1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

تأملات قرآنية

مصطلحات قرآنية

هل تعلم

علوم القرآن

أسباب النزول

التفسير والمفسرون

التفسير

مفهوم التفسير

التفسير الموضوعي

التأويل

مناهج التفسير

منهج تفسير القرآن بالقرآن

منهج التفسير الفقهي

منهج التفسير الأثري أو الروائي

منهج التفسير الإجتهادي

منهج التفسير الأدبي

منهج التفسير اللغوي

منهج التفسير العرفاني

منهج التفسير بالرأي

منهج التفسير العلمي

مواضيع عامة في المناهج

التفاسير وتراجم مفسريها

التفاسير

تراجم المفسرين

القراء والقراءات

القرآء

رأي المفسرين في القراءات

تحليل النص القرآني

أحكام التلاوة

تاريخ القرآن

جمع وتدوين القرآن

التحريف ونفيه عن القرآن

نزول القرآن

الناسخ والمنسوخ

المحكم والمتشابه

المكي والمدني

الأمثال في القرآن

فضائل السور

مواضيع عامة في علوم القرآن

فضائل اهل البيت القرآنية

الشفاء في القرآن

رسم وحركات القرآن

القسم في القرآن

اشباه ونظائر

آداب قراءة القرآن

الإعجاز القرآني

الوحي القرآني

الصرفة وموضوعاتها

الإعجاز الغيبي

الإعجاز العلمي والطبيعي

الإعجاز البلاغي والبياني

الإعجاز العددي

مواضيع إعجازية عامة

قصص قرآنية

قصص الأنبياء

قصة النبي ابراهيم وقومه

قصة النبي إدريس وقومه

قصة النبي اسماعيل

قصة النبي ذو الكفل

قصة النبي لوط وقومه

قصة النبي موسى وهارون وقومهم

قصة النبي داوود وقومه

قصة النبي زكريا وابنه يحيى

قصة النبي شعيب وقومه

قصة النبي سليمان وقومه

قصة النبي صالح وقومه

قصة النبي نوح وقومه

قصة النبي هود وقومه

قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف

قصة النبي يونس وقومه

قصة النبي إلياس واليسع

قصة ذي القرنين وقصص أخرى

قصة نبي الله آدم

قصة نبي الله عيسى وقومه

قصة النبي أيوب وقومه

قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله

سيرة النبي والائمة

سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام

سيرة الامام علي ـ عليه السلام

سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله

مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة

حضارات

مقالات عامة من التاريخ الإسلامي

العصر الجاهلي قبل الإسلام

اليهود

مواضيع عامة في القصص القرآنية

العقائد في القرآن

أصول

التوحيد

النبوة

العدل

الامامة

المعاد

سؤال وجواب

شبهات وردود

فرق واديان ومذاهب

الشفاعة والتوسل

مقالات عقائدية عامة

قضايا أخلاقية في القرآن الكريم

قضايا إجتماعية في القرآن الكريم

مقالات قرآنية

التفسير الجامع

حرف الألف

سورة آل عمران

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

سورة إبراهيم

سورة الإسراء

سورة الأنبياء

سورة الأحزاب

سورة الأحقاف

سورة الإنسان

سورة الانفطار

سورة الإنشقاق

سورة الأعلى

سورة الإخلاص

حرف الباء

سورة البقرة

سورة البروج

سورة البلد

سورة البينة

حرف التاء

سورة التوبة

سورة التغابن

سورة التحريم

سورة التكوير

سورة التين

سورة التكاثر

حرف الجيم

سورة الجاثية

سورة الجمعة

سورة الجن

حرف الحاء

سورة الحجر

سورة الحج

سورة الحديد

سورة الحشر

سورة الحاقة

الحجرات

حرف الدال

سورة الدخان

حرف الذال

سورة الذاريات

حرف الراء

سورة الرعد

