1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الأدب

الشعر

العصر الجاهلي

العصر الاسلامي

العصر العباسي

العصر الاندلسي

العصور المتأخرة

العصر الحديث

النثر

النقد

النقد الحديث

النقد القديم

البلاغة

المعاني

البيان

البديع

العروض

تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب

الأدب الــعربــي : الأدب : النثر :

النثر

المؤلف:  عمر فرّوخ

المصدر:  تأريخ الأدب العربي

الجزء والصفحة:  ج1، ص88-90

27-09-2015

2838

الكلام نوعان مرسل ومنظوم. فالمرسل هو الذي لا يتكلف قائله في إلقائه شيئا، وهو النثر العادي. وأما الكلام المنظوم فهو ثلاثة أجناس: الرسائل والخطب والشعر (1). فالكلام المنظوم هو الكلام الذي يخضع للعناية سواء أ كان موزونا أو لم يكن. ذلك لأن الكاتب يتأنّق في الرسالة والخطيب يتأنق في الخطبة كما يتأنق الشاعر في القصيدة (2).
وبعض النقّاد يفضّل الكلام المنظوم على الكلام المنثور (3) كابن رشيق وأبي هلال العسكري. أما ابن الاثير فيرى أن المنثور أشرف من المنظوم لأن أسباب النظم أكثر وميدانه أوسع، ولذلك كان عدد المجيدين من الشعراء أكبر من عدد المجيدين من الكتّاب (4).
والنثر أقدم نشأة ودورانا على الألسن من الشعر. إلا أن النثر لما كثر أصبح مبتذلا فلم يهتمّ العرب بروايته كما اهتموا برواية الشعر، حتى روى ابن رشيق قول من قال (1:8) إن «ما تكلمت به العرب من جيد المنثور أكثر مما تكلّمت به من جيد الموزون، فلم يحفظ من المنثور عشره ولا ضاع من الموزون عشره».
ومن خصائص النثر الجاهلي أنه كثير الفواصل والموازنة، مقتصد في السجع قليل الصناعة. ويدور النثر الجاهلي على الحكم والامثال وعلى الخطب والوصايا.
والخطابة قديمة وعامّة في جميع الأمم. ويروي الجاحظ أن الفرس أخطب الأمم كلّها. والخطابة صعبة لحاجة الخطيب إلى البداهة والارتجال. والبدو أحسن خطبا من المولّدين ومن أهل المدن عامة، لأن البدوي يجري على الطبع والسليقة ولا يتكلّف في شيء. وتكون الخطب طوالا وقصارا، إلا أن القصار أفضل لأنها أسرع علوقا بالذاكرة وأطول مكثا فيها.
وفي أواخر العصر الجاهلي ارتفعت مكانة الخطيب وانحطّت مكانة الشاعر، لأن نفرا من الشعراء كالنابغة والاعشى اتّخذوا الشعر مكسبة وتجارة.
وإذا كان الشك يتطرق إلى الشعر، فان تطرقه إلى النثر أسرع وأكثر، ذلك لأن النثر غير منظوم فيسهل التلاعب به على الألسن. وبما أننا لسنا على ثقة من أن جميع النصوص النثرية قد رويت لنا عن الجاهلية بلفظها الأول فقد أصبح لزاما على من أراد أن يتعرّف إلى أساليب الجاهليين في نثرهم أن يتلمّسها في القرآن الكريم، فان حجة ذلك الآية الكريمة: «وما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاّ بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ» (14:4)، ففي القرآن الكريم جميع أساليب العرب.
ومن أوجه النثر في الجاهلية الأمثال والوصايا وسجع الكهّان:
أما الأمثال فهي جمل قصيرة وجيزة تدل على صحة الرأي وصدق الاختبار. وربما نشأ المثل من لفتة لشاعر في بيت من الشعر أو من برقة فكر لرجل في أثناء حديث فوافق ما ألفه الناس في حياتهم فأصبح قاعدة في السلوك الانساني (خيرا أو شرا) أو واقعا لا مفرّ منه. ومع أن المثل قول حكيم على كلّ حال، فانه غير الحكمة. ان الحكمة قول صائب في حال مخصوصة، بينما المثل قول موافق للواقع يعمل الانسان به. فمن أمثال الجاهلية المختلفة المراتب: إنّك لا تجني من الشوك العنب (لا تنتظر الخير مما هو شرّ في نفسه) -البس لكلّ حالة لبوسها-قبل الرمي يراش السهم (يجب أن يستعدّ المرء للأمر قبل أن يقدم عليه) -ربّ كلمة سلبت نعمة-كلّ فتاة بأبيها معجبة-تسمع بالمعيدي خير من أن تراه.
وأما الوصايا فهي من باب الخطب، إلاّ أن الخطبة تقال في الحفل المجتمع بينما الوصية تقال للفرد. أوصت أعرابية ابنة لها تزوجت فقالت: أي بنيّة، انّك فارقت الجوّ الذي منه خرجت، وخلّفت العشّ الذي منه درجت، إلى بيت لم تعرفيه وقرين لم تأليفه. فاحملي عنّي عشر خصال تكن لك ذخرا: أصحبيه بالقناعة وعاشريه بحسن السمع والطاعة، الخ. . .
وأما سجع الكهّان فانه أيضا من باب الخطابة ولكن جمله أقصر. والسجع في فصول الكلام مطرّد لا تخلو جملة منه من سجعة، ولذلك سمّي «سجع الكهّان». ويقصد الكاهن إلى أن يطوف على كلامه غموض شامل حتى يستنتج كلّ سامع من كلام الكاهن ما يريده هو. وتلك خاصة عامّة في كلام الكهّان عند جميع الامم. قال عزّى سلمة: «والارض والسماء، والعقاب والصقعاء، واقعة ببقاء....».
_________________
1) الصناعتين 161.
2) الصناعتين 58،137-139.
3) العمدة 1:7، راجع 8.
4) المثل السائر 499-550.
 
EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي