المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
مرض تجعد الأوراق المتسبب عن الفطر Tephrina
2025-03-17
أسرة الملك (تهرقا)
2025-03-17
آثار أخرى للفرعون (تهرقا) في متاحف العالم والمتحف المصري
2025-03-17
آثار (تهرقا)في القطر المصري
2025-03-17
آثار (تهرقا) الأخرى ومخلفاته في بلاد النوبة
2025-03-17
لوحة السربيوم ونهاية عصر (تهرقا)
2025-03-17



خصوصيات الإنسان في خلقه  
  
30   10:52 صباحاً   التاريخ: 2025-03-17
المؤلف : د. بلال نعيم
الكتاب أو المصدر : التربية والتعليم في القران الكريم
الجزء والصفحة : ص 16 ــ 27
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /

هناك خصوصيات كبرى تشكل مدخلات للتربية يجب فهمها والتأسيس عليها في صياغة الأهداف التربوية الأساسية، وأيضاً في المنهج والطريق والأساليب. وأهم هذه الخصوصيات:

أ- أن الإنسان هو المخلوق الذي امتاز بالجامعية بين العقل والهوى، وبين العاطفة والمنطق، العاطفة بما تعنيه من انفعالات وأحاسيس تجاه الذات المحسوس، الطبيعة، الآخر، الماورائيات، الأمور المطلقة، وأيضاً العقل بما يعنيه من تحليل ودراسة ومعرفة للذات وللمحسوس وللآخر وللأمور الغيبية والمطلقة، وهذه الثنائية تم لحظها وأخذها بعين الاعتبار في التعاليم الإلهية سواء لجهة الهدف المرسوم أو المنهج المحقق للهدف وللآليات والأحكام الموصلة.

ب- وأن الإنسان خُلِقَ من عجل، وخُلق من صلصال من حمإٍ مسنون ومن تراب، أي أنّه خُلق من طينة الدنيا لجهة مادته وماهيته، وهذا التماهي مع الدنيا يعني الركون إليها والتوجه نحوها والتعلّق بها بحسب الأصل؛ فالدنيا أُمه والإنسان مفطور على حبّ أُمه، وإذا كان الهدف هو الانسلاخ عن الدنيا فقد تم اعتبار هذه الخصوصية أي الارتباط الميداني بالدنيا عند عملية الانتزاع وذلك الارتباط أي أنه لا بد من التدرج في العملية كي لا يفطم الإنسان عن شيء وهو ما زال في قلبه متعلق به، فلا بد من الأخذ بيده شيئاً فشيئاً حتى يحصل الانفكاك والانفصال. وهذا ملحوظ في طبيعة المنهج التدريجي في عملية التربية والتكامل (فكما أن الفطام للطفل يحصل بعد حولين، فكذلك. الخروج القلبي العاطفي من الدنيا يحتاج إلى مدة وزمان ومعاينات واختبارات).

ج- وإن الإنسان خُلق في كبد، أي في مكابدة للحياة، في حال صراع بين الثنائي الذي يتكوّن عليه بين العقل والهوى؛ العقل الذي يفترض أن يحكم والهوى الذي يزاحمه على الحكم والإمارة، وبين ذا وذاك يحصل النزاع، أحدهما يشده نزولاً والآخر صعوداً في تجاذبات وتقاذفات تجعل الإنسان في كل لحظة وفي كل موقف يكابد عناء حسم الاتجاه واتخاذ القرار المناسب. وقد لحظت هذه الخصوصية في المنهج التربوي وفي كيفية تفعيل العناصر التي تغذي العقل وتضعف الهوى على نحو تدريجي حتى دون القيام بعملية استئصال للهوى بشكل مباشر، ومع بقاء نسبة من الارتباط بحب الدنيا المغذي للهوى على ان لا تكون هذه النسبة صارفة عن الحق متماهية مع الباطل.

د- وأن الإنسان خُلق ضعيفاً، وخُلق هلوعاً، إذا مسه الخير منوعاً، وإذا مسه الشر جزوعاً، وهو بين هاتين الحالتين يعيش الضعف والفقر والعوز والحاجة مهما بلغ من الشأن والجاه والإمكانيات. فلا بد من رحمته والعطف عليه، لأنه مسكين على الدوام، ويجب أن يرحم وتمد إليه يد العون، لأنه ضعيف. وقد لحظ القرآن في المنهج التربوي كيفية إخراجه من الجزع عند الشر، ومن المنع عند الإمكانية، أي أن الإنسان بين حالتي الطمع والجزع، ويجب إخراجه منهما وكلاهما منشؤهما حب الدنيا. فالإنسان الضعيف يجب تقويته، والإنسان الشحيح يجب تربيته على العطاء والإنفاق، والإنسان الهلوع يجب تقوية إرادته.

هـ- وأن الإنسان هو نفس الوجود للممكنات وللكائنات بل هو علتها، وهي مسخرة له وهو يؤثر فيها، روحه، نفسيته، أعماله وسلوكياته، كل ذلك يبعث في المحيط صلاحاً أو فساداً، إعماراً أو خراباً. فإفساد البيئة والطبيعة على نحوين:

ـ إفساد مادي بفعل التلوّث الكيميائي وغيره (الغازات، الأبخرة، الدخان، آثار الاحتراق..).

- إفساد معنوي بفعل التلوث الأخلاقي والمسلكي: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم: 41].

وبالتالي فإنّ الإنسان معني بنتائج أعماله وبمفاعليها على الكائنات (التي تحشر لتكون شاهدة على ظلم الإنسان أو على صلاحه).

وقد لحظ ذلك في الهدف الإعماري المتناسب مع حركة التكامل، كما لحظ في المنهج التربوي وفي الأحكام، وكيف أن الإنسان عليه أن يتوب ويبادر إلى الاستغفار قبل حلول الآثار واستحكامها.

و- وأن الإنسان ظلوم كفّار، بحسب الأصل، يميل بالطبع نحو الظلم في الحكم وفي الفعل والتصرف، ويميل في الأصل إلى الجحود للنعمة، وأن نفسه ميالة بالأصل إلى السوء: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} [يوسف: 53]، وإن إلهام الفجور سابق على إلهام التقوى: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: 8]، وهذه السابقية مرتبطة بطبيعة التكوين الترابي الذي يشدّ الإنسان إلى أصل التراب (الدنيا). وهذه الحقيقة لحظت في المنهج التربوي الذي يأخذ بيد الإنسان ليخرجه من الظلمات في نفس الوقت الذي يتم فيه إدخاله في النور. لكن الأصل هو البدء من إزالة تراكم الظلمات قبل فتح النور في عينيه، حيث الغارق في الظلمات لا يمكنه مباشرة أن يقع بصره على أشعة الشمس.

ز- وأن الإنسان خُلق عجولاً، وهي حيثية تجعل منه مبادرا إلى الحكم على الأشياء قبل التحقق وقبل التدبر والتفكر وإدراك العواقب والنظر في الآثار والنتائج، بما يجعله يظلم. وهي من الخصوصيات المتقدمة وعليه يجعل تعويده على الصبر والأناة وعلى التفحص والبيئة، قبل أن يستعجل الحكم أو اتخاذ القرار، وهذه حيثية لحظت في المنهج التربوي القرآني من خلال جعل الصبر رأس الإيمان (ومن خلال الدعوة إلى الاستعانة بالصبر، وإلى مدح الصابرين). وكذلك أكدت طبع التعاليم على اعتماد البينات والعلم وعدم التحرض أو الافتراء أو البهتان.

