أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-8-2017
492
التاريخ: 23-8-2017
333
التاريخ: 23-8-2017
333
التاريخ: 23-8-2017
370
|
نظرية محاكات اصوات الطبيعة أو Bow wow
أولئك الذين نادوا بهذه النظرية يرجحون أن النشأة الأولي للألفاظ لا تعدو أن تكون تقليداً للأصوات الطبيعية التي سمعها الإنسان الأول، واتخذ منها أسماء لمصدر هذه الأصوات، فنباح الكلب مثلا اتخذ رمزاً يعبر أو يدل على نفس الحيوان. و هكذا يتصور أصحاب هذا الرأي أن الإنسان الأول سمع عواء الذئب و زئير الأسد و مواء الهر، فاتخذ من تلك الأصوات الحيوانية المتباينة أعلاماً للحيوانات نفسها، كما سمع حفيف الشجر و زفير النار و قصف الرعد و خرير الماء و غيرها، فاتخذ منها أسماء لكل الظواهر الطبيعية التي تسمع لها أصوات. و بهذا تكونت له مجموعة كبيرة من الكلمات
ص16
تعد في رأي أصحاب هذه النظرية من أقدم الكلمات في اللغة الإنسانية. ثم يتصورون أن الكلمة في تطورها لاتقف في دلالتها عند حدود مصدرها الأصلي، بل قد تتعداه الى أمر لا صلة له بذلك المصدر، و الى معني جديد لا يكاد يمت الى الدلالة الأصلية بصلة وثيقة و لذلك يجب ألا ندهش حين نري معاجمنا العربية تتضمن في مادة «نباح الكلب» معني جديداً بعيداً عن الكلب و صوته مثل قول صاحب القاموس النبّاح منَاقِفُ صِغَارٌ بيضٌ مَكِّيَّةٌ، تُجْعَلُ في القَلائِد ِ. و كقوله من الفحيح بمعني صوت الأفعي «فحفح = صحح المودة و أخلصها»، و في مادة الثغاء أي صوت الغنم يقول «أتيته فما أثغي = ما أعطي شيئاً». و في بعض الأحيان نري الصلة بين المعني الأصلي و المعني الجديد واضحة مفهومة، كأن يشتق من زئير الأسد كلمة «الزأرة» بمعني الأجمة، و كأن يقال في مادة رغاء الإبل أي صوتها «إن الترغية معناها الإغضاب».
و لذلك لا يصح أن ننساق مع بعض المعترضين على هذه النظرية في تهكمهم عليها بأنها تقف بالفكر الإنساني عند حدود حظائر الحيوانات، و تجعل اللغة الإنسانية الراقية مقصورة النشأة على تلك الأصوات الفطرية الغرزية، لأن وراء هذه الأصوات سورا حصينا عنده في الحقيقة تبدأ لغة الإنسان ذات الدلالات المتميزة المتباينة. فالمعترضون يفترضون في هذا النوع من الأصوات عقما ولا تصلح لأن ينحدر منها تلك الدلالات الإنسانية السامية. ولكن الواقع يبرهن على أن كثيراً من كلمات اللغات الإنسانية قد انحدرت عن تلك الأصوات الغرزية المبهمة ، ثم سمت في تطورها و دلالتها و أصبحت تعبر عن الفكر الإنساني.
و إلا فكيف تصور أن كلمة «الخيل» يشتق منها «الخيلاء»، والجبانة بمعني الصحراء يشتق منها «الجبن»، وأن من «سفهت الطعنة أسرع منها الدم و جف» تجييء «السفاهة» ، الى غير ذلك من تلك الدلالات المجردة التي انحدرت إلينا من المحسوسات! يمكننا إذن أن ندرك أن الكلمات المستقاة من الأصوات الطبيعية قد تتطور في دلالتها حتي تصبح معبرة عن الدلالات الراقية المجردة في الذهن الإنساني.
