النبي الأعظم محمد بن عبد الله
أسرة النبي (صلى الله عليه وآله)
آبائه
زوجاته واولاده
الولادة والنشأة
حاله قبل البعثة
حاله بعد البعثة
حاله بعد الهجرة
شهادة النبي وآخر الأيام
التراث النبوي الشريف
معجزاته
قضايا عامة
الإمام علي بن أبي طالب
الولادة والنشأة
مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام)
حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله
حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)
حياته في عهد الخلفاء الثلاثة
بيعته و ماجرى في حكمه
أولاد الامام علي (عليه السلام) و زوجاته
شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة
التراث العلوي الشريف
قضايا عامة
السيدة فاطمة الزهراء
الولادة والنشأة
مناقبها
شهادتها والأيام الأخيرة
التراث الفاطمي الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن (عليه السّلام)
التراث الحسني الشريف
صلح الامام الحسن (عليه السّلام)
أولاد الامام الحسن (عليه السلام) و زوجاته
شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة
قضايا عامة
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام)
الأحداث ما قبل عاشوراء
استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء
الأحداث ما بعد عاشوراء
التراث الحسينيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام)
شهادة الإمام السجّاد (عليه السّلام)
التراث السجّاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الباقر
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الباقر (عليه السلام)
شهادة الامام الباقر (عليه السلام)
التراث الباقريّ الشريف
قضايا عامة
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الصادق (عليه السلام)
شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
التراث الصادقيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الكاظم (عليه السلام)
شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
التراث الكاظميّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن موسى الرّضا
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الرضا (عليه السّلام)
موقفه السياسي وولاية العهد
شهادة الإمام الرضا والأيام الأخيرة
التراث الرضوي الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الجواد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
التراث الجواديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن محمد الهادي
الولادة والنشأة
مناقب الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
شهادة الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
التراث الهاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي العسكري
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
التراث العسكري الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن الحسن المهدي
الولادة والنشأة
خصائصه ومناقبه
الغيبة الصغرى
السفراء الاربعة
الغيبة الكبرى
علامات الظهور
تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى
مشاهدة الإمام المهدي (ع)
الدولة المهدوية
قضايا عامة
نزول النبي عيسى "ع" من السماء ونصرته الإمام المهدي "عج"
المؤلف:
الشيخ علي الكوراني
المصدر:
المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي "عج"
الجزء والصفحة:
ص561-578
2025-06-21
19
آيات نزول عيسى عليه السلام
من عقائد عامة المسلمين أن عيسى عليه السلام سينزل من السماء إلى الأرض . قال الله تعالى : وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً . « النساء : 159 » . وقال تعالى : وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ . « الزخرف : 61 » . والمعنى : أنه عليه السلام آية من آيات الساعة ، وما من أحد من أهل الكتاب النصارى واليهود ، إلا سيؤمن به عندما ينزله الله إلى الدنيا ، ويرونه ويرون آياته . وهذا بذاته معجزة لأن اليهود إلى اليوم لا يؤمنون به ويتهمون أمه قال الإمام الباقر عليه السلام : « ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا ، فلا يبقى أهل ملة يهودي ولا نصراني إلا آمن به قبل موته ، ويصلي خلف المهدي » . « البحار : 14 / 350 » .
فالحكمة من رفعه إلى السماء أن الله تعالى ادَّخره لدورعظيم في مرحلة حساسة من التاريخ ، يكون أتباعه وعُبَّاده فيها قوة عائقة عن وصول الهدى إلى الشعوب وإقامة دولة العدل الإلهي العالمي .
لهذا كان من الطبيعي أن ينزل عليه السلام في العالم المسيحي ، وأن تَعُمَّ بلادهم فرحة ومظاهرات شعبية ، ويعتبروا نزوله نصراً لهم مقابل ظهور مهدي المسلمين .
والوضع الطبيعي أن يخبر الإمام المهدي عليه السلام بوقت نزوله ، وأن ينتظره ويراقبه ملايين الناس ويشاهدوا نزوله عليه السلام .
وأن يظهرالله على يديه أنواع المعجزات ويهتدي بذلك كثيرون . وأول ثمرات نزوله عليه السلام تخفيف عداء الغربيين للإسلام والمهدي عليه السلام وعقد اتفاقية سلام بينه وبين الدول الغربية . وقد ورد أن مدة هذا الصلح تكون عشر سنين .
ولا يبعد أن تكون صلاة عيسى خلف المهدي عليه السلام بعد سنين من نزوله ، عندما تنقض الدول الغربية معاهدة الصلح ، وتحشد جيوشها لحرب المهدي عليه السلام فيتخذ المسيح موقفه الصريح إلى جانبه ، ويأتي إلى الشرق ويأتمَّ به .
أما كسره الصليب وقتله الخنزير الذي أفاضت في روايته مصادر السنيين ، فيكون بعد هزيمة الغربيين في معركتهم مع الإمام المهدي عليه السلام ودخوله هو والمسيح عليه السلام إلى عواصمهم ، واستقبال شعوبها لهما بالهتاف والتكبير .
وقد رُفع المسيح عليه السلام وهوكهلٌ ، وينزل من السماء كهلاً . وقد ورد في تفسير قوله تعالى : وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ . « آل عمران : 46 » . أن تكليمه الناس في المهد عند ولادته ، وكهلاً عندما ينزل من السماء ، وقال ابن عباس : رفع وهو ابن ثلاثين سنة « البغوي : 2 / 77 » والكهولة تبدأ عند وَخْطِ الشيب كما نص اللغويون .
وفي تفسير مجمع البيان : 2 / 295 : « وكهلاً ، بعد نزوله من السماء ليقتل الدجال ، وذلك لأنه رفع إلى السماء وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة ، وذلك قبل الكهولة » . ونسبه الطبري في تفسيره : 3 / 371 ، إلى ابن زيد ، ونسبه الثعلبي في تفسيره « 3 / 69 » إلى الحسن بن الفضل البجلي ، وكذا الرازي : 8 / 55 .
