الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
التدريب
المؤلف:
أ. د. عبد الكريم بكَار
المصدر:
حول التربية والتعليم
الجزء والصفحة:
ص 324 ــ 327
2025-07-27
72
إن الله - جل وعلا - وهب بني البشر طاقات هائلة، وهذه الطاقات كفيلة إذا ما استخدمت استخداماً راشداً ببلوغ أشياء تفوق الخيال؛ لكن أكثر هذه الطاقات كامن يحتاج إلى اكتشاف واستخراج وتنمية ورعاية. والقيام بما كلفنا الله - تعالى - به من شؤون الدنيا والآخرة، يتطلب بلورة (ذاتية) جديدة، والتي هي مجموعة سمات وطاقات ومهارات. إن ما يحتمل أن يبلغه كل واحد منا، بل إن ما هو حاصل الآن يظل محدود القيمة ما لم نكتشف أفاق ارتباطه بالإمكانات المحتملة، أي إدراك النهايات القصوى لارتقائه وتطوره.
إن مفهوم (الذاتية) من المفاهيم التي أصابها التشويه، حيث يعتقد كثيرون منا أنها بنية جامدة ثابتة ونهائية، وهذا دعا كثيرين إلى الكسل والسلبية والرضا بما هم عليه على أنه ضربة لازب لا حيلة لهم تجاهه، على حين أن الذاتية شيء قابل للضمور، وقابل للنمو، قابل للسمو إلى أعلى عليين، والانحدار إلى أسفل سافلين.
إن الذات الفاضلة معنى يتجسد في الاختيار الأخلاقي الراشد، وتحمل المسؤولية والمبادرة إلى فعل الخيرات، وسعة الحيلة وحسن تصريف الأمور، وأداء الأعمال بجودة عالية وإتقان فذ. إنها تتجسد في المنجزات العظيمة التي نحققها والمآرب الرفيعة التي نبلغها، فهي في حالة من الصيرورة والتشكل الدائم في ضوء ما نختار وما نعمل، وما نملك من خبرات ومهارات. وحين نفهم (الذاتية) على هذا النحو، فإن كل السبل تنفتح أمامنا لنكون غداً شيئاً مختلفاً عما نحن عليه اليوم!
إن (التدريب) يشكل مدخلاً رئيساً إلى تحسين إمكاناتنا الحالية وتحسين أدائنا، وهو الوسيلة الفعالة في بلوغ الأهداف التي نرسمها. إن من المجمع عليه الآن أن ما يتعلمه المرء وما يكتسبه من مهارات، أهم بكثير مما ورثه عن آبائه من ذكاء وألمعية؛ فالتقدم العلمي الهائل وما أفرزه من وضعيات واعتبارات مختلفة، جعل كل ما هو فطري ضئيلاً وقليل الجدوى في التعامل مع الأشياء والنظم المعقدة.
إن التدريب عبارة عن نشاط منظم، يركز على الفرد لتحقيق تغير في معارفه ومهاراته وقدراته لمقابلة احتياجات محددة في الوضع الحاضر أو المستقبلي، في ضوء متطلبات العمل الذي يقوم به المرء وفي ضوء تطلعاته المستقبلية للوظيفة التي يقوم بها في المجتمع (1).
إن الإنسان بحاجة دائمة إلى البحث عما يساعده على التلاؤم مع المهمات الجديدة، ومن أجل الاستمرار في التحسين.
