أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-10-2014
1045
التاريخ: 24-10-2014
976
التاريخ: 24-10-2014
5487
التاريخ: 2-07-2015
1246
|
لا يخفى عليك أن مقتضى صرفيته تعالى أنه لا يعزب عن علمه شئ من الأمور: لأن الجهل بشئ فقدان ونقص وهو ينافي اللاحدية الثابتة لذاته تعالى.
هذا مضافا إلى أن النظم والتناسب وغيرهما من الأمور التي تحكي عن علم وحكمة يدل على علم الناظم وحكمته وإن كان لا يخلو الاستدلال به عن شيء وهو أنه يثبت العلم والحكمة بقدر ما يكون أثرهما موجودا في الموجودات وهو بالآخرة محدود بمحدودية الموجودات، والمطلوب هو إثبات غير المحدود من العلم له تعالى.
اللهم إلا أن يقال: إن النظر إلى الدقائق والحكم المودعة في النظام يوجب الحدس القطعي على أن هذه آثار من لا نهاية لعلمه وحكمته. ثم إن مقتضى الدليل الأول أزلية علمه بتبع أزلية صرفيته.
وأما الدليل الثاني فلا يدل عليه إلا ببيان زائد، وهو كما قال آية الله الميرزا أحمد الآشتياني - قدس سره -: إن ملاحظة الحكم والدقائق المودعة في النظام تثبت علمه تعالى بالأشياء الموجودة قبل وجودها وحيث أن التغيير في ذاته وصفاته غير معقول، لأنه في قوة النقص والعجز فعلمه بها قبل وجودها كان من الأزل (1).
ويدل عليه أيضا إنا نجد أنفسنا عالمين بذاتنا علما حضوريا وهذا العلم ينتهي إلى الله تعالى، لأنه عطاء من ناحيته كأصل وجودنا، ومعطي الشئ لا يكون فاقدا له، فهو تعالى عالم بذاته، وحيث كان الله تعالى علة لكل شئ فالعلم بذاته بما هو عليه علم بكونه مبدأ ولكونه علة لجميع معلولاته، ومن المعلوم أن العلم بحيثية المبدئية للعلية المتحدة مع ذاته لا ينفك عن العلم بمعلولاته (2).
وهنا وجه آخر مذكور في محله (3).
هذا كله بالنسبة إلى علمه في مرتبة الذات.
وله علم آخر في مرحلة الفعل وهو عين الفعل، إذ حقيقة العلم هو كشف الشئ للشئ، وليس سببه إلا حضور الشئ للشئ، فكل فعل ومعلول لكونه حاضرا عند علته فهو مكشوف ومعلوم له، وهذا العلم الفعلي يتجدد بتجدد الفعل، بخلاف علمه في مرتبة الذات، فإنه عين ذاته ولا تجدد فيه أصلا.
ومما ذكر ينقدح فساد ما يتوهم من استحالة علمه بالجزئيات الزمانية بدعوى أن العلم يجب تغيره عند تغير المعلوم، وإلا لانتفت المطابقة، لكن الجزئيات الزمانية متغيرة فلو كانت معلومة لله تعالى لزم تغير علمه تعالى، والتغير في علم الله تعالى محال (4).
وذلك، لما عرفت من أن الله تعالى علمين، أحدهما: الذاتي، وهو لا يتغير بتغير المتغيرات فإنه في الأزل كان عالما بكل متغير أنه حدث في زمان خاص بكيفية خاصة ولا يتخلف شئ عن هذا العلم، ويقع كما هو معلوم عند ربه ولا يحصل تغير في علمه أصلا وعلمه في الأزل بوجود المعلول في زمان خاص لا يوجب كونه موجودا في الأزل بوجوده الخاص به، وإلا لزم الخلف في علمه، فكل شئ واقع كما علم فلا تغير في العلم، بل التغير والحدوث في المتغير، والحادث والعلم بالمتغير ليس بمتغير، إذ حكم ذات المعلوم لا يسري إلى العلم، كما أن العلم بالحركة ليس بحركة، والعلم بالعدم أو الإمكان ليس عدما ولا إمكانا، والعلم بالمتكثر ليس بمتكثر.
وثانيهما: هو العلم في مرحلة الفعل وهو عين الفعل، لأن المراد من العلم الفعلي هو حضور الفعل بنفسه عند الله تعالى، كما أن الصور المعقولة والذهنية حاضرة عندنا بنفسها وعلمنا بها عينها، فالتغير في هذا العلم لا بأس به، لأنه يرجع إلى تغير في ناحية الفعل لا في ناحية الذات، والمحال هو الثاني كما لا يخفى.
ولذا صرح المحقق الطوسي - قدس سره - في تجريد الاعتقاد بأن تغير الإضافات ممكن (5).
ويظهر مما ذكرنا أنه لا إشكال في حدوث العلم في مرتبة الفعل، فإن المراد منه عين الفعل الحادث، وبالجملة الفعل باعتبار صدوره منه معلوله، وباعتبار حضوره عنده معلومه، ولا إشكال في حدوثه، وبذلك انقدح أنه لا مانع من إثبات العلم الزماني لله تعالى، كما أشار إليه بعض الآيات الكريمة، منها قوله تعالى: " ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين " (6) فإن ظاهره أن العلم يحصل بعد الامتحان والتمحيص، ومنها قوله تعالى: " الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا " (7) فإن ظاهره هو الإنباء عن حصول العلم في الآن المذكور، وغير ذلك من الآيات.
والحاصل أن العلم الحادث في الآن أو الزمان الآتي حيث يكون عبارة عن عين الفعل، لا يستلزم حدوثه وتغيره شيئا في ناحية العلم الذاتي كما لا يخفى (8) ثم لا يخفى عليك انه صرحت الآيات والروايات وفقا للأدلة العقلية بتعميم علمه تعالى بجميع الأمور حيث قال عز وجل: " وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها الا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة الا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين " (9).
وقال مولانا أمير المؤمنين - عليه السلام -: " يعلم عجيج الوحوش في الفلوات ومعاصي العباد في الخلوات واختلاف النينان في البحار الغامرات وتلاطم الماء بالرياح العاصفات " (10).
_______________
(1) چهارده رسالة فارسي ميرزا احمد آشتياني: 85 - 86.
(2) راجع شرح الأصول من الكافي لصدر المتألهين: ص 160، وگوهر مراد للمحقق اللاهيجي: ص 186 - 188، وشرح التجريد الطبعة الحديثة: ص 285. ودرر الفوائد: ج 2 ص 31.
(3) راجع نهاية الحكمة: ص 254، ودرر الفوائد: ج 1 ص 485 - 487، وچهارده رسالة فارسي ميرزا احمد آشتياني.
(4) شرح التجريد الطبعة الحديثة: ص 287 نقل ذلك عن المتوهم.
(5) راجع نهاية الحكمة: ص 254، وراجع تعليقة النهاية: ص 444 سيما ما نقله عن المحقق السبزواري في تعليقته على الاسفار وكشف المراد: ص 287.
(6) محمد: 31.
(7) الأنفال: 66.
(8) راجع مجموعه معارف قرآن: 1 - خداشناسى ص 287 - 293.
(9) الانعام: 59.
(10) بحار الأنوار: ج 4 ص 92.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|