أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-2-2017
2268
التاريخ: 6-2-2017
2089
التاريخ: 2023-08-05
1119
التاريخ: 16-11-2018
1868
|
خرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من المدينة متوّجّهاً إلى الحجّ في السنة العاشرة لخمس بقين من ذي القعدة، وأذّن في الناس بالحجّ، فتجهّز الناس للخروج معه، وحضر المدينة من ضواحيها ومن جوانبها خلق كثير، فلمّا انتهى إلى ذي الحليفة ولدت هناك أسماء بنت عميس محمّد بن أبي بكر، فأقام تلك الليلة من أجلها، وأحرم من ذي الحليفة، وأحرم الناس معه، وكان قارناً للحجّ بسياق الهدي ساق معه ستّاً وستّين بدنة.
وحجّ علي عليه السلام من اليمن وساق معه أربعاً وثلاثين بدنة، وخرج بمن معه من العسكر الذي صحبه إلى اليمن ومعه الحلل التي أخذها من أهل نجران، فلمّا قارب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مكّة من طريق المدينة قاربها أمير المؤمنين عليه السلام من طريق اليمن فتقدّم الجيش إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فسرّ رسول الله بذلك وقال له: «بم أهللت يا عليّ؟».
فقال: «يا رسول الله إنّك لم تكتب إليّ بإهلالك، فعقدت نيّتي بنيّتك وقلت: اللهمّ إهلالاً كإهلال نبيّك».
فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: «فأنت شريكي في حجّي ومناسكي وهديي، فأقم على إحرامك وعد على جيشك وعجّل بهم إليّ حتّى نجتمع بمكّة»(1).
وقد روي أيضاً عن الصادق عليه السلام: أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ساق في حجّته مائة بدنة، فنحر نيّفاً وستّين، ثمّ أعطى عليّاً فنحر نيّفاً وثلاثين، فلمّا رجع علي عليه السلام إلى جيشه وجد الناس قد لبسوا تلك الحلل، فقال للذي استخلفه عليهم: « ويحك ما دعاك إلى ما فعلت من غير إذن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ؟ » قال: إنّهم سألوني أن أدفعها إليهم فيتجملوا بها ويحرموا فيها.
فقال: «بئس ما فعلوا وبئس ما فعلت».
فانتزعها عليه السلام من القوم وشدّها في الأعدال، فكثرت شكاية القوم عليّاً، فنادى منادي رسول الله صلّى الله عليه وآاله وسلّم: ارفعوا ألسنتكم عن شكاية عليّ فإنّه أخشن في ذات الله.
ولمّا قدم النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ومكّة وطاف وسعى نزل عليه جبرئيل عليه السلام ـ وهو على المروة ـ بهذه الآية {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] (2) فخطب الناس وحمد الله وأثنى عليه، وقال: «دخلت العمرة في الحجّ هكذا إلى يوم القيامة ـ وشبّك بين أصابعه ـ ثمّ قال عليه السلام: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي».
ثمّ أمر مناديه فنادى: من لم يسق منكم هدياً فليحلّ وليجعلها عمرة ، ومن ساق منكم هدياً فليقم على إحرامه.
وقام إليه رجلٌ من بني عديّ وقال: يا رسول الله أتخرجنّ إلى منى ورؤوسنا تقطر من الماء(3) فقال عليه السلام: «إنّك لن تؤمن بها حتّى تموت».
فقام إليه سراقة بن مالك بن جعشم فقال: يا رسول الله ألعامنا هذا أم للأبد؟
قال: «لا، بل لأبد الأبد».
فأحلّ الناس أجمعون، إلاّ من كان معه هدي.
وخطب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم الناس يوم النفر من منى فودّعهم، ولمّا قضى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم نسكه وقفل إلى المدينة، وانتهى إلى الموضع المعروف بغدير خمّ، وليس بموضع يصلح للنزول لعدم الماء فيه والمرعى، نزل عليه جبرئيل عليه السلام، وأمره أن يقيم عليّاً وينصبه إماماً للناس، فقال: «ربّ إنّ اُمّتي حديثو عهد بالجاهليّة» فنزل عليه: أنّها عزيمة لا رخصة فيها، فنزلت الآية: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [المائدة: 67] 4).
فنزل رسول الله بالمكان الذي ذكرناه، ونزل المسلمون حوله، وكان يوماً شديد الحر، فأمر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بدوحات هناك فقمّ ما تحتها، وأمر بجمع الرحال في ذلك المكان ووضع بعضها على بعض، ثمّ أمر مناديه فنادى بالناس الصلاة جامعة، فاجتمعوا إليه، وإنّ أكثرهم ليلفٌ رداءه على قدميه من شدّة الرّمضاء، فصعد صلّى الله عليه وآله وسلّم على تلك الرحال حتّى صار في ذروتها، ودعا عليّاً عليه السلام فرقى معه حتّى قام عن يمينه، ثمّ خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ ونعى إلى الاُمّة نفسه فقال: «إنّي دعيت ويوشك أن اُجيب، وقد حان منّي خفوقٌ من بين أظهركم، وإنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليه الحوض».
ثمّ نادى بأعلى صوته: «ألست أولى منكم بأنفسكم؟».
فقالوا: اللهمّ بلى.
فقال لهم على النسق وقد أخذ بضبعي عليّ فرفعهما حتى رُئي بياض إبطيهما وقال: «فمن كنت مولاه فهذا عليّ مولاه، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله».
ثمّ نزل عليه السلام وكان وقت الظهيرة، فصلى ركعتين، ثمّ زالت الشمس فأذّ ن مؤذّنه لصلاة الظهر فصلّى بالناس وجلس في خيمته، وأمر عليّاً عليه السلام أن يجلس في خيمة له بإزائه، ثمّ أمر المسلمين أن يدخلوا عليه فوجاً فوجاً فيهنّوه بالإمامة، ويسلّموا عليه بإمرة المؤمنين ، ففعل الناس ذلك اليوم كلّهم ، ثمّ أمر أزواجه وجميع نساء المؤمنين معه أن يدخلن معه ويسلّمن عليه بإمرة المؤمنين ففعلن ذلك، وكان ممّن أطنب في تهنئته بذلك المقام عمر بن الخطّاب وقال فيما قال: بخّ بخّ لك يا عليّ، أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة.
وأنشأ حسّان يقول:
يناديهم يوم الغدـير نبيّهم *** بخمّ وأسمــع بالرسول منــاديا
وقال فمن مولاكم ووليّكم *** فقالوا ولم يبدوا هناك التعاديـا
إلهك مولانا وأنت وليّــنا *** ولن تجدن منّا لك اليوم عاصيا
فقال له قم يا علي فإنّنــي *** رضيتك من بعدي إماماً وهاديا
فمن كنت مولاه فهذا وليّه *** فكونوا له أنصار صدق مواليا
هناك دعا اللهمّ وال وليــّه *** وكن للّذي عـــادا عليّاً معاديــا
فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «لا تزال يا حسان مؤيداً بروح القدس ما نصرتنا بلسانك ». ولم يبرح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم من ذلك المكان حتّى نزل {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] (5) فقال: «الحمد لله على كمال الدين، وتمام النعمة، ورضا الربّ برسالتي والولاية لعليّ من بعدي»(6).
ولمّا قدم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم المدينة من حجّ الوداع بعث بعده اُسامة بن زيد وأمره أن يقصد حيث قتل أبوه، وقال له: «أوطئ الخيل أواخر الشام من أوائل الرّوم». وجعل في جيشه وتحت رايته أعيان المهاجرين ووجوه الأنصار، وفيهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة.
_________
(1) انظر: ارشاد المفيد 1: 171، قصص الأنبياء للراوندي: 355 | 431، صحيح مسلم 2: 888، سيرة ابن هشام 4: 249، دلائل النبوة للبيهقي 5: 399، أحكام القرآن للقرطبي 2: 370 ونقله المجلسي في بحار الأنوار 21: 383 | 10.
(2) البقرة 2: 196.
(3) في نسخة «م»: النساء.
(4) المائدة 5: 67.
(5) المائدة 5: 3.
(6) ارشاد المفيد 1: 173، وباختلاف يسير في تاريخ اليعقوبي 2: 109، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 21: 389 | 12.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
مركز الثقافة الأسرية يُنظّم برنامجًا ثقافيًّا لطالبات المدارس الدينية
|
|
|