المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 18130 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

جزم المضارع
22-10-2014
اثبات العلم بالصانع
23-10-2014
صور مخالفة السلطة التنفيذية لمبدأ قانونية الضريبة بناءً على تفويض مخالف للدستور
2024-02-18
S-layers
11-2-2020
Describing a Reaction: Equilibria, Rates, and Energy Changes
28-6-2016
The gravitational telescope in the Galactic Center
6-2-2017


تفسير الاية (6-7) من سورة الطلاق  
  
10867   12:18 مساءً   التاريخ: 7-2-2018
المؤلف : اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الطاء / سورة الطلاق /

قال تعالى : {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (6) لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق: 6، 7].

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هاتين الآيتين (1) :

بين سبحانه حال المطلقة في النفقة والسكنى فقال {أسكنوهن} أي في بيوتكم {من حيث سكنتم} من المساكن {من وجدكم} أي من ملككم وما تقدرون عليه عن السدي وأبي مسلم وقيل هومن الوجدان أي مما تجدونه من المساكن عن الحسن والجبائي وقيل من سعتكم وطاقتكم من الوجد الذي هو المقدرة قال الفراء يعول على ما يجد فإن كان موسعا وسع عليها في المسكن والنفقة وإن كان فقيرا فعلى قدر ذلك ويجب السكنى والنفقة للمطلقة الرجعية بلا خلاف فأما المبتوتة ففيها خلاف فذهب أهل العراق إلى أن لها السكنى والنفقة معا وروي ذلك عن عمر بن الخطاب وابن مسعود وذهب الشافعي إلى أن لها السكنى بلا نفقة وذهب الحسن وأبو ثور إلى أنه لا سكنى لها ولا نفقة وهو المروي عن أئمة الهدى (عليهم السلام) وذهب إليه أصحابنا ويدل عليه ما رواه الشعبي قال دخلت على فاطمة بنت قيس بالمدينة فسألتها عن قضاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقالت طلقني زوجي البتة فخاصمته إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) في السكنى والنفقة فلم يجعل لي سكنى ولا نفقة وأمرني أن أعتد في بيت ابن أم مكتوم وروى الزهري عن عبد الله أن فاطمة بنت قيس كانت تحت أبي عمرو بن حفص بن المغيرة المخزومي وأنه خرج مع علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى اليمن حين أمره رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) على اليمن فأرسل إلى امرأته فاطمة بنت قيس بتطليقة كانت بقيت لها من طلاقها فأمر عياش ابن أبي ربيعة والحرث بن هشام أن ينفقا عليها فقالا والله ما لك من نفقة فأتت النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) فذكرت له قولهما فلم يجعل لها نفقة إلا أن تكون حاملا فاستأذنته في الانتقال فأذن لها فقالت إني أنتقل يا رسول الله قال عند ابن أم مكتوم وكان أعمى تضع ثيابها عنده ولا يراها فلم تزل هناك حتى مضت عدتها فأنكحها النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أسامة بن زيد قال فأرسل إليها مروان بن الحكم قبيصة بن ذؤيب فسألها عن هذا الحديث ثم قال مروان لم نسمع هذا الحديث إلا من امرأة وسنأخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها فقالت فاطمة حين بلغها قول مروان بيني وبينكم القرآن قال الله تعالى لا تخرجوهن من بيوتهن إلى قوله لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا قالت هذا لمن كانت له مراجعة وأي أمر يحدث بعد الثلاث.

 ثم قال سبحانه {ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن} أي لا تدخلوا الضرر عليهن بالتقصير في السكنى والنفقة والكسوة طالبين بالإضرار التضييق عليهن ليخرجن وقيل المعنى أعطوهن من المسكن ما يكفيهن لجلوسهن ومبيتهن وطهارتهن ولا تضايقوهن حتى يتعذر عليهن السكنى عن أبي مسلم {وإن كن أولات حمل} أي كن حوامل {فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن} ، لأن عدتهن إنما تنقضي بوضع حملهن أمر الله سبحانه بالإنفاق على المطلقة الحامل سواء كانت رجعية أو مبتوتة.

