أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-8-2017
![]()
التاريخ: 2025-03-24
![]()
التاريخ: 2025-03-30
![]()
التاريخ: 2023-11-18
![]() |
إذا رجع الإنسان إلى منى ، لرمي الجمار ، كان عليه وجوبا ، أن يرمي ثلاثة أيام ، الثاني من النحر ، والثالث ، والرابع ، كل يوم بإحدى وعشرين حصاة ، ويكون ذلك عند الزوال ، فإنّه الأفضل ، فإن رماها ما بين طلوع الشمس إلى غروب الشمس ، لم يكن به بأس ، وقال شيخنا في مسائل الخلاف: ولا يجوز الرمي أيام التشريق ، إلا بعد الزوال ، وقد روي رخصة ، قبل الزوال ، في الأيام كلها (1) ، وما ذكره في نهايته (2) ومبسوطة (3) هو الأظهر ، الأصح ، عند بعض أصحابنا ، وما ذكره في مسائل خلافه ، مذهب الشافعي ، وأبي حنيفة.
وهل رمي الجمار واجب ، أو مسنون؟ لا خلاف بين أصحابنا في كونه واجبا ، ولا أظن أحدا من المسلمين ، يخالف في ذلك ، وقد يشتبه على بعض أصحابنا ، ويعتقد أنّه مسنون ، غير واجب ، لما يجده من كلام بعض المصنفين ، وعبارة موهمة ، أوردها في كتبه ، ويقلّد المسطور بغير فكر ، ولا نظر ، وهذا غاية الخطأ ، وضدّ الصواب. فانّ شيخنا أبا جعفر الطوسي رحمه الله ، قال في الجمل والعقود: والرمي مسنون (4) فيظن من يقف على هذه العبارة ، أنّه مندوب ، وانّما أراد الشيخ بقوله مسنون ، أنّ فرضه عرف من جهة السنة ، لأنّ القرآن لا يدل على ذلك ، والدليل على صحّة هذا الاعتبار والقول ، ما اعتذر شيخنا أبو جعفر الطوسي في كتابه الاستبصار ، وتأوّل لفظ بعض الاخبار ، فقال الراوي في الخبر ، في باب وجوب غسل الميّت ، وغسل من غسل ميتا ، فأورد الأخبار بوجوب الغسل ، على من غسل ميتا ، ثم أورد خبرا عن ابن أبي نجران ، يتضمن أن الغسل من الجنابة فريضة ، وغسل الميت سنة ، فقال شيخنا أبو جعفر ، فما تضمن هذا الخبر ، من أن غسل الميّت سنة ، لا يعترض ما قلناه من وجوه ، أحدها أنّ هذا الخبر مرسل ، لأنّ ابن أبي نجران ، قال عن رجل ، ولم يذكر من هو ، ولا يمتنع أن يكون غير موثوق به ، ولو سلم ، لكان المراد في إضافة هذا الغسل ، إلى السنة ، أنّ فرضه عرف من جهة السنة ، لأنّ القرآن ، لا يدل على ذلك ، وانّما علمناه بالسنة (5). هذا أخر كلام شيخنا أبي جعفر في الاستبصار.
وإذا احتمل قوله في الجمل والعقود ما ذكرناه ، كان موافقا لقوله في مبسوطة ، ونهايته ، لئلا يتناقض قولاه ، فإنّه قال في نهايته: وإذا رجع الإنسان إلى منى ، لرمي الجمار ، كان عليه أن يرمي ثلاثة أيام (6) فأتى بلفظ يقتضي الوجوب ، بغير خلاف في عرف الشريعة وقال في مبسوطة مصرحا: والواجب عليه ، أن يرمي ثلاثة أيام التشريق ، الثاني من النحر ، والثالث والرابع ، كل يوم بإحدى وعشرين حصاة ، ثلاث جمار ، كل جمرة منها ، بسبع حصيات وإلى الوجوب يذهب في مسائل الخلاف ، ويلوح به ، ويدل عليه.
ثم الأخبار التي أوردها في تهذيب الأحكام (7) متناصرة بالوجوب، عامة الألفاظ ، وكذلك الأخبار المتواترة دالة على الوجوب ، ثم فعل الرسول والأئمة عليهم السلام يدل على ما اخترناه ، وشرحناه ، لأنّ الحجّ في القرآن مجمل ، وفعله عليه السلام ، إذا كان بيانا المجمل ، جرى مجرى قوله ، والبيان في حكم المبيّن ، ولا خلاف أنّه عليه السلام ، رمى الجمار ، وقال: خذوا عنّي مناسككم ، فقد أمرنا بالأخذ ، والأمر يقتضي الوجوب عندنا ، والفور ، دون التراخي.
وأيضا دليل الاحتياط يقتضيه ، لأنّه لا خلاف بين الأمّة ، أنّ من رمى الجمار ، برئت ذمّته من جميع أفعال الحجّ ، والخلاف حاصل إذا لم يرم الجمار.
وقال شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في استبصاره ، في كتاب الحجّ ، في باب من نسي رمي الجمار حتى يأتي مكة ، أورد أخبارا تتضمن الرجوع ، والأمر بالرمي ، ثم أورد خبرا عن معاوية بن عمار ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام ، رجل نسي رمي الجمار ، قال : يرجع ويرميها ، قلت : فإنّه نسيها أو جهلها حتى فاته ، وخرج ، قال : ليس عليه ان يعيد.
فقال شيخنا : قال محمد بن الحسن ، يعنى نفسه ، قوله عليه السلام ، ليس عليه أن يعيد ، معناه ليس عليه أن يعيد في هذه السنة ، وإن كان يجب عليه إعادته في السنة المقبلة ، إمّا بنفسه مع التمكن ، أو يأمر من ينوب عنه ، وانّما كان كذلك ، لأنّ أيام الرمي ، هي أيّام التشريق ، فإذا فاتته ، لم يلزمه شيء ، إلا في العام المقبل ، في مثل هذه الأيام (8) هذا آخر كلام الشيخ أبي جعفر في استبصاره.
قال محمّد بن إدريس ، مصنّف هذا الكتاب : فلو كان الرمي مندوبا عند شيخنا ، لما قال يجب عليه إعادته في السنة المقبلة ، إمّا بنفسه مع التمكن ، أو يأمر من ينوب عنه ، لأنّ المندوب ، لا يجب على تاركه إعادته.
فإن أراد رمي الجمار ، في أيام التشريق ، فليبدأ بالجمرة التي تلي المشعر الحرام ، وليرمها عن يسارها ، من بطن المسيل ، بسبع حصيات ، يرميهن خذفا ، وقد بيّنا لغته ، على ما قال الجوهري في كتاب الصحاح ، وهو أن قال : فإنّ الخذف بالحصى ، الرمي منه بالأصابع.
ويكبّر مع كل حصاة استحبابا ، ويدعو بالدعاء الذي قدّمناه ، ثم يقوم عن يسار الطريق ، ويستقبل القبلة ، ويحمد الله تعالى ، ويثني عليه ، ويصلّي على النبي صلى الله عليه وآله ، ثم ليتقدّم قليلا ، ويدعو ، ويسأله أن يتقبل منه.
فإن رماها بالسبع الحصيات في دفعة واحدة ، لا يجزيه بغير خلاف بيننا ثم يتقدّم أيضا ، ويرمي الجمرة الثانية ، ويصنع عندها كما صنع عند الاولى ، ويقف ويدعو بعد الحصاة السابعة ، ثم يمضي إلى الثالثة ، وهي جمرة العقبة ، تكون الأخيرة ، بها يختم الرمي ، في جميع أيام التشريق ، وانّما يحصل لها مزية ، بالرمي عليها وحدها يوم النحر فحسب ، فيرميها كما رمى الأوليين ، ولا يقف عندها.
فإذا غابت الشمس ، ولم يكن قد رمى بعد ، فلا يجوز له أن يرمي ، إلا في الغد ، فإذا كان من الغد ، رمى ليومه مرة ومرة قضاء لما فاته ، ويفصل بينهما بساعة.
وينبغي أن يكون الذي يرمي لأمسه بكرة، والذي ليومه عند الزوال ، ومعنى قولنا بكرة ، المراد به بعد طلوع الشمس ، أول ذلك ، لأنّا قد بيّنا أنّ الرمي ما بين طلوع الشمس إلى غروبها ، والباكورة من الفاكهة : أوائلها ، وقد أورد شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في كتاب المصباح لفظا يشتبه على غير المتأمل ، وهو أن قال في صلاة يوم الجمعة: يصلي ست ركعات بكرة (9) والمراد بذلك عند انبساط الشمس في أول ذلك ، يدل على ذلك ما أورده في نهايته ، وهو أن قال : يصلّي ست ركعات ، عند انبساط الشمس (10) فيظن من يقف على ما قاله في مصباحه ، أنّ المراد بقوله رحمه الله بكرة ، عند طلوع الفجر ، وهذا بعيد من قائله.
فإن فاته رمي يومين ، رماها كلها يوم النفر ، وليس عليه شيء.
ولا يجوز الرمي بالليل ، وقد رخص للعليل ، والخائف ، والرعاة ، والعبيد ، في الرمي بالليل.
ومن نسي رمي الجمار ، إلى أن أتى مكة ، فإنّه يجب عليه العود إلى منى ورميها ، وليس عليه كفّارة ، إذا كانت أيّام التشريق لم يخرج ، فإن ذكرها بعد خروج أيام التشريق ، فالواجب عليه تركها إلى القابل ، ورميها في أيام التشريق ، إن تمكن من العود ، وإلا استناب من يرميها عنه.
وحكم المرأة في جميع ما ذكرناه ، حكم الرجل سواء.
والترتيب واجب في الرمي ، يجب أن يبدأ بالجمرة التي تلي المشعر ، وبعض أصحابنا يسميها العظمى ، ثمّ الوسطى ، ثمّ جمرة العقبة ، فمن خالف شيئا منها أو رماها منكوسة ، كان عليه الإعادة.
ومن بدأ بجمرة العقبة ، ثم الوسطى ثم الأولى ، أعاد على الوسطى ، ثم جمرة العقبة.
فإن نسي ، فرمى الجمرة الأولى ، بثلاث حصيات ، ورمى الجمرتين الأخريين على التمام ، كان عليه أن يعيد عليها كلّها.
وإن كان قد رمي الجمرة الأولى ، بأربع حصيات ، ثمّ رمى الجمرتين على التمام ، كان عليه أن يعيد على الاولى ، بثلاث حصيات ، وكذلك إن كان قد رمى من الوسطى أقل من أربع حصيات ، أعاد عليها ، وعلى ما بعدها ، وإن رماها بأربع ، تمّمها ، وليس عليه الإعادة على ما بعدها.
فالاعتبار بحصول رمي أربع حصيات ، فإذا كان كذلك ، تمّمها ولا يجب عليه الإعادة على ما بعدها ، فإن كان قد رمى أقل من أربع حصيات ، على إحدى الجمرات تممها ، وأعاد مستأنفا على ما بعدها.
ومن رمى جمرة بست حصيات ، وضاعت واحدة ، أعاد عليها بالحصاة ، وإن كان من الغد.
ولا يجوز أن يأخذ من حصى الجمار الذي قد رمى به ، فيرمي بها.
ومن علم أنّه قد نقص حصاة واحدة ، ولم يعلم من أيّ الجمار هي ، أعاد على كلّ واحدة منها بحصاة.
فإن رمى بحصاة ، فوقعت في محمله ، أعاد مكانها حصاة أخرى.
فإن أصابت إنسانا ، أو دابة ، ثم وقعت على الجمرة ، فقد أجزأه إذا وقعت باعتماده.
ويجوز أن يرمي راكبا ، وماشيا.
ويجوز الرمي عن العليل ، والمبطون ، والصبي ، ولا بدّ من إذنه إذا كان عقله ثابتا.
ويستحب أن يترك الحصى في كفه ، ثم يؤخذ ويرمي به.
__________________
(1) الخلاف: كتاب الحج ، مسألة 176.
(2) النهاية: كتاب الحج ، باب زيارة البيت والرجوع الى منى ورمي الجمار.
(3) المبسوط: كتاب الحج ، فصل في ذكر نزول منى بعد الإفاضة من المشعر.
(4) الجمل والعقود: كتاب الحج ، باب 9 فصل في نزول منى.
(5) الاستبصار: كتاب الطهارة: باب 60 ، ح 9.
(6) النهاية: كتاب الحج ، باب زيارة البيت والرجوع الى منى ورمي الجمار.
(7) التهذيب: كتاب الحج ، باب 19 باب الرجوع الى منى ورمي الجمار.
(8) الاستبصار: الباب 204 ح 2 مع اختلاف في المتن.
(9) المصباح: نوافل الجمعة ، ص 309 الطبع الحديث.
(10) النهاية: كتاب الصلاة ، باب الجمعة وأحكامها.
|
|
حقن الذهب في العين.. تقنية جديدة للحفاظ على البصر ؟!
|
|
|
|
|
"عراب الذكاء الاصطناعي" يثير القلق برؤيته حول سيطرة التكنولوجيا على البشرية ؟
|
|
|
|
|
جمعية العميد تعقد اجتماعها الأسبوعي لمناقشة مشاريعها البحثية والعلمية المستقبلية
|
|
|