وقال البغوي : 1 / 308 : « قيل للحسين بن الفضل : هل تجدون نزول عيسى في القرآن ؟ قال : نعم ، قوله : وكهلاً ، وهو لم يكتهل في الدنيا ، وإنما معناه وكهلاً بعد نزوله من السماء » .
أقول : حتى لو كان تكليمه للناس كهلاً قبل رفعه إلى السماء ، كما قال البيضاوي : 2 / 40 ، والزركشي : 3 / 67 ، والدر المنثور : 2 / 24 ، فإنه يكلمهم كهلاً بعد نزوله أيضاً .
وفي تفسير الطبري : 6 / 14 : « عن ابن زيد في قوله تعالى : وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ، قال : ابن عباس ، وابن زيد ، وأبو مالك ، والحسن البصري : إذا نزل عيسى بن مريم فقتل الدجال ، لم يبق يهودي في الأرض إلا آمن به ، قال : وذلك حين لا ينفعهم الإيمان » .
وروى البيهقي : 9 / 180 : « عن مجاهد في قوله عز وجل : حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ، يعني حتى ينزل عيسى بن مريم » . والجامع لأحكام القرآن 16 / 228 .
أحاديث نزول عيسى عليه السلام من مصادرهم
روى بخاري في صحيحه : 4 / 205 : « كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم » .
ومسلم : 1 / 136 ، و 137 ، وأبو عوانة : 1 / 106 ، وابن المنادي / 57 ، وابن حبان : 8 / 283 و 284 ، والبيهقي في الأسماء / 535 ، والبغوي : 3 / 516 . . إلى آخر مصادره .
وفي الطيالسي / 335 : « عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : الأنبياء إخوة لعَلَّات أمهاتهم شتى ودينهم واحد ، فأنا أولى الناس بعيسى بن مريم ، لأنه لم يكن بيني وبينه نبي ، فإذا رأيتموه فاعرفوه فإنه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض بين مُمَصَّرتين ، كأن رأسه يقطر ، ولم يصبه بلل . وإنه يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويفيض المال ، حتى يهلك الله في زمانه الملل كلها غير الإسلام ، وحتى يهلك الله في زمانه مسيح الضلال الأعور الكذاب ، وتقع الأمنة في الأرض ، حتى يرعى الأسد مع الإبل ، والنمر مع البقر ، والذئاب مع الغنم ، ويلعب الصبيان بالحيَّات ، ولايعض بعضها بعضاً . ثم يبقى في الأرض أربعين سنة ، ثم يموت ويصلي عليه المسلمون ويدفنونه » . وعبد الرزاق : 11 / 401 ، وابن حماد / 163 و 164 ، ونحوه ابن أبي شيبة : 15 / 158 ، وأحمد : 2 / 406 ، و 437 ، وأبو داود : 4 / 117 ، و 118 ، والمسند الجامع : 18 / 434 . إلخ .
وأبناء العَلَّات والإخوة لعَلَّات : بفتح العين وتشديد اللام : الاخوة لأب من أمهات شتى . والثوب الُممَصَّر : الذي في لونه صفرة خفيفة .
وفي مسند أحمد : 2 / 411 : « عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وآله قال : يوشك من عاش منكم أن يلقى عيسى بن مريم ، إماماً مهدياً وحكماً عدلاً ، فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية وتضع الحرب أوزارها » .
أي لا يقبل من أهل الكتاب إلا الإسلام أو القتال . وتضع أوزارها : تنتهي .
وفي جامع السيوطي : 9 / 442 : « ثم لئن قام على قبري فقال : يا محمد ، لأجيبنه » .
وفي مسند الشاميين : 1 / 317 : « ويزيد في الحلال ! قال أبو الأشعث : والله يا أبا هريرة ما أظنه يزيد في شئ من الحلال في النساء ! فنظر اليَّ وتبسم وقال : إنك قد أصبت » . ومعناه أن أبا الأشعث كذب أبا هريرة ، فقبل ذلك أبو هريرة وكذب نفسه !
وفي بيان الشافعي / 500 : « عن أبي سعيد : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : منا الذي يصلي عيسى بن مريم خلفه . . أخرجه الحافظ أبو نعيم في كتاب مناقب المهدي عليه السلام وكتابه أصل » .
وفي بيان الشافعي / 497 : « عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : فيلتفت المهدي وقد نزل عيسى عليه السلام كأنما يقطر من شعره الماء فيقول المهدي : تقدم صل بالناس ، فيقول عيسى : إنما أقيمت الصلاة لك ، فيصلي عيسى خلف رجل من ولدي ، فإذا صليت قام عيسى حتى جلس في المقام فيبايعه ، فيمكث أربعين سنة . وقال : قلت : هكذا أخرجه أبو نعيم في مناقب المهدي » .
وفي القول المختصر / 8 : فيصلي بهم إمامهم ، وإمام عيسى .
وفي ارتقاء الغرف / 253 ، عن حذيفة : فيصلي خلف رجل من ولدي .
وفي بدائع الزهور / 189 : « عن أويس الثقفي : قال النبي صلى الله عليه وآله : ينزل عيسى بن مريم عند قيام الساعة ، ويكون نزوله على المنارة البيضاء التي بشرق جامع دمشق ، وصفته مربوع القامة ، أسود أشعر ، أبيض اللون ، فإذا نزل يدخل المسجد ويقعد على المنبر ، فتتسامع الناس به فيدخل عليه المسلمون والنصارى واليهود ، فيزدحمون هناك حتى يطأ بعضهم رأس بعض ، فيأتي مؤذن المسلمين فيقيم الصلاة ، وهي صلاة الفجر ، فيصلي عيسى مأموماً مقتدياً بالمهدي » .
وفي أحمد : 4 / 216 و 217 ، وابن شيبة : 15 / 136 : « عن عثمان بن أبي العاص قال : من حديث طويل : فينزل عيسى بن مريم عن صلاة الفجر فيقول له أمير الناس : تقدم يا روح الله فصل بنا فيقول : إنكم معشر الأمة أمراء بعضهم على بعض ، تقدم أنت فصل بنا ، فيتقدم الأمير فيصلي بهم ، فإذا انصرف أخذ عيسى حربته فيذهب نحو الدجال ، فإذا رآه ذاب كما يذوب الرصاص ، ويضع حربته بين ثندوته فيقتله ، ثم ينهزم أصحابه » . .
وفي عقد الدرر / 274 : « عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في قصة الدجال : ويدخل المهدي عليه السلام بيت المقدس ويصلي بالناس إماماً ، فإذا كان يوم الجمعة وقد أقيمت الصلاة نزل عيسى بن مريم بثوبين مشرقين حمر ، كأنما يقطر من رأسه الدهن ، رَجْلُ الشعر صبيح الوجه أشبه خلق الله عز وجل بأبيكم إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام ، فيلتفت المهدي فينظرعيسى عليه السلام فيقول لعيسى : يا ابن البتول صل بالناس . فيقول : لك أقيمت الصلاة فيتقدم المهدي فيصلي بالناس ويصلي عيسى خلفه ويبايعه . ويخرج عيسى فيلتقي الدجال فيطعنه فيذوب كما يذوب الرصاص ، ولا تقبل الأرض منهم أحداً ، لا يزال الحجر والشجر يقول يا مؤمن تحتي كافر أقتله .
ثم إن عيسى عليه السلام يتزوج امرأة من غسان ويولد له منها مولود ، ويخرج حاجاً فيقبض الله تعالى روحه في طريقه قبل وصوله إلى مكة » .
وفي سنن الداني / 143 : « عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لا تزال طائفة من أمتي تقاتل عن الحق حتى ينزل عيسى بن مريم عند طلوع الفجر ببيت المقدس ، ينزل على المهدي فيقال له تقدم يا نبي الله فصل لنا ، فيقول : إن هذه الأمة أمير بعضهم على بعض لكرامتهم على الله عز وجل » .
وفي أحمد ، والحاكم : 2 / 595 ، وصححه 2 / 290 : « عن أبي هريرة : قال رسول الله : صلى الله عليه وآله ينزل عيسى بن مريم فيقتل الخنزير ويمحو الصليب ، وتجمع له الصلاة ، ويعطي المال حتى لا يُقبل ، ويضع الخراج ، وينزل الروحاء فيحج منها أو يعتمر أو يجمعهما قال : وتلا أبو هريرة : وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً » . .
أقول : إحفظ عليك هذه الأحاديث التي صححوا عدداً منها ، وهي تنص على صلاة عيسى خلف المهدي عليه السلام واقتدائه به ، قبل أن ينتبه الشُّراح من غفلتهم ويمحوها !
وفي ابن حماد / 161 : « عن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وآله قال : إذا بلغ الدجال عقبة أفِيق ، وقع ظله على المسلمين فيوترون قسيهم لقتاله فيسمعون نداء : أيها الناس قد أتاكم الغوث وقد ضعفوا من الجوع فيقولون : هذا كلام رجل شبعان يسمعون ذلك النداء ثلاثاً ، وتشرق الأرض بنورها ، وينزل عيسى بن مريم ورب الكعبة وينادي : يا معشر المسلمين أحمدوا ربكم وسبحوه وهللوه وكبروه ، فيفعلون فيستبقون يريدون الفرار ويبادرون ، فيضيق الله عليهم الأرض إذا أتوا باب لد في نصف ساعة ، فيوافقون عيسى بن مريم قد نزل بباب لد ، فإذا نظر إلى عيسى فيقول : أقم الصلاة ، يقول الدجال : يا نبي الله قد أقيمت الصلاة ، يقول عيسى : يا عدو الله أقيمت لك فتقدم فصل ، فإذا تقدم يصلي قال عيسى : يا عدو الله زعمت أنك رب العالمين ، فلم تصلي ؟ فيضربه بمقرعة معه فيقتله ، فلا يبقى من أنصاره أحد تحت شئ أو خلفه إلا نادى : يا مؤمن هذا دجالي فاقتله » . انتهى . وهو نصٌّ تظهر فيه تأثيرات كعب في الوضع ، وإنما أوردناه وأمثاله ليعرف حاله !
أحاديث نزول عيسى عليه السلام من مصادرنا
في تفسير القمي : 1 / 158 : « عن شهر بن حوشب قال : قال لي الحجاج : آية في كتاب الله قد أعيتني ! فقلت : أيها الأمير أيةُ آيةٍ هي ؟ فقال قوله : وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ، والله إني لآمر باليهودي والنصراني فتضرب عنقه ، ثم أرمقه بعيني فما أراه يحرك شفتيه حتى يخمد . فقلت : أصلح الله الأمير ليس على ما تأولت ، قال : كيف هو ؟ قلت : إن عيسى ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا فلا يبقى أهل ملة يهودي ولا نصراني إلا آمن به قبل موته ، ويصلي خلف المهدي ، قال : ويحك أنى لك هذا ، ومن أين جئت به ؟ فقلت : حدثني به محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، فقال : جئت بها والله من عين صافية » .
وفي أمالي الصدوق / 181 : « عن معمر بن راشد قال : سمعت أبا عبد الله الصادق عليه السلام يقول : أتى يهودي النبي صلى الله عليه وآله فقام بين يديه يحد النظر إليه ، فقال : يا يهودي ما حاجتك ؟ قال : أنت أفضل أم موسى بن عمران النبي الذي كلمه الله وأنزل عليه التوراة والعصا ، وفلق له البحر وأظلَّه بالغمام ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وآله : إنه يكره للعبد أن يزكي نفسه ولكني أقول إن آدم عليه السلام لما أصاب الخطيئة كانت توبته أن قال : اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد لمَّا غفرت لي ، فغفرها الله له . وإن نوحاً لما ركب في السفينة وخاف الغرق قال : اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد لما أنجيتني من الغرق ، فنجاه الله عنه . وإن إبراهيم لما ألقي في النار قال : اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد لما أنجيتني منها ، فجعلها الله عليه برداً وسلاماً . وإن موسى لما ألقى عصاه وأوجس في نفسه خيفة قال : اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد لما آمنتني ، فقال الله جل جلاله : لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى ! يا يهودي ، إن موسى لو أدركني ثم لم يؤمن بي وبنبوتي ما نفعه إيمانه شيئاً ولا نفعته النبوة . يا يهودي ، ومن ذريتي المهدي ، إذا خرج نزل عيسى بن مريم لنصرته قدمه وصلى خلفه » .
