الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
ماذا لو تجاوز طفلك الحدود؟
المؤلف: د. لورا ماركهام
المصدر: آباء مطمئنون أبناء سعداء
الجزء والصفحة: ص245ــ248
2025-01-23
14
(لست أفهم لماذا لا تنبغي معاقبة التجاوزات... ماذا إن تعدى الطفل على الحدود حقا؟ بالأمس ألقى طفلي البالغ من العمر ثلاث سنوات كتابًا لأنه غضب. أصاب زوجي في عينه وأحدث جرحًا في جلده - رباه! أخرجته من الغرفة، وأخبرته بأن ذلك لا يجوز أبدا، ووضعته في ركن التفكير. نعم؟ لا؟).
- جيمي لين، أم لطفلين في سن الثالثة والخامسة
فعلا، رباه! معظم الأطفال في سن الثالثة يحاولون رمي الأشياء، من دون أدنى فكرة عن حجم الضرر الذي يمكنهم إحداثه.
المشكلة في إبعاد طفل إلى ركن التفكير وتركه وحيدا هو أن ذلك لا يساعده على التعامل مع المشاعر التي دفعته إلى إلقاء الكتاب في المقام الأول. خلف السلوك العدواني دائمًا ما يختبئ الخوف - وكل إنسان صغير تطارده مخاوف لا يمكننا حتى تخيلها من المرجح أن يثور طفل ذو ثلاث سنوات في صراعه مع الخوف ويشتعل غضبًا حيال شيء ما ملقيا بكل ما في متناول يده. هذا سلوك طبيعي، وإن كان من الممكن أن يكون خطيرًا بالطبع، كما تعلّم هذا الطفل، وبالطبع، نخبره بأن إلقاء الأشياء على الناس لا يجوز، تماما كما فعل هذان الأبوان. لكن هذا الطفل صار يعلم الآن (يقينا بعد أن أذى والده) أن الرمي يؤذي. وما يحتاج إليه هو مساعدة أبويه على إدارة المشاعر التي قادته إلى الرمي.
أتساءل عما جرى بداخل هذا الطفل ذي السنوات الثلاث بمجرد وصوله إلى ركن التفكير لو كنت مكانه لشعرت بالخوف الشديد على والدي ولقلقت من كوني شخصًا فظيعا قادرًا على إلحاق الأذى المروع، وغير قادر على التحكم في نفسي من السيئ للغاية أني أبعدت ولم أتمكن حتى من التصالح مع والدي. كنت لأرى نفسي قوية للغاية إلى درجة أنني استطعت أن أدمي والدي الذي لا يُقهر، وهي فكرة مرعبة. كان ليشتد هذا العار والخوف إلى درجة أنني قد أدفعه بعيدًا (كما نفعل جميعا مع تلك المشاعر المزعجة) من خلال الغضب. قد أجلس هناك أبرر ما فعلته، وأخبر نفسي لماذا أنا على حق.
كما ترى، فإن عزل هذا الطفل لن يساعده في تعلم إدارة المشاعر التي دفعته إلى «تجاوز الحد». إنه خائف بشدة إلى درجة لا يستطيع معها التفكير بوضوح، ومن ثم لا يستخلص استنتاجات منطقية. وعلى الرغم من أنه قد يتبع تعليماتنا، ويعتذر بعد انتهاء المهلة المحددة، فلن يكون في وضع أفضل لإدارة سلوكه العدواني في المرة المقبلة أو ربما لا يهاجم والده مجددًا أبدا، لكنه قد يبدأ بالانفعال بطرق أخرى كضرب أخيه أو التبول في كل أرجاء المنزل أو رؤية الكوابيس.
ماذا لو أننا، بدلا من ذلك، اعتنينا على الفور بالشخص المصاب، مما يعطي الطفل رسالة واضحة بأن هذا الأذى خطب جلل. وسمحنا له بالمساعدة حتى لعل التركيز على والده يكون كافيا لإخراجه من غضبه إلى الاهتمام بوالده. (يا إلهي! لقد أصيب والدك. عزيزي، اذهب وأحضر منشفة ودعنا نساعد والدك). نوجه إليه دعوة للانضمام، بحيث يصير جزءا من الحل. ربما يكون قد أتى بفعل وحشي، لكننا نرسل إليه رسالة مفادها أنه ليس وحشا. هذا هو الأساس الذي سيمكنه من مواجهة حقيقة أنه ارتكب خطأ تجاوز الحدود، وهو الأساس الذي سيمكنه من مسامحة نفسه. الأمر يبدأ من مسامحتنا له.
هل أفرطنا في التسامح؟ لا. لا يمكن لطفل أن يشعر بأنه شخص سيئ، وأن يتصرف في الوقت نفسه كشخص مهذب. لقد أتى بتصرف من الواضح أنه يقع خارج نطاق العلاقات الأسرية المحبة. بدلا من نبذه، الذي يقوي موقفه كطفل سيئ، نحن نسارع بإعادته إلى أحضان الأسرة. من دون إعادة الاتصال، لا يمكننا التأثير فيه، وأي نوع من (التأديب) لن يعلمه إلا أنه سيئ.
بمجرد أن يصير الأب المصاب على ما يرام، نأخذ نفسا عميقا حتى لا نتصرف من منطلق الغضب. نذكر أنفسنا أن أفضل طريقة لمنع حدوث ذلك مجددًا هي مساعدة ابننا على التعامل مع مشاعره، وليست معاقبته.
نقربه منا بجدية ولطف بالغين ننظر في عينيه، ونقول: )لم تُصنع الكتب لنلقي بها. لقد آذى هذا والدك بشدة، أليس كذلك؟(. الأرجح أن طفلنا سينفجر بالبكاء، مما يحرر كل الهرج والمرج الذي يشعر به. نحتضنه حينما يبكي. وعندما يهدأ نقول: (لقد كنت غاضباً، لذلك ألقيت الكتاب لكن ذلك أذى والدك بشدة. كان ذلك مخيفاً. سيكون والدك على ما يرام، لكن لهذا السبب، لا ترمي الناس بالأشياء).
بعد أن يهدأ، نسأله عما يمكنه فعله لتحسين شعور والده. نمنحه فرصة لتبرئة نفسه، ليصير شخصًا صالحًا في ذهنه الشخص القادر على التحكم في غضبه حتى لا يؤذي الآخرين من المستبعد أن يحدث هذا التحول إذا كان قد أبعد إلى ركن التفكير، لأنه سيجلس هنالك معزولا كالمجرم، مما يقسي قلبه. لكنه شارك في حالة الطوارئ كأحد المساعدين، لذلك انفتح قلبه. صار يشعر بلطفنا، وكذا توقعنا الراسخ بأن يكون شخصا يساعد ولا يؤذي. صار يشعر بالأمان ليرينا كل الخوف القابع خلف غضبه. بمجرد أن يعبر عن كل تلك المشاعر، ستتبخر وتكف عن سياقة سلوكه.
ماذا تعلم طفلنا؟
* إلقاء الأشياء يمكن أن يؤذي الناس بشدة.
* أريد التحكم في نفسي بشكل أفضل في المرة المقبلة حتى لا يحدث هذا ثانية أبدا.
* ليس من الضروري أن تتحول المشاعر إلى حالة طوارئ ما دمت لن أتصرف بناءً عليها.
* أبي وأمي يتفهمان مشاعري الجارفة. يمكنني الوثوق بهما في مساعدتي.
* أنا قادر على إيذاء أحدهم بشدة، ولا أريد أن أفعل ذلك أبدا.
* أنا قادر على تحسين الأمور، وإصلاح التصدعات، وتصحيح الأمور عندما أرتكب خطأ.
وربما الأهم أنه، بدلا من الشعور بأنه تجاوز حدا أفقده الاتصال، وسلبه حب والديه، فقد تعلم أنه محبوب من دون قيد أو شرط. لم يتخلَّ عنه أبواه. إنهما يعلمان أنه في جوهره صالح ويريد أن (يفعل الصواب)، ولم يتوقفا عن الإيمان به سيقوي هذا الإيمان إيمانه بصلاحه، ويساعده ليكون محل ثقتك.
ذلك لأن المعجزة الشافية للحب غير المشروط هي أن لا شروط هنالك. لا وجود لغير الحب.