَةُ الْمُنْكَرِ مِنَ الْحَدِيْثِ (1):
بَلَغَنا عَنْ أبي بكرٍ أحمدَ بنِ هارونَ البِرْديجيِّ الحافِظِ أنَّهُ: الحديثُ الذي ينفردُ بهِ الرجلُ ولا يُعْرَفُ مَتْنُهُ مِنْ غيرِ روايتِهِ، لا مِنَ الوجهِ الذي رواهُ منهُ، ولا مِنْ وجهٍ آخرَ(2). فأطلقَ البِرْديجيُّ ذلكَ ولَمْ يُفَصِّلْ.
وإطلاقُ الحكمِ على التفرُّدِ بالرَّدِّ أو النكارةِ أو الشذوذِ، موجودٌ في كلامِ كثيرٍ مِنْ أهلِ الحديثِ (3).
والصوابُ فيهِ التَّفْصيلُ الذي بيَّنَّاهُ آنِفاً في شرحِ الشاذِّ. وعندَ هذا نقولُ: المنكرُ ينقَسِمُ قسمينِ (4) على ما ذكرناهُ في الشاذِّ فإنَّهُ بمعناهُ (5).
مِثَالُ الأوَّلِ - وهوَ المنفردُ المخالِفُ لِمَا رواهُ الثِّقَاتُ -: روايةُ مالكٍ عنِ الزهريِّ، عنْ عليِّ بنِ حسينٍ، عَنْ عُمَرَ بنِ عُثمانَ، عَنْ أُسَامةَ بنِ زيدٍ، عَنْ رسولِ اللهِ ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ قالَ: ((لا يَرِثُ المسلمُ الكافِرَ، ولا الكافِرُ المسلِمَ)) (6)، فخالفَ مالكٌ غيرَهُ مِنَ الثِّقاتِ في قولِهِ: عُمَرَ بنِ عُثمانَ - بضمِّ العينِ -. وذكرَ مسلمٌ صاحبُ " الصحيحِ " في كتابِ " التمييزِ ": أنَّ كُلَّ مَنْ رواهُ مِنْ أصحابِ الزهريِّ، قالَ فيهِ: عَمْرُو بنُ عثمانَ - يعني: بفتحِ العينِ -.
وذكرَ أنَّ مالِكاً كانَ يشيرُ بيدِهِ إلى دارِ عُمَرَ بنِ عُثمانَ، كأنَّهُ عَلِمَ أنَّهُمْ يخالِفونَهُ. وعَمْرٌو وعُمَرُ جميعاً: وَلَدُ (7) عُثمانَ (8)، غيرَ أنَّ هذا الحديثَ إنَّما هو عَنْ (9) عَمْرٍو - بفتحِ العينِ -، وحَكَمَ مسلمٌ وغيرُهُ على مالكٍ بالوهمِ فيهِ (10)، واللهُ أعلمُ.
ومثالُ الثاني - وهوَ الفردُ الذي ليسَ في راوِيْهِ (11) مِنَ الثقةِ والإتقانِ ما يُحْتَمَلُ مَعَهُ تَفَرُّدُهُ -: ما رُوِّيْناهُ مِنْ حديثِ أبي زُكَيْرٍ (12) يحيى بنِ محمدِ بنِ قيسٍ، عنْ هِشامِ بنِ عُروةَ، عَنْ أبيهِ، عنْ عائشةَ أنَّ رسولَ (13) اللهِ ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ قالَ: ((كُلُوا البَلَحَ (14) بالتَّمْرِ؛ فإنَّ الشيطانَ إذا رأى ذلكَ غاظَهُ، ويقولُ: عاشَ ابنُ آدمَ حتَّى أكلَ الجديدَ بالخَلَقِ!)) (15).
