منصور ابن عراق

هو أبو نصر منصور بن علي بن عراق ولد وترعرع في خوارزم، لا نعرف بالضبط متى ولد ولا متى توفي، ولكن نعرف ان أبا الريجان البيروني (362-440هـ) تتلمذ على يديه في علم الفلك، وان بينه وبين الشيخ الرئيس ابن سينا (371-428هـ) مراسلات كثيرة في مجالي الفلسفة والفلك.

لذا نتفق مع قول ديفيد يوجين سمث في كتابه (تاريخ الرياضيات، المجلد الأول) ان أبا نصر بن عراق توفي سنة 390هـ (الموافق 1000م) وانه من كبار علماء الفلك آنذاك.

قضى أبو نصر بن عراق فترة طويلة يفكر بالطريقة المثلى لبناء مرصد ومدرسة لطلاب العلم في مسقط راسه، لذا نجده تقرب من حكام خوارزم لكي يحظى بثقتهم فيه، وبالفعل سانده ملك خوارزم أبو العباس على بن مأمون، ولبي طلبه فأنشأ مرصدا ومدرسة في خوارزم، وفيها درس أبو الريحان البيروني الذي يعتبر اسطورة تاريخية.

اعتكف أبو نصر بن عراق في بيته حتى انهى كتاب (المجسطي الشاهي) الذي يعتبر موسوعة في علم الفلك، فأهداه الى صديقه وحبيبه ملك خوارزم ابي العباس علي بن مأمون، فسعد بهديته الثمينة، لان أبا العباس علي بن مأمون معروف بتقديره العلماء الباحثين.

كان العلامة أبو الريحان البيروني يكن كل تقدير واجلال لأستاذه ابن عراق، فعندما تخرج البيروني من مدرسة خوارزم صار يهدي نتاجه العلمي لأستاذه الكريم، وبقي البيروني يفخر بابن عراق ويلقبه بأستاذي.

جميع علماء العرب والمسلمين الذين اشتغلوا في العلوم التجريبية اعتنوا بعلم الهندسة، فنجد ان أبا نصر ابن عراق درسها دراسة مفصلة، ويتضح ذلك من اسهاماته في هذا الميدان: رسالة في الدوائر التي تحدد الساعات الزمنية، ورسالة في تصحيح بعض نظريات مالاناوس في الكريات، ورسالة في كتاب الأصول لاقليدس.

اهتم أبو نصر ابن عراق اهتماما بالغا في الآلات الفلكية، فكان له نتاج مرموق في مجال علم الفلك ومنها: المجسطي الشاهي، ورسالة في براهين اعمال جداول التقويم، ورسالة في صنع الاسطرلاب، ورسالة في مجازات دوائر السماوات في الاسطرلاب، ورسالة في كروية السماء، والرسالة المسماة، جدول الدقائق.

كان أبو نصر بن عراق ناقدا ومحققا كبيرا في مجال علم الفلك، فقد صحح زيج الصفائح للعالم الرياضي والفلكي المعروف ابي جعفر الخازن الخراساني (المتوفي في أواخر القرن الرابع الهجري)، ومن ذلك نال ابن عراق شهرة عظيمة بين معاصريه.

وخلاصة القول: لقد بذلت قصارى جهدي في البحث في كتب التراجم المشهورة عن سيرة ابي نصر بن عراق فلم اجد شيئا يذكر، اللهم الا في كتاب (تاريخ الرياضيات-المجلد الأول) لديفيد يوجين سمث، الذي ذكر ان أبا النصر بن عراق له مباحث جليلة في علم الفلك.

ومن اهم اعمال ابي نصر بن عراق حلوله للمثلثات الكروية، فقد استفاد من نتاجه في هذا الميدان علماء العرب والمسلمين التابعون له وعلى راسهم نصير الدين الطوسي (597-672هـ). ويظهر ذلك جليا من قول البيروني عن ذلك في كتابه (مقاليد علم هيئة ما يحدث في بسط الكرة وغيره).

ويكفي عالمنا الجليل ابن عراق فخرا اعتراف كل من البيروني وابن سينا في مكانته العلمية ليس فقط في علم الفلك، ولكن أيضا في العلوم الرياضية.

ويحزنني ان أقول: انه لو كان أبو نصر بن عراق من علماء الغرب لرأيت سيرته موجودة في جميع كتب التاريخ، لكي يكون قدوة يقتدى به، انه من العيب والاجحاف ان نرى شباب امتنا العربية والإسلامية يعرفون الكثير عن نيوتن وكبلر وأنشتاين واقليدس وبطليموس وغيرهم من علماء الغرب اكثر من معرفتهم لعالمنا المفضل ابي نصر بن عراق.

مواضيع ذات صلة

يوهانس كبلر (1571-1630)م

الفلك عند العرب بعد الإسلام

نيكولاس كوبرنيكوس (1472-1543)

الفلك في الصين والهند القديمة

الفلك عند اليونان والرومان

الفلك عند العرب والمسلمين

الفلك عند العراقيين القدماء

الفلك عند المصريين القدماء

البروج نبذة تاريخية لغوية

رأي المسيو إميل بلو في تكون أجرام السماء

رأي تشمبرلين ومولتن في تكون أجرام السماء

رأي السير روبرت بول في تكون أجرام السماء