إن الحاجة إلى التدريب تنبع من اعتبارات عديدة، نذكر منها:
1- إن المعلومات التي كانت بحوزة المدرس أو الموظف أو العامل قبل الانخراط في العمل، تتآكل مع مرور الأيام، فيضيق نطاق المعرفة لديه: ويحتفظ بالحد الأدنى الذي يساعده على أداء مهنته على نحو قاصر أو شبه مقبول. طول الخدمة يؤدي إلى التكرار والرتابة، مما يقتل روح الإبداع والتجديد والاستمتاع بالعمل. بإمكان التدريب أن يشعر المتدرب باكتساب معلومات ومهارات وطرق جديدة، لا عهد له بها، كما أن بإمكانه أن ينعش معلومات ومعارف ذبلت أو أضحت بعيدة عن منطقة الخبرة كل العلوم تبدأ على شكل ملاحظات فلسفية، ومع الأيام (تتقولب) لتصبح فنوناً، ولتفقد بالتالي رفرفتها، وتألقها وحريتها ومن مهمات التدريب أن يخفف من أضرار ذلك، وأن يوسع الآفاق من جديد أمام خبراتنا ومهاراتنا، كي نتمكن من تجديدها ومنحها أبعاداً جديدة.
2- الذين لا يشعرون بالحاجة إلى التدريب هم أولئك الذين يعيشون على هامش الحياة، وكلما اقتربت الأمة من بؤرة الحياة المعاصرة، شعرت أن حاجتها إلى التدريب والتطور أشد؛ ولذا فمن غير المستغرب أن تكون (أمريكا) على رأس قائمة الدول المهتمة بالتدريب، حيث تنفق عليه بسخاء بالغ وتذكر بعض الإحصاءات أن أمريكا حكومة وشعباً، تنفق على التدريب سنوياً 120 مليار دولار (2). هذه الأموال الهائلة، لا يتم إنفاقها؛ لأن أصحابها ليسوا بحاجة إليها، ولكن لأنه لا سبيل إلى النجاح في المنافسة والاستمرار في التقدم إلا بتحسين أداء الإنسان، وتغيير قيمه واتجاهاته وترشيد علاقاته.
إن التدريب نشأ في البداية من أجل الذين أخفقوا في حياتهم المهنية، وصاروا عالة على مجتمعهم، وكان يعتقد على نطاق واسع أن التدريب لخدمة المتدرب، ومن ثم فإن تكاليفه كانت تضاف إلى أكلاف الإنتاج، لكن تبين فيما بعد أن التدريب نوع من الاستثمار في الإنسان، لا يهدف إلى نفعه بمقدار ما يهدف إلى تحسين الإنتاجية.
3- التطور السريع الذي يعيش فيه العالم اليوم، يوجد في كل ساعة آلات جديدة ومواد جديدة، ويكتشف ويبني قوانين ونظماً جديدة، واستيعاب كل ذلك يحتاج إلى أن يسعى الناس إلى التدريب مهما كانت المشاق أو الأكلاف التي سيدفعونها. أضف إلى هذا أن المنافسة العالمية في الأسواق، جعلت كثيراً من الأعمال يفقد مكانته، مما أوجد أعداداً كبيرة من العاطلين عن العمل. وقد انتهى الزمان الذي يتوارث فيه الأحفاد مهن الأجداد، وصار لزاماً على كل واحد منا أن يطور من المهارات ما يمكنه من البقاء في عمله، أو يمكنه من الانتقال إلى عمل جديد تتطلبه حركة التنمية في بلده. ومن التقاليد المحمودة في اليابان أن الشركات هناك لا تسرح عمالها إذا كسدت المنتجات التي يقومون بصناعتها، وإنما تعيد تأهيلهم وتدريبهم من جديد؛ لتشغلهم في خطوط إنتاج جديدة.
بكلمة مركزة نقول: ما دام كل شيء من حولنا يتغير، فإنه لا بد لنا أن نستجيب على نحو صحيح لذلك التغير، وسبيلنا إلى ذلك هي أن نكتشف إمكاناتنا، وتطور مهاراتنا، وإذا لم نفعل ذلك، لم نستطع أن نحافظ على مواقعنا النسبية، وكان علينا أن نستعد للتراجع، وأن نتحمل نتائجه عن طيب خاطر!.
إضاءة: إن دولة الإسلام أول دولة في التاريخ، تخوض حرباً شاملة من أجل الفقراء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ دور التدريب في تطوير العمل الإداري: 10.
2ـ تحويل التدريب: 23.
الاكثر قراءة في التربية العلمية والفكرية والثقافية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