تَفرَّدَ بهِ أبو زُكيرٍ، وهو شيخٌ صالِحٌ (16) أخرجَ عنهُ مسلمٌ في كتابهِ (17) غيرَ أنَّهُ لَمْ يبلغْ مبلغَ مَنْ يُحتَمَلُ تَفَرُّدُهُ، واللهُ أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ((قد نوزع في إفراده بنوعٍ، وكلامهم يقتضي أنّه: الحديث الذي انفرد به الراوي مخالفاً لِمَا رواهُ مَنْ هو أولى منه بالحفظ والإتقان، أو انفرد به من غير مخالفة لِمَا رواه أحد، لكن هذا التفرد نازل عن درجة الحافظ الضابط.
يعرف من ذلك أنّ المنكر من أقسام الشاذّ فلم يحتج لإفراده)). نكت الزركشي 2/ 155. وللدكتور حمزة المليباري في كتابه "نظرات جديدة في علوم الحديث": 31، رأي آخر في المنكر، فقال: ((وكذلك مصطلح ((المنكر))، فإنّه عند المتأخّرين ما رواه الضعيف مخالفاً للثقات، غير أنّ المتقدّمين لم يتقيّدوا بذلك، وإنّما عندهم كل حديث لم يعرف عن مصدره: ثقة كان راويه أم ضعيفاً، خالف غيره أم تفرّد. وهناك في كتب العلل والضعفاء أمثلة كثيرة توضح ذلك، وقد ذكرت بعضها في كتابي "الحديث المعلول": قواعد وضوابط " ص66 - ص77. فالمنكر في لغة المتقدّمين أعمّ منه عند المتأخّرين، وهو أقرب إلى معناه اللغوي، فإنّ المنكر لغة: نَكِرَ الأمرَ نكيراً وأنكره إنكاراً ونُكْراً، معناه: جهله. وجاء إطلاقه على هذا المعنى في مواضع من القرآن الكريم، كقوله تعالى: {وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوْسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُوْنَ} (يوسف: 58)، وقوله تعالى: {يَعْرِفُوْنَ نِعْمَةَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُوْنَهَا} (النحل: 83). وعلى هذا فإن المتأخّرين خالفوا المتقدّمين في مصطلح ((المنكر)) بتضييق ما وسعوا فيه)). وانظر في المنكر: الإرشاد 1/ 219، والتقريب: 69، والاقتراح: 198، والمنهل الروي: 51، والخلاصة: 70، والموقظة: 42، واختصار علوم الحديث: 58، والمقنع 1/ 179، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 329، ونزهة النظر: 98، والمختصر: 125، وفتح المغيث 1/ 190، وألفية السيوطي: 39 وشرح السيوطي على ألفية العراقي: 179، وفتح الباقي 1/ 197، وتوضيح الأفكار 2/ 3، وظفر الأماني: 356، وقواعد التحديث: 131، والحديث المعلول قواعد وضوابط: 66 - 77.
(2) ((هذا لا يظهر فيه فرق بينه وبين ما سبق في أحد نوعي الشاذ، ومن تأمّل كلام الأقدمين من أهل الحديث وجدهم إنّما يطلقون النكارة على الحديث الذي يخالف رواية الحفّاظ المتقنين. قال مسلم في مقدمة كتابه: ((وعلامة المنكر في حديث المحدّث إذا ما عرضت روايته للحديث على رواية غيره من أهل الحفظ والرضا خالفت روايته روايتهم أو لم تكد توافقها)). انتهى. صحيح مسلم 1/ 5. وكتاب الحافظ أبي أحمد بن عدي أصل في معرفة المنكرات من الأحاديث)). نكت الزركشي2/ 156 - 157.
(3) ((وهذا ممّا ينبغي التيقظ له، فقد أطلق الإمام أحمد والنسائي وغير واحد من النقاد لفظ ((المنكر)) على مجرّد التفرّد؛ لكن حيث لا يكون المتفرد في وزن مَن يحكم لحديثه بالصحة بغير عاضد يعضده)). من إفادات ابن حجر في نكته 2/ 674.
(4) في (أ): ((إلى قسمين)).
(5) قال ابن حجر في النزهة: 99: ((وقد غَفَل مَنْ سوَّى بينهما)). قال المحقّق: ((يشير بذلك إلى ابن الصلاح ومَن تابعه)). وقال ابن الوزير - معقباً على ابن الصلاح في تسويته بينهما -: ((كان يليق أن لا يجعل نوعاً وحده)).
قلنا: وهذا تعقب مهم متجه؛ لأنّهما لما كانا متماثلين في حقيقتهما عند ابن الصلاح ومن تبعه، كان الأولى دمجهما في مكان واحد، كما فعل الطيبي في خلاصته: 69.
(6) الموطّأ (1475): ((رِوَايَة الليثي)). وَقَدْ أخرجه عن مالك أبو مصعب الزهري (3061)، وعبد الله بن مسلمة القعنبي عِنْدَ الجوهري (210)، والمزي في تهذيب الكمال 22/ 155، وعبد الله بن وهب عند الجوهري (210)، والطحاوي في شرح المعاني 3/ 265، ومحمد بن الحسن (728)، ومصعب بن عبد الله بن الزبير عند ابن عبد البرِّ في التمهيد 9/ 162، وقد رواه عن الزهري غير مالك جماعة منهم:
1 - سفيان بن عيينة عند الحميدي (541)، وأحمد 5/ 200، والدارمي (3005) ومسلم 5/ 59 (1614)، وأبو داود (2909)، وابن ماجه (2729)، والترمذي (2107)، والنسائي في الكبرى (6376)، وابن الجارود (954)، والطبراني (412)، والبيهقي 6/ 218.
2 - ومحمد بن أبي حفصة عند أحمد 5/ 201، والبخاري 5/ 387 حديث (4282)، والطبراني (412).
3 - ومعمر بن راشد عند أحمد 5/ 208 و 209، والدارمي (3002)، والنسائي في الكبرى (6379)، والطبراني (412)، والبيهقي 6/ 218.
4 - ابن جريج عند عبد الرزاق (9852)، وأحمد 5/ 208، والبخاري 8/ 194 حديث (6764)، والبيهقي 6/ 217.
5 - ويونس عند ابن ماجه (2730)، والنسائي في الكبرى (6380)، والطحاوي في شرح المشكل (2504)، والدارقطني 4/ 69، والطبراني (412) والبيهقي 6/ 218.
6 - وهشيم عند الترمذي (2107)، والنسائي في الكبرى (6382)، والطبراني (391).
7 - وزمعة بن صالح عند الطبراني في الكبير (412).
8 - عبد الله بن بديل بن ورقاء عند الطبراني (412).
9 - عقيل بن خالد عند النسائي في الكبرى (6378)، والطبراني (412).
10 - يزيد بن عبد الله بن الهاد عند النسائي في الكبرى (6377)، والطبراني (412).
11 - يحيى بن سعيد الأنصاري عند الطبراني (412).
12 - سفيان بن حسين عند الطبراني (412).
13 - صالح بن كيسان عند الطبراني (412).
(7) في (ب) و (م): ((ولدا)) بألف التثنية.
(8) وهذا بإجماع من أهل النسب. انظر: نسب قريش: 104، وجمهرة أنساب العرب: 75، والتمهيد 9/ 160.
(9) ليست في (أ) و (ب).
(10) قال الناقد الجهبذ الترمذي - بعد أن ساقه من طريق سفيان بن عيينة وهشيم، عن الزهري، عن علي بن حسين، عن عمرو بن عثمان: ((هذا حديث حسن صحيح. هكذا رواه معمر وغير واحد عن الزهري نحو هذا. وروى مالك، عن الزهري، عن علي بن حسين، عن عمر بن عثمان، عن أسامة بن زيد، عن النبي ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ نحوه.
وحديث مالك وَهَمٌ، وَهِمَ فيه مالك، وقد رواه بعضهم، عن مالك فقال: عن عمرو بن عثمان. وأكثر أصحاب مالك قالوا: عن مالك، عن عمر بن عثمان.