وفي كمال الدين : 1 / 331 : « عن أبي أيوب المخزومي قال : ذكر أبو جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام سِيَر الخلفاء الاثني عشر الراشدين صلوات الله عليهم ، فلما بلغ آخرهم قال : الثاني عشر الذي يصلي عيسى بن مريم عليه السلام خلفه » .
وفي تفسير فرات / 44 : « عن أبي جعفر عليه السلام قال : يا خيثمة سيأتي على الناس زمان لا يعرفون الله ما هو التوحيد ، حتى يكون خروج الدجال ، وحتى ينزل عيسى بن مريم من السماء ويقتل الله الدجال على يده ، ويصلي بهم رجل منا أهل البيت ، ألا ترى أن عيسى يصلي خلفنا وهو نبي إلا ونحن أفضل منه » .
وقال الكراجكي في التفضيل / 24 : « ومما نقلته الشيعة وبعض محدثي العامة أن المهدي عليه السلام إذا ظهر أنزل الله تعالى المسيح عليه السلام فإنهما يجتمعان فإذا حضرت صلاة الفرض قال المهدي للمسيح عليه السلام : تقدم يا روح الله يريد تقدم للإمامة ، فيقول المسيح : أنتم أهل بيت لايتقدمكم أحد ، فيتقدم المهدي عليه السلام ثم يصلي المسيح خلفه » .
لماذا حرفت السلطة أحاديث نزول المسيح عليه السلام
أحاديث نزول عيسى عليه السلام واقتداؤه بالمهدي عليه السلام ، ثقيلة على أتباع الخلافة القرشية ، لأنها أولاً تدل على أفضلية المهدي على عيسى عليه السلام ولأنها تفضل أصحاب عيسى على الذين سموهم الصحابة والجيل الأول ، وزعموا أنهم أفضل الأمة .
ففي استدراك الذهبي : 2 / 1121 : « ليدركن الدجال قوماً مثلكم أو خيراً منكم ، ثلاث مرات ، ولن يُخزي الله أمة أنا أولها وعيسى بن مريم آخرها » .
وفي استدراك الذهبي : 2 / 774 : « ليدركن المسيح من هذه الأمة أقواماً إنهم لمثلكم أو خير منكم ، ثلاث مرات ، ولن يخزي الله أمة أنا أولها والمسيح آخرها » .
وفي تذكرة القرطبي : 2 / 762 : « ليدركنَّ المسيحُ بن مريم رجالاً من أمتي مثلكم ، أو خيراً منكم » .
وروى الديلمي في الفردوس : 5 / 515 : « عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله : ينزل عيسى بن مريم على ثمان مائة رجل وأربع مائة امرأة ، خيار من على الأرض وأصلح من مضى » .
ورواه الحاكم : 3 / 41 : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ليدركن الدجال قوم مثلكم أو خيراً منكم ثلاث مرات ، ولن يخزي الله أمة أنا أولها وعيسى بن مريم آخرها . هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه » .
وروى الترمذي في نوادر الأصول / 156 : « عن ابن سمرة أن النبي صلى الله عليه وآله عندما سمع بكاء المسلمين على من استشهد في تبوك فسألهم مايبكيكم ؟ فقالوا : وما لنا لانبكي وقد قتل خيارنا وأشرافنا وأهل الفضل منا ! قال : لا تبكوا ، فإنما مثل أمتي مثل حديقة قام عليها صاحبها ، فاجتث رواكبها وهيأ مساكنها وحَلَّقَ سَعْفَها ، فأطعمت عاماً فوجاً ثم عاماً فوجاً ، ولعل آخرها طعماً يكون أجودها قنواناً وأطولها شمراخاً ، والذي بعثني بالحق نبياً ليجدن ابن مريم في أمتي خلفاً من حواريه » . والرواكب : مايركب الأشجار من زوائد منها أو من غيرها . وحلق سعفها : قصه وكربه . القِنوان مفرد وجمع : الأعذاق والقطوف . الشمراخ : جمعه شماريخ : غصون الأعذاق . خلفاً من حواريه : أصحاباً بدل أصحابه .
وأما الحديث الذي يذكر أئمة العترة فهو : « كيف يهلك الله أمة أنا في أولها ، وعيسى في آخرها ، والمهدي من أهل بيتي في وسطها » . وقال عنه الشافعي في كتابه البيان / 508 : هذا حديث حسن ، رواه الحافظ أبو نعيم في عواليه وأحمد بن حنبل في مسنده ، كما أخرجناه !
وقال السلمي في عقد الدرر / 146 : « أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده ، ورواه الحافظ أبو نعيم في عواليه ! وفي هامشه : ولم أجد الحديث في مسند الإمام أحمد » ! أقول : ونحن أيضاً لم نجده ، فقد حذفته الأيدي السارقة !
أما مصادرنا فروت الحديث ولم تظلم منه شيئاً ، ففي عيون أخبار الرضا : 1 / 52 ، عن علي عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « أبشروا ثم أبشروا ثلاث مرات ، إنما مثل أمتي كمثل غيث لا يدرى أوله خير أم آخره ، إنما مثل أمتي كمثل حديقة أطعم منها فوج عاماً ، ثم أطعم منها فوج عاماً ، لعل آخرها فوج يكون أعرضها بحراً وأعمقها طولاً وفرعاً وأحسنها حباً . وكيف تهلك أمة أنا أولها واثنا عشر من بعدي من السعداء وأولوا الألباب والمسيح بن مريم آخرها ، ولكن يهلك من بين ذلك نتج الهرج ، ليسوا مني ولست منهم » . ومثله الخصال : 2 / 475 ، وكمال الدين : 1 / 269 ، وكفاية الأثر / 230 ، والعمدة / 432 ، والإيقاظ / 374 ، وإثبات الهداة : 3 / 617 ، عن مشكاة المصابيح ، وغاية المرام / 710 .