سورة الروم

سورة الرحمن

حرف الزاي

سورة الزمر

سورة الزخرف

سورة الزلزلة

حرف السين

سورة السجدة

سورة سبأ

حرف الشين

سورة الشعراء

سورة الشورى

سورة الشمس

سورة الشرح

حرف الصاد

سورة الصافات

سورة ص

سورة الصف

حرف الضاد

سورة الضحى

حرف الطاء

سورة طه

سورة الطور

سورة الطلاق

سورة الطارق

حرف العين

سورة العنكبوت

سورة عبس

سورة العلق

سورة العاديات

سورة العصر

حرف الغين

سورة غافر

سورة الغاشية

حرف الفاء

سورة الفاتحة

سورة الفرقان

سورة فاطر

سورة فصلت

سورة الفتح

سورة الفجر

سورة الفيل

سورة الفلق

حرف القاف

سورة القصص

سورة ق

سورة القمر

سورة القلم

سورة القيامة

سورة القدر

سورة القارعة

سورة قريش

حرف الكاف

سورة الكهف

سورة الكوثر

سورة الكافرون

حرف اللام

سورة لقمان

سورة الليل

حرف الميم

سورة المائدة

سورة مريم

سورة المؤمنين

سورة محمد

سورة المجادلة

سورة الممتحنة

سورة المنافقين

سورة المُلك

سورة المعارج

سورة المزمل

سورة المدثر

سورة المرسلات

سورة المطففين

سورة الماعون

سورة المسد

حرف النون

سورة النساء

سورة النحل

سورة النور

سورة النمل

سورة النجم

سورة نوح

سورة النبأ

سورة النازعات

سورة النصر

سورة الناس

حرف الهاء

سورة هود

سورة الهمزة

حرف الواو

سورة الواقعة

حرف الياء

سورة يونس

سورة يوسف

سورة يس

آيات الأحكام

العبادات

المعاملات

القرآن الكريم وعلومه : علوم القرآن : التفسير والمفسرون : التفاسير وتراجم مفسريها : التفاسير :

عبد الله بن عباس يحذر من مراجعة اهل الكتاب

المؤلف:  محمد هادي معرفة

المصدر:  التفسير والمفسرون في ثوبه القشيب

الجزء والصفحة:  ج1 ، ص224-232.

14-11-2014

2736

اخرج البخاري باسناده الى عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة عن ابن عباس ، قال : (يا معشر المسلمين كـيـف تـسـالـون اهـل الكتاب ، وكتابكم الذي انزل على نبيه (صلى الله عليه واله) احدث الاخبار باللّه تقرأونه لم يشب (1) ، وقد حدثكم اللّه ان اهل الكتاب بدلوا ما كتب اللّه وغيروا بأيديهم الكتاب ، فقالوا: هـو مـن عـند اللّه ليشتروا به ثمنا قليلا ، افلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسائلتهم ، ولا واللّه ما راينا منهم رجلا قط يسالكم عن الذي انزل عليكم ) (2) .

واخـرج عـن ابـي هريرة قال : كان اهل الكتاب (3) يقراون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بـالعربية لأهل الاسلام ، فقال رسول اللّه (صلى الله عليه واله) : (لا تصدقوا اهل الكتاب ولا تكذبوهم ، وقولوا: آمنا باللّه وما انزل الينا وما انزل اليكم ) (4) .

واخـرج عـبـد الرزاق من طريق حريث بن ظهير ، قال : قال عبد اللّه بن عباس : (لا تسالوا اهل الكتاب ، فانهم لن يهدوكم وقد اضلوا انفسهم ، فتكذبوا بحق او تصدقوا بباطل ) (5) .

وهذا الحديث وضح من كلام النبي (صلى الله عليه واله ) في عدم تصديقهم ولا تكذيبهم ، لانهم كانوا يخلطون الحق بالباطل ، فلا يمكن تصديقهم ، لانه ربما كان تصديقا لباطل ، ولا تكذيبهم ، لانه ربما كان تكذيبا لحق ، فالمعنى : ان لا يعتبر من كلامهم شيء ولا يترتب على ما يقولونه شيء فلا حجية لكلامهم ولا اعتبار لا قوالهم على الاطلاق ، اذن فلا ينبغي مراجعتهم ولا الاخذ عنهم في وجه من الوجوه .