وعمرو بن عثمان بن عفان هو مشهور من ولد عثمان، ولا يعرف عمر بن عثمان)). جامع الترمذي عقب (2107).
وقال النسائي في الكبرى عقب (6377): ((والصواب من حديث مالك: عمرو بن عثمان. ولا نعلم أن أحداً من أصحاب الزهري تابعه على ذلك)).
وقال ابن عبد البر: ((هكذا قال مالك: عمر بن عثمان، وسائر أصحاب ابن شهاب يقولون: عمرو بن عثمان، وقد رواه ابن بكير عن مالك، على الشك فقال فيه: عن عمر بن عثمان أو عمرو بن عثمان، والثابت عن مالك: عمر بن عثمان كما روى يحيى وتابعه القعنبي وأكثر الرواة، وقال ابن القاسم فيه: عن عمرو بن عثمان.
وذكر ابن معين، عن عبد الرحمان بن مهدي، أنّه قال له: قال لي مالك بن أنس: تراني لا أعرف عمر من عمرو، هذه دار عمر وهذه دار عمرو ... ومالك لا يكاد يقاس به غيره حفظاً وإتقاناً، لكن الغلط لا يسلم منه أحد، وأهل الحديث يأبون أن يكون في هذا الإسناد إلا عمرو - بالواو - ... الخ)). التمهيد 9/ 160 - 161.
(11) في (ب): ((رواته)) بالجمع.
(12) بالتصغير - بضم الزاي المعجمة -. التقريب (7639).
(13) في (جـ): ((النبي)).
(14) آخره حاء مهملة، أي: الخلال، وهو حمل النخل ما دام أخضر صغاراً كحِصرم العنب، واحدته: بلحة. لسان العرب 2/ 231.
(15) أخرجه ابن ماجه (3330)، والنسائي في الكبرى (6724)، وأبو يعلى (4399)، وابن حبان في المجروحين 3/ 120، والعقيلي في الضعفاء 4/ 427، وابن عدي في الكامل 7/ 2698، والحاكم في المستدرك 4/ 21، وفي معرفة علوم الحديث: 100 - 101، والخليلي في الإرشاد (11)، والخطيب في تاريخه 5/ 353.
وقد استنكره أبو حاتم والنسائي والعقيلي وابن عدي والذهبي، وقال ابن حبان: ((وهذا الكلام لا أصل له من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)). وساقه ابن الجوزي في الموضوعات 3/ 25 - 26، والسيوطي في الآلي المصنوعة 2/ 243 - 244. وذكروا جميعاً أن البلية فيه من أبي زكير.
(16) قول المصنف: إنّه شيخ صالح. أخذه من كلام أبي يعلى الخليلي، فإنّه كذلك في كتاب الإرشاد قاله العراقي في التقييد: 109. وانظر: الإرشاد في معرفة علماء الحديث 1/ 173.
قال ابن حجر 2/ 680: ((وقول الخليلي: إنّه شيخ صالح. أراد به في دينه لا في حديثه لأنّ من عادتهم إذا أرادوا وصف الراوي بالصلاحية في الحديث قيدوا ذلك، فقالوا: صالح الحديث. فإذا أطلقوا الصلاح، فإنّما يريدون به في الديانة. والله أعلم)).
(17) في المتابعات لا في الأصول. انظر المقنع 1/ 186، ومحاسن الاصطلاح: 181، والتقييد والإيضاح: 109، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال 428.
|
|
مريض يروي تجربة فقدانه البصر بعد تناوله دواءً لإنقاص الوزن
|
|
|
|
|
كارثة تلوح في الأفق بعد تحرك أكبر جبل جليدي في العالم
|
|
|
|
|
قسم التطوير يناقش بحوث تخرج الدفعة الثانية لطلبة أكاديمية التطوير الإداري
|
|
|