 {فإن أرضعن لكم فأتوهن أجورهن} أي فإن أرضعن الولد لأجلكم بعد البينونة فأعطوهن أجر الرضاع يعني أجرة المثل {وأتمروا بينكم بمعروف} هذا خطاب للرجل والمرأة والائتمار قبول الأمر وملاقاته بالتقبل أمر الله تعالى المرضعة والمرضع له بالتلقي لأمره عز وجل ولأمر صاحبه إذا كان حسنا وقيل معناه وليأمر بعضكم بعضا بالجميل في إرضاع الوالد أي بتراضي الوالد والوالدة بعد وقوع الفرقة في الأجرة على الأب وإرضاع الولد بحيث لا يضر بمال الوالد ولا بنفس الولد ولا يزاد على الأجر المتعارف ولا ينقص الولد عن الرضاع المعتاد قال الكسائي أصله التشاور ومنه يأتمرون بك أي يتشاورون والأقوى عندي أن يكون المعنى دبروا بالمعروف بينكم في أمر الولد ومراعاة أمه حتى لا يفوت الولد شفقتها وغير ذلك ويدل عليه قول امرىء القيس :

أ حار بن عمرو كأني خمر *** ويعدو على المرء ما يأتمر(2)

 يعني ما يدبره في نفسه لأن الرجل بما دبر أمرا ليس برشد فيعدو عليه ويهلكه {وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى} والمعنى فإن اختلفتم في الرضاع وفي الأجر فسترضع له امرأة أخرى أجنبية أي فليسترضع الوالد غير والدة الصبي ثم قال سبحانه {لينفق ذو سعة من سعته} أمر سبحانه أهل التوسعة أن يوسعوا على نسائهم المرضعات أولادهن على قدر سعتهم {ومن قدر عليه} أي ضيق عليه {رزقه فلينفق مما آتاه الله} والمعنى ومن كان رزقه بمقدار القوت فلينفق على قدر ذلك وعلى حسب إمكانه وطاقته {لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها} أي إلا بقدر ما أعطاها من الطاقة وفي هذا دلالة على أنه سبحانه لا يكلف أحدا ما لا يقدر عليه وما لا يطيقه.

 {سيجعل الله بعد عسر يسرا} أي بعد ضيق سعة وبعد فقر غنى وبعد صعوبة الأمر سهولة وفي هذا تسلية للصحابة فإن الغالب على أكثرهم في ذلك الوقت الفقر ثم فتح الله تعالى عليهم البلاد فيما بعد .

____________________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج10 ، ص46-48.

2-خمر : من خالطه داء او حب . وفي قائل الشعر ومعناه خلاف ذكره في (اللسان) في مادة ((امر)) فراجع .

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هاتين الآيتين (1) :

{أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} . قال تعالى في أول هذه السورة :

{لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} . وقلنا في تفسير ذلك : ان اللَّه سبحانه أوجب على المطلق سكنى المعتدة ، وأشرنا إلى أقوال المذاهب التي فرّقت بين المعتدة الرجعية والبائنة . . والآية التي نحن بصددها تتصل بقوله تعالى : {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} لأنها تحدد البيت الذي يجب أن تسكنه المطلقة ما دامت في العدة ، تحدده بقدرة الزوج وطاقته ، فيسكنها مثل ما يسكن ، فإن كان موسعا وسع ، وان كان مضيقا ضيق {ولا تُضآرُّوهُنَّ} {لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} . لا تتعمدوا اضرارهن بالتضييق عليهن في النفقة والمسكن لتلجئوهن إلى تركه والخروج منه . . والإضرار بالآخرين من أكبر الكبائر بخاصة الإضرار بالزوجة والجار .

{وإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} . إذا طلقها وهي حامل وجبت لها النفقة بما فيها السكنى حتى تنتهي العدة بوضع الحمل ، سواء أكان الطلاق رجعيا أم بائنا ، والفرق في وجوب نفقة العدة وعدمها انما هوبين الرجعية والبائنة غير الحامل حيث تجب للأولى دون الثانية .

