أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-10-03
1154
التاريخ: 2023-10-22
683
التاريخ: 2024-02-21
1096
التاريخ: 2023-12-20
1101
|
وكان من جراء حروب القرن السابع أن تقلَّص ظل الروم عن قسم من أرمينية وعن الجزيرة والشام ومصر وأفريقيا، وفقد الروم معظم البلدان التي فتحها يوستنيانوس في الغرب وتراجعوا عن خط الدانوب إلى الجبال بين ميسية وتراقية، فنقصت إمبراطوريتهم نصفها. وكان الآفار والصقالبة قد بدئوا منذ أواخر القرن السادس يعبرون الدانوب فيعيثون فسادًا في إيليرية وتراقية، فلما حلَّت الفوضى في عهد فوقاس ونشبت حروبُ هرقل الطاحنة في آسية تعددت هجمات هؤلاء البرابرة وأصبحت إلى هجرة شاملة أقرب منها إلى غزو، واضطر الروم أن يذعنوا للواقع في بعض الأحيان فيعترفوا لبعض هذه القبائل كالكرواتيين والسرب بكيانٍ خاصٍّ في داخل حدودهم، ولئن وفقوا في بعض الأحيان إلى ردِّ القبائل الزاحفة عبر الدانوب؛ فإنهم لم يستطيعوا المحافظة على هذا الحدِّ دائمًا، فكانت تعود القبائل، فتتسلل جماعات في الخُفية وبالتدريج، فتستقر داخل الحدود؛ حيث تسمح لهما بذلك الظروف، ومن هؤلاء الصقالبة. ويُستدل من بعض المراجع الأولية أن قبائل الكروات والصرب عبروا الدانوب في الربع الأول من القرن السابع، واحتلوا بالقوة جميعَ إيليرية حتى شاطئ الأدرياتيك، وأن هرقل اعترف بوجودهم في هذه الأراضي لقاء معونة يقدمونها له ضد الآفار شرط أن يتقبلوا النصرانية (1)، وفرَّ سكان البلاد أمام تلك القبائل، فالتجأ أبناء سالونة إلى حصن ديوقليتيانوس وأسسوا مدينة إسبالاتو، ونزح أبناء أبيدورة فأقاموا في منطقة راغوزة، وفرَّ غيرهم إلى كاتارو وإلى جزر الشاطئ إلى برازا ولاسينة وغيرهما (2). وهكذا لم يشرف القرن السادس على أواخره حتى كانت جماعات من الصقالبة قد استقرَّت في ميسية السفلى بين الدانوب وجبال الهاموس، وفي عهد فوقاس وهرقل سارت جماعات أخرى من الصقالبة في موكب الآفار فنزلت بنسائها وأطفالها وجميع ما ملكت إيمانها في مقدونية وتراقية وغشيت الأرياف بكاملها (3)، ومما جاء في أعمال القديس ديمتريوس أن الصقالبة في السنوات 617–619 ركبوا البحر في قواربَ نقرت في جذوع الشجر ففتكوا بسكان ثسالية وآخية وإيبيروسة وبعض آسية، وانتشروا في جميع جزر الأرخبيل. وجاءَ أيضًا أنهم في السنة 623 بلغوا إلى جزيرة أقريطش فقتلوا وسَبَوْا، وأن الذعر شمل الجبناء والشجعان على حدٍّ سواء، فأيقن الجميعُ أَنْ ليس أمامهم إلا الموت أو عذاب الأسر (4). وبقيت هذه القبائلُ طوال القرن السابع تغزو في البر والبحر ولا يقر لها قرار، وسعت حكومةُ العاصمة بما لديها من وسائلَ لإخضاع هذه القبائل ولكن دون جدوى، وفي السنة 657 جَرَّدَ قسطنطين الثالث حملةً عسكرية عليهم فهزمهم واشتقَّ لنفسه طريقًا إلى ثيسالونيكية وأرغمهم أن يخلدوا إلى السكينة، ولكنهم عادوا إلى سابق نزعاتهم فحاصروا هذه المدينة نفسها ما بين السنة 677 والسنة 680، فقاد يوستنيانوس الثاني في السنة 689 حملة أُخرى عليهم وأخضعهم ونقل منهم ثلاثين ألفًا إلى شاطئ الدردنيل الآسيوي (5). وفي أواخر القرن السابع تدفق البلغار عبر الدانوب واستوطنوا، والبلغار من الشعوب الطورانية أبناء عم الهون والأتراك، وكانوا من قبل يعبرون الدانوب غزاة مغيرين ولكنهم لا يلبثون أن ينقلبوا إلى ما ورائه، وكان هرقل قد استعان بهم بين السنة 630 والسنة 641 ضد الآفار مُنْعِمًا على زعيمهم بلقب بطريق مقدمًا له الهدايا، إلا أن الخزر في السنة 679 اضطروا هؤلاء البلغار أن يجلوا عن أراضيهم في ما وراء الدانوب، فتدفقوا عبر هذا النهر بقيادة خاقانهم أَسبروخ واحتلوا ما تاخم النهر من الأراضي حتى جبال البلقان، ثم أُكره قسطنطين الرابع أن يعترف بالواقع وأن يسترضيهم بمالٍ محددٍ يدفعه كل سنة، فنشأتْ دولةٌ بلغاريةٌ فتيةٌ، تمكنت من الاندماج برعاياها الصقالبة، فتقبلت لغتهم وتقاليدهم ووحدت كلمتهم، فأصبحت خطرًا كامنًا على دولة الروم (6).
.................................................
1- Constantius, Porphyrogentius, Administrando Imperio, 143-144, 150, 159, 162.
2- Sisic, Gesch. Der Kroaten; Jirecek, Gesch. Der Serben; Niderle, Manuel de l’Antiquité Slave.
3- Patrologia Graeca, Vol. 116, P. 1325.
4- Ed. Tougard, 119–135.
5- Diehl et Marçais, Monde Oriental, 212–218.
6- Runciman, S., The First Bulgarian Empire, London, 1930.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|