أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-9-2016
1261
التاريخ: 8-8-2016
1721
التاريخ: 30-8-2016
1175
التاريخ: 31-8-2016
3442
|
التحقيق: جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد.
ومورد النزاع ما إذا كان كلّ من المعنيين متعلّقاً للنفي والإثبات بحياله ، فخرج من حريم البحث ما إذا استعمل في معنى واحد ذي أجزاء أو ذي أفراد .
والدليل على ما اخترناه : وقوعه في كلمات الاُدباء والشعراء .
وما استدلّ به للامتناع : وجوه غير تامّة ، نتعرّض لمهمّاتها :
الأوّل : ما ذكره صاحب «الكفاية» من لزوم اجتماع اللحاظين الآليين في لفظ واحد ، وهو محال(1) .
وتقرير الملازمة بوجهين : أحدهما أنّ الاستعمال هو إفناء اللفظ في المعنى ، فيكون لحاظه تبعاً للحاظه ، فإذا استعمل في شيئين يكون تابعاً لهما في اللحاظ ، فيجتمع فيه لحاظان آليان بالتبع .
ثانيهما : أنّ لحاظ اللفظ والمعنى لابدّ منه في كلّ استعمال ; لامتناع الاستعمال مع الذهول عن واحد منهما ، فإذا استعمل في شيئين لزم لحاظ اللفظ مرّتين ، فاجتمع اللحاظان .
ويمكن تقرير بطلان التالي بأنّ تشخّص الملحوظ بالذات إنّما هو باللحاظ وتعيّن اللحاظ بالملحوظ ، كما أنّ الأمر كذلك في باب العلم والمعلوم ، بل ما نحن فيه من قبيله .
فحينئذ : اجتماع اللحاظين في شيء يساوق كون الشيء الواحد شيئين ، وتعلّق العلمين بمعلوم واحد يستلزم كون الواحد اثنين ، بل لا يمكن الجمع في الملحوظ بالعرض أيضاً ; للزوم كون المعلوم بالعرض ـ التابع للمعلوم بالذات في الانكشاف ـ منكشفاً في آن واحد مرّتين ، وهو محال .
ويجاب عنه بمنع الملازمة :
أمّا على الوجه الأوّل : فلأنّ المنظور من التبعية إن كان أنّ المتكلّم يتصوّر المعنى ويتبعه الانتقال إلى اللفظ ، فلا يلزم من تصوّر المعنيين عرضاً انتقالان إلى اللفظ ، بل لا ينتقل إليه إلاّ انتقالا واحداً ، كما هو كذلك في الانتقال من اللازمين إلى ملزوم واحد . وكون النظر هناك إلى الملزوم استقلالياً دون اللفظ لا يوجب الفرق بينهما فيما نحن بصدده .
وإن كان المراد اجتماع اللحاظين في السامع فلا نسلّم لزومه ; لأنّ السامـع ينتقل من اللفظ إلى المعنى ; وإن كان اللفظ آلة ، فيكون لحاظ المعنى تبعاً للحاظ اللفظ وسماعه ، كما أنّ الناظر إلى الكتابة يدرك نقش المكتوب أوّلا ، فينتقل منه إلى المعنى .
فحينئذ إذا كان اللفظ دالاًّ على معنيين انتقل منه إليهما ، مـن غير لزوم محـذور أبـداً .
وبالجملة : لا يلزم من تبعية الانتقال جمع اللحاظين والانتقالين في اللفظ ، كما لا يلزم اجتماعهما في المعنى إذا سمعنا اللفظ من متكلّمين دفعة .
فإن قلت : المراد من تبعية لحاظ اللفظ للمعنى هو سراية اللحاظ من المعنى إلى اللفظ ، فيلزم من الاستعمال في معنيين لحاظان آليان ، أو أنّ المراد كون اللحاظ متعلّقاً بالمعنى بالذات وباللفظ بالعرض ، فيتعدّد بتعدّد ما بالذات .
قلت : إنّ ذا من العجب ; إذ كيف يترشّح من اللحاظ الاستقلالي لحاظ آلي ، وما هذا إلاّ الانقلاب. كما أنّ ما ذكره ذيلا خلاف المفروض ; إذ لا يلزم منه اجتماع اللحاظين ; لعدم اللحاظ في اللفظ حقيقة .
وأمّا الجواب عن الوجه الثاني : فهو أنّ ما يكون لازم الاستعمال هو ملحوظية اللفظ والمعنى ، وعدم كونهما مغفولا عنهما حاله ، وأمّا لزوم لحاظه في كلّ استعمال ـ لحاظاً على حدة ـ فلم يقم عليه دليل ، ولا هو لازم الاستعمال . ألا ترى أنّ قوى النفس ـ كالباصرة والسامعة ـ آلات لها في الإدراك ؟ وقد تبصر الشيئين وتسمع الصوتين في عرض واحد ، ولا يوجب ذلك أن يكون للآلتين حضوران لدى النفس بواسطة استعمالهما في إدراك الشيئين .
الثاني : أنّ الاستعمال إفناء ، ويمتنع إفناء الشيء الواحد في شيئين . وبعبارة اُخرى : أنّ الاستعمال جعل اللفظ بتمامه قالباً للمعنى ، ولا يمكن أن يكون مع ذلك قالباً لمعنى آخر(2) .
والجواب : أنّ الاستعمال ليس إلاّ جعل اللفظ آلة للإفهام ، فإن كان المراد مـن الفناء وكونـه قالباً أو مـرآةً أو ما رادفها هـو صيرورة اللفظ نفس المعنى في نفس الأمـر فهو واضح البطلان; إذ لا يمكن لـه الفناء بحسب وجـوده الواقعي ; بحيث لا يبقى في الواقع إلاّ شيئية المعنى ; لأنّ اللفظ باق على فعليته ، ومع ذلك لا يعقل فناؤه .
وإن اُريد منه : أنّ القصد معطوف بالذات إلى إفهام المعنى دونه فامتناع التالي ممنوع ; إذ اللفظ يكون منظوراً به ، والمعنيان منظوراً فيهما . وما لهج به بعض أهل الذوق في بعض المقامات غير مربوط بهذه المباحث ، فليطلب من محالّها .
الثالث : ما عن بعض الأعيان ; أنّ حقيقة الاستعمال إيجاد المعنى في الخارج باللفظ ; حيث إنّ وجود اللفظ خارجاً وجود لطبيعي اللفظ بالذات ، ولطبيعي المعنى بالجعل والمواضعة ، لا بالذات ; إذ لا يكون وجود واحد وجوداً لماهيتين بالذات ـ كما هو ظاهر ـ وحيث إنّ الموجود الخارجي واحد بالذات فلا مجال للقول بأنّ وجود اللفظ وجود لهذا المعنى خارجاً ، ووجود آخر لمعنى آخر ; حيث لا وجود آخر هناك كي ينسب إليه بالتنزيل(3) .
ولا يخفى : أنّه بالمغالطة أشبه منه بالبرهان ، ولعلّ مبناه ما عن بعض أهل الذوق من أنّ الوجود اللفظي من مراتب وجود الشيء(4) ، وهو ـ إن صحّ ـ ليس معناه إلاّ كونه موضوعاً للمعنى ومرآةً له بالمواضعة الاعتبارية .
وعليه : لو كان الموضوع له متعدّداً أو المستعمل فيه كذلك لا يلزم منه كونه ذا وجودين أو كونه موجودين ; إذ المفروض أنّه وجود تنزيلي واعتباري ، وهو لا يوجب التكثّر في الوجود الواقعي . فكون شيء وجوداً تنزيلياً لشيء لا يستنبط منه سوى كونه بالاعتبار كذلك ، لا بالذات والحقيقة .
الرابـع : مـا في بعض الكلمات مـن استحالـة تصوّر النفس شيئين ، واستحالـة كـون اللفظ علّة لحضور معنيين في الذهـن ; ولعلّه لحـديث امتناع صدور الكثير عـن الواحـد(5) .
وأنت خبير : بأنّه تلفيق محض وإخراج الشيء عن مجراه ; إذ البداهة قاضية بصحّة تصوّر الشيئين ، وإلاّ لما صحّ التصديق بكون شيء شيئاً ; إذ لابدّ عند الإذعان من تصوّر الطرفين معاً.
كما أنّ التمسّك بالقاعدة العقلية في أمثال هذه الموارد أوهن من بيت العنكبوت ; إذ الدلالة ليست من قبيل صدور شيء عن شيء ، مع أ نّها لو كانت من هذا القبيل لا يمكن إجراء القاعدة فيها ; إذ هي مختصّة بالبسيط من جميع الجهات .
ثمّ إنّ هناك تفصيلا أعجب من أصل القول بالامتناع ، قال به بعض محقّقي العصر ـ قدس سره ـ ; وهو أ نّه اختار الامتناع فيما لوحظ كلّ واحد من المعنيين بلحاظ خاصّ به ; لبعض الوجوه السابقة ، والجواز فيما كان اللفظ حاكياً عن مفهومين ملحوظين بلحاظ واحد(6) .
وهذا من عجيب القول ; إذ وحدة اللحاظ مع تعدّد المعنى إن كانت لأجل وقوع المعنيين تحت جامع وُحداني تجمع ما تفرّق بلحاظ واحد فقد أسمعناك في صدر المبحث أ نّه خارج من حريم النزاع .
وإن كان مع كون كلّ من المعنيين ملحوظاً بحياله ومستعملا فيه ، ومع ذلك يكونان ملحوظين بلحاظ واحد فهو غير قابل للقبول ، بل مدفوع بالموازين العلمية ;إذ فرض كون الشيئين موجودين بنعت الكثرة في الذهن مع وحدة اللحاظ فرض وحدة الكثير مع كثرته .
والحاصل : أنّ لحاظ النفس ليس إلاّ علمها بالشيء وتصوّرها إيّاه ، فلو وقع المعلوم بنعت الكثرة في لوح النفس وصفحة الإدراك فقد وقع العلم عليه كذلك ; إذ التصوّر والإدراك وما رادفهما من سنخ الوجود في عالم الذهن ، ولا معنى لوجود المتكثّر بما هو متكثّر بوجود واحد .
فتلخّص : أنّه لا مانع من استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد عقلا ، وأمّا المنع من جهة القواعد الأدبية أو من جهة اشتراط الواضع فضعيف جدّاً ، لا ينبغي البحث عنه .
وأمّا ما ورد من أنّ للقرآن سبعين بطناً(7) فمن غوامض الكلام ، لايقف على مغزاه إلاّ الخائض في لُجج العلم وبحار المعارف ، فليطلب عن مواضعه ، وعلى كلّ حال لا يرتبط بالمقام .
____________
1 ـ كفاية الاُصول : 53 .
2 ـ حاشية كفاية الاُصول ، المشكيني 1 : 209 .
3ـ نهاية الدراية 1 : 152 .
4 ـ الحكمة المتعالية 1 : 315 ، الهامش 1 و6 : 12 ، الهامش 1 و7 : 30 ، الهامش 1 ، شرح المنظومة ، قسم المنطق : 11 ـ 12 .
5 ـ اُنظر أجود التقريرات 1 : 51 .
6 ـ نهاية الأفكار 1 : 105 ـ 108 ، بدائع الأفكار (تقريرات المحقّق العراقي) الآملي
1 : 146 .
7 ـ لم نعثر عليه بهذا اللفظ فيما بأيدينا من الكتب الروائية ، ولكن ورد : «إنّ للقرآن ظهراً وبطناً ، ولبطنه بطن إلى سبعة أبطن» . راجع عوالي اللآلي 4 : 107 / 159 .
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|