وقال جماعة من الفقهاء : حين قال سبحانه : {أسكنوهن} أطلق ولم يقيد بالحمل ، وحين قال : {فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ} قيد بالحمل ، واستنتجوا من ذلك ان السكنى تجب لكل مطلقة حاملا كانت أم حائلا ، رجعية كانت أم بائنة ، أما النفقة فإنها تجب للحامل حتى ولو كانت بائنا .

ونقول في الجواب : لو أخذنا بهذا الاستنتاج لوجب أن تختص نفقة العدة بالحامل فقط التي هي محل الإجماع ، أما غير الحامل فلا نفقة لها حتى ولو كانت رجعية . . ولا قائل بذلك على الإطلاق ، حيث انعقد اجماع المذاهب على وجوب

النفقة للمعتدة الرجعية ، والمصدر السنة النبوية التي هي بيان وتفسير لكتاب اللَّه بخاصة فيما يعود إلى حلال اللَّه وحرامه ، ولا شيء في السنة يدل على ان البائنة تجب لها السكنى وان كانت حائلا .

{فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} . قال الإمامية : ان الأم لا تجبر على إرضاع وليدها إلا إذا انحصر الإرضاع بها ، وان أرضعته في هذه الحال أوفي غيرها فلها أن تطالب بأجرة الرضاع ، سواء أكانت في عصمة الزوج أم لم تكن ، فإن كان للطفل مال فأجرتها من ماله وإلا فمن مال الأب الموسر وان علا ، وان كان معسرا وجب عليها أن ترضعه مجانا . . وهذا قريب جدا مما نقله ابن قدامة في كتاب المغني عن المذاهب الأربعة سوى ان مالكا قال : تجبر الزوجة على الإرضاع ان كان أمثالها يرضعن أولادهن عادة ، وان كان مقامها أرفع من ذلك فلا تجبر .

{وأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ} . الخطاب للآباء والأمهات ، والمعنى تشاوروا فيما بينكم وتدارسوا بإخلاص وروية فيما تستدعيه مصلحة الولد وفي أجرة الرضاع ، وتساهلوا وتسامحوا إذا كان في نفس أحدكم شيء على الآخر رحمة بالطفل ورغبة في مصلحته فإنه أمانة اللَّه عندكم {وإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى} . ان اختلف الأب والأم في أجرة الرضاع وطلبت الأم أكثر من غيرها فللأب أن ينتزع الطفل منها ، ويعطيه إلى أجنبية ترضعه ، وكذا إذا وجدت من ترضعه مجانا ، وأبت الأم إلا الأجرة ، أما إذا رضيت الأم بما ترضى به غيرها فهي به أولى لأنها أبرّ وأرحم .

{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ ومَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ} . هذه الآية صريحة الدلالة في أن الوضع المادي للزوج شرط أساسي في تقدير نفقة الزوجة ، فالموسر يفرض عليه نفقة الموسر ، والمعسر يفرض عليه نفقة المعسر ، من كل حسب طاقته ، وهذا الحكم لا يقبل التعديل لأن اللَّه سبحانه علله ببديهة العقل والفطرة ، وهو قوله تعالى : {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها} وتعليل الحكم الشرعي بالعقل الفطري يجعله مبرما وقطعيا لا يقبل التأويل ولا التخصيص ولا النسخ . وتقدم الكلام عن إرضاع الزوجة لولدها وعن تقدير نفقتها ، تقدم ذلك

عند تفسير الآية 233 من سورة البقرة ج 1 ص 356 {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً} . لا شيء يدوم على حال واحدة إلا وجهه الكريم ، فكم من ضيق أعقبته فسحة ، وعند تناهي الشدة يكون الرخاء ، وصدق اللَّه العظيم {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} حتى ولو أخذ العسر بالخناق .

__________________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج7 ، ص354-356.

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هاتين الآيتين (1) :

قوله تعالى: {أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم} إلى آخر الآية، قال في المفردات،: وقوله تعالى: {من وجدكم} أي تمكنكم وقدر غناكم، ويعبر عن الغنى بالوجدان والجدة، وقد حكي فيه الوجد والوجد والوجد - بالحركات الثلاث في الواو- انتهى.

وضمير {هن} للمطلقات على ما يؤيده السياق، والمعنى: اسكنوا المطلقات من حيث سكنتم من المساكن على قدر تمكنكم وغناكم على الموسر قدره وعلى المعسر قدره.

وقوله: {ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن} أي لا توجهوا إليهن ضررا يشق عليهن تحمله من حيث السكنى والكسوة والنفقة لتوردوا الضيق والحرج عليهن.

وقوله: {وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن} معناه ظاهر.

وقوله: {فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن} فلهن عليكم أجر الرضاعة وهومن نفقة الولد التي على الوالد.

وقوله: {وائتمروا بينكم بمعروف} الائتمار بشيء تشاور القوم فيه بحيث يأمر بعضهم فيه بعضا، وهو خطاب للرجل والمرأة أي تشاوروا في أمر الولد وتوافقوا في معروف من العادة بحيث لا يتضرر الرجل بزيادة الأجر الذي ينفقه ولا المرأة بنقيصته ولا الولد بنقص مدة الرضاع إلى غير ذلك.

وقوله: {وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى} أي وإن أراد كل منكم من الآخر ما فيه عسر واختلفتم فسترضع الولد امرأة أخرى أجنبية غير والدته أي فليسترضع الوالد غير والدة الصبي.

قوله تعالى: {لينفق ذو سعة من سعته} الإنفاق من سعة هو التوسعة في الإنفاق وهو أمر لأهل السعة بأن يوسعوا على نسائهم المطلقات المرضعات أولادهم.

وقوله: {ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله} قدر الرزق ضيقه، والإيتاء الإعطاء، والمعنى: ومن ضاق عليه رزقه وكان فقيرا لا يتمكن من التوسع في الإنفاق فلينفق على قدر ما أعطاه الله من المال أي فلينفق على قدر تمكنه.

وقوله: {لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها} أي لا يكلف الله نفسا إلا بقدر ما أعطاها من القدرة فالجملة تنفي الحرج من التكاليف الإلهية ومنها إنفاق المطلقة.

وقوله: {سيجعل الله بعد عسر يسرا} فيه بشرى وتسلية.

___________________
1- الميزان ، الطباطبائي ، ج19 ، ص281.

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هاتين الآيتين (1) :

وتعطي هذه الآيات توضيحا أوسع وأشمل لحقوق المرأة بعد الطلاق ، من حيث " السكن " و " النفقة " وأمور أخرى .

يقول تعالى في سكن النساء المطلقات : {أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم} .

" وجد " على وزن ( حكم ) ، بمعنى القدرة والتمكن ، وذكر المفسرون تفاسير أخرى ترجع في النتيجة إلى نفس المعنى ، إذ يقول الراغب في المفردات : إن التعبير ب‍ {من وجدكم} يعني بما تستطيعون وبما تقدرون عليه ، وبمعنى اختاروا مسكنا مناسبا قدر الإمكان للنساء المطلقات .

ومن الطبيعي أنه حينما يكون الإسكان على نفقة الزوج وفي عهدته ، فإن الأمور الأخرى من الإنفاق ستقع هي الأخرى على عاتق الزوج ، والشاهد على هذا المدعى ذيل الآية الذي يتحدث عن نفقة النساء الحوامل .

ثم يتطرق تعالى لذكر حكم آخر {ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن} . حذار أن يغركم البعض ويزرع بينكم البغض والعداوة والنفور ، مما يؤدي إلى إخراجكم عن جادة الحق ، فتحرمونهن حقوقهن الطبيعية في السكن والنفقة ، وتجعلوهن تحت ضغوط لا يستطعن معها إلا الهرب وترك كل شيء .

يقول تعالى في ثالث حكم حول النساء الحوامل {وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن} .

فما دمن حاملات فهن في حالة عدة يستحقن النفقة والسكن على الزوج .

ويقول تعالى في الحكم الرابع حول حقوق النساء المرضعات {فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن} .

اجرة تتناسب مع مقدار وزمان الإرضاع ، وطبقا لما هو معروف وشائع عرفا .

ونظرا لأن الأطفال كثيرا ما يصبحون نقطة للنزاع والخلاف بين الزوج والزوجة بعد الطلاق ، فقد أوضح القرآن في الحكم الخامس هذا الأمر بشكل قاطع ولائق حيث قال : {وأتمروا بينكم بمعروف} وتشاوروا بينكم في مصير الأولاد ومستقبلهم .

ويحذر القرآن الكريم من مغبة أن يكون الأطفال ضحية الخلاف الواقع بين الزوج والزوجة ، مما يترك عليهم آثارا واضحة على تكوينهم الجسمي والنفسي ، إذ يحرمون من حنان الام والأب وشفقتهما فينبغي أن يتقي الأبوان الله تعالى ويحفظا حقوق الأطفال فإنهم لا يستطيعون الدفاع عنها .

وجملة " وأتمروا " من مادة " ايتمار " وتأتي أحيانا بمعنى " قبول الأمر " وأحيانا أخرى بمعنى " التشاور " والمعنى الثاني أقرب إلى معنى الآية .

والتعبير " بمعروف " تعبير جامع يشمل كل مشاورة فيها خير وصلاح .

وفي حالة عدم حصول التوافق والتفاهم بين الزوجين حول مصير الأطفال وقضية إرضاعهم ، يقول القرآن في سادس حكم في هذا المجال {وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى} .

إشارة إلى أن الخلافات إذا طالت وتعقدت فأعطوا الأطفال إلى مرضعة أخرى ، ورغم أن الام هي الأولى بذلك ، لكن إذا بقي الأطفال ينتظرون ، وظل النزاع على حاله ، فلا ينبغي أن ينسى الأطفال في خضم هذا النزاع .

وتبين الآية اللاحقة سابع - وآخر حكم - في هذا المجال حيث يقول تعالى : {لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها}.

فهل أن هذا الأمر يرتبط بالنساء اللائي يتعهدن رضاعة أطفالهن بعد الفرقة والطلاق ، أو أثناء العدة التي أشير إليها بصورة إجمالية في الآيات السابقة ، أو أنه يرتبط بكليهما معا .

ويبدو أن المعنى الأخير أنسب وأقرب ، رغم أن بعض المفسرين اعتبرها خاصة بالنساء المرضعات فقط في الوقت الذي أطلقت الآيات السابقة على هذا الأمر تعبير " أجر " وليس " نفقة وإنفاق " .

على كل حال لا ينبغي للذين ليس لهم القدرة أن يتشددوا ويعقدوا الأمور ، كما أن الذين لا يملكون القدرة المالية غير مأمورين إلا بالقدر الذي تسعه قدرتهم المالية ولا يحق للنساء مطالبتهم بأكثر من ذلك .

وبناء على هذا فالذين لديهم المقدرة والاستطاعة ثم يبخلون بها فإنهم يستحقون اللوم والتقريع لا الذين لا يملكون شيئا .

وفي نهاية المطاف يبشرهم الله تعالى بقوله : {سيجعل الله بعد عسر يسرا} أي لا تجزعوا ولا تحزنوا ولا يكن الضيق في المعيشة سببا لخروجكم عن الطريق السوي ، فإن الدنيا أحوال متقلبة لا تبقى على حال ، فحذار من أن تقطع المشاكل العابرة والمرحلية حبل صبركم .

وكانت هذه الآية بمثابة بشرى أبدية للمسلمين الذين كانوا حينذاك يعيشون ضنكا ماديا وعوزا في متطلبات الحياة ، فهي تبعث الأمل في نفوسهم وتبشر الصابرين .

ولم تمض فترة طويلة حتى فتح الله عليهم أبواب رحمته وبركته .

________________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج14 ، ص265-267.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .