أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-01
1201
التاريخ: 2023-04-06
2118
التاريخ: 20-10-2014
5520
التاريخ: 16-3-2022
5182
|
لقد سبق أن تحدثنا عنها بوصفها واحدة من الأحرف المشبهة بالفعل، وذكرنا في حينه أنها حرف تمنّ يتعلق بالمستحيل غالباً، وبالممكن قليلاً. وذلك لأن (لام) الإلصاق في (ليت) يفصل بينها وبين متعلقها حرفان اثنان، هما: (الياء) حفرة صوتية، و(التاء) الضعيفة الواهية مما أضعف فعالية (اللام) في الإلصاق، حتى حدود التلاشي، كقول الشاعر:
فأَخْبرَه بما فعَل المَشيبُ" |
|
"فيا ليتَ الشبابَ يعودُ يوماً |
هي لدى (ابن هشام) على خمسة أوجه: (الشرطية للماضي + الشرطية للمستقبل + مصدرية + للتمني + للعرض):
نقتصر هنا على وجهيها في التمني والعرض. ولكن نظراً لأهمية أوجهها الثلاثة الباقية، سنتناولها مفصلاً في الفصل الحادي عشر.
أ-لو للتمني: نحو: "لو تأتيني فتحدثني" واختلفوا في (لو) هذه. فقال بعضهم:
هي (لو) الشرطية أُشربت معنى التمني. وقال آخرون هي (لو) المصدرية أغنت عن فعل التمني ففي قولنا (لو تأتيني فتحدثني) أرادوا أنّ الأصل: "وددت لو تأتيني". فحذف فعل التمني لدلالة (لو) عليه. فأشبهت (ليت) في الإشعار بمعنى التمني، فكان لها جواب كجوابها. أما أن تكون (لو) حرفاً وضع للتمني مثل (ليت) فممنوع فيما يرون.
ولكننا نرى أن معنى التمني هنا في (لو) مستمد من خاصية الإلصاق الفطرية في (اللام) وخاصية الجمع في (الواو). وهذه بتدافعها الصوتي قد أحدثت فاصلاً صوتياً مرنا بين (اللام) وبين متعلقها (تأتينا). فكان التمني برفق ولين هو محصلة خصائص هذين الحرفين. ومنه ترجّح أنَّ (لو) قد وضعت أصلاً للتمني لتوافق هذا المعنى مع خصائص حرفيها. كما سيأتي:
ب-للعرض: نحو: "لو تنزلُ عندنا فتصيبُ خيراً". والعرض هنا يتضمن معنى الإلصاق بين النزول وإصابة الخير، بما يتوافق مع الخصائص الفطرية لحرفي (لو). وفي العرض رفق ولين كما في التمني. ولا فرق بينهما إلا في المعنى المستفاد من سياق الكلام.
هي حرف استفهام. لم ترد لمعنى التمني لدى (ابن هشام)، ولا في (المحيط. ولكن (الغلاييني) أثبته في كتابه (جامع الدروس العربية) حيث يقول:
(لو- وهل) قد تفيدان التمني، لا بأصل الوضع، فالأولى شرطية والثانية استفهامية. فمثل (هل) في التمني قوله تعالى: (هل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا)
(86). وسنعود إليها في الفصل الأخير.
أ-الهاء – هي بحكم خاصية الاهتزاز في صوتها من شأنها أن تثير انتباه السامع. فكانت (ها) حرفاً للتنبيه. وقد سبق أن ألمحنا إلى تأثير هذه الخاصية في معنى (هيا) من أحرف النداء.
وهكذا كانت (الهاء) في (هل وهلاّ) لمجرد إثارة انتباه السامع لأمر ما يعنيه المتكلم: للاستفهام والتمني في (هل) وللتحضيض في (هلاّ). ولنا عودة مطولة إلى خصائص (الهاء) ومعانيها بمعرض حديثنا عن ضمائر الغائب (هو- هي – هما).
ب- (اللام) المشدّدة هي هنا للمزيد من الإلصاق بما يتوافق مع معنى التحضيض.
ح-(الألف اللينة)هي هنا لإعطاء التخصيص فسحةً أطول في الزمن كما لحظنا ذلك في (إلى وعلى)الجارتين، مما يفسح المجال للمزيد من اهتمام السامع لتلبية ما هو مطلوب منه.
وبذلك تكون محصلة الخصائص الفطرية لأحرفها تتوافق مع معانيها التراثية، كما سيأتي:
(هلاّ، هي (هل) قد ألحق بها (اللام) و(الألف اللينة). فنقلا معناها بفعل (اللام) المشددة من (التمني) إلى معنى أشد.
فإذا دخلت على المضارع كانت (للتحضيض)، نحو: "هلاّ تزورنا". أما إذا وليها فعل ماض، فتكون للتنديم والتوبيخ، نحو: (هلاّ كتمت السر). وتعليل ذلك أن (اللام) المشددة تضاعف من خاصية الإلصاق والإلزام فيها. فإذا وليها فعل مضارع نقلت المعنى من مجرد التمني المتئد إلى التحضيض الملحاح. أما إذا وليها فعل ماض، فإنه لا يعود ثمة جدوى من الإلحاح، فيتحول التحضيض إلى (توبيخ وتنديم)، وذلك تعبيراً عن خيبة أمل المتكلم بالمخاطب.
ومما يشير إلى صلة النسب بين، (هل، وهلاّ)، لفظاً ومعنى، إنهما لا تدخلان إلا على فعل.
أ-(الهمزة) – انفجار صوتي، لمعاني الظهور والبروز، مما يثير الانتباه.
ب-(اللام)- للإلصاق والإلزام.
ح-(الألف اللينة)- امتداد صوتي، هي هنا لإعطاء السامع فسحة في الزمن لمزيد من الانتباه والاهتمام فهل ستتوافق محصلة هذه الخصائص الفطرية لأحرفها مع معانيها واستعمالاتها التراثية؟
لم يرد ذكرها لدى (ابن هشام) وهي في (المحيط) على ثلاثة أوجه:
أ-حرف استفتاح: لا عمل لها، كقوله تعالى: "ألا إنهم هم السفهاء"(87).
وهذا المعنى الذي لا عمل له مستمد من خصائص أحرفها على الشكل التالي:
1-(الهمزة)-للبروز وإثارة الانتباه، مما يتوافق مع افتتاح الحديث بها.
2-(اللام) – لربط انتباه السامع وذهنه بما سيأتي بعدها.
3-(الألف اللينة) –لإعطاء السامع فسحة من الزمن يستجمع خلالها شتات ذهنه. ومحصلة هذه المعاني تتوافق مع وظيفتها في الاستفتاح.
ب-مركبة من (همزة) الاستفهام و(لا) النافية:
تعمل عمل الحروف المشبهة بالفعل ولها ثلاثة معان
1-التوبيخ كقول الشاعر:
وآذنتُ لمشيبٍ بعده هَرمُ". |
|
"ألا ارْعِواءً لمن ولَّت شبيبتُه |
والتوبيخ القاسي في هذا المعنى مستمد من سياق الكلام، لا من أصلها. فاللام المنفردة لا تستطيع حمل هذه القساوة:
2- التمني كقول الشاعر:
فيرْأبَ ما أشأتْ يدُ الغَفَلاتِ" |
|
"ألا عُمْرُ ولّى مستطاعٌ رُجوعُهُ |
أما الرقة في هذا المعنى فهي تتوافق مع محصلة خصائص أحرفها.
3-الاستفهام الحقيقي، كقول قيس بن الملوِّح.
إذنْ أُلاقي الذي لاقاهُ أمثالي". |
|
"ألا اصطبارَ لسلْمى أمْ لها جَلَدُ |
وهذا المعنى يتوافق أيضاً مع محصلة خصائص أحرفها. فـ (الهمزة) الانفجارية الصوت هي هنا لإثارة انتباه السامع فيتهيأ للإجابة، كما في (الهمزة) الاستفهامية، نحو: "أرأيت زيداً"؟
ح-حرف عرض وتحضيض:
هي هنا تختص بالجملة الفعلية. فالعرض طلب بلين يتوافق مع خصائص أحرفها، كما في قوله تعالى: "ألا تحبون أن يغفر الله لكم"(88). أما التحضيض فطلب بِحثّ، لا تتضمنه (اللام) المفردة، كما لحظنا ذلك في معنى (التوبيخ). ويبدو أن العربي قد ترك أمر التمييز بين هذين المعنيين لسياق العبارة، وليس لأصل كلمة (ألا)
هي (ألا) بتشديد (اللام) فيتحول الطلب بها من الرقة إلى الشدة قطعاً. ولها وجهان:
أ-حرف تحضيض ولا عمل لها. وتختص بالجمل الفعلية الخبرية كسائر أدوات التحضيض، نحو "ألاّ زرتنا". وهي بحكم (لامها) المشددة، لا تأتي إلا، للتحضيض.
ب- مركبة من (أن) الناصبة للمضارع، و(لا) النافية: نحو: (أريد ألاّ أسافر). أي "أريد أن لا أسافر". وهي هنا بحكم تركيبها، للنفي لا للإلصاق أو الإلزام، وبالتالي ليست للتحضيض.
هي لدى (ابن هشام) على أربعة أوجه:
أ-تدخل على جملتين اسمية وفعلية لربط امتناع الثاني بوجود الأول. فهي حرف (امتناع لوجود)، نحو "لولا زيدٌ لأكرمتك"، أي أن الكرم قد امتنع لوجود (زيد).
وهذا المعنى يتوافق مع اعتبارها مركبة من (لو) الشرطية، و(لا) النافية، بتقدير (لو زيد، لا وجود له، لأكرمتك).
ب-للتحضيض والعرض، فتختص بالمضارع، أو ما في تأويله، كقوله تعالى: "لولا تستغفرون الله"(89)، ونحو "لولا أجّلتني إلى أجل قريب".
والفارق بينهما، أن التحضيض طلب بِحثّ وإزعاج، والعرض طلب بلين وتأدب، وهو يفهم من سياق الكلام.
ج-للتوبيخ والتنديم، فتختص بالماضي كقوله تعالى: "لولا جاؤوا عليه بأربعة شهداء"(90)، وشأنها في ذلك شأن (هلاّ)، كما أسلفنا.
د-للاستفهام كقوله تعالى: "لولا أخرتني إلى أجل قريب"(91). وفي هذا المعنى خلاف. فبعضهم يرُّده إلى معنى (العرض)، كما جاء آنفاً.
وهكذا نرى أن الحثّ والإلحاح والتعنيف في معاني (الحض والتوبيخ والتنديم)، هو أولى بها من اللين والتأدب في معنيي العرض والاستفهام). وذلك لتكرار (لام) الإلصاق والإلزام في تركيب (لولا).
هي بمنزلة (لولا)، نحو: "لو ما زيدٌ لأ كرمتك". وكقوله تعالى: "لوما تأتينا بالملائكة(92) ولا شك أن تماثل معانيهما يعود إلى أن خاصية الإلصاق في (اللام) الثانية من (لولا) تماثل خاصية الجمع والضم في (الميم) من (لوما). وهكذا، ليس ثمة من داع للتوسع في معانيها واستعمالاتها.
هي أحد الأحرف المشبهة بالفعل، وقد سبق العرض عنها في حينه. لها عند (ابن هشام) ثلاثة معان:
أ-التوقع –وهو ترجِّي المحبوب، نحو: (لعلّ صديقي ناجح). والإشفاق من المكروه، نحو "لعلّ السنة مجدبة".
ب-التعليل: قال به بعضهم كقوله تعالى: "فقولا له قولاً ليناً، لعله يتذكّر أو يخشى"(93). أما من لم يُثبت هذا المعنى، فقد حمله على الرجاء. وهو الأكثر تطابقاً مع خصائص ومعاني أحرفها.
ح-الاستفهام –أثبته الكوفيون، نحو: "لا تدري، لعلّ الله يحدث بعد ذلك أمراً". و(لعّل) هنا فيما نرى مشربة بالترجي.
وهكذا فإن خاصيتي الإلصاق والإلزام في (لعلَّ) ترافقانها في معانيها جميعاً: تارة بشدة، كما في (التوقع). وتارة برفق وتراخ، كما في (التعليل والاستفهام) المشربتين بالرجاء. وذلك لتكرار (لام) الإلصاق فيها ثلاث مرات، ولأن (اللام) المشددة متصلة مباشرة بمتعلقها.
ولكن ما الذي أبعد (لعلَّ) عن معاني (التمني والتحضيض، والتنديم والتوبيخ) الواردة في معاني (ليت –لو –هلا- لولا)، على الرغم من تكرار (اللام) فيها ثلاث مرات؟، فأجيب:
أ-إن تكرار (لام) الإلصاق والإلزام في (لعلّ)، قد حول الطلب برفق ولين في (التمني) إلى استعطاف ملح في الترجِّي.
ب-كما أن معاني السمو والعلو في (العين)، كما أسلفنا في حينه، تتوافق مع واقع الترجي الذي يتجه أصلاً من الأدنى إلى الأعلى، وإن جاء أحياناً كثيرة في سياق الكلام لمجرد طلب تحقيق رغبة. أما التحضيض والتنديم والتوبيخ فهي تتجه من الأعلى إلى الأدنى.
فكان أن استعمل العربي حرف (العين) في (لعلّ) بما يتوافق مع استعطاف الأدنى للأعلى بعيداً عن التحضيض والتنديم والتوبيخ. أدب جم وتهذيب رفيع مع (العين) في (لعلّ) لا تحظى بهما الحروف الأخرى.
تعقيب لا بد منه:
لقد تكرر دوران (اللام) (15) مرة في تراكيب التسعة أحرف من هذا القطاع المتجانس من معاني (التمني والعرض والتحضيض والتنديم والتوبيخ والترجي)، بما يتوافق مع خصائص (اللام) في (الإلصاق والإلزام) لم يخل واحد منها من (لام) أو أكثر، ظاهرة لغوية متفردة، لا مثيل لها في أي من لغات العالم.
فأي حساسية سمع ورهافة حس وشفافية مشاعر كان يمتلكها ذلك الإنسان العربي، الذي أدرك بفطرته السليمة الخصائص الفطرية في (اللام) فوظفها في استنباط هذه المعاني، مما لا يقدر على ذلك بمثل هذا الصدق وهذه العفوية أي حرف عربي آخر، ولا أي إنسان آخر.
وما أحسب أن القارئ سيزعم بعد كل هذا، أني قد فسرت معاني حروف المعاني التي شاركت (اللام) في تركيبها لمصلحة معانيها التراثية، دونما رابطة من أصالة فطرية بينهما. فعسى أن يكسبني ذلك ثقته أيضاً، بأني لم أكن متعنتاً ولا متعسفاً في استنباط العلاقات الفطرية بين خصائص حروف المعاني الأخرى وبين المعاني التراثية للحروف العربية التي استشهدت بها في الأمثلة السابقة.
وهكذا فإن هذا الوعي الجديد للعلاقة الفطرية بين معاني هذه الفئة من أحرف المعاني، وبين خصائص الحروف التي شاركت في تراكيبها، تتوافر فيه شروط الحداثة في الحرف العربي.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|