أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-3-2022
2906
التاريخ: 24-2-2022
1536
التاريخ: 2023-03-14
2395
التاريخ: 3-3-2022
1656
|
كان لتزايد عدد المتخصصين في الدراسات العمرانية ، وما تبع ذلك من تعدد الدراسات المتخصصة التفصيلية في هذا المجال منذ الاربعينيات من القرن العشرين أثر مباشر في بلوغ هذا العلم مرحلة النضج ، وخاصة في أعقاب الحرب العالمية الثانية ، اذ تبلورت الفلسفات والآراء المتعددة الخاصة بدراسة المحلات العمرانية الحضرية والريفية لها جذور تاريخية بعيدة ترجع الى العصرين اليوناني والروماني الا انها كانت دراسات وصفية تعتمد على وصف مراكز العمران وتحديد أشكالها المختلفة وأهمية مواقعها وخاصة من الناحيتين الدينية والحربية ، الى جانب دراسة ووصف الطرق المختلفة التي تربط بين مراكز العمران .
ورغم تعدد المدارس الفكرية التي أتت بالنظريات العمرانية واختلاف التخصصات التي أسهمت في ظهور هذه النظريات – الجغرافيا ، الاجتماع ، الاقتصاد – الا أن هدفها النهائي كان واحداً وهو اعادة تخطيط المحلات العمرانية سواء كانت هذه المحلات متباينة الحجم والوظيفة او من نفس الدرجة . وفيما يلي دراسة تفصيلية لأهم نظريتين في التخطيط العمراني :
أولا – نظرية المواقع المركزية Central Places Theory :
وضع هذه النظرية الجغرافي الألماني فالتر كريستلر Wlather Christallar بعد أن قام بعدة دراسات تطبيقية على الجزء الجنوبي من ألمانيا ونشر كتابه الشهير Die Zentralen Orte in Suddeutschland عام 1933 ، الذي ترجمه الى الانجليزية باسكين Baskin عام 1966 (1) .
وقد حاول كريستلر في نظريته – بالجزء الأول من مؤلفه المشار اليه – البحث عن قانون أو اساس يتحكم في توزيع المحلات العمرانية على سطح الأرض وتحديد العلاقة بين أحجامها ومدى تباعدها ، وهو بذلك يحاول أن يجيب على سؤال هام وهو 000 لماذا تتوزع المحلات العمرانية المختلفة على سطح الأرض بنمط معين ؟ وما الذي يحدد بعد محلة عمرانية عن اخرى ؟ وقد افترض كريستلر وجود مساحة محددة من الارض تمد المحلة العمرانية بحاجتها ، وانه كلما اتسعت مساحة الأرض المحيطة بالمحلة العمرانية كلما أسهم ذلك فيكبر حجمها (2) .
وتتلخص النظرية في انه لا يمكن أن تشيد المدن في كل نقطة في الاقليم ، فالمدينة عبارة عن تجمع نقطي تمثل مركزاً لمنطقة انتاج ، في حين تمثل القرية جزءاً هاماً من منطقة الانتاج ، والمدينة تقدم للريف العديد من الخدمات المركزية ، لذا لا يمكن قيامها بصورة مبعثرة في الريف ، وعلى ذلك فالمدينة في الأساس تستمد مبررات نشأتها من منطقة تابعة لها تعتمد عليها في توفير الخدمات المختلفة .
ويجب ان تتوزع مدن الخدمات على مسافات ملائمة يمكن قطعها بجهد معقول وفي وقت مناسب يتفق وامكانيات القائمين بالخدمات ، لذلك يجب أن يكون هناك بعد أنسب يحدد أقصى تباعدا للمدن اذت الخدمات المركزية ، ويجب أن يتحدد هذا البعد الأنسب بالنسبة الى أدنى حد من الخدمات يلزم لسكان أقاليم هذه المدن (3) .
وتمثل العبارة السابقة الأساس الذي بني عليه كريستلر نظريته ، ويجب ان نعرف ان هناك تفاعلا وتعايشا بين المدن مختلفة الاحجام والوظائف ، كما أن هناك تنافساً وصراعاً بين المدن التي بها نفس المستوى من الخدمات ونفس عدد السكان . اما عن كيفية تحديد نوع ومدى التعايش بين المدن المتساوية في الحجم ومستوى الخدمات فيتم ذلك بالاتساع المكاني لمنطقة نفوذ كل من هذه المدن ، ويتم تحديد منطقة النفوذ (اقليم المدينة) بعملية مركبة تتفق وحاجة سكان الاقليم الى العديد من الخدمات والسلع ، وجدير بالذكر أنه ليس ضرورياً ان تتفق مجالات نفوذ كل خدمة او سلعة في حدودها وانما قد تتباين هذه الحدود من سلعة لأخرى وأيضا من خدمة لأخرى ، الا ان مجموع هذه الحدود يكون الاطار العام الذي يأخذ الشكل الدائري ، وتمثل الدائرة الشكل الهندسي الذي يتوافر فيه عامل المسافات المتساوية في كل الجهات ، بحيث تصبح أطراف النطاق على بعد متساوي من مركزها حيث توجد المدينة ، التي ينكمش نفوذها وتقل سيطرتها تدريجيا كلما اتجهنا نحو الاطراف التي تمثل نطاقات للصراع بين المدن المتجاورة .
وما أن تتماس منطقتا (دائرتا) نفوذ المدينتين المتجاورتين حتى ينشأ بينهما نطاق حدي تتنازعه المدينتان المتجاورتان ، ومع ذلك يلاحظ أن قوة جذب المدينتين واحدة لأنهما متساويتان في الحجم والوظيفة والأهمية ، وقد دفع كريستلر الى هذا الافتراض ما لاحظه من انتشار المدن في جنوب ألمانيا في شكل شبه منتظم ومتكامل الى حد كبير ، لذا ينقسم النطاق الحدي بين نفوذ المدينتين الى نصفين يتبع كل منهما احدى المدينتين ، وعلى ذلك تحل مشكلة الفراغ الوظيفي بألا تتماس اقطار الدائرتين ، وانما تتقاطعان ، وعلى ذلك تتحول الأشكال الدائرية – التي تحدد اقاليم المدن المتجاورة – الى احد الاشكال المضلعة (المثلث ، المربع ، المسدس) . ويمثل الشكل المثلث لأقاليم نفوذ المدن من الناحية الهندسية أكبر ابتعاد عن الدائرة ، لذا يضم أطول المسافات واكثرها بعدا عن المركز . اما المربع فيتسم بسهولة رسم حدوده وبساطة تحديد العلاقة بين عدد المحلات العمرانية وأحجام مناطق نفوذها وأبعادها لأن خطوط المواصلات هنا لا تمزق الاقليم الى اجزاء صغيرة ، ومع ذلك فالشكل المربع لا يحقق أكبر قدر من المساواة في الحركة بين المراكز والأطراف ، لذلك فالشكل السداسي يعد الشكل المثالي لإقليم المدينة لأنه يمثل أقرب تقريب الى الدائرة ، كما يحقق معظم شروطها ، وهكذا توصل كريستلر الى ان الشكل السداسي هو انسب شكل اقليمي للخدمات المركزية التي تؤديها مدينة ما (4) لذا تعرف النظرية أحيانا باسم النظرية السداسية Hexagonal Theory ،
ومن مزايا الشكل السداسي كما حدده كريستلر [شكل رقم 1] :
(أ) لا يترك فجوات بغير خدمات .
(ب) يجعل عدد مراكز الخدمات ملائماً تماماً لمساحة الاقليم .
وعلى ذلك تتخذ نطاقات نفوذ المدن المتجاورة الشكل السداسي الذي تتركز المدن في منتصفه ، ونظرا لتباين المدن من حيث الحجم وبالتالي الاهمية وقوة النفوذ فإنها – أي المدن – تصنف الى مجموعتين ، تضم المجموعة الاولى المدن الكبرى ان المدن ذات الاحجام الكبيرة والتي تتوافر فيها مراكز الخدمات المختلفة وهي مدن يؤدي كبر حجمها الى تزايد التباعد بينها واتساع النطاقات التي تحيط بها والتي تمثل مجالات نفوذها ، اما المجموعة الثانية فتضم المدن الأصغر حجما وهي مدن تابعة لمدن المجموعة السابق الاشارة اليها ، ويشبه كريستلر في شبكته المدينة المدن الكبيرة الحجم – مركز الخدمات – بأنها كالشمس تتوسط توابعها [شكل رقم 8] وأنه تبعاً للشكل السداسي فإن مدن الخدمات الكبيرة يحيط بها على أطراف مناطق نفوذها ست مدن صغيرة تابعة تمتد على أبعاد متساوية ، ولا يعتمد كريستلر على عدد السكان كمعيار لقياس المركزية حيث انه في رأيه أساس غير كاف لا يعبر عن مستوى الخدمات الاقليمية ومداها ، لذلك اتخذ عامل عدد التليفونات كأساس لقياس درجة المركزية .
ويوجه للنظرية عدة انتقادات منها ان كريستلر عندما وضع هذه النظرية افترض لتحقيقها أرضا سهلة منبسطة لا تظهر فيها أي اختلافات مكانية ، وتتوزع فوقها شبكة من المدن بنسق مرتب متكامل ، وقد تأثر كريستلر في هذا الافتراض بالظروف العامة السائدة في المانيا . والحقيقة انه لا تتوفر هذه الظروف المثالية في كل الاقاليم ، كما انه لا يمكن تجاهل الاختلافات المكانية وتأثيرها في تحديد نطاقات الخدمات وتوفير سبلها بدرجات متفاوتة ، وعموما فكلما كان الاقليم الجغرافي اقرب شبها في خصائصه بالظروف المثالية التي افترضها كريستلر كلما كان هذا ادعى الى تطبيق هذه النظرية بكل تفاصيلها وعموما ,,,, يمكن تلخيص الانتقادات التي وجهت لهذه النظرية في نقطتين رئيسيتين :
1- يدور نقد هذه النظرية حول محور أساسي وهو انها تفترض بيئة خيالية متجانسة ، يسودها نظام متعاقب مرتب لتوزيع الخدمات ، وهو ما لا يشترط وجوده في الواقع لانتشار المدن والاقاليم المتباينة وما تحويه من خدمات متعددة ، وقد بالغ كريستلر في تقدير الخدمات المركزية كعنصر منظم لتوزيع المحلات العمرانية في الاقليم ، بينما تجاهل عوامل أخرى قد تعترض ذلك .
2- نقدت النظرية أيضا في اتخاذها عدد التليفونات مقياساً لدرجة المركزية ، على اساس أن نسب عدد التليفونات تعبر عن وظيفة اقليمية محددة كما ان الانتشار الواسع للتليفونات في المدن والقرى على حد سواء يفقد هذا الاساس – عدد التليفونات – أهميته في قياس درجة المركزية في جهات واسعة من العالم يتوافر فيها هذا النوع من الخدمات ، ولقد كان في مقدور كريستلر قياس المركزية بطرق أخرى عديدة وأكثر دقة ، نذكر منها عدد العاملين بالخدمات المحلية وعدد العاملين بالخدمات المركزية في المدينة واستخراج النسبة المئوية لكل منها ، أو عدد السيارات ا لخاصة والعاملة المتجهة الى المدينة ، أو حجم تجارة الجملة وتجارة التجزئة .
ورغم النقد الذي وجه لنظرية كريستلر ، الا أنها ذات فائدة كبيرة للمخططين في مجال العمران ، لأنها تؤكد ضرورة أخذ خصائص الاقليم في الاعتبار عند التخطيط لبناء المحلات العمرانية دون الاعتماد على تجارب أو مشاريع سابقة لأقاليم أخرى ، مع ضرورة ابراز السمات التي تجعل الاقليم مختلفا عما يجاوره من اقاليم عمرانية اخرى . وتمثل تفاصيل هذه النظرية طريقة يمكن للمخططين اتباعها عند وضع الخطة التمهيدية لإنشاء المحلات العمرانية المركزية والمحلات التابعة لها ، وذلك في الاقاليم حديثة التعمير كما حدث في بعض جهات شرق المانيا وهولندا وبعض مناطق الاستصلاح الزراعي في مصر .
______________
(1) Baskin, C, W., Central places in southern Germany, N. J., 1966 .
2) Jones, E., Towns and cities, London, 1969, p. 85.)
(3) Carter, H., The Study of urban Geography, London, 1973, p. 71.
(4) جمال حمدان ، المرجع السابق ، ص 201 , Carter, H,. Op. Cit., p. 74.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|