و اخـرج احمد وابن ابي شيبة والبزاز من حديث جابر ، ان عمر اتى النبى (صلى الله عليه واله) بكتاب اصابه من بـعـض اهـل الـكتاب ، فغضب النبي (صلى الله عليه واله) ، وقال : (لقد جئتكم بها بيضا نقية ، لا تسالوهم عن شيء ، فيخبروكم بحق فتكذبوا به ، او باطل فتصدقوا به ، والذي نفسي بيده لو ان موسى كان حيا ما وسعه الا ان يتبعني ) وفي رواية اخرى : (لا تسألوا اهل الكتاب عن شيء ) (6) .

تـلـك مـناهي الرسول (صلى الله عليه واله) الصريحة في المنع عن مراجعة اهل الكتاب اطلاقا ، لا في كبير ولا صـغـيـر ، فـهل يا ترى احدا من صحابته الاخيار خالف اوامره وراجعهم في شيء من مسائل الدين والـقـرآن ؟ الكتاب وينقلون عنهم (7) .

واما الذي استشهدوا به على مراجعة مثل ابن عباس لليهود ، فكله باطل وزور ، لم يثبت منه شيء .

امـا الـذي جـاء بـه الاسـتـاذ مـثـلا مـن قـولـه تـعـالى : {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} [البقرة: 210] قال : فأقرا ما حكاه الطبري وغيره عند تفسير الاية .

فـقـد راجـعـنا تفسير الطبري والدر المنثور وابن كثير وغيرها من امهات كتب التفسير بالنقل المأثور (8) ، فلم نجد فيها ذكرا لكعب ولا مسائلته من قبل احد من الاصحاب ، او غيرهم من التابعين ايضا ولم ندر من اين اخذ الاستاذ هذا المثال ، ومن الذي عرفه ذلك ، فأوقعه في هذا الوهم الفاضح .

وامـا قوله : كان ابن عباس يجالس كعب الاحبار ، وكان اكثر من نشر علمه (9) ، فكلام اشد وهـمـا واكثر جفا على مثل ابن عباس الصحابي الجليل ، اذ لم نجد ولا رواية واحدة تتضمن نقلا لابن عباس عن احد من اليهود ، فضلا عن مثل كعب الاحبار الساقط الشخصية (10) .

نـعـم اشـار المستشرق جولد تسيهر الى موارد ، زعم فيها مراجعة ابن عباس لأهل الكتاب ، ولعلها كـانـت مستند الاستاذ احمد امين تقليدا من غير تحقيق ولكنا راجعنا تلك الموارد ، فلم نجدها شيئا ، كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ما.

منها: ان ابن عباس سال كعب الاحبار عن تفسير تعبيرين قرآنيين : ام الكتاب ، والمرجان (11) .

روى الـطـبـري بـاسناده الى عبد اللّه بن ميسرة الحراني : ان شيخا بمكة من اهل الشام سمع كعب الاحبار يسال عن المرجان (الرحمان / 22) فقال : هو البسذ (12) .

لكن من اين علم جولد تسيهر ان الذي سال كعبا هو شيخ مكة وزعيمها ابن عباس ؟ وكذا روي عن معتمر بن سليمان عن ابيه عن شيبان ، ان ابن عباس سال كعبا عن ام الكتاب (الرعد/ 39) فقال :علم اللّه ما هو خالق وما خلقه عاملون ، فقال لعلمه : كن كتابا ، فكان كتابا (13) .

غـيـر ان شيبان هذا ـ هو ابن عبد الرحمان التميمي مولاهم ، النحوي ابو معاوية البصري المؤدب ، سـكـن الـكـوفـة ثـم انـتـقـل الـى بغداد ـ مات في خلافة المهدي سنة (164) وكان من الطبقة الـسابعة (14) ، وعليه فلم يدرك ابن عباس المتوفى سنة (68) ولا كعب الاحبار الذي هلك في خلافة عثمان سنة (32) فالرواية مرسلة لم يعرف الواسطة ، فكانت ساقطة عن الاعتبار.

و ايـضـا روي عن اسحاق بن عبد اللّه بن الحرث عن ابيه ، ان ابن عباس سال كعبا عن قوله تعالى : (يـسـبحون الليل والنهار لا يفترون ) و{يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38]  فقال : هل يؤودك طرفك ؟ هل يؤودك نفسك ؟ قال : لا ، قال : فانهم الهموا التسبيح ، كما الهمتم الطرف والنفس (15) .

وعـبـد اللّه هـذا هـو ابـن الـحـارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، ولد على عهد رسول اللّه (صلى الله عليه واله) بالمدينة واصبح من فقهائها ، وتحول الى البصرة ورضيته العامة ، واصطلحوا عليه حين هـلـك يـزيـد بـن مـعـاويـة تـوفـي سـنـة (84) بالأبواء ودفن بها ، وكان خرج اليها هاربا من الحجاج (16) .

غير ان الطبري روى باسناده الى حسان بن مخارق عن عبد اللّه بن الحرث ، انه هو الذي سال كعبا عـن ذلك ، قال : قلت لكعب الاحبار: (يسبحون الليل والنهار لا يفترون ) اما يشغلهم رسالة او عمل ؟ قـال : يـا ابن اخي ، انهم جعل لهم التسبيح كما جعل لكم النفس ، الست تأكل وتشرب وتقوم وتقعد وتجي وتذهب وانت تتنفس ؟ قلت : بلى (17) .

قـلـت : يـا تـرى ، هل كان هو الذي سال كعبا او انه سمع ابن عباس يسال كعبا؟ في حين انه لا يقول : سـمـعـت ابـن عباس يساله ، بل مجرد ان ابن عباس ساله ، الامر الذي لا يوثق بكون الرواية منتهيه الى سماع ، والظاهر انه ارسال .

عـلى انه من المحتمل القريب ان السائل هو بالذات ، لكن ابنه اسحاق كره نسبة السؤال من مثل كعب الـى ابـيـه ، فـذكر الحديث عن ابيه مع اقحام واسطة ارسالا من غير اسناد ويؤيد ذلك انه لم تأت رواية غير هذه تنسب الى ابن عباس انه سال مثل كعب ، فالأرجح في النظر انه مفتعل عليه لا محالة .

واستند جولد تسيهر ـ في مراجعة ابن عباس لأهل الكتاب ـ ايضا الى ما رواه الطبري باسناده الى ابـي جـهـضـم مـوسى بن سالم مولى ابن عباس ، قال : كتب ابن عباس الى ابي جلد (غيلان بن فروة الازدي ، كان قرا الكتب ، وكان يختم القرآن كل سبعة ايام ويختم التوراة كل ثمانية ايام ) (18) يـسـالـه عـن (الـبـرق ) فـي قوله تعالى : {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا} [الرعد: 12] فقال : البرق : الماء (19) .

لـكـن في طبقات ابن سعد (20) ان ابا الجلد الجوني ـ حي من الازد ـ اسمه جيلان بن فروة ، كـان يقرا الكتب وزعمت ابنته ميمونة : ان اباها كان يقرا القرآن في كل سبعة ايام ، ويختم التوراة في ستة ، يقراها نظرا ، فاذا كان يوم يختمها حشد لذلك ناس .

لا شـك انـها مغالاة من ابنته يقول جولد تسيهر: ولا يتضح حقا من هذا الخبر الغامض ، الذي زادته مغالاة ابنته غموضا ، اى نسخة من التوراة كان يستخدمها في دراسته (21) .

لان الـتـوراة المعهودة اليوم وهي تشتمل على (39) كتابا تكون في حجم كبير ، ثم هي قصة حياة اسرائيل طول عشرين قرنا ، وفيها تاريخ حياة انبيا بني اسرائيل وملوكهم ورحلاتهم وحروبهم طول التاريخ ، وهي بكتب التاريخ اشبه منها بكتب الوحي فهل كان يقرا ذلك كله في ستة ايام ؟ وما هي الفائدة في ذلك التكرار؟ عـلى ان راوي الخبر ـ وهو موسى بن سالم ابو جهضم ـ لم يلق ابن عباس ولا ادركه ، لانه مولى آل العباس ، وليس مولى لابن عباس ففي نسخة الطبري المطبوعة خطا قطعا قال ابن حجر: موسى بـن سـالم ابو جهضم مولى آل العباس ، ارسل عن ابن عباس وهو من رواة الامام ابي جعفر محمد بن عـلي الباقر (عليه السلام ) (22) وفي الخلاصة :موسى بن سالم مولى العباسيين ابو جهضم عن ابي جعفر الباقر ، وعنه الحمادان (23) والامام الباقر توفي سنة (114) .

واخـيرا ، فان الموارد التي ذكروا مراجعة ابن عباس فيها لأهل الكتاب لا تعدو معاني لغوية بحتة ، لا تـمس قضايا سالفة عن امم خلت كما زعموا ، ولا سيما السؤال عن (البرق ) ، وهو لفظ عربي خـالص ، لا موجب للرجوع فيه الى رجال اجانب عن اللغة كيف يا ترى يرجع مثل ابن عباس ـ وهو عـربي صميم وعارف بمواضع لغته اكثر من غيره ـ الى اليهود الاجانب ؟ للفظ البرق من مفهوم ؟ ثم كيف اقتنع بتفسيره بالماء ؟اللهم ان هذا الا اختلاق الامـر الذي يقضي بالعجب ، كيف يحكم هذا العلامة المستشرق حكمه البات ، بان كثيرا ما ذكر انه كـان يـرجع ـكتابة ـ في تفسير معاني الالفاظ الى من يدعى ابا الجلد؟ (24) ويجعل مستنده هذه المراجعة المفتعلة قطعا ، اذ كيف يعقل ان يراجع ، مثله في مثل هذه المعاني ؟ واسـخـف من الجميع تبرير ما نسب الى ابن عباس من اقاصيص اسطورية جات عنه ، بانه من جرا رجـوعـه الـى اهل الكتاب في هكذا امور بعيدة عن صميم الدين قال الاستاذ امين : وهذا يعلل ما في تـفـسيره من اسرائيليات قال ذلك بعد قوله : وكان ابن عباس وابو هريرة اكبر من نشر علم كعب الاحبار (25) .

وقـال الـدكـتور مصطفى الصاوي : وكثيرا ما ترد عن ابن عباس روايات في بد الخليقة وقصص الـقـرآن ، مـمـا لا يمكن ان يكون قد رجع فيها الا الى اهل الكتاب ، حيث يرد هذا القصص مفصلا ، مـثـال هذا تفسيره للآية : {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ } [البقرة: 30] (26) قال : لكنه حين يـرجـع الـيهم مستفسرا ، فإنما يرجع رجوع العالم الذي يعير سمعه لما يقال ، ثم يعمل فكره وعقله فيما يسمع ، ثم ينخله مبعدا عنه الزيف (27) .

قـلـت : ان كـانت فيما روي عنه في ذلك وامثاله غرابة او غضاضة ، فان العتب انما يرجع الى الذي نسبه الى ابن عباس ، ترويجا لا كذوبته ، ولا لوم على ابن عباس في كثرة الوضع عليه نعم ولعل هذه الـكثرة في الوضع عليه آية على تقدير له واكبار من الوضاع ، لكنه في نفس الوقت ، رغبة منهم في ان تـنـفـق بـضـاعـتـهـم ، مـوسـومـة بـمن في اسمه الرواج العلمي وقد اعترف بذلك الدكتور (28) . ، فلماذا حكم عليه ذلك الحكم القاسي ؟ فـالـصـحيح : ان ابن عباس كان في غنى عن مراجعة اهل الكتاب ، وعنده الرصيد الاوفى بالعلوم والمعارف والتاريخ واللغة ، ولا سيما في مثل تلكم الاساطير السخيفة التي كانت كل ما يملكه اليهود من بضاعة مزجاة كاسدة ، بل ان موقف ابن عباس من اهل الكتاب عموما ، ومن كعب الاحبار خصوصا ، ما يصوره معتزا بدينه كريما على نفسه وثقافته .

يروى ان رجلا اتى ابن عباس يبلغه زعم كعب الاحبار: انه يجاء بالشمس والقمر يوم القيامة كأنهما ثـوران عقيران فيقذفان في النار كذب كعب الاحبار ، بل هذه يهودية يريد ادخالها في الاسلام (29) .

يقال : لما بلغ ذلك كعبا ، اعتذر له بعد وتعلل (30) .

