معنى قوله تعالى : وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا |
![]() ![]() |
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-24
![]()
التاريخ: 2023-04-01
![]()
التاريخ: 2023-09-29
![]()
التاريخ: 2023-03-20
![]() |
معنى قوله تعالى : وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا
قال تعالى : {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج: 27].
قال أبو عبد اللّه عليه السّلام : « إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أقام بالمدينة عشر سنين لم يحجّ ، ثم أنزل اللّه عزّ وجلّ عليه : وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ فأمر المؤذّنين أن يؤذّنوا بأعلى أصواتهم ، بأن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يحجّ في عامه هذا ، فعلم به من حضر المدينة وأهل العوالي والأعراب ، فاجتمعوا لحجّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، وإنّما كانوا تابعين ينظرون ما يؤمرون به ويتّبعونه ، أو يصنع شيئا فيصنعونه .
فخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في أربع بقين من ذي القعدة ، فلما انتهى إلى ذي الحليفة « 1» زالت الشمس ، فاغتسل ثم خرج حتى أتى المسجد الذي عند
الشجرة ، فصلّى فيه الظهر ، وعزم بالحجّ مفردا ، وخرج حتى انتهى إلى البيداء « 2 » عند الميل الأوّل ، فصفّ له سماطان ، فلبّى بالحجّ مفردا ، وساق الهدي ستّا وستّين أو أربعا وستّين ، حتى انتهى إلى مكّة في سلخ أربع من ذي الحجّة « 3 » ، فطاف بالبيت سبعة أشواط ، ثم صلّى ركعتين خلف مقام إبراهيم عليه السّلام .
ثم عاد إلى الحجر فاستلمه ، وقد كان استلمه في أوّل طوافه ، ثمّ قال :
إن الصفا والمروة من شعائر اللّه ، فابدأ بما بدأ اللّه عزّ وجلّ ، وإن المسلمين كانوا يظنون أن السعي بين الصفا والمروة شيء صنعه المشركون ، فأنزل اللّه عزّ وجلّ : إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما « 4 ».
ثم أتى الصفا فصعد عليه ، واستقبل الركن اليماني ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، ودعا مقدار ما يقرأ سورة البقرة مترسّلا ، ثم انحدر إلى المروة فوقف عليها ، كما توقف على الصفا ، ثم انحدر وعاد إلى الصفا فوقف عليها ، ثم انحدر إلى المروة حتى فرغ من سعيه .
فلما فرغ من سعيه وهو على المروة ، أقبل على الناس بوجهه ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثمّ قال : إنّ هذا جبرئيل - وأومأ بيده إلى خلفه - يأمرني أن آمر من لم يسق هديا أن يحلّ ، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لصنعت مثل ما أمرتكم ، ولكنّي سقت الهدي ، ولا ينبغي لسائق الهدي أن يحلّ حتى يبلغ الهدي محلّه ».
قال : « فقال له رجل من القوم : لنخرجنّ حجّاجا ورؤوسنا وشعورنا تقطر . فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : أما إنّك لن تؤمن بهذا أبدا .
فقال : سراقة بن مالك بن جعشم الكناني « 5 » : يا رسول اللّه ، علّمنا ديننا كأنّا خلقنا اليوم ، فهذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا ، أم لما يستقبل ؟ فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : بل هو للأبد إلى يوم القيامة . ثمّ شبّك أصابعه ، وقال : دخلت العمرة في الحجّ إلى يوم القيامة » .
قال : « وقدم عليّ عليه السّلام من اليمن على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وهو بمكّة ، فدخل على فاطمة عليها السّلام وقد أحلّت ، فوجد ريحا طيبا ، ووجد عليها ثيابا مصبوغة ، فقال : ما هذا ، يا فاطمة ؟ فقالت : أمرنا بهذا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم . فخرج عليّ عليه السّلام إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم مستفتيا ، فقال : يا رسول اللّه ، إني رأيت فاطمة قد أحلّت ، وعليها ثياب مصبوغة ؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : أنا أمرت الناس بذلك ، فأنت - يا علي - بما أهللت ؟ قال : يا رسول اللّه ، إهلالا كإهلال النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم . فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : قرّ على إحرامك مثلي ، وأنت شريكي في هديي » .
قال : « ونزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بمكّة بالبطحاء هو وأصحابه ، ولم ينزل الدور ، فلما كان يوم التروية عند زوال الشمس أمر الناس أن يغتسلوا ويهلّوا بالحجّ ، وهو قول اللّه عزّ وجلّ الذي أنزل على نبيّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : فَاتَّبِعُوا {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج: 78] فخرج النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وأصحابه مهلّين بالحجّ حتى أتى منى ، فصلّى الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والفجر ، ثمّ غدا والناس معه ، وكانت قريش تفيض من المزدلفة ، وهي جمع ، ويمنعون الناس أن يفيضوا منها ، فأقبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وقريش ترجو أن تكون إفاضته من حيث كانوا يفيضون ، فأنزل اللّه عزّ وجلّ : {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ} [البقرة : 199] يعني إبراهيم وإسماعيل وإسحاق عليهم السّلام قد مضت ، كأنه دخل في أنفسهم شيء للذي كانوا يرجون من الإفاضة من مكانهم ، حتى انتهى إلى نمرة ، وهي بطن عرفة بحيال الأراك ، فضربت قبّته ، وضرب الناس أخبيتهم عندها .