وفي عيون أخبار الرضا : 1 / 53 ، عن علي بن الحسين عن أبيه : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله : كيف تهلك أمة أنا وعلي وأحد عشر من ولدي أولوا الألباب أولها ، والمسيح بن مريم آخرها ولكن يهلك بين ذلك من لست منه وليس مني » .
وفي غيبة الطوسي / 114 : « عن عبد الله بن عمرو العاص : قال رسول الله صلى الله عليه وآله في حديث طويل : فعند ذلك خروج المهدي ، وهو رجل من ولد هذا ، وأشار بيده إلى علي بن أبي طالب عليه السلام ، به يمحق الله الكذب ويذهب الزمان الكلِب ، به يخرج ذل الرق من أعناقكم ، ثم قال : أنا أول هذه الأمة ، والمهدي أوسطها وعيسى آخرها ، وبين ذلك ثبج أعوج » .
أقول : روت مصادر أتباع الخلافة هذا الحديث ، عن ابن عمرو العاص ، بنحو ما رواه الشيخ الطوسي ، ففي نوادر أصول الترمذي / 156 ، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله : كيف يهلك الله أمة أنا في أولها وعيسى في آخرها ، والمهدي من أهل بيتي في وسطها » . ورواه في تفسير الثعلبي : 3 / 82 ، وتفسير الطبري : 3 / 203 ، وتاريخ دمشق : 5 / 394 ، و : 47 / 522 .
لكن المتفق عليه في كافة المصادر أن المهدي عليه السلام في آخر الأمة ، لذلك نرجح أن يكون أصل الحديث ما رواه في أخبار الدول / 76 ، عن ابن عباس : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « كيف تهلك أمة أنا أولها ، وعيسى بن مريم في آخرها ، والشهداء من أهل بيتي في وسطها » . انتهى . وفي نوادر المعجزات / 197 ، عن ابن عباس : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « كيف تهلك أمة أنا أولها والمهدي من أهل بيتي أوسطها ، وعيسى بن مريم في آخرها » .
وفي الطيالسي / 270 : « عن أنس قال النبي صلى الله عليه وآله : مَثَلُ أمتي مَثَل المطر لا يُدرى أوله خير أم آخره » . ومثله أحمد : 3 / 130 ، و 143 ، و : 4 / 319 ، وتأويل مختلف الحديث / 115 .
ورواه الترمذي : 5 / 152 بأكمل منه ، ونصه : « أبشروا أبشروا إنما أمتي كالغيث لا يدرى آخره خير أم أوله ، أو كحديقة أطعم منها فوج عاماً ثم أطعم منها فوج عاماً . كيف تهلك أمة أنا أولها والمهدي أوسطها والمسيح آخرها ، ولكن بين ذلك ثبج أعوج ، ليس مني ولا أنا منهم . وقال : وفي الباب عن عمار وعبد الله بن عمرو وابن عمر ، وهذا حديث حسن غريب من هذا الوجه . روى عبد الرحمن بن مهدي أنه كان يثبت حماد بن يحيى الأبح ، وكان يقول : هو من شيوخنا » . ونوادر الأصول / 156 ، وأبو يعلى : 1 / 165 ، وابن حبان : 9 / 176 ، والبغوي : 4 / 233 ، ومسند الشهاب : 2 / 276 ، ومجمع الزوائد : 10 / 68 ، قال : رواه أحمد ، والبزار ، والطبراني ورجال البزار رجال الصحيح غير الحسن بن قزعة وعبيد بن سليمان الأغر وهما ثقتان .
والنتيجة : أن أحاديث اقتداء عيسى بالمهدي عليه السلام صحيحة ، فهو أفضل منه ، مع أنه رسول من أولي العزم عليهم السلام ، والمهدي ليس نبياً . وأصحاب عيسى والمهدي عليه السلام أفضل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله .
رووا أن من يقتل الدجال عيسى وروينا أن المهدي عليه السلام يقتله
ورد في نصوص اليهود والنصارى وأتباع الخلافة أن الذي يقتل الدجال هو المسيح عليه السلام ، وفي نصوص أهل البيت عليهم السلام أن الذي يقتله هو المهدي عليه السلام .
ويؤيده ما رووه أن عيسى عليه السلام يبعث وزيراً لا أميراً . فقد روى الطيالسي / 170 : « عن مجمع بن جارية : أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : يقتل ابن مريم الدجال بباب لِدّ » .
وقد يكون هذا النص من أقوال كعب التي جعلوها أحاديث نبوية ، كما تقدم . وروى ابن حماد / 158 ، أن عمر قال لرجل من اليهود : « إني قد بلوت منك صدقاً ، فأخبرني عن الدجال فقال : وإله يهود ليقتلنه ابن مريم بفناء لد » .
وعن كعب قال : « إذا سمع الدجال نزول عيسى بن مريم هرب ، فيتبعه عيسى فيدركه عند باب لد فيقتله ، فلا يبقى شئ إلا دل على أصحاب الدجال فيقول : يا مؤمن هذا كافر » . وهو تحريف من كعب لقول النبي صلى الله عليه وآله : « لا يبقى حجر ولا شجر إلا قال يا مسلم هذا يهودي خلفي فاقتله » ! فحرفه كعب وتبعه تلميذه ابن العاص !
أبو هريرة كان يأمل أن يدرك المسيح عليه السلام !
روى عبد الرزاق : 11 / 402 : « عن يزيد بن الأصم قال : كنت أسمع أبا هريرة يقول : تروني شيخاً كبيراً قد كادت ترقوتاي تلتقي من الكبر ، والله إني لأرجو أن أدرك عيسى وأحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وآله فيصدقني » .
