النبي الأعظم محمد بن عبد الله
أسرة النبي (صلى الله عليه وآله)
آبائه
زوجاته واولاده
الولادة والنشأة
حاله قبل البعثة
حاله بعد البعثة
حاله بعد الهجرة
شهادة النبي وآخر الأيام
التراث النبوي الشريف
معجزاته
قضايا عامة
الإمام علي بن أبي طالب
الولادة والنشأة
مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام)
حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله
حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)
حياته في عهد الخلفاء الثلاثة
بيعته و ماجرى في حكمه
أولاد الامام علي (عليه السلام) و زوجاته
شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة
التراث العلوي الشريف
قضايا عامة
السيدة فاطمة الزهراء
الولادة والنشأة
مناقبها
شهادتها والأيام الأخيرة
التراث الفاطمي الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن (عليه السّلام)
التراث الحسني الشريف
صلح الامام الحسن (عليه السّلام)
أولاد الامام الحسن (عليه السلام) و زوجاته
شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة
قضايا عامة
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام)
الأحداث ما قبل عاشوراء
استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء
الأحداث ما بعد عاشوراء
التراث الحسينيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام)
شهادة الإمام السجّاد (عليه السّلام)
التراث السجّاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الباقر
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الباقر (عليه السلام)
شهادة الامام الباقر (عليه السلام)
التراث الباقريّ الشريف
قضايا عامة
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الصادق (عليه السلام)
شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
التراث الصادقيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الكاظم (عليه السلام)
شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
التراث الكاظميّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن موسى الرّضا
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الرضا (عليه السّلام)
موقفه السياسي وولاية العهد
شهادة الإمام الرضا والأيام الأخيرة
التراث الرضوي الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الجواد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
التراث الجواديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن محمد الهادي
الولادة والنشأة
مناقب الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
شهادة الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
التراث الهاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي العسكري
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
التراث العسكري الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن الحسن المهدي
الولادة والنشأة
خصائصه ومناقبه
الغيبة الصغرى
السفراء الاربعة
الغيبة الكبرى
علامات الظهور
تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى
مشاهدة الإمام المهدي (ع)
الدولة المهدوية
قضايا عامة
الإيرانيون في عصر ظهور الإمام المهدي "عج"
المؤلف:
الشيخ علي الكوراني
المصدر:
المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي "عج"
الجزء والصفحة:
ص487-506
2025-06-17
20
كثرة الأحاديث السُنية في مدح الإيرانيين
نلاحظ أن مصادر المذاهب السنية مليئة بالأحاديث في مدح الفرس ، حتى تستطيع أن تؤلف كتاباً في الأحاديث الصحيحة عندهم في مناقب الفرس وتفضيلهم على العرب . بينما هي في مصادرنا قليلة . وسبب ذلك أن الفرس كانوا مع السلطة ، وأسسوا لها المذاهب ، مقابل مذهب أهل البيت عليهم السلام ، ودونوا لها المصادر !
ومن أشهر أحاديثهم في مدح الفرس ، حديث : « الغنم السود والبيض » : الذي رواه الإمام الحافظ أبو نعيم الأصفهاني في كتابه ذكر أصبهان ، عن أبي هريرة ، والنعمان بن بشير ، ومطعم بن جبير ، وأبي بكر ، وابن أبي ليلى ، وحذيفة ، عن النبي صلى الله عليه وآله ، واللفظ لحذيفة ، أنه صلى الله عليه وآله قال : « إني رأيت الليلة كأن غنماً سوداً تتبعني ، ثم أردفها غنم بيض حتى لم أرَ السود فيها ! فقال أبو بكر : هذه الغنم السود العرب تتبعك ، وهذه الغنم البيض هي العجم تتبعك ، فتكثر حتى لا ترى العرب فيها ! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : هكذا عَبَّرها الملَك » . أي هكذا فسرها الملك جبرئيل أو غيره .
وحديث : « لأنا أوثق بهم منكم » الذي رواه أبو نعيم في المصدر المذكور / 12 ، عن أبي هريرة قال : « ذكرت الموالي أو الأعاجم عند رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : والله لأنا أوثق بهم منكم أو من بعضكم » !
وقوله : « أو من بعضكم » إضافة من الراوي لحفظ ماء وجه العرب !
وحديث : « لو كان العلم والإيمان في الثريا » رواه أحمد وعبد الرزاق : 11 / 66 ، عن أبي هريرة : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « لو كان الدين عند الثريا لذهب إليه رجل أو قال رجال من أبناء فارس حتى يتناولوه » .
وفي مسند أحمد : 2 / 417 : « عن أبي هريرة قال : كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وآله إذ نزلت عليه سورة الجمعة ، فلما قرأ : وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ ، قال رجل : من هؤلاء يا رسول الله ؟ فلم يراجعه صلى الله عليه وآله حتى سأله مرة أو مرتين أو ثلاثاً ، وفينا سلمان الفارسي قال : فوضع النبي يده على سلمان وقال : لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء » .
وفي / 420 ، و 422 ، و 469 ، بأسانيد عن أبي هريرة . والبخاري : 6 / 188 ، كرواية أحمد الثالثة عن أبي هريرة . ومسلم : 4 / 1972 ، كرواية عبد الرزاق ، ورواية أحمد الثالثة . إلى آخر مصادره .
وروى الترمذي : 5 / 384 : « قال ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله : يا رسول الله من هؤلاء الذين ذكر الله إن تولينا استبدلوا بنا ثم لم يكونوا أمثالنا ؟ قال : وكان سلمان بجنب رسول الله صلى الله عليه وآله قال : فضرب رسول الله فخذ سلمان وقال : هذا وأصحابه ، والذي نفسي بيده لو كان الإيمان منوطاً بالثريا لتناوله رجال من فارس » .
وحديث : « ليصيرن أسداً لايفرون » . رواه عبد الرزاق : 11 / 385 : « عن الحسن البصري : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لتملأن أيديكم من العجم ، ثم ليصيرن أسداً لا يفرون ، ثم ليضربن أعناقكم وليأكلن فيئكم » .
والعجم : اسم لكل الشعوب غير العرب ، لكن غلب على الفرس ، والمعنى أنكم ستأسرون منهم كثيراً ، ثم يتحولون إلى فرسان ضدكم . وأحمد : 5 / 11 و 17 و 21 ، والروياني / 112 و 154 ، والطبراني الكبير : 7 / 268 ، كرواية أحمد الأولى ، والحاكم : 4 / 512 ، بنحو رواية أحمد الثالثة . وكذا حلية الأولياء : 3 / 24 . إلى آخر مصادره .
وحديث : « يساقون إلى الجنة » ، رواه أحمد : 5 / 338 : « عن سهل بن سعد الساعدي قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وآله بالخندق ، فأخذ الكِرْزِين فحفر به فصادف حجراً فضحك قيل : ما يضحكك يا رسول الله ؟ قال : ضحكت من ناس يؤتى بهم من قبل المشرق في النكول يساقون إلى الجنة » . والروياني / 202 ، والطبراني الكبير : 6 / 157 ، كأحمد ، والجامع الصغير : 2 / 123 ، وجمع الجوامع : 1 / 565 ، ووثقه مجمع الزوائد : 5 / 333 . الخ . والنكول : جمع نِكل ، القيود .
