الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
مرحلة الأطفال الدارجين (١٣-۳٦ شهرا): سأفعلها بنفسي
المؤلف: د. لورا ماركهام
المصدر: آباء مطمئنون أبناء سعداء
الجزء والصفحة: ص262ــ266
2025-01-07
127
تطوير القدرة على الاختيار (Response Ability)
كل شيء في الطفل الدارج موجّه صوب الإتقان: التعلم، وفهم كيفية عمل الأشياء، ورؤية التأثير الذي يمكنه إحداثه في العالم. كيف تساعد أدواتنا من الحب غير المشروط والاحترام ونصب السقالات طفلنا الدارج على إتقان التعامل مع الحياة اليومية؟
الحب غير المشروط
لأن الأطفال الدارجين لا يملكون بعد، كثيرًا من المعلومات عن مخاطر العالم الحقيقية، فإنهم يحتاجون إلى إشراف وتوجيه ثابتين إلى حد ما. لكن لأن الإجبار يولّد المقاومة، فإننا في كل مرة نختار فيها استخدام أفضليتنا الجسدية للسيطرة على طفلتنا الدارجة ننشئ طفلة أقل تعاونًا. ومن سوء الحظ، ننشئ أيضًا طفلة ترى أن مصدر «السيطرة» يأتي من خارجها، وهكذا يكون من غير المرجح أن ترى نفسها «قادرة على الاختيار»، مما يقوض الانضباط الداخلي الذي تحتاج إليه للإتقان. الفصول الخاصة بالتدريب على العواطف والانضباط، تحدثنا عن تشجيع تطوير الانضباط الداخلي عن طريق البقاء على صلة بحب غير مشروط في أثناء وضع الحدود. يشجع النهج نفسه تطوير حس الإتقان لدى طفلتنا. لذلك عندما تحاول طفلتنا الابتعاد عنا في ساحة انتظار السيارات، يمكن أن نذكر أنفسنا بأنها لا تقصد العناد، بل هي لا تملك فكرة عن المخاطر وتريد الركض بحرية ليس إلا. يمكن أن ندعها تركض في منتزه مجاور قبل الذهاب للتسوق، أو أن نطلب منها مساعدتنا في دفع عربة التسوق عبر ساحة انتظار السيارات.
الاحترام
الاحترام يعني أن نتخلى عن السيطرة كلما استطعنا. عندما تكافح طفلتنا الدارجة لارتداء ملابسها بنفسها، نتيح أنفسنا للتشجيع أو تقديم المقترحات أو المساعدة إذا طلبت منا لكننا لا نقاطعها لتولي إنجاز المهمة بأنفسنا. والاحترام يعني أيضًا، أنه في حين تُسعدنا سرعة تعلم طفلنا الدارج ومحاولاته بلوغ الإتقان، فإننا لا نجعله يتباهى أو يستعرض إنجازاته.
نصب السقالات
يتضمن نصب السقالات للطفل الدارج الآتي:
1. تقديم نموذج.
2. توفير الأدوات والاستراتيجيات. يمكنك الصعود على هذا المقعد لغسل يديك في الحوض.
3. التسلسل. «عندما نعود إلى المنزل سنتناول الغداء، ثم يحين موعد القيلولة».
4. دعم التنظيم العاطفي. علينا انتظار دورنا في الزحلوقة، سأقف معك
وأساعدك على الانتظار».
5. التذكير. صنعت الكرات لنتقاذفها في الخارج.
6. التشجيع. ها أنت ذا تدفع ذلك الباب الثقيل بقوة... كدت تنجح في ذلك!».
لنتأمل كيفية استخدام هذه الأدوات في الحياة اليومية لطفل دارج. يعرف والدا ديفيد أن الأطفال الدارجين بحاجة إلى الحركة، لذلك أنشأ مساحة آمنة للعب في منزلهما بها هيكل ليّن للتسلق، وكثيرًا ما يشاكسانه باللعب الخشن ويتعثران معه، ويتصارعان. تعيش أسرة ديفيد في شقة صغيرة، لكن والده، الذي يبقى في المنزل ثلاثة أيام في الأسبوع، يصحبه إلى الملعب المجاور كل يوم حتى يستطيع الركض والتأرجح والتسلق قدر الإمكان. يريد الأب تشجيع فضول ابنه وحبه للتعلم، لذلك فهو يوفر كثيرًا من الفرص لطفله الدارج للفتح والغلق، والحفر والردم والرش والرمي، والترتيب والدفع. قد يكون محبطاً بالنسبة إلى الأب أن يضطر إلى إعادة كل أواني الطهي والأطباق البلاستيكية إلى الخزانة كل يوم، لكنه يريد لطفله أن يتعلم التفكير خارج الصندوق، لذلك فهو يفتخر بامتناعه عن قول «لا» قدر الإمكان، حتى في أثناء توجيهه لابنه والحفاظ على سلامته.
ينصب والدا ديفيد السقالات في صورة إرشادات صبور متكررة خطوة بخطوة لجميع الإجراءات الروتينية وقواعد الحياة التي يحتاج طفلهما إلى تعلمها. تتحكم والدته أيضًا في اندفاعاتها الخاصة حتى تتمكن من تقدير جهود طفلها ببساطة. هذا يعني أنها دربت نفسها على عض لسانها أو إمساك يديها لتلافي تولي زمام الأمور كلما حاول ابنها اكتشاف شيء ما أو إتقان مهارة جديدة. بدلا من ذلك تجلس بالقرب منه، تشاهد باهتمام وتعترف بجهوده مشجعة كلما تطلع إليها طلبًا للمساعدة. وعندما يعجز عن إقحام الأسطوانة في الفتحة المربعة في لعبة ترتيب الأشكال خاصته، على سبيل المثال، قد تدلي بملاحظة قائلة: «إنها لا تناسب هذه الفتحة... همم...». وعندما يبدأ بتجربة الفتحات الأخرى، ويكتشف بسعادة أيها مناسبة، تشاركه حماسه.
لماذا ينبغي حتى أن تكون حاضرة؟ ما دامت لا (تفعل) شيئًا، لماذا لا تبقى في المطبخ لغسل الصحون، أو بجواره في غرفة الألعاب على جهاز الحاسوب خاصتها؟ لا بأس بذلك في بعض الأحيان بالتأكيد. فالأطفال الدارجون لا يحتاجون إلى مشاركتنا على مدى الساعة. إن تعلم التركيز على ما يهمهم بالقرب منا، لكن من دون التفاعل معنا هو مهمة تنموية مهمة، مهمة نشجعها برصد اللحظة التي ينخرطون فيها في شيء ما وإبعاد أنفسنا عن التفاعل لفترات وجيزة. لكن هذه الأم تفعل شيئًا، إنها تعير طفلها قوة هدوئها، ولا سيما عندما يتعامل الصغير مع أمر يتطلب منه تنظيم إحباطه (لن يناسب هذا المكعب تلك الفتحة!)، من المفيد أن يحظى بحضورنا الدافئ الداعم الذي يوحي له بأن الحالة ليست طارئة، وأننا واثقون بقدرته على حل هذه المشكلة. وإذا أراد مساعدتنا، هل يوجد عيب في أن تتساءل أمه قائلة: (همم... إنها غير مناسبة ... ترى هل ستناسب الفتحة الأخرى؟). لا، مؤكد لا عيب في ذلك. لكن فكّر في المرات التي حللت فيها لغزا بمفردك، مقابل المرات التي ساعدك فيها أحدهم. يأتي التعلم والرضا والثقة كلها حينما تفعلها بنفسك. لذلك نحن لن نتوانى بالطبع عن منح طفلنا المساعدة متى احتاج إليها، لكننا نمنحه الحد الأدنى المطلوب ليأخذ الخطوة التالية بنفسه.
مثل كل الأطفال الدارجين، يتعلم ديفيد الإتقان عندما يصر بضراوة على أنه هو من (سيفعلها بنفسه!). ثمة أيام يجرب فيها ليرى مقدار القوة و (القدرة على الاختيار) التي يملكها بالإجابة بـ (لا!) عن جميع الطلبات تقريبا. ويجري اختباراته كثيرًا للتأكد من ثبات الحدود، وذلك بالنظر إلى والديه مباشرة، في حين يفعل شيئًا كان محظورًا عليه في السابق عندما يكون متعبا، أحيانًا ما تطغى عواطفه على قشرة دماغه الجبهية التي لا تزال قيد الإنشاء ويلقي بنفسه على الأرض منتحبا في إحباط. لكن مع تعلمه مزيدا فمزيدا من الكلمات، يصير قادرًا بشكل متزايد على استخدامها لفهم مشاعره وإيصالها، مما يتيح له إتقان التعامل مع عواطفه في أغلب الأوقات. ونظرًا إلى أن والدي ديفيد يقدمان دعمًا مفصلا ودائما، ويحترمان تفضيلاته في حين يمنحانه التعاطف عندما يتعين عليهما وضع حدود، فإن ديفيد على يقين من أن أمه وأباه إلى جانبه. ومن ثَمَّ لا يعلق في مقاومة والديه، مثل الكثير من الأطفال الدارجين، وهكذا يمكنه باستمرار ابتكار استراتيجيات أكثر فعالية لإتقان التعامل مع نفسه ومع عالمه. إنه واثق بقدرته على الاختيار مهما يحصل، وهو واثق بوجود والديه لمساندته ديفيد في طريقه لتنمية روح الإتقان.