أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-04-03
855
التاريخ: 2024-03-24
903
التاريخ: 2024-02-02
1558
التاريخ: 2024-03-24
933
|
{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ}
{قُلْنا لِلْـمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ}: أي: اذکُر یَا مُحمَّد، إِذ قُلنَا لِلـمَلَائکَةِ: اسجُدٌوا لِآدَم سُجُودَ تَعظِیمٍ وَتَسلِیمٍ وَتَحِیَّة، والتَّعظِیمُ یَقتَضِي أَنَّ الأَمر بِالسُجُودِ لَهُ کَانَ لِجَمِیعِ الـمَلَائکَةِ حَتَّى جَبرَئیل[1].
وَالـمُرَادُ: إِنَّ الأَمرَ کَانَ خَاصَّاً لِطَائفَةٍ مِنَ الـمَلَائکَةِ کَانُوا مَعَ إِبلِیس، وطَهَّرَ اللهُ بِهِم الأَرضَ مِنَ الجَانِّ[2].
{فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْليسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ}: أَي: امتَنَعَ وَتَکَبَّر.
وَاختُلِفَ في إِبلِیس؛ هَل کَانَ مِنَ الـمَلَائکَةِ أَم لَا، فَذَهَب قَومٌ: أَنَّه کَانَ منِهُم، وَقَالَ قَومٌ: إِنَّه کَانَ مِنَ الجِنِّ.
قالَ الـمُفِیدُ (رهـ): وَقَد جَاءَت الأَخبَارُ الوَارِدَةُ الـمُتَواتِرَةُ بِذَلِك عَن أَصحَابِ العِصمَةِ ـ سَلَامُ اللَّـهِ عَلَیهِم ـ وَهوَ مَذهَبُ الإِمَامِیَّة[3].
وَاحتَجُّوا عَلَى صِحَّةِ هَذَا القَولِ بِأَشیَاء:
أَحَدُهَا: قَولُه سُبحَانَهُ: {إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْـجِنِّ}[4] وَکُلُّ مَا فِي القُرآنِ مِن ذِکرِ الِجنِّ مَعَ الإِنسِ یَدلُّ عَلَیهِ[5].
وَثَانِیهَا: قَولُه سُبحَانَهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لا يَعْصُونَ اللَّـهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُون}[6] فَنَفَى الـمَعصِیَّةِ عَنهُم نَفیَاً عَامَّاً[7].
وَثَالِثُهَا: إِنَّ إِبلِیس لَهُ نَسلٌ وَذُرِّیَّة، وُهوَ أَب الجِنَّ[8] کَمَا أَنَّ آدَم أَب الإِنسِ، وَخَلقَهُ مِنَ النَّارِ، وَالملَائکَةُ رَوحَانِیُون، خُلِقُوا مِنَ الرِّیحِ، أَو النُّورِ، لَا یَتَنَاسَلُونَ، وَلَا یَطعَمُونَ، وَلَا یَشرَبُون[9].
وَرَابِعُهَا: قَولُه تَعَالَى: {جاعِلِ الْـمَلائِكَةِ رُسُلاً}[10] وَلَا یَجُوزُ عَلَی رُسُلِ الله الکُفرَ وَلَا الفِسق، وَلَو جَازَ عَلَیهِم الفِسقَ لَجَازَ عَلَیهِم الکَذِب[11].
وَقَالُوا: إِنَّ استِثنَاء الله تَعَالى إِیَّاه مِنهُم لَا یَدُلُّ عَلَى کَونِه مِن جُملَتِهم، وَإِنَّمَا استُثنِي مِنهُم؛ لأَنَّه: کَانَ مَأَمُورَاً بِالسُّجُودِ مَعَهُم، فَلـمَّا دَخَلَ مَعَهُم فِي الأَمرِ جَازَ إِخرَاجُهُ بِالإِستِثنَاءِ.
وَکَانَ إِبلِیس قَبلَ أَن یَرتَکِب الـمَعصِیَّة اسمُه عَزازَیل، مِن سُکَّانِ الأَرضِ، أَشَدُّ اجتِهَادَاً، وَأَکثَرُ عِلـمَاً، فَلـمَّا تَکَبَّرَ عَلَى رَبَّهُ وَعَصَاهُ لُعِنَ وَجُعِلَ شَیطَانَاً، وَسَمَّاهُ إِبلِیس[12].
وَأَمَّا الإِستِثنَاءُ عِندَ مَن ذَهَبَ إِلى أَنَّ إِبلِیسَ مِنَ الِجنِّ فَمُتَصِلٌ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الإِستِثنَاء أَیضَاً مُتَصِلٌ عِندَ مَن ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ مِنَ الـمَلَائکَةِ.
وَیَجُوزُ أَن یَکُونَ مُنقَطِعَاً؛ أَي: لَکِن امتَنَعَ مِمَّا أَمرَ وَاستَکبَرَ عَنهُ، وَکَانَ مِن جِنسِ کَافِرِي الجِنِّ وَشَیَاطِینِهِم[13].
وَأَمَّا قَولُه تَعَالَى: {وَكَانَ مِنَ الْكَٰفِرِينَ} أَي: وَکَانَ کَافِرَاً فِي الأَصلِ، أَو فِي سَابِقِ عِلـمِ اللَّـهِ[14].
وَقِیلَ[15] : مَعنَاهُ صَارَ مِنَ الکَافِرِینَ، کَقَولِه عَزَّ وَجَلَّ: {فَكَانَ مِنَ الْـمُغْرَقِينَ }[16].
وفي الآیَةِ دِلَالَةٌ عَلَى فَضلِ آدَم عَلَى جَمِیعِ الـمَلَائکَةِ؛ لأَنَّه قَدَّمَهُ عَلَى الـمَلَائکَةِ إِذ أَمَرَهُم بِالسُّجُودِ، وَلَا یَجُوزُ تَقدِیم الـمَفضُولِ عَلَى الفَاضِلِ[17].
[1] التبيان في تفسير القرآن، الطوسي: 1/148.
[2] مجمع البيان في تفسير القرآن، الطبرسي: 1/161.
[3] أوائل المقالات، الشيخ المفيد: 133.
[4] الكهف: 50.
[5] مجمع البيان في تفسير القرآن، الطبرسي: 1/163.
[6] التحريم: 6.
[7] زبدة التفاسير، الكاشاني: 123.
[8] استدلوا على هذا بقوله تعالى: أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ الكهف: 50.
[9] مقتنيات الدرر، الحائري: 1/118.
[10] فاطر: 1.
[11] زبدة التفاسير، الكاشاني: 123.
[12] مجمع البيان في تفسير القرآن، الطبرسي: 1/165.
[13] جوامع الجامع، الطبرسي: 1/94.
[14] مجمع البيان في تفسير القرآن، الطبرسي: 1/165.
[15] التبيان في تفسير القرآن، الطوسي: 1/154.
[16] هود: 43.
[17] جوامع الجامع، الطبرسي: 1/94.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|