ح- وأنّ الإنسان، وبسبب حبه للدنيا على نحو الأصل المترتب على الماهية الترابية، فإنه كان قتوراً، لا يرغب في الإنفاق ولا يحبّ البذل، ويسعى للأخذ أكثر مما يسعى للعطاء، وهي خصوصية لحظت في المنهج التربوي القرآني في جعل الرساليّة والبذل على نطاق واسع ضمن منظومة الزكاة التي أوجبها الله جزءاً من منظومة الشريعة كما أن الاختبار الحقيقي للإنسان كان في التمحيص بالإنفاق من المال والنفس والولد: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [آل عمران: 92].

ط- وأنّ الإنسان أكثر شيء جدلاً، لا يقبل بالسهل، ولا يتعبد حتى بالواضحات أحياناً. وهو يجادل في كل شيء. وبما أن الجدل في حكم الله يخالف البدار والحركة ويؤدي إلى المراوحة وعدم التقدم، ولأن التقدم هو الهدف، فقد لحظت هذه الخصوصية في المنهج التربوي القرآني بالدعوة إلى التسليم وإلى الرضا وإلى التعبد بحكم الله.

ي- أنَّ الإنسان ليس له إلا مسعاه، وليس له من شفيع إلا عند الاستحقاق، وأن سعيه سوف يُرى، وهذا الإنسان يجب أن لا يتكل على حسب أو نسب أو جاه أو مال أو سلطة وعلى بنين وأزواج وثروات، وإنما على سعيه وجهده. كما أنه عليه أن يراقب مسعاه ولا يغفل عن نفسه؛ لأن سعيه سوف يُرى، وأن عمله سيراه الله ورسوله والمؤمنون، وقد لحظ ذلك في الدعوة إلى:

ـ الدوام على الصلاة (عدم الغفلة).

ـ الاتكال على السعي وعلى العمل دون الشفاعة.

ك- أنه مخلوق في أحسن تقويم، فلا حاجة لتغيير خلق الله ولا العبث فيه ولا السخط عليه. وأن هذا القوام الحسن يمكن التأسيس عليه من أجل إنتاج الإبداع والجمال في المحيط وفي صناعة الأشياء وفي الإنتاج المختلف، وذلك من خلال فهم الشق الإبداعي الذي عليه خُلق الإنسان. وقد تم إخراج اللمسات الرائعة للخالق المبدع في أعظم مخلوق له. وقد لحظ ذلك في المنهج التربوي وفي الأحكام أيضاً.

ل- أنّه مخلوق مكرم: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء: 70]، وأنّه عزيز، لا يرضى الله له الذل والمسكنة، لا في الفقر، ولا الاستضعاف، ولا في التقييد ولا الأسر وحبس الأنفاس. وقد لحظ ذلك في المنهج وفي الأحكام، فلم يجز إذلال الإنسان، ولم يجز للإنسان أن يذلّ نفسه: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 97].

وأن المنظومة الإسلامية الأساسية المرتبطة بالإنسان على نحو الإطلاق:

1- أن يكون الإنسان حياً، فلا يجوز لأحد أن يسلبه حياته إلا بالحق الذي هو أصل هذه الحياة.

2- أن يكون الإنسان حراً، فلا يجوز لأحد أن يسلبه حريته وإرادته واختياره لأنه مسؤول وسيتحمل نتائج أعماله.

3- أن يكون الإنسان مكتفياً تتوفر له أسباب الحياة الأساسية بسعيه إذا سعى وبإلزام الآخر بمساعدته إذا لم يكن قادراً على السعي أو سعى فأخفق، فلا يجوز أن يبقى إنسان فقيراً معوزاً، يمد يده للآخرين: {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} [فصلت: 10].

وبناء على الخصوصيات الأساسية للإنسان بحسب ما وصف ربه الذي خلقه، ومع تحديد الغاية بالكمال الذي يتحقق بالعبودية، فإن النظرية التربوية القرآنية بناءً على التوصيف تقوم على تحقيق الغاية مع التوفيق بينها وبين الخصوصيات التي يتمتع بها الإنسان، وأخذها بعين الاعتبار.