وحديث « أن الفرس عصبة بني هاشم » عن ابن عباس قال : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله وذكرت عنده فارس : فارس عصبتنا أهل البيت » . انتهى .
يقصد بأهل البيت هنا العباسيين ، لأن ثورة العباسيين قام بها الفرس ، أما أهل البيت عليهم السلام في مذهبنا فهم مصطلح نبوي حددهم رسول الله صلى الله عليه وآله في حديث الكساء المتواتر فقال : « اللهم هؤلاء أهل بيتي » وهم : علي وفاطمة والحسن والحسين وتسعة من ذرية الحسين خاتمهم المهدي عليهم السلام .
وحديث الضياطرة . رواه في شرح النهج : 20 / 284 : « قال : جاء الأشعث إليه « إلى علي عليه السلام » فجعل يتخطى الرقاب حتى قَرُب منه ثم قال له : يا أمير المؤمنين غلبتنا هذه الحَمْراء على قربك ، يعني العجم ، فركض المنبر برجله حتى قال صعصعة بن صوحان : ما لنا وللأشعث ليقولن أمير المؤمنين اليوم في العرب قولاً لا يزال يذكر ! فقال عليه السلام : من عذيري من هؤلاء الضياطرة ، يتمرغ أحدهم على فراشه تمرغ الحمار ، ويهجر قوماً للذكر ! أفتأمرني أن أطردهم ؟ ! ما كنت لأطردهم فأكون من الجاهلين . أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، ليضربنكم على الدين عوداً ، كما ضربتموهم عليه بدءاً » . وهذا الحديث متواتر ، نص على صحته عدد من علمائهم .
كما ورد التعبير عن الفرس في حركة الإمام المهدي عليه السلام بسبعة عناوين : قوم سلمان . أهل المشرق . أهل خراسان . أصحاب الرايات السود . الفرس . أهل قم . أهل الطالقان . والمقصود بهم جميعاً الإيرانيون ، إلا بقرينة .
الإيرانيون أول ثلاث فئات ممهدة للمهدي عليه السلام
اتفقت المصادر كافة على ظهور حركة تمهد للمهدي عليه السلام من أهل المشرق ، وهم أصحاب الرايات السود ، وأنهم أبكر الممهدين لدولته ، الموطئين لسلطانه عليه السلام .
وتضيف مصادرنا ممهدين آخرين لدولة المهدي عليه السلام هم اليمانيون ، وحركة ثائرة على اليهود ، تقوم قبل ظهوره عليه السلام كما يأتي ، أو تكون في العراق ، ورد ذكرها في تفسير قوله تعالى : بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ، وأنهم قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم فلايدعون وتراً لآل محمد صلى الله عليه وآله إلا قتلوه . « الكافي : 8 / 206 » .
ففي العياشي : 2 / 281 : « عن صالح بن سهل ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله : وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأرض مَرَّتَيْنِ : قتل علي وطعن الحسن . وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً : قتل الحسين . فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا : إذا جاء نصر دم الحسين . بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ : قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم لا يدعون وتراً لآل محمد إلا حرقوه . وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولاً : قبل قيام القائم » .
والكافي : 8 / 206 ، وكامل الزيارات / 62 و 64 ، أوله بسند آخر ، ومختصر البصائر / 48 ، وتأويل الآيات : 1 / 277 ، والإيقاظ / 309 ، كلها عن الكافي . وإثبات الهداة : 3 / 552 ، بعضه عن العياشي . والبحار : 45 / 297 .
وحديث أبان بن تغلب عن الإمام الصادق عليه السلام قال : « إذا ظهرت راية الحق لعنها أهل المشرق وأهل المغرب ، أتدري لم ذاك ؟ قلت : لا ، قال : للذي يلقى الناس من أهل بيته قبل خروجه » .
« النعماني / 298 . وفي / 299 ، عن منصور بن حازم ، وفيه : قلت له : مم ذلك ؟ قال : مما يلقون من بني هاشم » .
فمعناه : أن أهل بيته عليه السلام من بني هاشم تكون لهم حركة قبله .
هذا ، ونقل كتاب يوم الخلاص حديث : « يأتي ولله سيف مخترط أي ثورة قائمة » وذكر له مصادر لم نجده فيها ، وإنما الموجود « ومعه سيف مخترط » ! وفي كتاب يوم الخلاص موارد من هذا النوع كثيرة .
فأحاديث التمهيد إذن ثلاث مجموعات :
أحاديث دولة أصحاب الرايات السود المتفق عليها عند الفريقين . وأحاديث دولة اليماني المتفق على أصلها أيضاً . والأحاديث الدالة على ظهور ممهدين قبل ظهوره عليه السلام بدون تحديدهم ، وتنطبق على من يقاتل اليهود لأنها وردت في تفسير قوله تعالى : بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا .
أما وقت قيام دولة اليمانيين الممهدين فهو مقارنٌ لخروج السفياني ، المعادي للمهدي عليه السلام في بلاد الشام .
وأما دولة الممهدين الإيرانيين فهي قبل ذلك ، فهم أبكر الممهدين للإمام عليه السلام ، لكن قيامهم لنصرته يكون في سنة الظهور . والمرجح أن بداية حركتهم تكون على يد رجل من قم ، فعن الإمام الكاظم عليه السلام قال : « رجل من قم يدعو الناس إلى الحق ، يجتمع معه قوم قلوبهم كزبر الحديد ، لاتزلهم الرياح العواصف لايملون من الحرب ولايجبنون وعلى الله يتوكلون والعاقبة للمتقين » « البحار : 57 / 215 » . ولم تذكرالرواية المناسبة التي قيل فيها ذلك ، ولا متى يكون هذا الرجل والرواية مرسلة لكن قوتها في أنها من كتاب تاريخ قم للأشعري الذي ألفه سنة 378 هجرية .
ويفهم من حديث الإمام الباقر عليه السلام الصحيح في حركة أهل المشرق ، أنها تمرُّ في خمس مراحل ، آخرها قيامهم لنصرة الإمام عليه السلام في سنة ظهوره . وتذكر أحاديث الطرفين شخصيتين من الخراسانيين هما : الخراساني ، وقائد قواته شعيب بن صالح ، أو صالح بن شعيب .
ولا تحدد مصادرنا الفاصل بين ظهورهما وظهور الإمام عليه السلام . بينما ذكرت مصادر السنة أنهما قبل ظهوره عليه السلام بست سنوات ، لكنه توقيت لا يمكن الأخذ به . فقد روى ابن حماد : 1 / 278 و 310 ، عن محمد بن الحنفية رحمه الله قال : « تخرج راية سوداء لبني العباس ، ثم تخرج من خراسان سوداء أخرى قلانسهم سود وثيابهم بيض ، على مقدمتهم رجل يقال له شعيب بن صالح أو صالح بن شعيب من بني تميم ، يهزمون أصحاب السفياني حتى تنزل ببيت المقدس ، توطئ للمهدي سلطانه ، يمد إليه ثلاث مائة من الشام ، يكون بين خروجه وبين أن يسلم الأمر للمهدي اثنان وسبعون شهراً » .
ورواه في القول المختصر / 34 ، والمسند الجامع 18 / 389 ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « تخرج من خراسان رايات سود ، لا يردها شئ حتى تنصب بإلياء وتأتي صحبة المهدي إلى بيت المقدس » .
لكن روايات مصادرنا الصحيحة تدل على أن حركة الخراساني وشعيب اللذين يسلمان الراية للإمام عليه السلام ، تكون مقارنة لظهور اليماني والسفياني ، كرواية النعماني / 253 ، عن أبي جعفر عليه السلام من حديث طويل ذكر فيه عدداً من الأحداث والعلامات ، جاء فيه : « خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة في شهر واحد في يوم واحد ، نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً ، فيكون البأس من كل وجه ، ويل لمن ناواهم ، وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني هي راية هدى لأنه يدعو إلى صاحبكم » .
ومعنى كنظام الخرز : أن خروجهم متتابع ، أو متفرع عن حدث واحد .
حديث أن أمر المهدي عليه السلام يبدأ من إيران
روى الفريقان أن بداية أمر المهدي عليه السلام تكون من المشرق ، ففي مختصر النعماني / 304 ، عن الحارث الهمداني ، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : « المهدي أقبل جعد بخده خال ، يكون مبدؤه من قبل المشرق ، وإذا كان ذلك خرج السفياني فيملك قدر حمل امرأة تسعة أشهر ، يخرج بالشام فينقاد له أهل الشام إلا طوائف من المقيمين على الحق يعصمهم الله من الخروج معه » . وإنما فسرنا « مبدؤه من قبل المشرق » بأنه مبدأ أمره ، لأن ظهوره عليه السلام من مكة قطعي ، فلا بد أن يكون معناه مبدأ أمره وحركة أنصاره من جهة المشرق .
وقد تصور الوهابيون أن المهدي نفسه عليه السلام يأتي من المشرق ، فادعوا المهدية لنجدي من غير بني هاشم ، وأخذوه إلى مفتيهم ابن باز فأعجبه ، ثم أخذوه إلى أفغانستان والشيشان ، ليأتي من المشرق وينطبق عليه الحديث !
ويدل حديث الإمام الباقر عليه السلام أيضاً على أن هذه البداية تكون قبل خروج السفياني ، ويشير إلى أنه يكون بينها وبين السفياني مدة لأنها عطفت خروج السفياني عليها بالواو وليس الفاء أو ثُم : « وإذا كان ذلك خرج السفياني »
بل تشير أيضاً إلى علاقة سببية بين بداية التمهيد له عليه السلام من إيران وبين خروج السفياني ، وكأن حركة السفياني ردة فعل على هذا المد الممهد للمهدي عليه السلام .
حديث أصحاب الرايات السود وأهل المشرق
روته مصادر السنة كثيراً ومصادرنا ، ويعرف بحديث الرايات السود ، وحديث أهل المشرق ، وحديث ما يلقى أهل بيته صلى الله عليه وآله بعده . رووه عن ابن مسعود وعدد من الصحابة بفروق في بعض ألفاظه ، وقد نص عدد من علمائهم على صحته . ومن أقدم من رواه ابن حماد : 1 / 310 : « عن عبد الله بن مسعود قال : بينما نحن عند رسول الله إذ جاء فتية من بني هاشم فتغير لونه ! قلنا : يا رسول الله ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه ، فقال : إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا ، وإن أهل بيتي هؤلاء سيلقون بعدي بلاء وتطريداً وتشريداً ، حتى يأتي قوم من ها هنا من نحو المشرق ، أصحاب رايات سود ، يسألون الحق فلا يعطونه ، مرتين أو ثلاثاً ، فيقاتلون فينصرون فيعطون ما سألوا فلا يقبلوه ، حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي ، فيملؤها عدلاً كما ملؤوها ظلماً ، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبواً على الثلج ، فإنه المهدي » . وابن أبي شيبة : 15 / 235 ، بنحوه . وابن ماجة : 2 / 1366 ، ومسند الصحابة لابن كليب / 41 ، وفيه : « بينا نحن عند رسول الله إذ قال : يجئ قوم من ها هنا وأشار بيده نحو المشرق أصحاب رايات سود يسألون الحق . . » .
ورواه الحاكم : 4 / 464 ، وفيه : « أتينا رسول الله صلى الله عليه وآله فخرج إلينا مستبشراً يعرف السرور في وجهه ، فما سألناه عن شئ إلا أخبرنا به ، ولا سكتنا إلا ابتدأنا ، حتى مرت فتية من بني هاشم فيهم الحسن والحسين ، فلما رآهم التزمهم وانهملت عيناه ، فقلنا : ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه ، قال : إنا أهل بيت اختار لنا الله الآخرة على الدنيا ، وإنه سيلقى أهل بيتي من بعدي تطريداً وتشريداً في البلاد ، حتى ترتفع رايات سود من المشرق ، فيسألون الحق فلا يعطونه ، ثم يسألونه فلا يعطونه ، ثم يسألونه فلا يعطونه ، فيقاتلون فينصرون . فمن أدركه منكم أو من أعقابكم فليأت إمام أهل بيتي ولو حبواً على الثلج ، فإنها رايات هدى يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي ، فيملك الأرض فيملؤها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً » .
ورواه السنن في الفتن : 5 / 1029 ، وفيه : « بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وآله إذ قال : يجئ قوم من هاهنا وأشار بيده نحو المشرق أصحاب رايات سود يسألون الحق فلا يعطونه ، مرتين أو ثلاثاً فيقاتلون فينصرون ، فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه ، حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملأها عدلاً كما ملؤوها ظلماً . فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبواً على الثلج » . ويدلنا وجود : واسم أبيه اسم أبي ، في رواية الحاكم ، على أنها رواية عباسية .
أما مصادرنا فرواه في : دلائل الإمامة / 233 و 235 ، بروايات عن ابن مسعود ، كابن حماد بتفاوت يسير ، وفيه : ولا يزالون كذلك حتى يأتي . ومناقب أمير المؤمنين لمحمد بن سليمان : 2 / 110 بنحوه ، وملاحم ابن طاووس / 52 ، عن ابن حماد ، وفي / 161 ، عن فتن زكريا ، وكشف الغمة : 3 / 262 ، عن أربعين أبي نعيم . وفي / 268 ، عن البيان للشافعي . والعدد القوية / 90 ، كرواية دلائل الإمامة الثانية بتفاوت يسير ، وإثبات الهداة : 3 / 595 ، عن كشف الغمة ، والبحار : 51 / 82 ، عن كشف الغمة ، و : 51 / 83 . . الخ .
