أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-2-2019
1561
التاريخ: 14-2-2019
936
التاريخ: 14-2-2019
1251
التاريخ: 1-1-2019
830
|
عوامل أخرى للاحتكاك اللغوي
هذا، وفيما عدا العاملين السابقين، توجد عوامل أخرى كثيرة تتيح الفرص للاحتكاك بين اللغات، لكنها أقل شأنًا من هذين العاملين، وأضعف منهما أثرًا؛ إذ ليس منها ما ينجم عنه صراع جدي، أو يؤدي إلى نتائج ذات بال.
ومن أهم هذه العوامل ما يلي:
1- اشتباك شعبين مختلفي اللغة, أو شعوب مختلفة اللغات في حرب طويلة الأمد, وذلك أن طول الاحتكاك بين الشعوب المتحاربة ينقل إلى لغة كل شعب منها آثارًا من لغات الشعوب الأخرى، سواء في ذلك لغات الحلفاء ولغات الأعداء؛ فاحتكاك الألمانية والفرنسية والإنجليزية في الحربين العالميتين الأخيرتين قد نقل إلى كل لغة منها مفردات من اللغتين الأخريين. "وحرب الثلاثين" التي نشبت بين حماة البروتستاتتية وحماة الكاثوليكية، وامتدت من سنة 1618 إلى سنة 1648، أتاحت فرصًا كثيرة للاحتكاك بين الفرنسية والألمانية(1)، فنقلت إلى كل منهما بعض مفردات من الأخرى, وحروب فرنسا مع إيطاليا, قد نقلت إلى الفرنسية كثيرًا من الكلمات المتعلقة بشئون الحرب والفنون الجميلة, وما إلى ذلك من الأمور التي كانت اللغة الإيطالية أوسع ثروة فيها من اللغة الفرنسية، ونقلت كذلك إلى الإيطالية
ص247
عددًا غير يسير من الكلمات الفرنسية, والحروب الصليبية قد نقلت إلى كثير من اللغات الأوروبية، وبخاصة إلى اللغة الفرنسية، كثيرًا من مفردات اللغة العربية، ونقلت كذلك إلى بعض لهجات الأمم العربية بعض كلمات أوروبية.
2- توثق العلاقات التجارية بين شعبين مختلفي اللغة, وذلك أن منتجات كل شعب تحمل معها أسماءها الأصلية، فلا تلبث أن تنتشر بين أفراد الشعب الآخر وتمتزج بمتن لغته، وكثرة الاحتكاك التجاري بين أفراد الشعبين ينقل إلى لغة كل منهما آثارًا من اللغة الأخرى.
3- توثق العلاقات الثقافية بين شعبين مختلفي اللغة, فإن ذلك ينقل إلى لغة كل منهما، وبخاصة إلى لغة الكتابة، آثارًا كثيرة من الأخرى, وهذه الآثار لا تقف عند حد المفردات، بل تتجاوزها أحيانًا إلى القواعد والأساليب, والأمثلة على ذلك كثيرة في تاريخ الأمم الحاضرة والغابرة؛ فاللغة العربية في العصر العباسي، وبخاصة لغة الكتابة، قد انتقل إليها عن هذا الطريق كثير من آثار اللغتين الفارسية واليونانية, ولغة الكتابة بمصر في العصر الحاضر، سواء في ذلك لغة العلوم والآداب ولغة الصحافة، قد انتقل إليها عن هذا الطريق كثير من آثار اللغات الأوروبية وبخاصة الإنجليزية والفرنسية.
غير أن علاقة هذه العوامل, وما إليها بتطور اللغة وارتقائها أشد كثيرًا من علاقتها بالصراع بين اللغات؛ فهي تتيح الفرص لاقتباس بعضها من بعض, وتبادلها المفردات والقواعد والأساليب، بدون أن تحدث بينها صراعًا جديًّا، أو تحمل إحداهما على محاولة التغلب على الأخرى.
ولذلك آثرنا إرجاء الكلام على تفصيل هذه العوامل وآثارها إلى الفصل التالي، وخاصة إذ نعالج موضوع اقتباس اللغات بعضها من بعض.
ص248
__________________
(1) وذلك على الرغم من أن فرنسا لم تشترك اشتراكًا صريحًا إلّا في المرحلة الأخيرة من هذه الحرب "من سنة 1635 إلى سنة 1648".
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|