وعليه يمكن رسم الهيكل التالي الذي عليه تبتنى النظرية التربوية بالجمع بين الهدف وبين الخصوصيات على النحو الآتي:

ـ الإنسان واقع بين تأثير العاطفة والعقل بين إلهام الفجور والتقوى {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: 7، 8]: فالمطلوب هو الترغيب والترهيب إحياء الرجاء والخوف استخدام اللين والشدة وكذلك المطلوب هو استخدام المؤثرات الوجدانية والأمثلة العقلية والإفادة من الوسائل التي تؤثر في الاتجاهين.

ـ الإنسان مرتبط بالدنيا بحسب الأصل {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ} [الأنبياء: 37]: المطلوب هو فكه على نحو تدريجي من خلال التمييز بين الدنيا الحلال والحرام، ومن خلال إظهار مساوئ الدنيا ومثالبها ومخاطرها التي يمكن أن تضر بالحياة الأبدية.

ـ الانسان في كبد {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} [البلد: 4]: المطلوب الاناة معه وأخذ يده بالتدرج في السلوك، وعدم قطع الأشواط على نحو دفعي والتوغل برفق في دين الله وفي تحقيق الأهداف. كما أن المطلوب هو اليسر في التعامل وليس العسر، والراحة دون الضيق والحرج والمطلوب هو رعاية الإنسان في مكابدته والوقوف إلى جانبه لاجتياز اختبار المكابدة في الدنيا والنجاح فيه.

ـ الإنسان خلق ضعيفاً وهلوعاً {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} [المعارج: 19 - 21]: المطلوب تقوية إرادته وشد عزيمته مع الأناة والرفق به، والحنو عليه ورعايته واحتضانه. المطلوب هو تحويل الإنسان من الضعف إلى القوة، ومن الهلع إلى التحمل، ومن المنع إلى العطاء والبذل.

ـ الإنسان ظلوم كفّار: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [إبراهيم: 34]: المطلوب تربيته على العدالة وعلى الشكر للخالق وللمخلوق، وعلى الاستقامة والعدل مع الجهات المختلفة (أولوية الاستقامة والاعتدال في النظرة وفي الحكم).

ـ الإنسان نفسه أمارة بالسوء وبحسب الأصل: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} [يوسف: 53]: المطلوب اقتلاع أسباب الأماريّة بإبعادها عن الدنيا وتحويلها على نحو تدريجي إلى نفس لوامة ثم مطمئنة.

- الإنسان خُلق عجولاً: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا} [الإسراء: 11]: المطلوب تعويده على الصبر والأناة والتحمل والتبين.

ـ الإنسان خُلق قتوراً: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا} [الإسراء: 100]: المطلوب تعويده على البذل والإنفاق وعلى الرسالية وعلى التقديم والعطاء.

ـ الإنسان خلق ليس له إلا مسعاه: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: 39]: المطلوب اعتماده على العمل وعدم الاتكال على الشفاعة أو على أي عنصر آخر، والمطلوب تعزيز ورفع حس المسؤولية لديه ليتحمل نتائج أعماله.

- الإنسان خُلق في أحسن تقويم: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: 4]: المطلوب أن يرضى بخلقه وأن يستفيد منه ومن إتقانه وحسن صنعه وتركيبه وتنظيمه من أجل الإبداع في الصنع.

ـ إنه خُلق وكان أكثر شيء جدلاً: المطلوب تربيته على التعبد بحكم الله وعلى الطاعة والولاية.

- إنه خلق مكرّماً عزيزاً: المطلوب المحافظة على حياته وسلامته وعلى كرامته وعلى عزّته، فلا يكون فقيراً أو ذليلاً أو جاهلاً أو مستضعفاً أو أسيراً أو مقيداً.

وكل واحدة من هذه الخصوصيات عند لحاظها في المنهج التربوي تتحوّل إلى هدف من الأهداف ويمكن جمع هذه الخصوصيات في مشتركات ذات عناوين موحدة. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.