وربما كان كعب يجالس ابن عباس يحاول مراودته العلم فيما زعم ، فكان ابن عباس يجابهه بما يحط مـن قـيـمته روي انه ذكر الظلم في مجلس ابن عباس ، فقال كعب : اني لا اجد في كتاب اللّه المنزل (يريد التوراة ) (31) ان الظلم يخرب الديار ، فقال ابن عباس : انا

اوجدكه في القرآن ، قال اللّه عز وجل : (فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا) (32) .

هـذه حـقـيقة موقف ابن عباس من اليهود كما ترى ، وهو اذ كان يدعو الى تجنب الرجوع الى اهل الـكتاب ، لما يدخل بسبب ذلك من فساد على العقول وتشويه على العامة ، فكيف يا ترى انه كان يرجع الـيـهـم رغم نهيه وتحذيره {لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2، 3] ، فحاشا ابن عباس ان يراجع اهل الكتاب ، وحاشاه حاشاه.
___________________________

1- جـاء فـي مـوضـع آخـر: (وكـتـابكم الذي انزل على رسول اللّه (صلى الله عليه واله) احدث ، تقرأونه مـحـضا لم يشب ) قوله : لم يشب ، اي لم يخلطه شيء من غير القرآن ، تعريضا بكتب العهدين التي دس فيها ما ينبو عن كونه وحيا.

2- جامع البخاري ، ج9 ، ص 136 ، باب قول النبي : لا تسألوا اهل الكتاب عن شيء وج3 ، ص 237 باب لا يسال اهل الشرك عن الشهادة وغيرها ، واللفظ على الاخير.

3- ويعني بهم اليهود بالذات صرح بذلك ابن حجر في الشرح ، ج3 ، ص 282.

4- جامع البخاري ، ج9 ، ص 136.

5- فتح الباري بشرح البخاري ، ج13 ، ص 284.

6- فتح الباري ، ج13 ، ص 284.

7- نقلنا كلامه آنفا راجع : فجر الاسلام ، ص 201. 

8- جـامـع الـبـيـان لـلطبري ، ج2 ، ص 190 ـ 192 والدر المنثور للسيوطي ، ج1 ، ص 241 ـ242و تفسير ابن كثير ، ج1 ، ص 245 ـ 249.

9- فجر الاسلام ، ص 160.

10- سـوف نـنـبـه ان كـعـب الاحـبـار كـان مـن صنايع معاوية ، صنعه لنفسه لغرض الحط من كرامة الاسلام .

11- مذاهب التفسير الاسلامي ، ص 88.

12- تفسير الطبري ، ج27 ، ص 76.

13- المصدر نفسه ، ج3 ، ص 115.

14- تهذيب التهذيب ، ج4 ، ص 373 ـ 374 وتقريب التهذيب ايضا له ، ج1 ، ص 356 ، رقم115 .

15- تفسير الطبري ، ج17 ، ص 10.

16- تهذيب التهذيب ، ج5 ، ص 180 ـ 181.

17- تفسير الطبري ، ج17 ، ص 10.

18- مذاهب التفسير الاسلامي ، ص 85.

19- تفسير الطبري ، ج13 ، ص 82 ، الرعد/ 12.

20- ج7 ، ق1 ، ص 161 ، س 15.

21- مذاهب التفسير الاسلامي ، ص 86.

22- تهذيب التهذيب ، ج10 ، ص 344.

23- خلاصة التهذيب ، ص 390.

24- مذاهب التفسير الاسلامي ، ص 85.

25- فجر الاسلام ، ص 160.

26- البقرة / 30 ، راجع : الطبري ، ج1 ، ص 158.

27- مناهج في التفسير ، ص 38.

28- مناهج في التفسير ، ص 41. 

29- العرائس للثعالبي ، ص 18 (مناهج في التفسير ، ص 29) .

30- المصدر نفسه ، ص 24.

31- حـسـب الـتـصريح به في الرواية : كتاب اللّه المنزل ، يعني التوراة (راجع : ابن قتيبة في عيون الاخبار ، ج1 ، ص 146 ، س 13) .

32- عيون الاخبار لابن قتيبة ، ج1 ، ص 26 (مناهج ، ص 39) ، النمل / 52.

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي