الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
التربية وتأديب الاطفال
المؤلف: د. علي القائمي
المصدر: الأسرة وأطفال المدارس
الجزء والصفحة: ص377 ــ 382
5-1-2023
1335
من المسائل المهمة في بحوث التربية مسألة التأديب ومدى حدودها، حيث توجد آراء موافقة ومخالفة كثيرة في هذا المجال، فعلى الصعيد العالمي عرض العلماء آراء متفاوتة، بل ومتناقضة أحياناً.
بعض هؤلاء يقولون: أن الطفل يجب أن لا يضرب ويهدد أبداً ومطلقاً. يجب أن يكون مجازاً وحراً لرفع رغباته وميوله بالصورة التي يريدها وبدون أن يرى مانعاً في ذلك إذا حصلت له مشكلة وصعوبة في حياته أو أوجد مشاكل وصعوبات للآخرين، فأننا يجب أن نصلحه عن طريق النصيحة والتنبيه ونطلب منه أن لا يكرر ذلك العمل مرة أخرى.
في مقابل هؤلاء توجد مجموعة أخرى، يدعون أن التأديب والضرب أمر واجب وضروري لأجل التربية وإيجاد الرشد في الانسان، له تأثير كبير ونفوذ قوي في بناء الانسان، فالطفل لا يطيع إلا بوجود (خشبة فوق رأسه)، وطريقة اصلاح الطفل لا تتم إلا عن طريق تهويله وأرعابه من قبل المربّي.
ضرورة النظم والانضباط
نبدأ البحث من أن وجود النظم لأجل حياة معقولة أمر ضروري فليس هناك مجال لإنكار ضرورته، ان كنا نريد أن نصل الى مقاصد الحياة وأهدافها بتعقل وتدبر فلا بد لنا من النظم في الحياة.
عدم رعاية النظم مضر للطفل والأسرة وكذلك الى المجتمع وأقرانه في المدرسة. عندما لا يلتزم الطفل بالنظام فانه يقع في ورطة الاهمال وعدم الترتيب وتصبح حياته في عرضة للانحرافات والزلات، ولهذا السبب أيضاً يضيّع مستقبله الفردي وفي بعض الأحيان، الشرف العائلي.
ما أكثر الأطفال الذين بسبب عدم رعاية النظم والضوابط يسببون مشاكل لأنفسهم وللغير وحتى يسببون مشاكل لأبويهم ومربّيهم.
كيفية ايجاد النظم في حياة الاطفال
الكلام هو، كيف نعلّم الأطفال على النظم وكيف يجب أن نجعلهم يتقيدون بذلك؟ الجواب هو أننا لأجل الحفاظ على الأفراد واستقرار النظم في حياة الطفل يجب أن نضع ضوابط وقوانين ونعلم الطفل طريقة الالتزام بهذه القوانين. بعبارة أخرى نضع ضوابطاً خاصّة للطفل ونطلب منه أن يراعي تلك الضوابط.
أما كيف يجب أن نوجد النظم والانضباط في حياة الطفل؟ الجواب يكون عن طريق بعض الأساليب والطرق المتعددة والتي من جملتها:
- أسلوب الاسوة (التأسي)، فمثلاً أن يرى الطفل سلوكاً وعملاً من الوالدين والمربين ويقلده
- اسلوب التعريف والتنبيه، بمعنى أن نفهمه طرق وأساليب الحياة الفردية والاجتماعية، وفي الموارد الضرورية نذكّره وننبهه وفي حالة الانحراف عن السبيل، نرشده مرة أخرى.
ـ أسلوب التحريض على التعمق، مثل أن يفهم هو الأعمال الحسنة والمحمودة ويعمل بها، ويمكن في هذا الطريق أن يستمد بعض التعاليم من الكتب والأفكار المطروحة.
أما في مجال تحريضه على رعاية الضوابط والمقررات والتقيد بالانضباط يوجد أسلوبان كلّيان في هذا المجال هما:
1ـ اسلوب التشجيع الذي له صور متعددة ومختلفة.
2ـ اسلوب التأديب الذي هو موضوع هذا التحقيق وهذه المقالة. والتي نريد أن نبحث عنه على وجه الأختصار.
ما هو التأديب (التنبيه)؟
التنبيه في اللغة بمعنى الإخبار والاعلام، وفي المصطلح التربوي نوع من التحريك العاطفي من غير محبة وفي بعض الأحيان. يكون مع الخشونة وكذلك هو أمر مقابل للتشجيع، هذا التحريك الذي يأتي بصورة التنبيه وهو ناتج عن ممانعة الفرد من أداء عمله والاستمرار عليه، من الممكن أن يكون بصور مختلفة:
- بصورة ابراز عدم الرضا والحزن والهم والتأسّف من عمله.
- بصورة الضرب على جسمه باليد أو بوسيلة أخرى.
- كذلك من الممكن أن يكون هذا الأمر بصورة أجراء عمل مؤلم ومؤذي للطفل، مثل حرمانه من شيء يحبه او منعه من الوصول الى الهدف والمقصد الذي يحبه. على أي حال فان مسألة تنبيه وتأديب الطفل والكبير قد يعتبر اهانة واستحقار وقد. الطفل يحسب التأديب تعاملاً غير لائقاً وكذلك أخطاراً وتنبيه له.
التأديب أمر حساس وخطر من الناحية التربوية ويجب أن نسعى الى عدم استعماله في حدود الأمكان، ألا في الحالة التي يكون الفرد في مسير الخلّة والانحراف ولا نستطيع أن نمنعه عن هذا الطريق ألا من هذه الناحية. أو نريد أن نرجع طفلاً الى طريق الصلاح ولا يوجد لنا أسلوباً غير هذا الأسلوب.
حتى عندما نستعمل هذه الوسيلة لأجل المنع وأصلاح الفرد، يجب أن بكون الأستعمال بتفكر وتدبر. يجب أن نفكر عن كيفية الأستعمال ومقدارها، حتى لا نسبب في نشوء صدمات أخرى على الطفل وسيء وضعه أكثر من السابق نحن في أدامة هذا البحث نستعرض مسائلاً ونكاتاً حول هذا الموضوع.
الجانب الفكري في التأديب
ان الاساس الفكري في التأديب وجعله وسيلة للإصلاح والبناء في الحياة هو أن الطفل يهرب من العواطف التي تزاحمه ويحسب الألم والهم والتأثر وعدم الاعتناء بالنسبة الى نفسه نوع من التحقير والإهانة أو يحسبها هزيمة لنفسه ولا يحب أن يقع في مثل هذا الوضع والمأزق أو حتى لو وجد له مثل هذا الوضع فلا يجب أن يعرف ذلك أحد.
يقول علماء النفس أن أساس حياة الطفل خصوصاً في السنين الاولى للحياة تبتني على أساس جلب لذة ودفع ألم. يستقبل كل شيء يأتي اليه ويجلب اليه لذة ويفر ويهرب عن كل ما يسبب له ألماً وتأثراً ومن الطبيعي أن التأديب والضرب للطفل أمر مؤلم للطفل وهذا هو السبب في هروب الطفل عن العمل الذي يسبب ضربه وتأديبه.
الآباء والأمهات والمربون يجعلون هذه الخاصية والتي هي موجودة عند الطفل بصورة فطرية كمركز الثقل ويريدون هداية الطفل الى طريق الصلاح بالانتفاع من هذا الأمر. ولذلك مثل هذا الاسلوب والعمل متعارف في جميع العالم ويستعملونه في أكثر الموارد.
من جهة اخرى يفهم الأطفال بالتدريج أن كل من أدى عملاً سيئاً وخلاف المتعارف فانه يجب أن يدفع أضراره ويتحمل الخسائر والصدمات الناشئة عنه. فلقد أدى عملاً بدون علم والديه ومعرفتهم، فلابدّ أن يتحمل عواقب هذا العمل بألم وتأثر. ومن الطبيعي أن يسعى الطفل أن لا تكون هناك عقوبة وغرامة، ولكنّه يعرف أن ذلك محال.
الآراء المطروحة في هذا المجال
توجد آراء مختلفة ومتعددة حول التأديب. بحيث لا يوجد توافق في الرأي والنظر حول مسألة اجراء التأديب وحدوده وشرائطه للذين قبلوا به. أهم الآراء المتفقة والمخالفة في هذا المجال هي:
1ـ الموافقين والمتحيزين الى التأديب يرون انه على أساس نظرات المتخصصين في العلوم النفسية وخبراء التربية. وكذلك على أساس التجارب اليومية عن وضع الطفل نستطيع أن نقول انه توجد شعلة وشرارة في وجوده تجعله غير متعادلاً وغير هادئاً ومستقراً.
التأديب عامل مهم لاختصاصه واصلاحه، ويسبب التأديب في خروج نوازع الشر من نفسه أو اخماد هذه النوازع. تفقد نفسه الطغيان والتمرد بسبب الضرب وتصبح مطيعة وهادئة.
هؤلاء يطرحون الاستدلال التالي وهو: بأننا يجب أن ننتبه إلى الأثار المؤقتة والآنية التي تكون بعد الضرب وتؤدي إلى سبب في التزامه حتى بعض هؤلاء يستدلون بأن هذا الأسلوب كان متعارفاً منذ الأزمنة القديمة فيجب أن يكون معمولاً في الحال الحاضر أيضاً فليس هناك دليل على ترك أساليب السالفين.
2ـ المخالفين للتأديب والضرب يرون أن الطفل الشرير والمنحرف فرد مريض أو أسير، وبدل أن نضربه يجب أن نهديه ونرشده يجب أن ننصح الطفل ونعضه. يجب أن نعلمه ونوعيه حتى تنمو شخصيته وترشد.
هؤلاء يقولون: أن التأديب والضرب هو من مخلفات حياة الخشونة والتوحش. يجب أن نزيله من حياة الطفل وفي نفس الوقت نربي وننمي وجدانه وفي حالة انحراف الطفل والتخلف يلومه وجدانه ويحاسبه.
هؤلاء ادّعوا كذلك أن التأديب والضرب ليس له آثاراً حسنة. لأن التاريخ مليء بالعقوبات الخشنة، وشد الوثاق والزجر والضرب والحبس، ولكن أي منها لم تستطع اصلاح المنحرفين بصورة دائمية، وكلما رفع عامل الضغط من حياتهم رجعوا مرة ثانية إلى أعمالهم الخاطئة، فأن التأديب الخشن يولد مضاعفات مستمرة تحول حياة الطفل من السيئ إلى الأسوء.