و يبدو أن «ماكس ميلر» كان زعيم المعارضين لهذه النظرية والساخرين منها، و كان «رينان» يعارضها أيضاً و يتهكم عليها قائلاً: ليس من العقول أو المفهوم أن الإنسان و هو أرقى المخلوقات يقلد أصوات مخلوقات أدني منه و أحط ليستنبط من تلك الأصوات المبهمة الغامضة كلمات لغته الراقية السامية. ولكن «رينان» يتجني على هذه النظرية حين يتصور أن عملية التقليد مقصورة على أصوات الحيوانات، فالإنسان الأول حين بدأ عملية التقليد لم يجعلها مقصورة على أصوات بعينها، فقد كان يقلد
ص17
أصوات الحيوان، و أصوات أخيه الإنسان و أصوات الطبيعة ، و يتخذ من كل هذه الأصوات كلماته أو ألفاظه. فلم يكن الإنسان صامتاً في الوقت الذي كان فيه الحيوان مصوتاً و مهارة الإنسان تظهر في أنه انتقل بتلك الأصوات المبهمة الى دلالات واضحة مشتركة بين أفراد النوع الإنساني، و جعلها تعبر عن مصدر الصوت أي عن الحيوان المنبعث عنه ذلك الصوت.
و لعل أقوي ما يوجه الى هذه النظرية من اعتراض أن اللغات في وضعها الراهن لا تكاد تشتمل إلا على قدر ضئيل جداً من تلك الكلمات الواضحة الصلة بين اللفظ والمدلول، و هي تسمي onomatopoeia . هذا الى أنها قد تختلف باختلاف اللغات حتي في الفصيلة الواحدة. فليس لخرير الماء أو حفيف الشجر أو مواء الهر أو نباح الكلب، في لغات البشر كلمات مشتركة في لفظها أو بعض لفظها.
ص18
م: نظرية محاكات اصوات الطبيعة أو Bow wow
المؤلف: د. ابراهيم أنيس
الكتاب: دلالة الالفاظ، ص16- 18.
___________________
نظرية محاكات اصوات الطبيعة أو Bow wow
أولئك الذين نادوا بهذه النظرية يرجحون أن النشأة الأولي للألفاظ لا تعدو أن تكون تقليداً للأصوات الطبيعية التي سمعها الإنسان الأول، واتخذ منها أسماء لمصدر هذه الأصوات، فنباح الكلب مثلا اتخذ رمزاً يعبر أو يدل على نفس الحيوان. و هكذا يتصور أصحاب هذا الرأي أن الإنسان الأول سمع عواء الذئب و زئير الأسد و مواء الهر، فاتخذ من تلك الأصوات الحيوانية المتباينة أعلاماً للحيوانات نفسها، كما سمع حفيف الشجر و زفير النار و قصف الرعد و خرير الماء و غيرها، فاتخذ منها أسماء لكل الظواهر الطبيعية التي تسمع لها أصوات. و بهذا تكونت له مجموعة كبيرة من الكلمات
ص16
تعد في رأي أصحاب هذه النظرية من أقدم الكلمات في اللغة الإنسانية. ثم يتصورون أن الكلمة في تطورها لاتقف في دلالتها عند حدود مصدرها الأصلي، بل قد تتعداه الى أمر لا صلة له بذلك المصدر، و الى معني جديد لا يكاد يمت الى الدلالة الأصلية بصلة وثيقة و لذلك يجب ألا ندهش حين نري معاجمنا العربية تتضمن في مادة «نباح الكلب» معني جديداً بعيداً عن الكلب و صوته مثل قول صاحب القاموس النبّاح منَاقِفُ صِغَارٌ بيضٌ مَكِّيَّةٌ، تُجْعَلُ في القَلائِد ِ. و كقوله من الفحيح بمعني صوت الأفعي «فحفح = صحح المودة و أخلصها»، و في مادة الثغاء أي صوت الغنم يقول «أتيته فما أثغي = ما أعطي شيئاً». و في بعض الأحيان نري الصلة بين المعني الأصلي و المعني الجديد واضحة مفهومة، كأن يشتق من زئير الأسد كلمة «الزأرة» بمعني الأجمة، و كأن يقال في مادة رغاء الإبل أي صوتها «إن الترغية معناها الإغضاب».
و لذلك لا يصح أن ننساق مع بعض المعترضين على هذه النظرية في تهكمهم عليها بأنها تقف بالفكر الإنساني عند حدود حظائر الحيوانات، و تجعل اللغة الإنسانية الراقية مقصورة النشأة على تلك الأصوات الفطرية الغرزية، لأن وراء هذه الأصوات سورا حصينا عنده في الحقيقة تبدأ لغة الإنسان ذات الدلالات المتميزة المتباينة. فالمعترضون يفترضون في هذا النوع من الأصوات عقما ولا تصلح لأن ينحدر منها تلك الدلالات الإنسانية السامية. ولكن الواقع يبرهن على أن كثيراً من كلمات اللغات الإنسانية قد انحدرت عن تلك الأصوات الغرزية المبهمة ، ثم سمت في تطورها و دلالتها و أصبحت تعبر عن الفكر الإنساني.
و إلا فكيف تصور أن كلمة «الخيل» يشتق منها «الخيلاء»، والجبانة بمعني الصحراء يشتق منها «الجبن»، وأن من «سفهت الطعنة أسرع منها الدم و جف» تجييء «السفاهة» ، الى غير ذلك من تلك الدلالات المجردة التي انحدرت إلينا من المحسوسات! يمكننا إذن أن ندرك أن الكلمات المستقاة من الأصوات الطبيعية قد تتطور في دلالتها حتي تصبح معبرة عن الدلالات الراقية المجردة في الذهن الإنساني.
و يبدو أن «ماكس ميلر» كان زعيم المعارضين لهذه النظرية والساخرين منها، و كان «رينان» يعارضها أيضاً و يتهكم عليها قائلاً: ليس من العقول أو المفهوم أن الإنسان و هو أرقى المخلوقات يقلد أصوات مخلوقات أدني منه و أحط ليستنبط من تلك الأصوات المبهمة الغامضة كلمات لغته الراقية السامية. ولكن «رينان» يتجني على هذه النظرية حين يتصور أن عملية التقليد مقصورة على أصوات الحيوانات، فالإنسان الأول حين بدأ عملية التقليد لم يجعلها مقصورة على أصوات بعينها، فقد كان يقلد
ص17
أصوات الحيوان، و أصوات أخيه الإنسان و أصوات الطبيعة ، و يتخذ من كل هذه الأصوات كلماته أو ألفاظه. فلم يكن الإنسان صامتاً في الوقت الذي كان فيه الحيوان مصوتاً و مهارة الإنسان تظهر في أنه انتقل بتلك الأصوات المبهمة الى دلالات واضحة مشتركة بين أفراد النوع الإنساني، و جعلها تعبر عن مصدر الصوت أي عن الحيوان المنبعث عنه ذلك الصوت.
و لعل أقوي ما يوجه الى هذه النظرية من اعتراض أن اللغات في وضعها الراهن لا تكاد تشتمل إلا على قدر ضئيل جداً من تلك الكلمات الواضحة الصلة بين اللفظ والمدلول، و هي تسمي onomatopoeia . هذا الى أنها قد تختلف باختلاف اللغات حتي في الفصيلة الواحدة. فليس لخرير الماء أو حفيف الشجر أو مواء الهر أو نباح الكلب، في لغات البشر كلمات مشتركة في لفظها أو بعض لفظها.
ص18
م: نظرية محاكات اصوات الطبيعة أو Bow wow
المؤلف: د. ابراهيم أنيس
الكتاب: دلالة الالفاظ، ص16- 18.
___________________
نظرية محاكات اصوات الطبيعة أو Bow wow
أولئك الذين نادوا بهذه النظرية يرجحون أن النشأة الأولي للألفاظ لا تعدو أن تكون تقليداً للأصوات الطبيعية التي سمعها الإنسان الأول، واتخذ منها أسماء لمصدر هذه الأصوات، فنباح الكلب مثلا اتخذ رمزاً يعبر أو يدل على نفس الحيوان. و هكذا يتصور أصحاب هذا الرأي أن الإنسان الأول سمع عواء الذئب و زئير الأسد و مواء الهر، فاتخذ من تلك الأصوات الحيوانية المتباينة أعلاماً للحيوانات نفسها، كما سمع حفيف الشجر و زفير النار و قصف الرعد و خرير الماء و غيرها، فاتخذ منها أسماء لكل الظواهر الطبيعية التي تسمع لها أصوات. و بهذا تكونت له مجموعة كبيرة من الكلمات
ص16
تعد في رأي أصحاب هذه النظرية من أقدم الكلمات في اللغة الإنسانية. ثم يتصورون أن الكلمة في تطورها لاتقف في دلالتها عند حدود مصدرها الأصلي، بل قد تتعداه الى أمر لا صلة له بذلك المصدر، و الى معني جديد لا يكاد يمت الى الدلالة الأصلية بصلة وثيقة و لذلك يجب ألا ندهش حين نري معاجمنا العربية تتضمن في مادة «نباح الكلب» معني جديداً بعيداً عن الكلب و صوته مثل قول صاحب القاموس النبّاح منَاقِفُ صِغَارٌ بيضٌ مَكِّيَّةٌ، تُجْعَلُ في القَلائِد ِ. و كقوله من الفحيح بمعني صوت الأفعي «فحفح = صحح المودة و أخلصها»، و في مادة الثغاء أي صوت الغنم يقول «أتيته فما أثغي = ما أعطي شيئاً». و في بعض الأحيان نري الصلة بين المعني الأصلي و المعني الجديد واضحة مفهومة، كأن يشتق من زئير الأسد كلمة «الزأرة» بمعني الأجمة، و كأن يقال في مادة رغاء الإبل أي صوتها «إن الترغية معناها الإغضاب».
و لذلك لا يصح أن ننساق مع بعض المعترضين على هذه النظرية في تهكمهم عليها بأنها تقف بالفكر الإنساني عند حدود حظائر الحيوانات، و تجعل اللغة الإنسانية الراقية مقصورة النشأة على تلك الأصوات الفطرية الغرزية، لأن وراء هذه الأصوات سورا حصينا عنده في الحقيقة تبدأ لغة الإنسان ذات الدلالات المتميزة المتباينة. فالمعترضون يفترضون في هذا النوع من الأصوات عقما ولا تصلح لأن ينحدر منها تلك الدلالات الإنسانية السامية. ولكن الواقع يبرهن على أن كثيراً من كلمات اللغات الإنسانية قد انحدرت عن تلك الأصوات الغرزية المبهمة ، ثم سمت في تطورها و دلالتها و أصبحت تعبر عن الفكر الإنساني.
و إلا فكيف تصور أن كلمة «الخيل» يشتق منها «الخيلاء»، والجبانة بمعني الصحراء يشتق منها «الجبن»، وأن من «سفهت الطعنة أسرع منها الدم و جف» تجييء «السفاهة» ، الى غير ذلك من تلك الدلالات المجردة التي انحدرت إلينا من المحسوسات! يمكننا إذن أن ندرك أن الكلمات المستقاة من الأصوات الطبيعية قد تتطور في دلالتها حتي تصبح معبرة عن الدلالات الراقية المجردة في الذهن الإنساني.
و يبدو أن «ماكس ميلر» كان زعيم المعارضين لهذه النظرية والساخرين منها، و كان «رينان» يعارضها أيضاً و يتهكم عليها قائلاً: ليس من العقول أو المفهوم أن الإنسان و هو أرقى المخلوقات يقلد أصوات مخلوقات أدني منه و أحط ليستنبط من تلك الأصوات المبهمة الغامضة كلمات لغته الراقية السامية. ولكن «رينان» يتجني على هذه النظرية حين يتصور أن عملية التقليد مقصورة على أصوات الحيوانات، فالإنسان الأول حين بدأ عملية التقليد لم يجعلها مقصورة على أصوات بعينها، فقد كان يقلد
ص17
أصوات الحيوان، و أصوات أخيه الإنسان و أصوات الطبيعة ، و يتخذ من كل هذه الأصوات كلماته أو ألفاظه. فلم يكن الإنسان صامتاً في الوقت الذي كان فيه الحيوان مصوتاً و مهارة الإنسان تظهر في أنه انتقل بتلك الأصوات المبهمة الى دلالات واضحة مشتركة بين أفراد النوع الإنساني، و جعلها تعبر عن مصدر الصوت أي عن الحيوان المنبعث عنه ذلك الصوت.
و لعل أقوي ما يوجه الى هذه النظرية من اعتراض أن اللغات في وضعها الراهن لا تكاد تشتمل إلا على قدر ضئيل جداً من تلك الكلمات الواضحة الصلة بين اللفظ والمدلول، و هي تسمي onomatopoeia . هذا الى أنها قد تختلف باختلاف اللغات حتي في الفصيلة الواحدة. فليس لخرير الماء أو حفيف الشجر أو مواء الهر أو نباح الكلب، في لغات البشر كلمات مشتركة في لفظها أو بعض لفظها.
ص18
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|