المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

Radical
4-9-2019
مقومات السياحة الطبيعية - الأمطار
3/11/2022
الحاجة إلى الإمام بخصوصه
5-08-2015
الاتفاقات ذات الشكل المبسط
18-6-2018
الشكر ايضا نعمة من اللّه‏
16-8-2016
مقارعة الطاغوت، أحد دروس الإمام الحسين
26-9-2021


النثر  
  
2864   07:54 صباحاً   التاريخ: 27-09-2015
المؤلف : عمر فرّوخ
الكتاب أو المصدر : تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة : ج1، ص88-90
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / النثر /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-9-2019 5042
التاريخ: 13-7-2019 11142
التاريخ: 17-6-2017 11844
التاريخ: 17-9-2019 3823

الكلام نوعان مرسل ومنظوم. فالمرسل هو الذي لا يتكلف قائله في إلقائه شيئا، وهو النثر العادي. وأما الكلام المنظوم فهو ثلاثة أجناس: الرسائل والخطب والشعر (1). فالكلام المنظوم هو الكلام الذي يخضع للعناية سواء أ كان موزونا أو لم يكن. ذلك لأن الكاتب يتأنّق في الرسالة والخطيب يتأنق في الخطبة كما يتأنق الشاعر في القصيدة (2).
وبعض النقّاد يفضّل الكلام المنظوم على الكلام المنثور (3) كابن رشيق وأبي هلال العسكري. أما ابن الاثير فيرى أن المنثور أشرف من المنظوم لأن أسباب النظم أكثر وميدانه أوسع، ولذلك كان عدد المجيدين من الشعراء أكبر من عدد المجيدين من الكتّاب (4).
والنثر أقدم نشأة ودورانا على الألسن من الشعر. إلا أن النثر لما كثر أصبح مبتذلا فلم يهتمّ العرب بروايته كما اهتموا برواية الشعر، حتى روى ابن رشيق قول من قال (1:8) إن «ما تكلمت به العرب من جيد المنثور أكثر مما تكلّمت به من جيد الموزون، فلم يحفظ من المنثور عشره ولا ضاع من الموزون عشره».
ومن خصائص النثر الجاهلي أنه كثير الفواصل والموازنة، مقتصد في السجع قليل الصناعة. ويدور النثر الجاهلي على الحكم والامثال وعلى الخطب والوصايا.
والخطابة قديمة وعامّة في جميع الأمم. ويروي الجاحظ أن الفرس أخطب الأمم كلّها. والخطابة صعبة لحاجة الخطيب إلى البداهة والارتجال. والبدو أحسن خطبا من المولّدين ومن أهل المدن عامة، لأن البدوي يجري على الطبع والسليقة ولا يتكلّف في شيء. وتكون الخطب طوالا وقصارا، إلا أن القصار أفضل لأنها أسرع علوقا بالذاكرة وأطول مكثا فيها.
وفي أواخر العصر الجاهلي ارتفعت مكانة الخطيب وانحطّت مكانة الشاعر، لأن نفرا من الشعراء كالنابغة والاعشى اتّخذوا الشعر مكسبة وتجارة.
وإذا كان الشك يتطرق إلى الشعر، فان تطرقه إلى النثر أسرع وأكثر، ذلك لأن النثر غير منظوم فيسهل التلاعب به على الألسن. وبما أننا لسنا على ثقة من أن جميع النصوص النثرية قد رويت لنا عن الجاهلية بلفظها الأول فقد أصبح لزاما على من أراد أن يتعرّف إلى أساليب الجاهليين في نثرهم أن يتلمّسها في القرآن الكريم، فان حجة ذلك الآية الكريمة: «وما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاّ بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ» (14:4)، ففي القرآن الكريم جميع أساليب العرب.
ومن أوجه النثر في الجاهلية الأمثال والوصايا وسجع الكهّان:
أما الأمثال فهي جمل قصيرة وجيزة تدل على صحة الرأي وصدق الاختبار. وربما نشأ المثل من لفتة لشاعر في بيت من الشعر أو من برقة فكر لرجل في أثناء حديث فوافق ما ألفه الناس في حياتهم فأصبح قاعدة في السلوك الانساني (خيرا أو شرا) أو واقعا لا مفرّ منه. ومع أن المثل قول حكيم على كلّ حال، فانه غير الحكمة. ان الحكمة قول صائب في حال مخصوصة، بينما المثل قول موافق للواقع يعمل الانسان به. فمن أمثال الجاهلية المختلفة المراتب: إنّك لا تجني من الشوك العنب (لا تنتظر الخير مما هو شرّ في نفسه) -البس لكلّ حالة لبوسها-قبل الرمي يراش السهم (يجب أن يستعدّ المرء للأمر قبل أن يقدم عليه) -ربّ كلمة سلبت نعمة-كلّ فتاة بأبيها معجبة-تسمع بالمعيدي خير من أن تراه.
وأما الوصايا فهي من باب الخطب، إلاّ أن الخطبة تقال في الحفل المجتمع بينما الوصية تقال للفرد. أوصت أعرابية ابنة لها تزوجت فقالت: أي بنيّة، انّك فارقت الجوّ الذي منه خرجت، وخلّفت العشّ الذي منه درجت، إلى بيت لم تعرفيه وقرين لم تأليفه. فاحملي عنّي عشر خصال تكن لك ذخرا: أصحبيه بالقناعة وعاشريه بحسن السمع والطاعة، الخ. . .
وأما سجع الكهّان فانه أيضا من باب الخطابة ولكن جمله أقصر. والسجع في فصول الكلام مطرّد لا تخلو جملة منه من سجعة، ولذلك سمّي «سجع الكهّان». ويقصد الكاهن إلى أن يطوف على كلامه غموض شامل حتى يستنتج كلّ سامع من كلام الكاهن ما يريده هو. وتلك خاصة عامّة في كلام الكهّان عند جميع الامم. قال عزّى سلمة: «والارض والسماء، والعقاب والصقعاء، واقعة ببقاء....».
_________________
1) الصناعتين 161.
2) الصناعتين 58،137-139.
3) العمدة 1:7، راجع 8.
4) المثل السائر 499-550.
 




دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.