الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
ماذا يعني بكاء الطفل؟
المؤلف: السيد علي عاشور العاملي
المصدر: تربية الجنين في رحم أمه
الجزء والصفحة: ص295ــ298
2025-01-05
267
يتذمر الأبوان من بكاء الطفل كثيراً ويسعيان بكل ما عندهم من حيلة في سبيل إسكاته ثم يتذمر الأب من هكذا وضع فيترك ولده لأمه منزعجاً من صوته وهي طبيعية تظهر جلياً مع المولود البكر... وفي المقابل توجد حالة لا مبالاة وفي جميع أوقات بكاء الطفل خاصة من يأتي متأخراً عن إخوته!.. وما يهمنا الآن أن نقوله للطائفة الأولى بأن لا داعي لهكذا قلق أو انزعاج معتمدين على ما قاله صادق أهل البيت (عليهم السلام) لأحد أصحابه: اعرف يا مفضل ما للأطفال في البكاء من المنفعة. واعلم أن في أدمغة الأطفال رطوبة، إن بقيت فيها أحدثت عليهم أحداثاً جليلة وعللاً عظيماً، من ذهاب البصر وغيره، والبكاء يسيل تلك الرطوبة من رؤوسهم فيعقبهم ذلك الصحة في أبدانهم والسلامة في أبصارهم، أفليس قد جاز أن يكون الطفل ينتفع بالبكاء ووالداه لا يعرفان ذلك فهما دائبان ليسكتانه ويتوخيان في الأمور مرضاته لئلا يبكي وهما لا يعلمان أن البكاء أصلح له وأجمل عاقبة(1).
وقد تصل الحالة بأحدهم أن يضرب ابنه رغم صغر سنه! ومن هنا وجدنا النبي الكريم يعطي معنى آخر للبكاء يبغي من ورائه تحمل الطفل وطلب الثواب على عنائه، قال (صلى الله عليه وآله): لا تضربوا أطفالكم على بكائهم فإن بكاءهم أربعة أشهر شهادة أن لا إله إلا الله وأربعة أشهر الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) وأربعة أشهر الدعاء لوالديه(2).
قال الشيخ الجزائري في نور الأنوار عند شرح قوله (عليه السلام): {وَأَعِذْنِي وَذُرِّيَّتِي مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّحِيم}... روي عنه في تفسيره قوله تعالى: {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران: 36] أنه ما من مولود يولد إلا والشيطان يمسه حين يولد فيستهل صارخاً من مس الشيطان إياه إلا مريم وابنها.
وروي أن عيسى (عليه السلام) سأل الشيطان ألك طمع فيّ؟
فقال: إن جدتك ما أبقت لي فيك مطمعاً لقولها عند ولادة أمك (إني أعيذك بك وذريتها من الشيطان الرجيم)(3).
وهو أحد الأسباب الواردة في بكاء الأطفال حين الولادة.
وقيل: السبب فيه أنه يلهم الموت والمفارقة لما يجمع.
وقيل: إنما هو لأجل خروج الرطوبات البدنية التي كانت معه من الرحـــم الـضــارة القاتلة لو لم تخرج، ولذا ورد النهي عن ضرب الأطفال حال البكاء.
وفي بعض الأخبار أن السبب فيه كون إمام العصر (عليه السلام) يتجلى فيراه ويعلمه ما يفعله العقلاء ولذا يصدر من الأطفال من الأفعال الغريبة والتلفظات العجيبة ما لا يصدر من أكبر العقلاء فإذا مضى عنه الإمام وفارقه بكى عليه الطفل شوقاً إليه.
وفي بعض الروايات أن السبب فيه أن ملكاً اسمه زاجر يدخل من فم المرأة حين الولادة فيزجر الولد حتى ينكسه على أم رأسه فيخرج وهو باك من تلك الزجرة.
وفي بعض الروايات أن بكاء الأطفال في الأربعة أشهر الأولى الشهادتان، والأربعة الثانية الصلاة على محمد وآله، والثالثة الدعاء لوالديه.
وهذه الأسباب كلها حق لا تنافي بينها لأن علل الشرائع معرفات لا مؤثرات(4).
شاهد علمي
قال علماء الطب الحديث دعيه يبكي.. تضعين طفلك في سريره بعد الرضاعة والمداعبة ولا يغفو إلا بعد ما يبكي قليلاً، دعيه يبكي، فقد يكون البكاء طريقته في إيجاد النوم....(5).
وقال الدكتور سبوك: إذا ظل الطفل يصرخ صراخاً شديداً طوال 15 دقيقة أو أكثر، وإذا كان قد انقضى أكثر من ساعتين على وجبته الأخيرة، قدمي له وجبة أخرى، فإذا قنع بها وعاد فاستسلم للنوم فمعنى ذلك أنه كان جائعاً. أما إذا استيقظ صارخاً بعد أقل من ساعتين فالأرجح أنه ليس جائعاً، يصرخ لفترة 15 دقيقة أخرى أو 20 إذا أمكنك ذلك. أو قدمي له لعبة يلهو بها فإذا لم يستسلم للنوم وزاد صراخه فلا بأس من إرضاعه من جديد.
أما الطائفة الثانية فنقول لهم: إن الطفل الضعيف الصغير أمانة في أعناقكم فالتقصير في أداء حقه تقصير في أداء واجباتكم العبادية أو الإنسانية.. وإن بكاء الطفل وصراخه لا بد أن يأتي من الجوع أو الألم أو النداء لطلب حمله أو قد يأتي من الغيظ والانزعاج من لباس أو منام غير مريح ... وإنه يفقد اللسان الذي يعبر به عن طلبه فليس عنده من وسيلة ينال بها طلبه غير البكاء... وفي هذه الحال يجب الاعتناء بـه وعــدم تجاهله والبحث في سبب بكائه الزائد عن الحد الطبيعي، وفي الحديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) يرويه عن جده المصطفى (صلى الله عليه وآله) قائلاً: صلّى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالناس الظهر فخفف في الركعتين الأخيرتين، فلما انصرف قال الناس: هل حدث في الصلاة شيء؟
قال: وما ذاك؟
قالوا: خففت الركعتين الأخيرتين، فقال لهم أو ما سمعتم صراخ الصبي(6)(7).
_____________________________
(1) توحيد المفضل: 16 - 17.
(2) علل الشرائع: 81/ الآداب والسنن: ج 4، ص 346.
(3) نور الأنوار في شرح الصحيفة السجادية: 269.
(4) المصدر السابق.
(5) موسوعة الآباء والأمهات (لاروس): 196.
(6) فروع الكافي ج 6، ص 48.
(7) الطفل من الولادة الى السنة الثانية، حسون البطاط : 53 - 56.