لكن أدق نصوصه حديث الإمام الباقر عليه السلام الذي رواه النعماني / 273 ، عن أبي خالد الكابلي عنه عليه السلام قال : « كأني بقوم قد خرجوا بالمشرق يطلبون الحق فلا يعطونه ، ثم يطلبونه فلا يعطونه ، فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم ، فيعطون ما سألوه فلا يقبلونه حتى يقوموا ، ولا يدفعونها إلا إلى صاحبكم . قتلاهم شهداء . أما إني لو أدركت ذلك لاستبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر » .
فالحديث متواتر بالمعنى ، لأنه روي بطرق متعددة ، عن صحابة متعددين ، يعلم منها أن هذا المضمون صدرعن رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأنه أخبر عن مظلومية أهل بيته عليهم السلام بعده وأن ظلامتهم ستستمرحتى يأتي قوم من المشرق يمهدون لمهديهم ، الذي يظهر بعد هؤلاء بفترة فيسلمونه رايتهم ، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً .
ومن الواضح أن المقصود بقوم من المشرق وأصحاب الرايات السود : الإيرانيون ، وهو أمر متسالمٌ عليه عند جيل الصحابة الذين رووا الحديث ، وجيل التابعين الذين تلقوه منهم ، وأجيال من بعدهم ، حيث لم يذكرأحد منهم حتى بنحو الشذوذ أن المقصود بهؤلاء القوم أهل تركيا الفعلية أو أهل أفغانستان ، أو الهند مثلاً ، بل نص عدد من أئمة الحديث والمؤلفين على أنهم الفرس ، كما وردتسميتهم بالخراسانيين في عدة صيغ أو فقرات رويت من الحديث حتى عرف بحديث رايات خراسان . وعليه ، فتفسير الوهابيين لرايات المشرق بأهل أفغانستان والطالبان والشيشان ، شذوذٌ عن فهم كل المسلمين !
كما يتضح من نص الرواية أن حركتهم تواجه عداء من العالم وحرباً ، وتكون في أولها خروجاً على حاكمهم ، ثم تكون قرب ظهور المهدي عليه السلام قياماً لنصرة الإمام وتسليم الراية له .
كما يدل قول الإمام الباقر عليه السلام : « فيعطون ما سألوه فلا يقبلونه حتى يقوموا ، ولا يدفعونها إلا إلى صاحبكم » على أنه سيكون بينهم خلاف سنة الظهور في تسليم راية بلدهم ، وأن أنصارالإمام المهدي عليه السلام سينتصرون على من خالفهم .
ففي غيبة الطوسي / 274 : « إذا خرجت الرايات السود إلى السفياني - التي فيها شعيب بن صالح - تمنى الناس المهدي فيطلبونه ، فيخرج من مكة ومعه راية رسول الله صلى الله عليه وآله فيصلي ركعتين بعد أن ييأس الناس من خروجه لما طال عليهم من البلايا ، فإذا فرغ من صلاته انصرف فقال : يا أيها الناس ألحَّ البلاء بأمة محمد وبأهل بيته خاصة ، فهو باغ بغى علينا » .
وأخيراً ، فإن حديث الرايات السود من أخبارالمغيبات الدالة على نبوته صلى الله عليه وآله ، حيث تحقق ما أخبر به من ظلامة أهل بيته عليهم السلام واضطهادهم وتشريدهم في البلاد قروناً طويلة ، حتى وصلوا إلى أربع جهات العالم ، فلا نجد أسرة في العالم جرى عليهم من الاضطهاد والتشريد والتطريد كأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وذرياتهم وشيعتهم .
كما تحقق ما أخبر به صلى الله عليه وآله من حركة أهل المشرق في غصرنا . وقد وصف الإمام الباقر عليه السلام حركتهم وصفاً دقيقاً فقال : « كأني بقوم قد خرجوا بالمشرق » وهو يدل على أنه حدثٌ من وعد الله المحتوم يعبرعنه النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام ب - « كأني بالشئ الفلاني أو الأمر الفلاني » ويعني يقينهم به كأنهم يرونه ، بل يدل على رؤيتهم له بالبصيرة التي خصهم الله بها . كما يدل على مراحل حركتهم من بدايتها إلى عصر الظهور ، وأنها تنتهي بالقيام لله تعالى لنصرة المهدي عليه السلام !
ويدل قوله عليه السلام : « أما إني لو أدركت ذلك لأبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر » على أن المدة بين قيامهم الأخير وبين ظهوره عليه السلام لا يزيد عن عمر إنسان . بل تدل المؤشرات على أن قيامهم الأخير بعد السفياني واليماني .
أحاديث نظن أنها أجزاء من حديث الرايات السود
يظهر أن الحديث الذي رواه أحمد وابن ماجة « 2 / 1368 » وغيرهم : « يخرج ناس من المشرق يوطؤون للمهدي سلطانه » جزءٌ منه ، ومعنى وطأ له الأمر : جهزه وهيأه .
ومثله الطبراني في الأوسط : 1 / 200 ، بتفاوت يسير . وعنه بيان الشافعي / 490 ، وقال : هذا حديث حسن صحيح روته الثقاة والأثبات . وعقد الدرر / 125 ، وتذكرة القرطبي / 699 ، وفرائد السمطين : 2 / 333 ، وخريدة العجائب / 257 ، وتحفة الأشراف : 4 / 307 ، والمنار المنيف / 145 ، وفتن ابن كثير : 1 / 41 والحافظ المغربي / 555 ، وقال : الحديث صحيح ، إلخ . .
كما يحتمل أن يكون جزءً منه ما رواه الطبراني في الكبير : 4 / 229 : « عن خالد بن عرفطة أنه قال يوم قتل الحسين عليه السلام : هذا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله سمعت رسول الله يقول : إنكم ستبتلون في أهل بيتي من بعدي » . وعنه كشف الهيثمي : 3 / 233 . وفي مجمع الزوائد : 9 / 194 : رواه الطبراني والبزار ورجال الطبراني رجال الصحيح غير عمارة ، وعمارة وثقه ابن حبان .
وكذلك ما رواه ابن حماد : 1 / 313 ، « عن الحسن البصري أن رسول الله صلى الله عليه وآله : ذكر بلاء يلقاه أهل بيته ، حتى يبعث الله راية من المشرق سوداء ، من نصرها نصره الله ، ومن خذلها خذله الله ، حتى يأتوا رجلاً اسمه كاسمي ، فيولونه أمرهم فيؤيده الله وينصره » .
وكذلك حديث رايات خراسان إلى القدس ، روته مصادرهم كالترمذي : 3 / 362 ، وأحمد في مسنده ، وابن كثير في نهايته ، والبيهقي في دلائله ، وغيرهم . وصححه ابن الصديق المغربي في رسالته في الرد على ابن خلدون ، ونصه : « تخرج من خراسان رايات سود فلا يردها شئ حتى تنصب بإيلياء » .
ونقله عنهم من مصادرنا ابن طاووس في الملاحم / 43 و 58 ، وهو يتحدث عن حركة جيش من إيران نحو القدس . وهي حركة الإمام المهدي عليه السلام . وظنها بعضهم قبله .
وفي مجمع البحرين : « إيل بالكسر فالسكون : اسم من أسمائه تعالى عبراني أو سرياني . وقولهم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل بمنزلة عبد الله وتيم الله ونحوهما . وإيل : هو البيت المقدسوقيل بيت الله لأن إيل بالعبرانية الله » .
وبما أن قائد هذه الرايات شعيب بن صالح هو قائد جيش المهدي عليه السلام ، فالمقصود بها حملته عليه السلام لتحرير الشام والقدس .
وكذلك حديث كنوز الطالقان الذي روته مصادرهم عن علي عليه السلام كالحاوي للسيوطي : 2 / 82 ، وكنز العمال : 7 / 262 ، قال : « ويحاً للطالقان ، فإن لله عز وجل بها كنوزاً ليست من ذهب ولا فضة ، ولكنَّ بها رجالاً عرفوا الله حق معرفته ، وهم أنصار المهدي آخر الزمان » . وفي رواية ينابيع المودة / 449 : « بخٍ بخ للطالقان » .
وروته مصادرنا بلفظ آخر كما في البحار : 52 / 307 عن كتاب سرورأهل الإيمان لعلي بن عبد الحميد عن الإمام الصادق عليه السلام قال : « له كنز بالطالقان ما هو بذهب ولا فضة وراية لم تنشر مذ طويت ، ورجال كأن قلوبهم زبر الحديد ، لا يشوبها شك في ذات الله ، أشد من الجمر لو حملوا على الجبال لأزالوها ! لا يقصدون براياتهم بلدة إلا خربوها ، كأن على خيولهم العقبان ، يتمسحون بسرج الإمام يطلبون بذلك البركة ويحفون به يقونه بأنفسهم في الحروب ، يبيتون قياماً على أطرافهم ، ويصبحون على خيولهم ! رهبان بالليل ، ليوث بالنهار ، هم أطوع من الأمة لسيدها ، كالمصابيح ، كأن في قلوبهم القناديل ، وهم من خشيته مشفقون ، يدعون بالشهادة ويتمنون أن يقتلوا في سبيل الله . شعارهم يا لثارات الحسين ، إذا ساروا يسير الرعب أمامهم مسيرة شهر ، يمشون إلى المولى أرسالاً ، بهم ينصر الله إمام الحق » . انتهى .
أقول : يصف الراوي هؤلاء الأنصار من محيط عصره ، والمقصود أنهم جنود شجعان مميزون بإيمانهم . وقد كنت أتصور أن المقصود بالطالقان في هذه الأحاديث المنطقة الواقعة في سلسلة جبال آلبرز ، على نحو مئة كيلو متر شمال غرب طهران ، وهي منطقة مؤلفة من عدة قرى تعرف باسم الطالقان ، ليس فيها مدينة ، ويعرف أهلها بالتقوى وقراءة القرآن وتعليمه من قديم .
لكن بعد التأمل في النصوص ترجح عندي أن المقصود بأهل الطالقان أهل إيران لا خصوص منطقة الطالقان ، وأن الأئمة عليهم السلام سموهم أهل الطالقان ، لأن بلادهم كانت تسمى جبال الطالقان ، وتسمى خراسان ، وتسمى المشرق .
ومن أجزاء حديث الرايات السود حديث : سيصيب ولدعبد المطلب بلاء شديد ، رواه فرات في تفسيره / 164 ، عن أنس : « أن رسول الله صلى الله عليه وآله أتى ذات يوم ويده في يد علي بن أبي طالب ولقيه رجل إذ قال له : يا فلان لا تسبوا علياً فإنه من سبه فقد سبني ومن سبني فقد سب الله . إنه والله يا فلان لا يؤمن بما يكون من علي في آخر الزمان إلا ملك مقرب أو عبد قد امتحن الله قلبه للإيمان ! يا فلان إنه سيصيب ولد عبد المطلب بلاء شديد وإثرةٌ وقتل وتشريد ، فالله الله يا فلان في أصحابي وذريتي وذمتي ، فإن لله يوماً ينتصف فيه للمظلوم من الظالم » .
الخراساني قائد إيران وشعيب قائد جيشها
ذكرت الأحاديث في حركة ظهور المهدي عليه السلام أن الخراساني قائد إيران وشعيب بن صالح يأتيان إلى العراق لمبايعته وتسليمه راية بلادهم . ولم تذكر الروايات أن الإيرانيين يرسلون قوة لمساعدة الإمام عليه السلام في الحجاز ، لكن ذكربعضها عن غير طرق أهل البيت عليهم السلام حركة لقواتهم إلى العراق ، قبل ظهور الإمام عليه السلام .
قال ابن حماد : « تنزل الرايات السود التي تخرج من خراسان إلى الكوفة ، فإذا ظهر المهدي بعثت إليه بالبيعة » . « ابن حماد : 1 / 313 ، عن أبي جعفر عليه السلام ، وعنه عقد الدرر / 129 ، والحاوي : 2 / 69 ، والخرائج : 3 / 1158 وملاحم ابن طاووس / 55 » .
والأمر المؤكد أن الخراساني وشعيباً يبايعان الإمام عليه السلام بعد دخوله إلى العراق ، ثم يعين شعيباً قائداً عاماً لجيشه عليه السلام ، وتكون قوات الخراسانيين معه في زحفه عليه السلام لفتح القدس وفلسطين . نعم لا يبعد أن يأمر الإمام عليه السلام القوات الإيرانية بالدخول قبله إلى العراق لمواجهة قوات السفياني ووقف عدوانه على العراق .
ويدل عليه مضافاً إلى رواية ابن حماد ما في غيبة الطوسي / 274 : « إذا خرجت الرايات السود إلى السفياني التي فيها شعيب بن صالح ، تمنى الناس المهدي فيطلبونه ، فيخرج من مكة ومعه راية رسول الله صلى الله عليه وآله » .
وقد أكثر ابن حماد من رواية دخول قوات الخراساني إلى العراق ، قبل ظهور الإمام عليه السلام لرد هجمة السفياني ، كروايته عن علي عليه السلام : 1 / 314 ، قال : « تخرج رايات سود تقاتل السفياني ، فيهم شاب من بني هاشم ، في كتفه اليسرى خال وعلى مقدمته رجل من بني تميم يدعى شعيب بن صالح فيهزم أصحابه » .
وعن عمار بن ياسرقال : « إذا بلغ السفياني الكوفة وقتل أعوان آل محمد خرج المهدي على لوائه شعيب بن صالح » .
وروى عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال : « يخرج شاب من بني هاشم بكفه اليمنى خال من خراسان برايات سود ، بين يديه شعيب بن صالح ، يقاتل أصحاب السفياني فيهزمهم » .
وروى عن الحسن البصري قال : « يخرج بالري رجل ربعة أسمر مولى لبني تميم كوسج يقال له شعيب بن صالح ، في أربعة آلاف ثيابهم بيض وراياتهم سود يكون على مقدمة المهدي لا يلقاه أحد إلا فله » .
والربعة : المربوع القامة . والكوسج : أكوس اللحية . فلَّه : ضربه وهزمه .
وروى عن سفيان الكعبي قال : « يخرج على لواء المهدي غلام حدث السن خفيف اللحية ، أصفر ، لو قاتل الجبال لهزها حتى ينزل إيليا » .
وروى عن عبد الله بن عمر : 1 / 372 ، قال : « يخرج رجل من ولد الحسين من قبل المشرق ، لو استقبلته الجبال لهدمها واتخذ فيها طرقاً » .
وفي مجمع الزوائد : 7 / 317 : « عن ابن عمر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وآله جالساً في نفر من المهاجرين والأنصار وعلي بن أبي طالب عن يساره والعباس عن يمينه ، إذ تلاحى العباس ورجل من الأنصار فأغلظ الأنصاري للعباس ، فأخذ النبي بيد العباس ويد علي فقال : سيخرج من صلب هذا فتى يملأ الأرض جوراً وظلماً ، وسيخرج من هذا فتى يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، فإذا رأيتم ذلك فعليكم بالفتى التميمي ، فإنه يقبل من قبل المشرق ، وهو صاحب راية المهدي » . والمعجم الأوسط : 5 / 79 ، وجامع السيوطي : 8 / 759 ، والحاوي : 2 / 62 ، والفتاوى الحديثية / 27 ، والمغربي / 559 .
كما روى ابن حماد / 86 : « عن أبي جعفر قال : يبث السفياني جنوده في الآفاق بعد دخوله الكوفة وبغداد ، فيبلغه فزعة من وراء النهر من أهل خراسان ، فيقبل أهل المشرق عليهم قتلاً ويذهب بجيشهم . فإذا بلغه ذلك بعث جيشاً عظيماً إلى إصطخر عليهم رجل من بني أمية ، فتكون لهم وقعة بقومش ، ووقعة بدولات الري ، ووقعة بتخوم زرع ، فعند ذلك يأمر السفياني بقتل أهل الكوفة وأهل المدينة ، وعند ذلك تقبل الرايات السود من خراسان ، على جميع الناس شاب من بني هاشم بكفه اليمنى خال ، يسهل الله أمره وطريقه ، ثم تكون له وقعة بتخوم خراسان ، ويسير الهاشمي في طريق الري فيسرح رجلاً من بني تميم من الموالي يقال له شعيب بن صالح إلى إصطخر إلى الأموي ، فيلتقي هو والمهدي والهاشمي ببيضاء إصطخر ، فتكون بينهما ملحمة عظيمة حتى تطأ الخيل الدماء إلى أرساغها .
ثم تأتيه جنود من سجستان عظيمة عليهم رجل من بني عدي ، فيظهر الله أنصاره وجنوده . ثم تكون وقعة بالمدائن بعد وقعتي الري ، وفي عاقرقوفا وقعة صيلمية يخبرعنها كل ناج . ثم يكون بعدها ذبح عظيم ببَاكل ، ووقعة في أرض من أرض نصيبين . ثم يخرج على الأخوص قوم من سوادهم وهم العصب ، عامتهم من الكوفة والبصرة حتى يستنقذوا ما في يديه من سبي كوفان » . الحاوي : 2 / 69 .
وهذه مراسيل مقطوعة ، وآثار الوضع فيها واضح ، وغرضها تطبيق الرايات السود على حركة أبي مسلم .
ضعف رواية دخول الإمام المهدي عليه السلام إيران قبل العراق
المتفق عليه في أحاديث الإمام المهدي عليه السلام أن منطلقه من مكة وهدفه القدس ، وفيما بين ذلك يقوم بترتيب أوضاع دولته الجديدة في الحجاز والعراق ، وإعداد جيشه للزحف إلى القدس . وتنفرد رواية في فتن ابن حماد بأنه عليه السلام يأتي أولاً إلى جنوب إيران ، حيث يبايعه الإيرانيون وقائدهم الخراساني وقائد جيشه شعيب بن صالح ، ثم يخوض بهم معركة ضد السفياني في منطقة البصرة ثم يدخل العراق . فقد روى ابن حماد : 1 / 302 : « : « عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : إذا خرجت خيل السفياني إلى الكوفة بعث في طلب أهل خراسان ويخرج أهل خراسان في طلب المهدي ، فيلتقي هو والهاشمي برايات سود على مقدمته شعيب بن صالح ، فيلتقي هو وأصحاب السفياني بباب إصطخر فيكون بينهم ملحمة عظيمة ، فتظهر الرايات السود وتهرب خيل السفياني . فعند ذلك يتمنى الناس المهدي ويطلبونه » .
وإصطخر مدينة في جنوب إيران . لكن الرواية ضعيفة ومعارضة بغيرها ، ومن المستبعد أن يأمرالإمام عليه السلام قوات الخراسانيين بالدخول إلى العراق لمواجهة قوات السفياني ، ولا يوجد نص صحيح في دخول الإمام عليه السلام إلى إيران .
روايات مصادرنا في الخراسانيين وأصحاب الرايات السود
وقد تقدم بعضها ، ومنها ما رواه في عيون أخبار الرضا عليه السلام : 2 / 59 : « عن الحسين بن علي قال : حدثني أبي علي بن أبي طالب قال : قال النبي صلى الله عليه وآله : لا تقوم الساعة حتى يقوم قائم للحق منا ، وذلك حين يأذن الله عز وجل له ، ومن تبعه نجا ومن تخلف عنه هلك . الله الله عباد الله ، فأتوه ولو حبواً على الثلج ، فإنه خليفة الله عز وجل » .
ورواه في كفاية الأثر / 106 ، وفيه : قلنا : يا رسول الله متى يقوم قائمكم ؟ قال : إذا صارت الدنيا هرجاً ومرجاً ، وهو التاسع من صلب الحسين . ودلائل الإمامة / 239 ، كالعيون بتفاوت يسير ، والصراط المستقيم : 2 / 116 ، بعضه ، وإثبات الهداة : 3 / 523 ، عن كفاية الأثر ، وفي / 572 ، أوله ، عن مناقب فاطمة وولدها .
بعض ما جاء في فضل قم
ورد في فضلها ومستقبلها أحاديث عن أهل البيت عليهم السلام ، يظهر منها أن قمّاً مشروع أسسه الأئمة عليهم السلام في وسط إيران على يد أصحاب الإمام زين العابدين عليه السلام سنة 73 هجرية ، ثم رعوها رعاية خاصة ، وأخبروا بأنها سيكون لها شأن في المستقبل ، ويكون أهلها أنصار المهدي المنتظر أرواحنا فداه . وتنص بعض الأحاديث على أن تسميتها بقم جاءت متناسبة مع اسم المهدي القائم بالحق أرواحنا فداه ، وأن أهلها ومنطقتها يقومون في نصرته عليه السلام .
فعن الإمام الصادق عليه السلام قال : « قال لي : أتدري لم سمي قم ؟ قلت : الله ورسوله أعلم . قال : إنما سمي قم لأن أهله يجتمعون مع قائم آل محمد صلوات الله عليه ويقومون معه ، ويستقيمون عليه وينصرونه » . « البحار : 57 / 215 » .
وقد أعطى الأئمة عليهم السلام لقم مفهوماً أوسع من مدينتها وتوابعها ، فاستعملوها بمعنى خط قم ونهجها في ولاية أهل البيت عليهم السلام والقيام مع مهديهم الموعود . فقد دخل جماعة من أهل الري على الإمام الصادق عليه السلام : « وقالوا : نحن من أهل الري ، فقال : مرحباً بإخواننا من أهل قم . فقالوا : نحن من أهل الري ، فقال : مرحباً بإخواننا من أهل قم . فقالوا : نحن من أهل الري . فأعاد الكلام ! قالوا ذلك مراراً وأجابهم بمثل ما أجاب به أولاً ، فقال : إن لله حرماً وهو مكة وإن لرسوله حرماً وهو المدينة ، وإن لأمير المؤمنين حرماً وهو الكوفة ، وإن لنا حرماً وهو بلدة قم ، وستدفن فيها امرأة من أولادي تسمى فاطمة ، فمن زارها وجبت له الجنة . قال الراوي : وكان هذا الكلام منه عليه السلام قبل أن يولد الكاظم عليه السلام » . « البحار : 57 / 217 » .
ومعناه أن مدينة قم حرم الأئمة من أهل البيت إلى المهدي عليهم السلام ، وأهل الري وغيرها هم من أهل قم ، لأنها تشمل إيران . لذلك قلنا إن المقصود بأهل قم ونصرتهم المهدي عليه السلام قد يكون مدينة قم وقد تكون أهل إيران الذين هم على خط قم .
ومعنى قول الراوي : وكان هذا الكلام منه قبل أن يولد الكاظم عليه السلام : أن الإمام الصادق عليه السلام أخبرعن ولادة حفيدته فاطمة بنت موسى بن جعفر قبل ولادة أبيها الكاظم عليهم السلام ، أي قبل سنة 128 للهجرة ، وأخبر أنها ستدفن في قم ، ثم تحقق ذلك بعد أكثر من سبعين سنة !
ومن العجيب أن إعداد الأئمة عليهم السلام لأهل قم لنصرة المهدي عليه السلام ، كان من أول تأسيسها ، وأن حبهم للمهدي كان معروفاً عنهم قبل ولادته ! عليه السلام فعن صفوان بن يحيى قال : « كنت يوماً عند أبي الحسن عليه السلام « الإمام الرضا » . فجرى ذكرأهل قم وميلهم إلى المهدي عليه السلام فترحم عليهم ، وقال : رضي الله عنهم ، ثم قال : إن للجنة ثمانية أبواب : واحد منها لأهل قم ، وهم خيار شيعتنا من بين سائر البلاد ، خمر الله تعالى ولايتنا في طينتهم » . « البحار : 57 / 218 » .
وقد يكون معناه باب الصدِّيقين المؤمنين بالغيب ، وقد حافظ أهل قم على حبهم للمهدي عليه السلام إلى عصرنا هذا .
وتحدثت روايتان عن الإمام الصادق عليه السلام عن مستقبل قم ودورها قرب ظهور المهدي إلى أن يظهر ، رواهما في البحار : 57 / 213 ، عن كتاب تاريخ قم للأشعري . تقول الأولى : « إن الله احتج بالكوفة على سائر البلاد ، وبالمؤمنين من أهلها على غيرهم من أهل البلاد ، واحتج ببلدة قم على سائر البلاد ، وبأهلها على جميع أهل المشرق والمغرب من الجن والإنس ، ولم يَدَع قم وأهله مستضعفاً بل وفقهم وأيدهم . ثم قال : إن الدين وأهله بقم ذليل ، ولولا ذلك لأسرع الناس إليه فخرب قم وبطل أهله ، فلم يكن حجة على سائر البلاد . وإذا كان كذلك لم تستقر السماء والأرض ولم ينظروا طرفة عين ! وإن البلايا مدفوعة عن قم وأهله ، وسيأتي زمان تكون بلدة قم وأهلها حجة على الخلائق ، وذلك في زمان غيبة قائمنا إلى ظهوره ، ولولا ذلك لساخت الأرض بأهلها . وإن الملائكة لتدفع البلايا عن قم وأهله ، وما قصده جبار بسوء إلا قصمه قاصم الجبارين ، وشغله عنه بداهية أو مصيبة أو عدو ، ويُنسي الله الجبارين في دولتهم ذكر قم وأهله ، كما نسوا ذكر الله » .
وتقول الثانية : « ستخلو كوفة من المؤمنين ، ويأزرعنها العلم كما تأزر الحية في جُحْرها ، ثم يظهرالعلم ببلدة يقال لها قم ، وتصير معدناً للعلم والفضل حتى لا يبقى في الأرض مستضعف في الدين ، حتى المخدرات في الحجال ، وذلك عند قرب ظهور قائمنا ، فيجعل الله قم وأهله قائمين مقام الحجة ، ولولا ذلك لساخت الأرض بأهلها ولم يبق في الأرض حجة ، فيفيض العلم منه إلى سائر البلاد في المشرق والمغرب ، فتتم حجة الله على الخلق حتى لا يبقى أحد لم يبلغ إليه الدين والعلم . ثم يظهر القائم عليه السلام ، ويصير سبباً لنقمة الله وسخطه على العباد لأن الله لا ينتقم من العباد إلا بعد إنكارهم حجة » .
وفي البحار : 60 / 218 ، عن كتاب تاريخ قم : « عن أبي مسلم العبدي ، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال : تربة قم مقدسة وأهلها منا ونحن منهم ، لايريدهم جبار بسوء إلا عجلت عقوبته ما لم يخونوا إخوانهم ، فإذا فعلوا ذلك سلط الله عليهم جبابرة سوء ! أما إنهم أنصار قائمنا ودعاة حقنا . ثم رفع رأسه إلى السماء وقال : اللهم اعصمهم من كل فتنة ونجهم من كل هلكة » . وفي نسخة : « ما لم يحولوا أحوالهم » .
وفي الإختصاص / 101 : « عن الإمام علي بن محمد العسكري عن أمير المؤمنين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لما أسري بي إلى السماء الرابعة نظرت إلى قبة من لؤلؤ ، لها أربعة أركان وأربعة أبواب ، كلها من إستبرق أخضر ، قلت : يا جبرئيل ما هذه القبة التي لم أر في السماء الرابعة أحسن منها ؟ فقال : حبيبي محمد هذه صورة مدينة يقال لها قم ، يجتمع فيها عباد الله المؤمنون ، ينتظرون محمداً وشفاعته للقيامة والحساب ، يجري عليهم الغم والهم والأحزان والمكاره . قال : فسألت علي بن محمد العسكري عليه السلام متى ينتظرون الفرج ؟ قال : إذا ظهر الماء على وجه الأرض » .
والمقصود ظهور الماء على وجه الأرض في قم ، أو ظهوره على شكل آية في العالم . وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وآله حدث علياً عليه السلام عن البصرة والأبلة وعن بلاد سيفتحها المسلمون ، فلا عجب أن يكون حدثه عن قم .
حديث : أتاح الله لأمة محمد صلى الله عليه وآله برجل منا أهل البيت
« عن أبي بصير عن الإمام الصادق عليه السلام قال : يا أبا محمد ليس ترى أمة محمد صلى الله عليه وآله فرجاً أبداً ما دام لولد بني فلان ملك حتى ينقرض ملكهم . فإذا انقرض ملكهم أتاح الله لأمة محمد صلى الله عليه وآله برجل منا أهل البيت يسير بالتقى ويعمل بالهدى ، ولا يأخذ في حكمه الرُّشا ، والله إني لأعرفه باسمه واسم أبيه . ثم يأتينا الغليظ القصرة ، ذو الخال والشامتين ، القائد العادل الحافظ لما استودع ، يملؤها عدلاً وقسطاً كما ملأها الفجار ظلماً وجوراً » .
وهو حديث ملفت لكنه ناقص ، والظاهر أن كلمة الغليظ القصرة تصحيف لكلمة أخرى ، لأنه وصف رجل عادل يأتي بعد الإمام المهدي وهو مخالف للمذهب . وقد نقله صاحب البحار قدس سره عن كتاب الإقبال لابن طاووس قدس سره ، وذكر في الإقبال / 599 ، أنه نقله في سنة اثنتين وستين وست مائة في كتاب الملاحم للبطائني ، لكنه نقله ناقصاً . والبطائني من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام وكتابه الملاحم مفقود .
أما بنو فلان في الحديث فلا يلزم أن يكونوا بني العباس كما فهمه ابن طاووس رحمه الله ، فقد يقصد بهم الأسرالتي تحكم قبل ظهورالمهدي عليه السلام . كما في الأحاديث التي تذكر الخلاف بين آل فلان من حكام الحجاز ، قبل ظهوره عليه السلام ، إنما تقصد آخر عائلة تحكم الحجاز قبله . وحديث أمير المؤمنين عليه السلام في قتل آل فلان للنفس الزكية قبل ظهورالإمام عليه السلام بأسبوعين : « ألا أخبركم بآخر ملك بني فلان ؟ قلنا : بلى يا أمير المؤمنين قال : قتل نفس حرام في بلد حرام ، من قوم من قريش . والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما لهم ملك بعده غير خمسة عشر ليلة » . « البحار : 52 / 234 » .
ومثله أحاديث اختلاف بني فلان ، أو هلاك آخر حاكم منهم قبيل الظهور ، فلا بد من تفسيرها بغير بني العباس ، لأن بني العباس زال ملكهم على المغول كما أخبر الأئمة عليهم السلام ، وزوال ملك هؤلاء متصل بظهور المهدي عليه السلام .
وحتى الروايات التي تذكر بني العباس صراحة فقد تكون صدرت عن الأئمة عليهم السلام بتعبير « بني فلان ، وآل فلان » ورواها الراوي بني العباس لتصوره أنهم المقصودون . أو يكون المقصود به خط بني العباس المعادي للأئمة عليهم السلام لا أشخاصهم ، فإن كل فعاليات العداء لأهل البيت عليه السلام بعد المنصور العباسي ترجع إليه ، لأنه مؤسس ذلك !
هذا ، وقد روى في الفتوح : 2 / 78 : « عن علي عليه السلام خبراً في مدح خراسان وفتحها على يد المهدي ، وأموراً عن بخارى وخوارزم والشاشان وأبيجاب وبلخ وطالقان والترمذ واشجردة وسرخس وياسوج وجرجان وقومس وسمنان وطبرستان ، وغيرها » .
وفيها مدح لبعضها وذم لآخر ، وأثر الوضع عليه ظاهر ! كما لا يمكن تطبيقها على حركة ظهور الإمام عليه السلام فقد تكون عن أحداث مضت . ونحوه بيان الشافعي / 491 ، وعقد الدرر / 122 ، وجمع الجوامع : 2 / 104 ،
المخاض داخل إيران في سنة الظهور
تدل الأحاديث على أنه سيحدث صراع داخلي في إيران في سنة الظهور ، بين أنصار الإمام عليه السلام ومخالفيهم الذين لا يريدون تسليم بلدهم له عليه السلام . فقد تحدثت الروايات الصحيحة عن قيام أنصار الإمام عليه السلام بحركة واسعة في إيران تشبه الثورة ، وأنهم يغلبون من خالفهم .
قال الإمام الباقر عليه السلام « غيبة النعماني / 273 » : « كأني بقوم قد خرجوا بالمشرق يطلبون الحق فلايعطونه ، ثم يطلبونه فلا يعطونه ، فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم ، فيعطون ما سألوه فلا يقبلونه حتى يقوموا ولا يدفعونها إلا إلى صاحبكم ، قتلاهم شهداء ، أما إني لو أدركت ذلك ، لاستبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر » .
فقوله : حتى يقوموا ولا يدفعونها إلا إلى صاحبكم ، يدل على أن الخلاف على راية ثورتهم أو بلدهم .
وذكرت روايات أنه سيخرج في تلك الفترة شخصيات من أنصارالمهدي عليه السلام في آذربيجان وخراسان وجيلان .
ففي غيبة النعماني / 200 و 271 : « عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إنه قال لي أبي عليه السلام : لا بد لنا من آذربيجان لا يقوم لها شئ ، وإذا كان ذلك فكونوا أحلاس بيوتكم والْبُدُوا ما لبدنا ، فإذا تحرك متحركنا فاسعوا إليه ولو حبواً ، والله لكأني أنظر إليه بين الركن والمقام ، يبايع الناس على كتاب جديد ، على العرب شديد . وقال : ويل لطغاة العرب من شر قد اقترب » . وهذا يدل على حركة شعبية كاسحة في آذربيجان ، تكون في سنة الظهور ، يتبعها ظهور قائد يتحرك بأمرالإمام عليه السلام ، ويأتي ذلك في فصل الأتراك .
كما ذكرت الأحاديث قيام شخص في خراسان ، وشخص مرضي عند أهل البيت عليهم السلام في جيلان ، ففي غيبة النعماني / 274 ، عن الإمام الصادق عليه السلام : « أن أمير المؤمنين عليه السلام حدث عن أشياء تكون بعده إلى قيام القائم ، فقال الحسين : يا أمير المؤمنين متى يطهر الله الأرض من الظالمين ؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام : لا يطهر الله الأرض من الظالمين حتى يسفك الدم الحرام . ثم ذكر أمر بني أمية وبني العباس في حديث طويل ، ثم قال : إذا قام القائم بخراسان ، وغلب على أرض كوفان وملتان ، وجاز جزيرة بني كاوان ، وقام منا قائم بجيلان ، وأجابته الآبر والديلمان . . » .
وهؤلاء الثلاثة : متحرك آذربيجان ، ومتحرك خراسان ، ومتحرك جيلان ، مترابطون ، يحركون الناس لنصرة الإمام عليه السلام ، ووزيره اليماني ، ولعلهم بتوجيه مباشر من الإمام عليه السلام ، لأنه يكون في تلك الفترة ظاهراً لكنه مُتَخَفٍّ .