ورواه ابن حماد : 161 ، وفيه : ثم التفت فرآني من أحدث القوم ، فقال : يا ابن أخي : إن أدركته فاقرأه مني السلام » . ونحوه ابن شيبة : 15 / 145 . ولا قيمة علمية لتمنيات أبي هريرة ، وقد جعلها على لسان النبي صلى الله عليه وآله مع الأسف !
ففي مسند أحمد : 2 / 298 ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله : « إني لأرجو إن طال بي عمر أن ألقى عيسى بن مريم عليه السلام ، فإن عجل بي موت فمن لقيه فليقرؤه مني السلام ! » ومثله أحمد : 2 / 298 ، والطبراني الصغير : 1 / 256 ، والحاكم : 4 / 545 ، ومجمع الزوائد : 8 / 5 ، وقال : رواه أحمد بإسنادين مرفوع وهو هذا ، وموقوف ورجالهما رجال الصحيح .
زعموا أن المسيح يدفن مع النبي صلى الله عليه وآله
روى الترمذي : 5 / 588 : مكتوب في التوراة صفة محمد وصفة عيسى يدفن معه » . وقال ابن كثير قال عنه : ولكن لا يصح إسناده . « النهاية : 2 / 118 » .
وقد رووا ذلك عن عائشة ، قال ابن كثير في كتاب المسيح / 149 : « عن عائشة مرفوعاً أنه يدفن مع رسول الله وأبي بكر وعمر في الحجرة النبوية » .
وتبني ذلك ابن سلام اليهودي فقال كما في ابن حماد : 2 / 580 : « نجد في التوراة « ! » أن عيسى بن مريم يدفن مع محمد » . ولا يوجد في التوراة ذكر للمسيح فضلاً عن قبره ودفنه !
وفي تاريخ بخاري : 1 / 263 : ليدفنن عيسى بن مريم مع النبي « ص » في بيته .
وفاء الوفا : 2 / 814 : « عن عبد الله بن عمرو : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ينزل عيسى بن مريم إلى الأرض فيتزوج ويولد له ، ويمكث خمساً وأربعين سنة ، ثم يموت فيدفن معي في قبري ، فأقوم أنا وعيسى بن مريم من قبر واحد بين أبي بكر وعمر » . وفي خطط المقريزي : 1 / 188 : « روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لوفد جذام : مرحباً بقوم شعيب وأصهار موسى ، ولا تقوم الساعة حتى يتزوج فيكم المسيح ويولد له » .
والنتيجة : أنه ليس عندهم مستند صحيح في هذه المقولة .
أربع مسائل في نزول عيسى عليه السلام
المسألة الأولى : أين ينزل عيسى عليه السلام
المرجح عندي أن المسيح عليهم السلام ينزل في الغرب ، في إحدى عواصم أتباعه ، فالوضع الطبيعي المنطقي أنه بعد أن ينتصر المهدي عليه السلام ويدخل القدس ، أن يهتز العالم الغربي غضباً ويبدأ بالتحضير لحرب الإمام عليه السلام ، فيكون نزول المسيح عليه السلام آية لهم ويخبرهم المهدي عليه السلام بنزوله في اليوم الفلاني والساعة والمكان ، ومن الطبيعي أن يكون الممكان نزوله في بلادهم .
ولهذا نلاحظ أن الطرفين رووا نزوله عليه السلام ولم يحددوا مكانه . ففي مسند أحمد ( 2 / 290 ) ونحوه في صحيح البخاري ( 4 / 143 ) : ، عن أبي هريرة قال : « قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده ليوشكن ان ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلاً فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال »
ومن مصادرنا روى علي بن إبراهيم في تفسيره ( 1 / 158 ) : عن الإمام الباقر عليه السلام : « إن عيسى ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا ، فلا يبقى أهل ملة يهودي ولا نصراني إلا آمن به قبل موته ، ويصلي خلف المهدي » .
ثم روت مصادرالحكومات عن كعب الأحبار كما في ابن حماد : 2 / 567 : « قال : يهبط المسيح عيسى بن مريم عليه السلام عند القنطرة البيضاء ، على باب دمشق الشرقي ، إلى طرف الشجرة »
لكنه كلام لا قيمة له علمياً لأنه قول كعب ولم يسنده إلى أحد ! ومع ذلك فقد قبلوه واعتمدوه ، وقبلوا الأسوأ منه وهو أسطورة النواس بن سمعان ، وهو شخص مغمور مشكوك في صحبته وفي أبيه وعشيرته ، ولم يروعنه البخاري وروى عنه مسلم ، كما ذكرناه في بحث الدجال : 4 / 2250 : قال : « ذكر رسول الله الدجال ذات غداة ، فخفض فيه ورفع حتى ظنناه في طائفة النخل ، فلما رحنا إليه عرف ذلك فينا فقال : ماشأنكم ؟ قلنا : يا رسول الله ذكرت الدجال غداةً ، فخفضت فيه ورفعت ، حتى ظنناه في طائفة النخل ! فقال : غير الدجال أخوفني عليكم ، إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه ، والله خليفتي على كل مسلم ، إنه شاب قطط عينه طافئة ، كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن ، فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتيح سورة الكهف . إنه خارج من خلة بين الشام والعراق ، فعاث يميناً وعاث شمالاً . يا عباد الله فاثبتوا . قلنا : يا رسول الله وما لبثه في الأرض ؟ قال : أربعون يوماً ، يومٌ كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم . قلنا : يا رسول الله ، فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم ؟ قال : لا ، أقدروا له قدره . قلنا : يا رسول الله وما إسراعه في الأرض ؟ قال : كالغيث استدبرته الريح ، فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له ، فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت ، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت دَرّاً ، وأسيغه ضروعاً ، وأمده خواصر ، ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله ، فينصرف عنهم فيصبحون مملحين ليس بأيديهم شئ من أموالهم ، ويمر بالخربة فيقول لها : أخرجي كنوزك ، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل ، ثم يدعو رجلاً ممتلئاً شباباً فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض ، ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه يضحك ! فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح بن مريم ، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين ، واضعاً كفيه على أجنحة ملكين ، إذا طأطأ رأسه قَطَرَ ، وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ ، فلا يجد ريح نَفَسه أحد إلا مات ونَفَسُه ينتهي حيث ينتهي طرفه ، فيطلبه حتى يدركه بباب لُد فيقتله .
ثم يأتي عيسى بن مريم قومٌ قد عصمهم الله منه ، فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة ، فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى : إني قد أخرجت عباداً لي لا يَدَانِ لأحد بقتالهم فحرِّز عبادي إلى الطور ، ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون ، فيمرأوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها ويمر آخرهم فيقولون لقد كان بهذه مرة ماء ، ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيراً من مائة دينار لأحدكم اليوم ، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه فيرسل الله عليهم النغف « الدود » في رقابهم فيصبحون فَرْسَى « صرعى » كموت نفس واحدة ! ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض ، فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم ، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل الله طيراً كأعناق البخت ، فتحملهم فتطرحهم حيت شاء الله ، ثم يرسل الله مطراً لا يكنُّ منه بيت مدر ولا وبر ، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلقة ، ثم يقال للأرض : أنبتي ثمرتك وردي بركتك ، فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة ويستظلون بقحفها ، ويبارك في الرَّسل « قطعة الإبل » حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس ، واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس ، واللقحة من الغنم لتكفي النفر من الناس ، فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحاً طيبة فتأخذهم تحت آباطهم ، فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم ، ويبقى شرار الناس يتهارجون تهارج الحُمَر ، فعليهم تقوم الساعة » .
ثم رواه مسلم في : 8 / 199 ، وابن ماجة : 2 / 1356 ، وأبو داود : 4 / 117 ، والترمذي : 4 / 510 ، والبدء والتاريخ : 2 / 193 ، والطبراني الكبير : 8 / 171 ، والحاكم : 4 / 492 ، وصححه بشرط الشيخين . وفي / 536 ، وصححه بشرط مسلم .
وذُرَى الحيوان : سنامه وأعلاه . والخواصر والذروع : جمع خاصرة . وذرعه أي ضرعه الذي فيه الحليب ، وصف لجودته وكثرة حليبه . ويعسوب النحل : ملكتها . والغرض : الهدف . والنَّغَف : في الأصل الحزام الجلدي ، شُبِّهت به الحشرات التي تبعث على جيف يأجوج ومأجوج بزعمهم . والزَّهم بفتح الزاي : الوغف والنتن .
ومعنى : فلا يجد ريح نَفَسه أحد إلا مات ، ونَفَسُه ينتهي حيث ينتهي طرفه : أن كل من يصل اليه نفس المسيح عليه السلام يموت . ونفسه يصل إلى حيث ينتهي طرفه !
والباحث العادي يعرف أن هذه الأحاديث إسرائيليات ، وقد خلطها الرواة البدو بخيالهم ، وبعضهم لا يعرف اللغة ، لأن اليعاسيب يتبعها النحل ولا تَتَبع . ومن الغريب أن هذه الأحاديث عندهم في أعلى درجات الصحة !
ولا يمكن الاعتماد عليها ، سواء لأسانيدها ، أو لمتنها ، ولأنها عندهم معارضة بحديث جابر كما في سنن الداني / 143 : « عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لا تزال طائفة من أمتي تقاتل عن الحق حتى ينزل عيسى بن مريم عند طلوع الفجر ببيت المقدس ، ينزل على المهدي فيقال له تقدم يا نبي الله فصل لنا ، فيقول : إن هذه الأمة أمير بعضهم على بعض لكرامتهم على الله عز وجل » .
ولا يرد علينا الإشكال بأن القمي روى في تفسيره ( 2 / 268 ) : « ثم رفعه الله إلى السماء ، ويهبط إلى الأرض بدمشق وهو الذي يقتل الدجال » . لأنها الرواية الوحيدة اليتيمة بين رواياتنا الكثيرة التي لاتذكر مكان نزوله ، ويكفي في تضعيفها أنها موافقة لقول كعب والنواس .
المسألة الثانية : محاولة إنكار اقتداء عيسى بالمهدي عليه السلام !
وحديثه صحيح عند المخالفين لأهل البيت عليهم السلام ، ولا يمكنهم التهرب منه ، لكنهم كرهوه ، لأنه ثقيل على قلبهم ، يجعل مهدي العترة عليه السلام أفضل من رسول من أولي العزم عليهم السلام .
فقد رواه البخاري : 4 / 205 : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله : كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم ، وإمامكم منكم » ! ومثله مسلم : 1 / 136 ، و 137 ، وأبو عوانة : 1 / 106 ، وابن المنادي / 57 ، وابن حبان : 8 / 283 284 ، والبغوي : 3 / 516 . إلى آخر المصادر .
كما روى مسلم : 1 / 137 أو : 1 / 95 ، و : 3 / 1524 ، وأحمد : 3 / 345 : « عن جابر أن النبي قال : فينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم : تعال صل بنا ، فيقول : لا ، إن بعضكم على بعض أمراء ليكرم الله هذه الأمة » . والبيهقي : 9 / 39 و 180 ، وأبو يعلى : 4 / 59 ، وأبو عوانة : 1 / 106 ، وابن حبان : 8 / 289 ، والداني / 143 ، والمحلى : 1 / 9 و : 7 / 391 ، وعمدة القاري : 16 / 40 ، إلى آخر المصادر .
وقد عقد السلمي في عقد الدرر في أخبار المنتظر / 106 : « الباب العاشر في أن عيسى بن مريم يصلي خلفه ويبايعه وينزل في نصرته » وأورد فيه تسعة أحاديث وأثرين : وهي حديث بخاري ومسلم ، وحديث أبي نعيم عن حذيفة ، وحديث ابن حماد عن عبد الله بن عمرو ، وحديث جابر من سنن الداني ، وحديث هشام بن محمد من كتاب ابن حماد ، وحديث أبي أمامة من الحلية وابن حماد ، وحديث حذيفة من سنن الداني ، وحديث جابر من مسند أحمد ، وقول كعب الأحبار ، وقول السدي من كتاب ابن حماد .
وقال ابن حجر في فتح الباري « 6 / 358 » : « وفي صلاة عيسى عليه السلام خلف رجل من هذه الأمة مع كونه في آخرالزمان وقرب قيام الساعة ، دلالة للصحيح من الأقوال إن الأرض لا تخلو من قائم لله بحجة » .
كما فسره في إرشاد الساري بالمهدي مصرحاً باقتداء عيسى به ، وكذا في عمدة القاري .
وأما في فيض الباري فأورد عن ابن ماجة القزويني حديثاً مفسراً لحديث البخاري ثم قال : فهذا صريح في أن مصداق الإمام في الأحاديث هو الإمام المهدي . . إلى أن قال : وبأي حديث بعده يؤمنون !
لكنهم مع ذلك يستعظمون أن يصلي عيسى خلف المهدي عليه السلام ، وقد هونوا ذلك عليهم بأن عيسى يصلي خلفه مرة واحدة ثم يصلي إماماً ، وأن صلاته خلفه تكريمٌ للأمة وليس تفضيلاً للمهدي عليه السلام !
وهذا من بؤسهم وستكثارهم ما أعطاه الله تعالى لآل محمد صلى الله عليه وآله ، ولو أعطاه لآل أبي بكر أوآل عمر أو لأحد من بني أمية ، لتبجحوا به ، ورفعوه علماً !
وقال بعضهم إن معنى قول النبي صلى الله عليه وآله : وإمامكم منكم ، أي يؤمكم بكتابكم ! ورده الشافعي في البيان / 496 ، وقال إنه تأويل باطل . وقال المناوي في فيض القدير : 6 / 17 : « فإنه ينزل عند صلاة الصبح على المنارة البيضاء شرقي دمشق ، فيجد الإمام المهدي يريد الصلاة فيحس به فيتأخر ليتقدم فيقدمه عيسى عليه السلام ويصلي خلفه ! فأعظم به فضلاً وشرفاً لهذه الأمة ، ولا ينافي ما ذكر في هذا الحديث ما اقتضاه بعض الآثار من أن عيسى هو الإمام بالمهدي ، وجزم به السعد التفتازاني وعلله بأفضليته ، لإمكان الجمع بأن عيسى يقتدي بالمهدي أولاً ليظهر أنه نزل تابعاً لنبينا حاكماً بشرعه ، ثم بعدُ يقتدي المهدي به على أصل القاعدة من اقتداء المفضول بالفاضل » .
لاحظ أنهم جردوا المهدي عليه السلام من الفضيلة ، وجعلوا صلاة عيسى خلفه فضلاً وشرفاً للأمة فقط !
وقلَّ فيهم المعافى من مرض القلب ، فيقول : إن عيسى يقتدي بالمهدي عليه السلام ، وهذا يدل على أنه أفضل منه ولا ضير فيه !
المسألة الثالثة : تأثير عيسى عليه السلام في الشعوب المسيحية
لا بد أن سيكون له عليه السلام تأثير كبير في توعية شعوب العالم ، وخاصة الشعوب الغربية ، وتغيير الأوضاع السياسية ، وقد ورد أنه يحتج على الروم بالمهدي عليه السلام ، ففي النعماني / 146 : « عن عبد الله بن ضمرة ، عن كعب الأحبار قال في حديث طويل : ومن نسل علي القائم المهدي الذي يبدل الأرض غير الأرض ، وبه يحتج عيسى بن مريم على نصارى الروم والصين » . .
أقول : رواية النعماني لهذا النص عن كعب يدل على أنهم قد يقبلون منه ما ينسجم مع عقائد المسلمين . ومعناه : أن الآيات التي سيظهرها الله تعالى على يد المهدي عليه السلام ستكون بمستوى أن يحتج بها الأنبياء أولوا العزم عليهم السلام .
المسألة الرابعة : في مدة بقاء عيسى عليه السلام في الأرض
« وردت في ذلك روايات تقدم عدد منها ، واتفقت على أنه يبقى مدة ويموت في حياة الإمام المهدي عليه السلام ، وفي بعضها أنه يبقى ثلاثين سنة ، وفي بعضها أربعين ، وشذت رواية مرسلة نقلها في إلزام الناصب أن الإمام المهدي عليه السلام يموت في حياة عيسى عليه السلام ولعلها تصحيف . قال في : 2 / 182 ، في نسخة مرسلة من خطبة البيان : « بعد ذلك يموت المهدي ويدفنه عيسى بن مريم في المدينة بقرب قبر جده رسول الله صلى الله عليه وآله يقبض الملك روحه من الحرمين ، وكذلك يموت عيسى ، ويموت أبو محمد الخضر ، ويموت جميع أنصار المهدي ووزراؤه ، وتبقى الدنيا إلى حيث ما كانوا عليه من الجهالات والضلالات ، وترجع الناس إلى الكفر . فعند ذلك يبدأ الله بخراب المدن والبلدان » .
ولا يمكن قبول ذلك لأنه ينقض الغرض من وجود الإمام المهدي عليه السلام وهو أنه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، وينافي أن دولة أهل البيت عليهم السلام آخر الدول ، ولا ظلم بعدها . وهوأشبه بكلام كعب الأحبار !
كما ورد أن عيسى عليه السلام يقاتل مع المسلمين اليهود والروم والدجال ، وأنه يحج إلى بيت الله الحرام كل عام ، ويتزوج ويولد له ، ثم يتوفاه الله تعالى ويدفنه المسلمون . وهذا معقول في أمره عليه السلام . وكنت رأيت في بعض المصادر وضاع عني أن المهدي عليه السلام يتولى دفنه على أعين الناس ، ويكفنه بثوب من غزل أمه مريم عليها السلام ، ويدفنه في القدس في قبرها .