فلمّا زالت الشمس خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ومعه قريش ، وقد اغتسل وقطع التلبية حتى وقف بالمسجد ، فوعظ الناس وأمرهم ونهاهم ، ثم صلّى الظهر والعصر بأذان وإقامتين ، ثم مضى إلى الموقف فوقف به فجعل الناس يبتدرون أخفاف ناقته ، يقفون إلى جانبها ، فنحّاها ، ففعلوا مثل ذلك ، فقال : أيها الناس ، ليس موضع أخفاف ناقتي الموقف ، ولكن هذا كلّه . وأومأ بيده إلى الموقف ، فتفرّق الناس ، وفعل مثل ذلك بالمزدلفة ، فوقف الناس بالدعاء حتى وقع قرص الشمس ، ثمّ أفاض ، وأمر الناس بالدّعة حتى انتهى إلى المزدلفة ، وهو المشعر الحرام ، فصلّى المغرب والعشاء الآخرة بأذان واحد وإقامتين ، ثمّ أقام حتى صلى فيها الفجر ، وعجّل ضعفاء بني هاشم بليل ، وأمرهم أن لا يرموا جمرة العقبة حتى تطلع الشمس ، فلمّا أضاء له النهار أفاض ، حتى انتهى إلى منى فرمى جمرة العقبة .
وكان الهدي الذي جاء به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أربعة وستين ، أو ستة وستين ، وجاء علي عليه السّلام بأربعة وثلاثين ، أو ستّة وثلاثين ، فنحر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ستّة وستين ، ونحر علي عليه السّلام أربعة وثلاثين بدنة ، فأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أن يؤخذ من كل بدنة منها {جَذْوَةٍ } [القصص : 29] من لحم ، ثم تطرح في برمة « 6 » ، ثم تطبخ ، فأكل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وعلي عليه السّلام وحسيا من مرقها ، ولم يعطيا الجزّارين جلودها ولا جلالها ولا قلائدها ، وتصدّق به ، وحلق وزار البيت ، ورجع إلى منى ، وأقام بها حتى كان اليوم الثالث من آخر أيام التشريق ، ثم رمى الجمار ، ونفر حتى انتهى إلى الأبطح ، فقالت له عائشة : يا رسول اللّه ، ترجع نساؤك بحجّة وعمرة معا ، وأرجع بحجّة ؟ فأقام بالأبطح ، وبعث معها عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم ، فأهلّت بعمرة ، ثم جاءت وطافت بالبيت وصلّت ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السّلام ، وسعت بين الصفا والمروة ، ثم أتت النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فارتحل من يومه ، ولم يدخل المسجد الحرام ، ولم يطف بالبيت ، ودخل من أعلى مكة من عقبة المدنيّين ، وخرج من أسفل مكة من ذي طوى » « 7 ».
وقال عبيد اللّه بن علي الحلبي ، سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام : لم جعلت التلبية ؟ فقال : « إنّ اللّه عزّ وجلّ أوحى إلى إبراهيم عليه السّلام : وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا فنادى فأجيب من كلّ فج عميق يلبّون » « 8».
______________
( 1 ) وهي قرية بينها وبين المدينة ستة أميال أو سبعة ، منها ميقات أهل المدينة : « معجم البلدان :
ج 2 ، ص 295 » .
( 2 ) وهي أرض ملساء بين مكة والمدينة . « معجم البلدان : ج 1 ، ص 523 » .
( 3 ) في سلخ أربع من ذي الحجة : أي بعد مضي أربع منه . « مجمع البحرين - سلخ - ج 2 ، ص 434 » .
( 4) تفسير القمّي : ج 2 .
( 5 ) سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي الكناني : أبو سفيان ، صحابي ، له شعر ، كان ينزل قديدا ، وكان في الجاهلية قائفا - أي يقتص الأثر ، ويصيب الفراسة ، وقد اشتهر بهذا من العرب آل كنانة ، ومن كنانة آل مدلج - أخرجه أبو سفيان ليقتاف أثر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم حين خرج إلى الغار ، وأسلم بعد غزوة الطائف سنة ( 8 ) ه ، وتوفي سنة ( 24 ) ه ، طبقات ابن سعد ج 1 ، ص 232 ، الإصابة : ج 3 ، ص 19 .
( 6 ) أي قطعة .
( 7 ) البرمة : القدر مطلقا ، وهي في الأصل المتخذة من الحجر . « النهاية : ج 1 ، ص 121 » .
( 8 ) الكافي : ج 4 ، ص 245 ، ح 4 .
|
|
التوتر والسرطان.. علماء يحذرون من "صلة خطيرة"
|
|
|
|
|
مرآة السيارة: مدى دقة عكسها للصورة الصحيحة
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|